الدقم بوابة العراق إلى الأسواق العالمية: من تخزين النفط إلى صناعة التكرير والتكامل الإقليمي

عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 20:00
المحور: الادارة و الاقتصاد
    

في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة في المنطقة، وفي خضم التحديات التي يواجهها العراق في ملف تصدير النفط عبر الممرات التقليدية، جاءت خطوة الحكومة العراقية بتوقيع مذكرتي التعاون مع مجموعة «أوكيو» العُمانية
لتشكيل شراكة استراتيجية في مجال تخزين وتسويق النفط العراقي في المنطقة الاقتصادية بالدقم، كإشارة واضحة على توجه جديد في سياسة بغداد النفطية والاقتصادية.
هذه الخطوة تعكس وعياً عميقاً بأهمية تنويع مسارات التصدير وتحرير القرار الاقتصادي من مخاطر الاعتماد على منفذ واحد متمثل في مضيق هرمز، الذي ظلّ لعقود نقطة اختناق جيوسياسية تثير القلق الدائم للدول المنتجة والمستهلكة على حد سواء.
أهمية الخطوة الاستراتيجية :
1. تنويع المنافذ التصديرية: تخزين النفط في الدقم – خارج مضيق هرمز – يوفر للعراق منفذاً استراتيجياً آمناً لتأمين صادراته من أي تهديدات سياسية أو عسكرية في الخليج.
2. تعظيم القيمة التجارية: عبر الاستفادة من خبرات «أوكيو» وشركاتها في مجال المتاجرة العالمية، سيحصل العراق على قدرة تفاوضية أعلى في تسويق نفطه بأسعار أكثر تنافسية.
3. التكامل الإقليمي: الاتفاق يفتح الباب لشراكات عراقية–عُمانية أوسع في مجال الطاقة والبنية التحتية، بما يرسّخ المصالح المشتركة ويعزز الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
4. دور العراق في أمن الطاقة العالمي: بوجود مخازن خارج المنطقة المهددة بالتصعيد العسكري، يتمتع العراق بقدرة على ضمان الاستمرارية في التصدير حتى في الظروف الجيوسياسية الحرجة.
المقترحات العملية لتطوير الخطوة :
1. التحوّل نحو مشاريع التكرير المتطورة
• تحويل مرافق التخزين المستقبلية في رأس مركز بالدقم إلى مصفى متكامل حديث بالشراكة مع الجانب العُماني.
• إنتاج مشتقات نفطية عالية القيمة (بنزين مكرر، ديزل نظيف، بتروكيماويات) بدلاً من الاكتفاء بتصدير النفط الخام.
• الاستفادة من موقع الدقم كبوابة بحرية مفتوحة على المحيط الهندي لتصدير المنتجات المكررة إلى أسواق آسيا وإفريقيا وأوروبا.
2. إنشاء صندوق استثماري مشترك عراقي–عُماني
• يجمع بين الودائع العراقية المكتنزة (المليارية خصوصاً) ورؤوس الأموال الخليجية.
• يموّل مشاريع استراتيجية: مصافي، محطات طاقة متجددة، مجمعات بتروكيماويات.
• يمنح المستثمرين العراقيين والعُمانيين عوائد مضمونة ومجزية.
3. ربط المشروع برؤية العراق الاقتصادية 2035
• جعل مشروع الدقم جزءاً من استراتيجية تنويع موارد العراق، بحيث لا يقتصر دوره على تخزين النفط، بل يشكّل منصة لتكريره وتصديره في صورة منتجات عالية القيمة.
• إدماج العراق في مشاريع الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر بالتعاون مع سلطنة عُمان التي تتبنى «رؤية 2040» للتحول الطاقوي.
4. البعد الجيوسياسي
• تمركز النفط العراقي في الدقم يعني تعزيز تحالف اقتصادي–استراتيجي مع سلطنة عُمان، الدولة التي تمتلك سياسة خارجية متوازنة وعلاقات جيدة مع مختلف القوى الإقليمية والدولية.
• هذه الخطوة يمكن أن تتحول إلى رادع جيوسياسي ضد محاولات الضغط على العراق عبر التحكم بممرات التصدير التقليدية.
الخاتمة والتوصيات
إن توقيع مذكرتَي التعاون بين العراق ومجموعة «أوكيو» العُمانية لا يمثل مجرد اتفاق تقني حول التخزين والتسويق، بل يعكس تحولاً استراتيجياً في عقلية إدارة الملف النفطي العراقي.
فالعراق بدأ يدرك أن حماية مصالحه الاقتصادية تتطلب تنويع المنافذ وتعظيم القيمة المضافة، وأن الاندماج في شبكات الطاقة الإقليمية والدولية هو السبيل الأمثل لضمان الاستقرار الاقتصادي.
وعليه، وبالنظر لهذا التطور المهم ، يمكننا التوصية بما يلي :
1. تسريع تحويل مشروع رأس مركز من محطة تخزين إلى مصفى نفطي ومجمع بتروكيمياوي متطور بالشراكة مع سلطنة عُمان.
2. تخصيص جزء من الأموال المكتنزة في الداخل (المليارية خصوصاً) لتمويل هذه المشاريع الاستراتيجية، مقابل ضمانات سيادية وعوائد مغرية.
3. تأسيس آلية استثمار مشترك عراقي–عُماني لتمويل مشاريع الطاقة النظيفة (الهيدروجين الأخضر، الطاقة الشمسية) بما يربط العراق مباشرة برؤية «عُمان 2040» ومسار التحول العالمي للطاقة.
4. اعتماد الدقم كمنفذ استراتيجي بديل لتصدير النفط العراقي، بما يقلل الاعتماد على مضيق هرمز ويرفع من قوة العراق التفاوضية في الأسواق العالمية.
5. بناء منظومة لوجستية متكاملة تشمل النقل، الموانئ، والخدمات المساندة، لتصبح الدقم جزءاً من شبكة ربط إقليمي تعزز دور العراق كمحور رئيسي في تجارة الطاقة العالمية.
إن هذا التحرك يمثل بداية مسار جديد يتيح للعراق فرصة تاريخية لإعادة صياغة دوره في سوق الطاقة العالمية، وربطه باستراتيجيات إقليمية أوسع، وتحويل الوفرة المالية المكتنزة داخلياً إلى محرك للتنمية والإعمار.

#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل