أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عامر عبد رسن - إيران تغيّر خطابها في العراق: لحظة اختبار لسيادة الدولة أم تسوية مؤقتة؟















المزيد.....

إيران تغيّر خطابها في العراق: لحظة اختبار لسيادة الدولة أم تسوية مؤقتة؟


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8425 - 2025 / 8 / 5 - 09:46
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في ضوء المعلومات التي كشف عنها تقرير أساس ميديا حول زيارات قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني إلى العراق، والتطورات اللاحقة الميدانية وعلى رأسها انسحاب كتائب حزب الله من مواقعها في حزام بغداد، تتضح ملامح تحوّل نوعي في الخطاب الإيراني تجاه العراق، وملامح لحظة اختبار جديدة لقدرة الدولة العراقية على استثمار التحول لصالح مشروعها السيادي.
لطالما اعتادت الفصائل المسلحة الموالية لإيران – ومنها كتائب حزب الله – على التموقع فوق مؤسسات الدولة، أو موازياً لها، في مشهد مختلط بين العمل السياسي والعمل المسلح. إلا أن الانسحاب من مواقع عسكرية قرب بغداد، بعد أزمة أراضي الدورة، لم يكن مجرد تراجع تكتيكي، بل نتيجة مباشرة لما يمكن تسميته بـ التحول البراغماتي في المقاربة الإيرانية لملف العراق.
قاآني يُعيد ضبط قواعد الاشتباك : وفق ما ورد في التقرير، فإن زيارتين سريتين قام بهما إسماعيل قاآني إلى العراق في غضون أسبوعين حملتا رسائل غير مسبوقة. لم يكن الحديث فقط عن تحذيرات من استهدافات إسرائيلية أو أمريكية لمخازن الفصائل، بل عن تحول في السياسة الإيرانية نفسها تتمثل بـ:
• دعم استقرار العراق.
• الدعوة إلى حصر السلاح بيد الدولة.
• الامتناع عن التصعيد مع القوات الأمنية.
• تجنّب استهداف كردستان.
• تفادي تمزيق الإطار السياسي الداعم لحكومة السوداني.
هذه النقاط تُظهر أن إيران – على خلاف تصلبها في لبنان – باتت تُفضّل الاحتفاظ بنفوذها في العراق بأقل تكلفة سياسية وأمنية، ومن دون الدخول في اشتباك مباشر مع الدولة.
انسحاب كتائب حزب الله: قراءة في الدلالة السياسية
من المعروف أن فصيل كتائب حزب الله لا تتخذ قرارات بهذا الحجم دون ضوء أخضر إيراني، وربما ضغط مباشر. وقد اعتادت أن تُجاهر بالندية تجاه مؤسسات الدولة، لا سيما الأمنية منها. لكن أعلانها الانسحاب من مواقع في محيط العاصمة، بعد خلاف علني مع الدولة على خلفية حادثة مدير زراعة الدورة، يُعد سابقة سياسية وأمنية.
هذا القرار، إذن، ليس تنازلاً عراقياً داخلياً، بل نتيجة مباشرة لتوجيه إيراني بتخفيف الاحتكاك مع الحكومة. ولو كانت طهران قد لمّحت بقبول استمرار المواجهة، لما تراجعت الكتائب. وهذا ما يجعل من لحظة التراجع هذه فرصة استراتيجية للدولة العراقية، وفرصة اختبار حقيقية للفصائل الأخرى: هل ستساير هذا الاتجاه أم تحاول كسره؟
جرف الصخر: الملف المغلق المرشح للفتح
استناداً إلى منطق التحول نفسه، يمكن التنبؤ بإمكانية إعادة فتح منطقة جرف الصخر أمام أهلها قريباً. فهذه المنطقة تمثل منذ سنوات ملفاً مشحوناً بالتأزيم الطائفي والانقسام الوطني، وكانت ورقة أمنية تُمسك بها بعض الفصائل. وإن تمت إعادة الأهالي إليها، فستكون تلك إشارة على تراجع الدور الأمني للولائيين، وبداية لتصحيح سياسات التهجير والاحتكار الجغرافي.
ومع ذلك، لا يمكن تحقيق هذا التحول دون جهد حكومي مباشر، وضمانات واضحة بعدم استغلال العائدين لأي أجندات تخريبية، ما يفرض جهداً أمنياً ومجتمعياً وتفاوضياً متوازناً.
إيران 2025 ليست إيران 2015: ما الذي تغير؟
لم يعد المشروع الإيراني في العراق محصناً كما كان خلال العقد المنصرم. فالتغيرات التي فرضت معادلات توازن جديدة تشمل:
• عقوبات اقتصادية معقدة تُصيب شبكة التمويل والتهريب.
• تصعيد إسرائيلي معلن ضد النفوذ الإيراني في سوريا والعراق.
• تآكل أوراق إيران في اليمن ولبنان.
• تقاطع ضغوط أمريكية وخليجية على طهران لتقليص نفوذها العابر للحدود.
أمام كل ذلك، تجد إيران نفسها مضطرة لإعادة صياغة تموضعها في العراق من رعاية مباشرة للفصائل إلى دعم موجه أكثر تحفظاً، يُراعي التوازن مع الحكومة، ويُجنبها الانفجار الداخلي أو ذريعة لتصعيد خارجي.
المقارنة مع لبنان: لماذا التصلب هناك والهدوء هنا؟
في لبنان، تُبقي إيران على خطابها المتشدد عبر حزب الله، نتيجة:
• الفراغ السياسي المستمر.
• الانقسام الطائفي العميق.
• هشاشة المؤسسات الرسمية.
أما في العراق، فوجود حكومة ذات غطاء سياسي واسع، واستقرار نسبي في الأداء التنفيذي، ومراهنة دولية على نجاح حكومة السوداني، تجعل إيران أكثر حرصاً على عدم كسر ميزان القوى، وتجنب خلق حالة فوضى قد تُفقدها أوراقها داخلياً.
المصلحة العراقية: نافذة لا ينبغي أن تُغلق
العراق، بموجب هذا التغير، يواجه لحظة نادرة تراجعت فيها اليد الإيرانية خطوة إلى الخلف. وهذا لا يعني تخلياً تاماً عن النفوذ، بل يعني انفتاحاً على توازن جديد بين الدولة والمجاميع المسلحة.
وهنا، يُطرح السؤال: هل تُحسن الدولة العراقية استثمار هذه اللحظة؟
أم ستسمح بأعادة إنتاج الفوضى بإهمال هذه الفرصة التاريخية؟
المطلوب واضح:
1. فرض مبدأ حصر السلاح بيد الدولة عبر خطوات عملية لا بيانات سياسية.
2. سحب الملفات الأمنية من يد الفصائل، لا سيما في المحافظات المحررة والمناطق الحساسة جغرافياً.
3. البدء ببرنامج وطني لإعادة النازحين إلى المناطق المغلقة (جرف الصخر نموذجاً).
4. تفكيك الاقتصاد الموازي القائم على التهريب والجباية اللاشرعية.
وعلى العراقيين أن يُحسنوا خياراتهم ، فالتحديات المقبلة لن تُواجه بشعارات. العراق اليوم أمام مفترق:
• إما استعادة السيادة تدريجياً بعقل استراتيجي.
• أو العودة إلى مربع التجاذب الأمني والولائي الذي أثقل كاهل الدولة والشعب والاقتصاد.
وستكون بموجبه الانتخابات القادمة في تشرين الثاني 2025 محطة فاصلة، فإما أن تُفرز قوى إصلاحية تمثل المصلحة الوطنية العليا، أو تُعاد تدوير الولاءات والارتباطات الخارجية.
لذلك، على النخب والمواطنين والمؤسسات أن يدركوا أن الخيارات القادمة ليست تقنية، بل مصيرية. فالسيادة، والوحدة، والاستقرار الاقتصادي كلها رهينة بنوع التمثيل السياسي الذي سيتشكل.
خاتمة: الفراغ لا يدوم، فاملأوه بالدولة
إن لحظات التحول لا تتكرر كثيراً. والفراغ الذي قد تتركه إيران جزئياً لا يجوز أن يُملأ بفصائل جديدة أو حلفاء دوليين بدلاء، بل يجب أن يُملأ بـ مؤسسات الدولة فقط.
إنه اختبار للطبقة السياسية، وللإطار التنسيقي، ولرئيس الوزراء، وللمؤسسة العسكرية، وللقضاء، وللأحزاب الوطنية.
فإذا كان العراق يريد أن يُغلق فصل الدولة الموازية، فليبدأ اليوم.
أما إذا تلكأ، فإن هذا التراجع الإيراني المؤقت لن يلبث أن يتحول إلى عودة انتقامية أشد قسوة، ولن يُلام أحد حينها إلا العراقيين أنفسهم، لأنهم لم يُحسنوا اغتنام الفرصة... ولا اختيار الطريق.

رابط الخبر : إيران: تصلّب في لبنان وهدوءٌ في العراق.. - ASAS Media



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخدرات في العراق: أزمة تتسارع بتأثير اقتصادي مدمر وجهود عل ...
- العقوبات الأمريكية على شبكة شمخاني: قراءة عراقية في التأثيرا ...
- تراجع الفقر متعدد الأبعاد في العراق: قراءة تحليلية في نتائج ...
- من غزة إلى الضفة: رهانات نتنياهو ومآلات السلطة الفلسطينية وس ...
- من تابع إلى شريك: العراق يعيد صياغة موقعه الاقتصادي إقليمياً ...
- العراق ونظام الشرق الأوسط الجديد: من الردع الاستراتيجي إلى ا ...
- الخليج يقود التوازنات الجديدة: من التقرير السنوي إلى خريطة ا ...
- جمهورية الرواتب: كيف تُفرغ الدولة العراقية موازنتها في جيوب ...
- العراق بين توازن الردع وفوضى الاستثناء: قراءة استراتيجية في ...
- من الجبال إلى الطاولات: العراق وتركيا على أعتاب شراكة ما بعد ...
- الاقتصاد العراقي مكشوف جويًا ورقميًا: الحرب الصامتة على المو ...
- وصفة إنقاذ: نحو علاج اقتصادي مستدام لسوق الأدوية في العراق
- العراق بين ظلال التحذير وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لح ...
- تحولات السياسة الإيرانية: من -الشيطان الأكبر- إلى شريك أقتصا ...
- فرصة استراتيجية عبر الأطلسي: دعوة اقتصادية من الرئيس الأمريك ...
- صُنّاع العراق: نداء إلى الدولة من أجل نهضة العمالة الماهرة و ...
- الدين كسلاح جيوسياسي: الحروب المقدسة الجديدة في الشرق الأوسط
- العجز المائي والعجز المالي كيف يقود سوء إدارة المياه إلى نزي ...
- نزيف العملة الصعبة: حين تصبح العمالة الأجنبية عبئًا على الاق ...
- إيران بعد الضربة الأميركية من الردع النووي إلى معادلة الردع ...


المزيد.....




- تخرج يوميًا للبحث عن طعام لوالديها المريضين وإخوتها وسط الجو ...
- السيسي: ما يحدث في غزة -حرب إبادة جماعية مُمنهجة-.. وانتقاد ...
- بعد سؤالها عن -أسباب الثقة في المصادر-.. أمن الدولة العليا ت ...
- هل أوفى ستيف ويتكوف بوعده للسيدة التي قابلها في غزة؟
- صحوةٌ بعد 6 قرون.. بركان روسي يثور لأول مرة منذ 600 عام
- قبل 20 عاماً انسحبت إسرائيل من غزة.. هل تعود إلى القطاع بقرا ...
- تقارير: إسرائيل تستعد لمرحلة جديدة من الحرب والسيطرة الكاملة ...
- شركة أرامكو السعودية تعلن تراجع أرباحها جراء انخفاض أسعار ال ...
- من مصدات السيارات إلى صناعة الأثاث.. ورش تركية تعيد تدوير ال ...
- 5 خطوات لحمايتك من الإجهاد مع تزايد الحرارة وتغير المناخ


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - عامر عبد رسن - إيران تغيّر خطابها في العراق: لحظة اختبار لسيادة الدولة أم تسوية مؤقتة؟