أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عامر عبد رسن - بين مذكرة التفاهم ورهانات المستقبل: العراق في معادلات الأمن الإقليمي والتحولات الشيعية















المزيد.....

بين مذكرة التفاهم ورهانات المستقبل: العراق في معادلات الأمن الإقليمي والتحولات الشيعية


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 16:40
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تشكل زيارة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بغداد، وتوقيعه مذكرة تفاهم أمنية مع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي بحضور رئيس الوزراء، حدثًا بالغ الأهمية في المشهد الإقليمي الراهن.
فعلى الرغم من التوضيح الرسمي الذي صدر عن مستشارية الأمن القومي العراقي بأن الوثيقة ليست “اتفاقية أمنية” بل مجرد “مذكرة تفاهم” امتدادًا لمحضر 19 آذار 2023 الخاص بأمن الحدود، فإن توقيت التوقيع والظروف
الإقليمية المحيطة به يجعلان منه خطوة تتجاوز الطابع الفني–الإداري، لتدخل في سياق استراتيجي أعمق.
أولًا: من محضر 2023 إلى مذكرة 2025 – تطور الإطار الأمني : يعود أصل المذكرة إلى المحضر الأمني الموقع بين العراق وإيران في 19 آذار 2023، والذي هدف إلى:
• ضبط أمن الحدود المشتركة.
• تحييد نشاط المعارضة الكردية الإيرانية (الأحزاب الخمسة) في إقليم كردستان العراق.
• منع استخدام الأراضي العراقية كمنطلق لعمليات أو نشاطات تهدد الأمن الإيراني.
على مدى عامين، خضع هذا المحضر لمداولات وإجراءات قانونية داخل العراق، عُرض خلالها على مجلس الوزراء وأُقرّ بقرار رسمي، لكن دون توقيع نهائي. ومع تعيين علي لاريجاني أمينًا عامًا لمجلس الأمن القومي الإيراني،
حلت زيارته محل الزيارة المقررة لسلفه الدكتور أحمديان، وتم إتمام التوقيع بحضور رئيس الوزراء العراقي.
ثانيًا: إصرار إيراني – من مطلب قديم إلى تقنين رسمي : إيران تنظر منذ سنوات إلى وجود المعارضة الكردية الإيرانية في كردستان العراق باعتباره تهديدًا أمنيًا مباشرًا لأمنها القومي. ومن هنا جاء:
• إصرار طهران على تقنين الالتزام العراقي بتحييد أو إبعاد هذه المعارضة، عبر إطار رسمي قابل للتنفيذ والمساءلة.
• التحول من اتفاق شفهي أو تفاهم ميداني إلى مذكرة رسمية معترف بها، ما يمنح إيران أداة ضغط سياسية وقانونية في حال حدوث خروقات.
هذا الإصرار ليس وليد اللحظة، بل هو استمرار لخط سياسي–أمني بدأ قبل محضر 2023، وتم ترسيخه الآن بمذكرة 2025.
ثالثًا: بعد العدوان الإسرائيلي – إغلاق الجيوب الخطرة : هنا يكمن البعد الجديد والخفي للمذكرة، إذ تشير المعلومات والتحليلات إلى أن حرب حزيران 2025 وما تلاها من عدوان إسرائيلي على إيران قد كشفت عن:
• ثغرات أمنية استخبارية استُغلت لاختراق العمق الإيراني.
• احتمال أن بعض هذه الخروقات انطلقت من مناطق في كردستان العراق، سواء عبر نشاطات استخبارية مباشرة أو تسهيلات غير مباشرة.
في ضوء هذه المعطيات، يمكن فهم توقيع المذكرة على أنه جزء من استراتيجية إيرانية لـ:
• تولد اعتقاد أيراني بضرورة إغلاق الجيوب الخطرة القابلة للاستغلال مستقبلاً.
• وضع ضمانات عراقية رسمية تمنع تكرار هذه الخروقات في أي مواجهة مقبلة.
بمعنى آخر، المذكرة ليست مجرد التزام حدودي، بل إجراء وقائي–استباقي في إطار الأمن القومي الإيراني.
رابعًا: العراق – بين الالتزام مع الجار والحياد الاستراتيجي : العراق، من جانبه، يواجه معادلة معقدة:
• الالتزام الأمني مع جار قوي ونافذ إقليميًا (إيران).
• الاعتبارات السيادية التي تفرض الحفاظ على القرار الأمني الوطني متوازنًا وغير منحاز.
• العلاقات الدولية، خاصة مع الولايات المتحدة ودول عربية، التي قد ترى في المذكرة تكريسًا لهيمنة إيرانية على القرار الأمني العراقي.
وهنا حاولت الحكومة العراقية، من خلال لغة التوضيح الرسمي، أن تؤطر المذكرة كـ “تفاهم أمني خاص بأمن الحدود” وليس “اتفاقية أمنية شاملة”، لتخفيف الأثر السياسي داخليًا وخارجيًا.
خامسًا: الأثر الإقليمي للمذكرة : على المستوى الإقليمي، تحمل المذكرة عدة دلالات يمكن قراءتها في إطار حرص طهران على ترسيخ علاقة مستقرة مع بغداد تقوم على احترام المصالح العراقية وتوازنها مع المصالح الإيرانية،
من دون الانجرار إلى مقاربة أحادية الجانب. ومن أبرز هذه الدلالات:
1. السعي إلى تعزيز التعاون الأمني بين بغداد وطهران بما يخدم استقرار الحدود المشتركة، مع الإبقاء على صيغة تعاون متكافئ تعكس أولوية السيادة العراقية.
2. توجيه رسالة ردع للأطراف الإقليمية التي قد تفكر في استغلال الجغرافيا العراقية للإضرار بإيران، بما ينسجم مع التزامات العراق الأمنية.
3. إبراز دور العراق كحلقة توازن إقليمي يمكن أن تُبنى عليها ترتيبات أوسع، بدل أن يكون مجرد امتداد لجبهة إيرانية.
لكن في المقابل، هناك مخاطر ينبغي التنبه لها:
• احتمال أن تُثير المذكرة شكوكًا لدى بعض القوى الإقليمية والدولية حول مدى قدرة العراق على الحفاظ على حياده المتوازن.
• إمكانية أن تستغل بعض القوى الداخلية هذه المذكرة في الخطاب السياسي الداخلي بما يعمّق الانقسام، إذا لم تُدار رسائلها بعناية.
سادسًا: نظرة استشرافية لمستقبل الشيعة في المنطقة: لفهم البعد الأوسع لهذه التحركات، يمكن الاستفادة من قراءات استراتيجية متعمقة لمسار المكونات الشيعية في الإقليم، وما تفرضه التحولات الجيوسياسية الراهنة من تحديات
وفرص على موقعهم ودورهم في صياغة التوازنات المقبلة. وفي هذا السياق، تتقاطع هذه الرؤية مع النداءات المتكررة لمرجعية النجف الأشرف، التي دعت إلى تعزيز وحدة الصف، وحماية السلم الأهلي، وتجنيب المجتمعات الانزلاق في صراعات المحاور،
مع التأكيد على جعل مصلحة
الأوطان أولوية تتقدم على أي ولاءات خارجية ، من خلال :
• انخراط القوى الشيعية في المنطقة في المشاريع الوطنية لدولهم، بما يعزز الاستقرار الداخلي ويعيد توجيه الجهود نحو البناء المؤسسي والتنمية المستدامة، بدل استنزافها في صراعات إقليمية طويلة الأمد.
• تحويل المجتمعات الشيعية إلى شريك فاعل في ترسيخ الدولة العصرية، التي تُدار وفق المصالح الوطنية الجامعة وتعلو فيها المواطنة على أي ولاءات طائفية أو محاور خارجية.
• إعادة تعريف الدور السياسي–الاجتماعي للشيعة على أساس المساهمة في التنمية والاندماج الاقتصادي، والابتعاد عن توظيفهم كرأس حربة في نزاعات لا تخدم الاستقرار أو ازدهار مجتمعاتهم.
استحضار هذه الرؤية في السياق العراقي يعني:
• أن أي التزام أمني أو اصطفاف سياسي يجب أن يُوازن بين حماية مصالح جميع مكوناته وتعزيز الاندماج الوطني والإقليمي.
• أن العراق، بحكم موقعه وتكوينه، يمكن أن يكون جسرًا للتفاهم بدل أن يكون مجرد ساحة للصراع.
سابعًا: توصيات استراتيجية للعراق
1. تعريف المذكرة في الخطاب الرسمي كجزء من استراتيجية أمن الحدود، وتجنب أي إيحاء بأنها تحالف أمني.
2. إطلاع الامم المتحدة على نتائج تنفيذ المذكرة لتعزيز الشفافية.
3. إدارة الملف الكردي بحساسية، مع ضمان أن لا تتحول الإجراءات الأمنية إلى توترات داخلية.
4. الاستثمار أكثر بالحياد الايجابي، لتقديم العراق كدولة تسعى للتوازن لا للاصطفاف.
5. بناء استراتيجية اتصالات توضح للرأي العام المحلي والدولي أن العراق يتحرك وفق مصلحته الوطنية أولًا.
ختاماً : إن مذكرة التفاهم الأمنية بين العراق وإيران، رغم طابعها الفني الظاهر، تحمل في طياتها أبعادًا استراتيجية مرتبطة بإغلاق ثغرات أمنية كشفتها حرب حزيران 2025. وهي في الوقت ذاته اختبار لقدرة العراق
على إدارة توازن دقيق بين التزاماته لجيرانه وحاجته للحفاظ على استقلالية قراره الأمني.
وفي ظل التحولات الإقليمية واحتمالات انفتاح مسارات جديدة للتسويات، كما يشير وئام وهاب، فإن العراق أمام فرصة لإعادة تعريف دوره: من ساحة نفوذ إلى صانع توازن، ومن طرف متأثر بالأحداث إلى فاعل في صياغتها.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التضخم السلبي في الاقتصاد العراقي: تحسّن مؤقت أم نذير ركود؟
- من بغداد إلى بورصات العالم: قراءة في زيارة -Asia Frontier Ca ...
- إدارة الإدراك وصناعة الإرباك: استراتيجيات الحرب النفسية الأم ...
- التمويل المستدام: فرصة استراتيجية للاقتصاد العراقي في مواجهة ...
- سباق الممرات الإقليمية: بين جنون الجغرافيا وفرصة العراق الأخ ...
- شبكة الضمان الصحي العراقي: بين توسعة الخدمات واستدامة التموي ...
- بعد إلغاء أنقرة لاتفاقية أنبوب النفط: هل يعيد العراق رسم خرا ...
- صواريخ THAAD تحت المجهر هل تكشف CNN عن نقطة ضعف ؟ أم خطة خدا ...
- سانت ليغو المعدَّل 1.7: برلمان مكلف واقتصاد بلا إصلاح – نحو ...
- السياحة في العراق: رافعة اقتصادية استراتيجية وكنز تنموي متنو ...
- إيران تغيّر خطابها في العراق: لحظة اختبار لسيادة الدولة أم ت ...
- المخدرات في العراق: أزمة تتسارع بتأثير اقتصادي مدمر وجهود عل ...
- العقوبات الأمريكية على شبكة شمخاني: قراءة عراقية في التأثيرا ...
- تراجع الفقر متعدد الأبعاد في العراق: قراءة تحليلية في نتائج ...
- من غزة إلى الضفة: رهانات نتنياهو ومآلات السلطة الفلسطينية وس ...
- من تابع إلى شريك: العراق يعيد صياغة موقعه الاقتصادي إقليمياً ...
- العراق ونظام الشرق الأوسط الجديد: من الردع الاستراتيجي إلى ا ...
- الخليج يقود التوازنات الجديدة: من التقرير السنوي إلى خريطة ا ...
- جمهورية الرواتب: كيف تُفرغ الدولة العراقية موازنتها في جيوب ...
- العراق بين توازن الردع وفوضى الاستثناء: قراءة استراتيجية في ...


المزيد.....




- تحذير -أسود- من هطول أمطار غزيرة.. هونغ كونغ تتعرض لموجة جدي ...
- بأسماء جديدة تماما.. الإعلان عن أعضاء لجنة تحكيم الموسم الجد ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: نتنياهو.. -إسرائيل الكبرى- بأهداف متعد ...
- الاستيطان الإسرائيلي: هل تسعى إسرائيل إلى منع إمكانية إقامة ...
- باريس سان جيرمان بطل السوبر الأوروبي.. كيف قلب النتيجة ضد تو ...
- الشرطة المصرية تقبض على شبان طاردوا فتيات بسياراتهم وتسببوا ...
- غضب عربي وإسلامي من حديث نتنياهو عن -إسرائيل الكبرى-
- بين مشيد ومنتقد... جدل واسع في المغرب حول قانون مجلس الصحافة ...
- -الناس يموتون من الجوع-... أحد سكان شمال دارفور في السودان ي ...
- الحكومة السورية ترحّب بنتائج التحقيق الدولي في أحداث الساحل ...


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عامر عبد رسن - بين مذكرة التفاهم ورهانات المستقبل: العراق في معادلات الأمن الإقليمي والتحولات الشيعية