أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -كتالوج-... الأبوة والأمومة














المزيد.....

-كتالوج-... الأبوة والأمومة


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 8416 - 2025 / 7 / 27 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حين يرحلُ أحبّاءُ أساسيون في حياتنا، تصبحُ أيُّ رسالةٍ منهم أو مقطع صوتي صغير بمثابة ميراثٍ هائل وثروة ضخمة، تركها لنا الذين غادرونا وتركوا لنا حياة صعبة أشبه بالمستحيل. لهذا اقترح مسلسل "كتالوج" فكرة تصميم أبلكيشن نُسجّل عليه رسائلَ مؤجلةً، لا يسمعها "المُرسَل إليهم" إلا بعد رحيلنا عن العالم، علّها تكون لهم عونًا ودليلا و"كتالوج" لاستكمال الحياة دوننا، وتربية الأبناء بعد رحيل مَن يرعى ومَن يعرف تفاصيل حياتهم.
مسلسلٌ عظيمٌ وموجع، مُحمّل برسائلَ عديدة، على قِصره وتكثيفه في ثماني حلقات فقط. يناقشُ تداعيات "الفقد" المُرّة، وهل نحن جاهزون للرحيل دون أن نخشى على أطفالنا أن يواجهوا الحياة وحيدين؟ هل رتّبنا لهم أمورهم لكيلا يتعثّروا في قادم أيامهم؟
“أمينة"، "ريهام عبد الغفور"، أمٌّ جميلة باغتها السرطانُ فقررت أن تمتدُّ رعايتُها لطفليها بعد رحيلها؛ عبر رسائل فيديو سوف تكون "الكتالوج" الذي يرشد زوجها المهندس "يوسف"، "محمد فراج"، الذي لا يعرف في الحياة إلا العمل والنجاح، مطمئنًا إلى زوجةٍ تُدير جميع تفاصيل حياته وحياة طفليه.
المسلسل حاشدٌ بنماذج إنسانية في قمّة الجمال النفسي والاكتمال الروحي. الخالُ الشابُّ، "أحمد عصام"، الذي نسى حياته وأحلام السفر والتحقق لكي يُكمل رسالة شقيقته الراحلة مع طفليها، فيجهد مرّةً بعد أخرى في عمل "طبق الملوخية" الذي كانت تقدمه شقيقته لهم في أول إفطار رمضاني. العمُّ الفارس "كابتن حنفي" الذي أدّى دوره بعبقرية النجمُ "خالد كمال"، ضحّى بمجدٍ دولي ينتظره كنجم كرة قدم محترف، لكي يربي شقيقه الأصغر، ثم يساهم في تربية طفلي شقيقه بعد رحيل الأمّ. أصيب مثلها بالسرطان لكنّه أخفى وتحمّل آلامه وحيدًا لكي يُكمل الرسالة حتى الرمق الأخير. والأب، الذي راح ينتبه كل يوم لتفصيلة جديدة عن طفليه ما كان ليعرفها لولا رحيل الأم التي كانت تُدير كل شيء بنفسها. حساسية الطفل ضد أطعمة معينة، زينة رمضان بكل ما تحمل من بهجة وفرح، هدايا عيد الميلاد، مواعيد التمارين وهوايات الصغار، وغيرها من التفاصيل. ثم فاكهة المسلسل دادا "أم هاشم" التي أبدعتها الجميلة "سماح أنور" بكل ثِقلها الفني وخفّة ظلها المفطورة. القبطان "جورج أنطون" الجار الطيب والحَذِر المصاب بعقدة "أجورا-فوبيا" Agora-Phobia أو الخوف من المناطق المفتوحة؛ التي تجعله حبيسَ جدران بيته. لن نلمحه طوال الحلقات إلا عبر شقّ صغير في باب شقته المترسن بالأقفال والترابيس. أدّى دوره النجمُ "بيومي فؤاد". وكان من الرسائل الذكية في المسلسل، فقدّم لنا حلاة الوحدة الوطنية دون هتاف ولا تصريح. فلم نعرف ديانته إلا من يافطة تحمل اسمه على باب شقته، وكان هو المختبَر الذي يجرّب معه خالُ الأطفال "مذاق صحن الملوخية" في نهار رمضان، إذ يذهب إليه بصحن ولقمة خبز لكي يتذوق القبطان ويحدد مدى قرب المذاق عن ملوخية الأم الراحلة. “أمل" مريضة السرطان التي التقت بها "أمينة" على باب غرفة العمليات، وكانت مرتعبة، فطمأنتها بجملة شديدة العمق: “كيف تخافين وأنت التي نبحثُ عنك هنا؟!” فكل مرضى العالم لا ينتظرون إلا "الأمل" في النجاة. وبالطبع الطفلان، محور المسلسل "ريتال عبد العزيز"، "علي البيلي"، اللذان أبدعا في تقديم "جيل ألفا" الذي لم يأت ليتبع، بل ليعيد تعريف الأشياء وفق معجم جديد. ثم "هويدا" معلمة اللغة العربية التي قدمتها "تارا عماد" بكامل عذوبتها، وحين أصدرت روايتها الأولى أهدتها لـ "يوسف" الذي علّمها معنى "الإخلاص" لرفضه الدخول في علاقة حب بعد رحيل الزوجة، رغم وصيتها له بالزواج لكيلا يتربى طفلاها من بعدها يتيمي الأم، كما تربّت.
أما "كريزة التورتة"، فكانت ظهور الأسطورة الكروية والأخلاقية "محمود الخطيب" لثوان خاطفة في المشهد الأخير، بصفته وشخصه، وبكامل جماله، بوصفه "الكشاف الأعظم" الذي تلتقطُ عيناه المواهب الناشئة في الملعب. وفي لحظة واحدة استرجعتُ جميعَ ذكرياتي معه حينما كان يدرّب ابني "مازن" في مدرسة "نادي الرحاب" لكرة القدم، وكيف كان يعلمهم الأخلاق والبر بالوالدين واحترام الكبير، قبل المهارات الرياضية.
"كتالوج" الذي يُعرض الآن على منصّة "نيتفليكس"، مسلسل فاتنٌ حاشدٌ بالنسيج الإنساني الثري والأوجاع القدرية والقيم التربوية المحترمة يقدّم للشباب وجهًا من مرايا "كتالوج الأمومة والأبوة" الذي علينا قراءته قبل أن نقدّم للحياة أطفالا.
“شكرًا للمؤلف "أيمن وتار"، والمخرج "وليد الحلفاوي" الذي نجح في تضفير الوجع بالكوميديا الخفيفة الطافرة من تسارع الركض نحو "الكمال"، الذي لا يُدرك. وكان باديًا أن المخرج قد أفرغ افتقادَه لوالده النجم المثقف "نبيل الحلفاوي" في تلك الحبكة الدرامية الجميلة، والعمل التربوي الهادف. تحيةَ احترامٍ لكل من ينجح في تحويل اليأس إلى أمل، والحزن والألم إلى طاقة فرح وبناء.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأميرُ النائم … والساهرون على حُلمه
- نغتالُ الوترَ … ونرقصُ على نغمِه!!
- لماذا نكرهُ مَن يحبُّ؟!
- كرامةُ المعلّم… ة
- بين القمحِ والفكر… شكرًا د. “حسام بدراوي-
- مشرقاتٌ … في -منتدى القيادات النسائية-
- صالون العدل
- القديس -دي لا سال”... رائد التعليم في مصر
- عيني ترى… لا شيءَ اسمُه: -العمى-
- “صبحي- … فارسًا يكشفُ المستور
- في -عيد الأب-… أقدّمُ لكم أبي
- هجرةُ النساء في ...”ليلة العيد-
- يرشقون نوافذَ القطارات! مِقصلةُ الفرص الجميلة!
- -سميحة أيوب- … عِناقٌ أخير
- مباركٌ شعبي مصر
- رسالة إلى -مصر الخير-…. -المتوحّدون- وحيدون!
- -فرير الخرنفش- … يستثمرون في الشمس
- “دقّة قديمة-… عزفٌ على أوتار الهُويّة المصرية
- عيد ميلاد -عادل إمام-… الخالد في ضمائرنا
- زلزالٌ …. إبني …. و-غزّة”!


المزيد.....




- الاحتلال يُسلّم مفتي القدس قرارا بالإبعاد عن المسجد الأقصى ل ...
- غارديان: أرقام صادمة عن كراهية الإسلام في بريطانيا
- حين تتسلق الروح جسدها المنكوب... قراءة في رواية -أرواح كليمن ...
- مصر.. التحقيق مع أستاذة جامعية بعد فتوى -إباحة الحشيش-
- إتحاد علماء المسلمين يطالب شيخ الأزهر بإصدار فتوى نصرة غزة
- قبة الخضر إحدى قباب المسجد الأقصى
- مصدر قضائي لبناني: تفكيك مخيم تدريبي لحركة حماس والجماعة الإ ...
- مصر.. علاء مبارك يشعل تفاعلا برده ساخرا على مصطفى بكري عن نف ...
- حاخام يهودي يقر بتأخره في وصف جرائم الاحتلال في غزة بالإبادة ...
- رويترز: إسلاميو السودان يتطلعون للعودة بعد الحرب عبر دعم الج ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - -كتالوج-... الأبوة والأمومة