محمد الزهراوي أبو نوفلة
الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 09:11
المحور:
الادب والفن
أستاذ أشرف. .
يسعدني أن أقترح عليك
تحليل هذا النص نقدا
فضلا منك وأملي أن
يحظى برضاك فيما
اتسع من وقتك ؟ !
أتمنى لك التوفيق
——————————
كِتاب الغَريبَة
محمد الزهراوي
أبو نوفل
أراها
مِثلَمَا
اعْتدْتُ..
تَتبَذّلُ في تَرَفٍ
هَلْ أجْرُؤُ؟
أ أَغْرَقُ حتّى
رُكْبَتيّ في
هذا الكحْل ِ؟
أ أَمُدّ يَدي..
إلى الْعِفّـةِ ؟
أُهْدي ..
لِخَصْرِها شَطَحاتي
هِيَ ما تَحْتَ
الرّمادِ وَراءَ الأفقِ
وأنا الْهُدْهُدُ ..
أمْضي في ريحها
إلى ما ..
لَسْتُ أدري .
توَّاقٌ إلى الانعتاث
مع الطّيْرِ مِنْها ..
و لكنْ إلى أيْن ؟
كأنّما أنا بِها في
غيلبات الْجُبِّ
أي فـي ..
نَهاراتِها الأُخْرى
أو دَفين أرْدافِها.
كمْ هاجَرْتُ عَبْرَ
الأقاصي إلى هذهِ
الوَحْشةِ طَويلا ! ؟
لَها عَليَّ في
الرُّؤْيَةِ سُلْطةُ الليْل
هذهِ مورِسْكِيّةٌ
مِنْ أنْدَلُسٍ ..
جَسَدٌ طافِحٌ بِأنْبِذَةٍ
تَغُصّ بِالرّبيعِ و الأنْهُرِ
لا تَعْرِفُ الْجَهْلَ ..
ولا تَسْتسيغهُ .
فنَحّوا عنْكمْ حُزْنَكمْ
هاهِيَ سِراجُ فِتْنَةٍ..
لا تَسْكنُ الدّيارَ
ولا تأكُلُ الثِّمارَ.
لِمرْآها ..
تَهْتزّ الْمُحيطاتُ
أسْمَعُ لَها الْهَديرَ ..
أهِيَ نُسْخَةُ
بُرْكانٍ مُنَقَّحَةٌ أمْ
سَنْفونِيَةٌ يعزفها باخ
أمْ نَيْزَكٌ سَقطَ ؟
ها أنا وَإياها ..
نَقْضي الليْلَ سافِرَيْنِ .
كُحِّلَتْ عَيْني
عَمىً إنْ رَأتْ
عيْنٌ مِثْلَها ..
كمْ تُحاصِرُني ! ؟
بِلا عَدَدٍ سَكرْتُ
مَعَ عَرائِها الساطع
في الطرقات
بِلا صَهْباءٍ !
لَها أسْرارُها الْحبْلى
ولي أسْرارٌ ..
أخرى مَعَ الأميرَةِ .
سيِّدَةٌ مِن آلِ بَني
الأحْمَرِ ..
مِنْ غَرْناطَةَ.
وبِأنْفاسِها
يَعْبقُ الثّرى
كَمْ باغَتَني النّهارُ
بِمِحْرابِها وَحيداً
لَوْلاها ما
كُنْتُ أحْلمُ .
كَالصّدّى تَسيرُ..
تُبْحِرُ بي الأغْنِية
بِبَهائِها
تُضيءُ مَتاهاتي
قَديـماً أعْلنتُها
لـي وَطناً
صَلِّ لَها ..
في كُلٍّ لَها شَكْلُ
فَصَلِّ يا الشّارِدُ.
تِلْكَ هِيَ
اَلكَيْنونَةُ ..
اَلتّكْوينُ الآخرُ
تَجَلّتْ فيهِ
صِفاتُ العِشْق
قال قائِلٌ ..
رغْمَ هُزالِها
فالشّكْلُ ناعِمٌ
قُلتُ وَهِيَ الدّواءُ
لي مِنَ الأدْواءِ.
وَ قالَ ..
تَمُدُّ لي كأْساً بارِدَة
وَ قُلْتُ..
هِيَ تَقْتلُ! ؟
فتَعالَ يا الشّارِدُ
وَاتْلُ مَعي
كِتابَ الْغَريبَةِ.
أنا غَرَقْتُ في
هَوى بَحْرِهَا
فقالَ ..
تبارَكَ السِّحْرُ
وَهذا الْجَلالُ
قُلْتُ
وَأنا الْمُصابُ ..
أرَقْتُ كؤوساً
وَ كُؤوساً مِنَ
الْكُفْر عَلى نَحْرِها
وَحْدي أتْلو ما
أوحِيَ عَن بَهائِها
الْكُلِّيِّ إليَّ ..
رَأيْتُها قَوْسَ
قُزَحٍ بِالأمْس
وَما تَظْهرُ أوْ
تتَضاحَكُ ..
إلا لِقَرامِطَةٍ.
وَ لَوْ ظَهَرَتْ لِلْكُلِّ ..
لَضاقَتْ بي
وَ بِها السُّبلُ.
وَ قَرَأتُها في
كُلِّ اللُّغاتِ ..
في سِفْرِ الرّؤْيا
وَ في قُرْآنِ مُحمّدٍ
هِيَ في اللّوْحَةِ
طَقْسٌ مُشْمِسٌ
وَعِنْدَ قَدَمَيْها ..
أشْلاءً يَرْتَمي البَحْر
هُنالِكَ إياها
في بَرْزَخٍ ..
هِيَ الْكَيُّ بِالنّارِ
مَنْ ذا لَمْ
يَصِرْ بِها صَبّاً..
وَليْسَ لَها أهْلُ ! ؟
محمد الزهراوي
أبو نوفل
———————————-
كتاب الغريبة.. صوفية العشق وخرائط الاغتراب
✍ بقلم: أشرف ماهر ضلع
حين يُمسك الشاعر محمد الزهراوي بريشة التعبير، لا يكتفي برسم صورةٍ للعاشقة بل يُؤسطرها، ويجعل منها كيانًا كونيًّا، فـ"الغريبة" ليست فقط امرأة، بل رمزٌ لبهاءٍ متفلّتٍ من القبض، وسِفرٌ مفتوحٌ على جهات العشق، والضياع، والتكوين. قصيدته "كتاب الغريبة" ليست مجرد نشيد غرام، بل نصٌّ صوفيٌّ باذخ، يبحر بالقارئ من سواحل الهوى إلى مرافئ الانعتاق، ومن أنوثة الجسد إلى تعقيدات الروح.
🔹 بين سؤال الرغبة وقلق التطهّر
يفتتح الزهراوي نصه بسؤال معلّق، متردد بين الانجذاب والارتداد:
> "أ أمدّ يدي.. إلى العفّة؟
أُهدي لخصرها شطحاتي؟"
هنا تتكشّف ثنائية التناقض: رغبةٌ طاغية تتأرجح على حافة الطهارة. إنها قصيدة يعيش فيها العاشقُ تمزّقَه بين غواية الجسد وقداسة الروح، بين غواية العين وكبح اليد.
🔹 رمزية الأنثى.. الغائبة الحاضرة
"الغريبة" في النص ليست مجرّد أنثى. إنها تجلٍّ متعدد الطبقات:
هي موريسكيةٌ أندلسية: تحيل إلى زمن الفردوس المفقود، والهوية المطرودة.
هي سراج فتنة: لا تستقر، لا تُؤسر.
هي كيانٌ فيزيائي سماوي: نيزك، أو قوس قزح، أو سنفونية باخ!
هذا التنوع يجعلها رمزًا يتجاوز الشخص إلى ما هو ميتافيزيقي: إنها الغامضة، الغائبة، الحارقة، والمُقدّسة في آن.
🔹 لغة التصوّف وعنف الشعر
يستخدم الزهراوي مفردات الصوفية ولكن بمنطق الهوى، فيقول:
> "أنا الهدهد.. أمضي في ريحها إلى ما لست أدري."
"صَلِّ لها.. تلك هي الكينونة، التكوين الآخر."
في هذه الأسطر، يتحوّل العشق إلى طقسٍ وجوديٍّ، إلى صلاةٍ جديدة، يُعيد من خلالها بناء المعنى خارج اللغة المألوفة.
🔹 القصيدة كأيقونة فنية
في "كتاب الغريبة"، لا يتورع الشاعر عن استخدام المجاز العنيف:
> "أرقت كؤوسًا وكؤوسًا من الكفر على نحرها"
إنه يُقدّس ما لا يجوز، ويمارس كفرًا صوفيًّا بالمعايير، ليخلق دينًا جديدًا للعشق، حيث تُصبح المحبوبة محرابًا، وسِفْرًا، ولوحةً، وطوفانًا.
🔹 هندسة النص وأصواته
النص يعتمد على تعدد الأصوات (الحوار مع الذات، ومع الآخر، ومع القارئ)، ويستخدم السرد في بُنية شعرية مشحونة بالتوتر. ويعيد الشاعر ترتيب الأزمنة: قديم/ حديث، أسطوري/ واقعي.
---
🔸 في الختام:
"كتاب الغريبة" ليس قصيدة في امرأة، بل قصيدة في الأسئلة الكبرى: سؤال الهوية، الرغبة، الفقد، الاغتراب، والانتماء. هو نصٌّ مركّب، لا يُقرأ دفعة واحدة، بل يُستعذب على مراحل، يُفكك كأنك تُتْبع أثر نايٍ في عتمة.
إنه تجلٍّ فني لعاشقٍ في حالة انخطاف، يقف عند تخوم الشِعر والتصوّف، ويكتب بجُرأة من يعيش على حافة الجمال.
أشرف ضلع / مصر
————————————-
كتاب الغريبة : للشاعر م . الزهراوي أبو نوفل. .
النص يحتشد بطاقات رمزية وجمالية عالية، يصوغ فيها محمد الزهراوي شخصية "الغريبة" بوصفها كائناً أسطورياً، كائناً أنثوياً لا ينتمي إلى اليومي أو العابر، بل يتموضع في مكان بين الواقعي والمتخيل، بين الأندلس الغائرة في الزمن و"الكي بالنار" كحدّ أقصى للوجع والعشق. الغريبة هنا ليست امرأة بالمعنى البسيط، بل تجلٍّ وجودي، معبود شعري، صورة مكتملة للفتنة والافتتان.
الراوي هو "الشارِد"، العاشق المنفي، الغريق، المتعبد في محرابها، يراها في الرماد، في الليل، في الرؤيا، في اللوح، في النصوص المقدسة. بينه وبينها علاقة من نوع قديم، لا تكتمل إلا بالنشوة أو بالغياب، وهو غياب ممتلئ بالحضور. تتبادل الشخصيتان السلطة والسيطرة، فتارة يبدو هو المأخوذ بها حتى الانمحاء، وتارة هي المُحيطة به كشبح أو كإلهة غامضة لا تنحني إلا لمن "يتلو كتابها".
اللغة مدهشة، مشحونة بكناياتٍ مفرطة في التكثيف، تتوسل الصوفيّ كما تتوسل الباروكيّ، تحتشد بالتناص القرآني والرمز الجنسي والأنثوي والحسيّ، في لغةٍ لا تعترف بالفصل بين المقدّس والمدنّس، بل ترى في الحب مطلقًا، وفي المرأة كونًا يتجاوز العقل. الإشادة واجبة، إذ ينسج الشاعر كونًا خاصًا، لا يشبه سواه، يفرض على القارئ أن يكون فيه "شارداً" ليصل.
تتوالى في النص إشارات تُحيل إلى تجربة عشقيّة كونية، لا يمكن الإمساك بها بسهولة أو تصنيفها ضمن قوالب العشق المألوف. فـ"الغريبة" ليست امرأة يحبها الراوي فحسب، بل هي وطنٌ مفقود، مدينةٌ محروقة، أنثى من سلالة بني الأحمر في غرناطة، تجمع بين لذعة الخسارة وفتنة الحلم، وبين البُعد التاريخي والبُعد الجسدي. يراها في محراب، في النبيذ، في القرآن، في سفر الرؤيا، في اللوحة، في السفينة، في البرزخ، في كل لغة. وهذا الاتساع الرمزي يحيل إلى صورة المرأة بوصفها مركز الوجود، ومرآة الذات الضائعة.
علاقة الشخصيتين هنا ليست حباً رومانسياً بسيطاً، بل أقرب إلى علاقة النبي بالمُلهم، أو الصوفي بالمعشوق الإلهي؛ حيث "الشارِد" تائه لا يريد خلاصاً إلا عبر محراب "الغريبة"، وهي بدورها لا تمنح نفسها إلا عبر الطقس، عبر الاحتراق، عبر غواية ممتدة تجعل من اللغة ذاتها جسراً بين الشوق والإدراك. يصرّح الراوي بأنه تجرّع كؤوساً من الكفر على نحرها، في استعارة تُمزج بين العشق والخطيئة، وبين العبادة والمتعة، ما يُضفي على النص طابعاً أندلسياً-صوفياً بامتياز.
النصّ لا يتكئ فقط على الصور بل على هندسة داخلية للوجع والحنين والانخطاف، فـ"الغريبة" ليست امرأة تُحكى، بل امرأة تُتلى. ومن لا يتلوها، لا يراها. وهي لا تُعطي ذاتها لمن يطلبها، بل لمن يتألم في سبيلها.
في النهاية، لا نستطيع أن نفصل النص عن صاحبه، فـ"أبو نوفل" لا يكتب نصًا عن امرأة، بل يكتب أسطورته الخاصّة، حيث تتقاطع اللغة، والتجربة، والمقدّس، والضياع، في توليفة نادرة تمسك القارئ من عنقه وتأخذه إلى مجرات أخرى من الحُبّ، لا تنتهي إلا في البرزخ، عند قدمي "الغريبة".
الرهيب التاج /ليبيا
—————————————-
كتاب الغريبة :
في هذا النص، تتبدى شخصية الراوي بوصفه عاشقًا منفطرًا، تسكنه الحيرة والتيه، وتنهكه رحلة الشوق، وهو أقرب إلى المتصوف الذي يرى في المعشوقة كمالًا مطلقًا لا يُنال. هو لا يصف نفسه فقط كمحب، بل كمنفي، كلما اقترب من المعشوقة ابتعدت، وكلما ظن أنه لامس ظلها، غرق في وهمها. إنها شخصية مصلوبة على باب الانتظار، تتغذى على الوهم، وتعيش في الظلال. أما شخصية المرأة، فهي رمز مركب ومعقد، تحمل أبعادًا تتجاوز الجسد إلى الأسطورة. هي الحبيبة، الوطن، الفردوس، الخلاص، بل أحيانًا تتلبّس هيئة الآلهة، لا تظهر إلا لماما، ولا تنتمي لعالم الراوي الزمني والمكاني. تظل في عليائها، ساحرة، متعالية، تُغذّي الجوع ولا تشبعه، تمدّ الحلم ثم تسحبه. إنها شخصية لا تكتمل، لأنها ببساطة غير مرسومة لتُمتلك، بل لتُعشق فقط. العلاقة بين الشخصيتين تُبنى على التباعد. هي علاقة مطاردة شاعرية مستحيلة، حيث العاشق يلهث خلف طيف، والمرأة تظل في مرتبة الماوراء. كل عنصر في النص يعكس هذا التشظي: البحر، الغياب، الأندلس، المنفى، إيثاكا، كلها رموز تؤكد أن هذا الحب ليس واقعًا بل تجربة داخلية وجودية.
وما يجعل هذا النص متفردًا في نسيجه هو توتره المستمر بين العشق والخسارة، بين التقديس والافتراس، بين امتلاء الرؤية وشحّ الإمساك. فالراوي، في عمق وعيه، يدرك أن المرأة التي يناديها ليست مخلوقة لعالمه، ومع ذلك يصر على عبادتها، كأن الحُب لا يُثبت وجوده إلا في وجع المطاردة. إن فعل "التلاوة" المتكرر في النص – تلاوة الغريبة، كتاب الغريبة، أوحي عن بهائها – يمنح العلاقة بعدًا صوفيًا خالصًا، يجعل من كل لقاء محتمل معها طقسًا يُقدَّس لا يُفسَّر، ويمنح من خلاله الراوي ذاته المعنى وسط العدم. وهكذا، تتحول المعشوقة إلى مرايا متحركة، تنعكس فيها كل أحلام الشاعر، وكل جراحاته أيضًا. تارة يراها في ملامح أندلسية، تارة في تجليات سريانية، وتارة أخرى في هيئة سيف ناعم أو عاصفة طربية. إن حضورها المتعدد، المتحول، يحرم الراوي من الطمأنينة، ويمنحه في المقابل لذة التيه. لهذا فإن "الغريبة" لا تُمثّل أنثى بعينها، بل هي قناع لكل ما هو بعيد، مرغوب، عصيّ، خرافي، وأبدي. في هذا البناء الشعري المفتوح، لا يوجد تصعيد نحو ذروة، بل دوران دائم حول مركز متوهج هو الشوق، ما يجعل النص مرآةً لتجربة إنسانية مشتركة: البحث الدائم عن معنى لا يُدرك، وعشق لا يُطال، ونشوة لا تُشفى. تلك التجربة التي، رغم ألمها، تمنحنا أجمل ما في الأدب: أن نكون عشاقًا للغائب، حراسًا لحلم لا يعود.
عمرو حسن / مصر
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟