أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - العراق بين ظلال التحذير وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لحظة إقليمية حرجة














المزيد.....

العراق بين ظلال التحذير وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لحظة إقليمية حرجة


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8403 - 2025 / 7 / 14 - 20:19
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في مقالٍ منشور بموقع تشاتام هاوس، طرح الدكتور ريناد منصور رؤية تحليلية قلقة لما سمّاه بـ"الهشاشة العراقية"، في مواجهة التحولات الإقليمية الجارية منذ 7 أكتوبر وما أعقبها من زلازل سياسية وعسكرية في الشرق الأوسط.
وإن كانت المقاربة صادقة في رصد التعقيدات والتحديات، فإنها – على الأرجح – لم تمنح الدبلوماسية العراقية الهادئة ما تستحقه من قراءة عميقة.
لقد خرج العراق، للمرة الأولى منذ عقود، من قلب الصراعات إلى هامش الحدث؛ لكنه لم يخرج من التاريخ ولا من الجغرافيا. وما يبدو حيادًا أو انسحابًا، هو في الحقيقة تَموضع سيادي محسوب، يستند إلى إدراك عراقي عميق بأن المصلحة الوطنية ليست في الصخب، بل في تثبيت الاستقرار وتعظيم المكاسب الهادئة.
بينما تتلاشى الحدود التقليدية بين الحرب والدبلوماسية، وبين الحلفاء والخصوم، يجد العراق نفسه في لحظة فارقة، لا لأنه على هامش الصراع الإقليمي هذه المرة، بل لأنه على عتبة انتقال استراتيجي في موقعه من المعادلة الدولية.
ففي مشهد متناقض، حيث يُرشّح الرئيس الأميركي دونالد ترامب لجائزة نوبل للسلام في ذات اللحظة التي تُرفع فيها "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب، تتساقط المفاهيم وتُعاد صياغة الأخلاقيات بلغة المصالح لا المبادئ.
ورغم هذا الاضطراب، فإن العراق – بعد سنوات من الصراعات – يطل على نافذة نادرة من الاستقرار النسبي والفرص الاقتصادية المحتملة. ومما يعزز هذه اللحظة، ما جاء في رسالة الرئيس ترامب الأخيرة إلى رئيس الوزراء العراقي، والتي حملت دعوة صريحة إلى إطلاق شراكات اقتصادية استراتيجية، تمهّد لدور اقتصادي يمكن أن يكون مقدمة لدور دبلوماسي أكثر تأثيرًا في إعادة تشكيل توازنات المنطقة.
إزاء هذا المشهد المركب، تتطلب المرحلة من النخب العراقية – السياسية والاقتصادية والفكرية – أن تتجاوز الانكفاء، وتستثمر الفرصة، وتحول الهامش إلى منصة، والتحدي إلى مشروع وطني جامع.
▪ بين الحذر والتصميم: كيف نقرأ السكون العراقي؟
صحيح أن المنطقة تغلي، وأن الحرائق تشتعل من غزة إلى مضيق هرمز، لكن بغداد لم تعد ساحةً مفتوحة لكل الرياح. فمنذ 2020، حين كشفت واقعة اغتيال الجنرال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس مدى هشاشة المجال السيادي الجوي للعراق، بدأت مراجعة استراتيجية داخلية غير معلنة، مفادها أن الساحة لا تحتمل مزيدًا من المغامرات، وأن الأمن القومي يُصان بالعقل لا بالعاطفة.
هذه المراجعة لم تأتِ من فراغ، بل نضجت عبر تجربة معقّدة: من الحرب على الإرهاب، إلى موجات الانقسام، إلى دخول الحشد الشعبي في معادلة الدولة لا في مواجهتها. باتت الفصائل التي كانت تُعرف بالمواقف الثورية تُمسك اليوم بوزارات ومؤسسات، وتُدير موارد، وتُحاكي لغة الدولة. ليس هذا تحوّلًا في القناعة، بل انخراط في الحساب: فالاستقرار أصبح مكسبًا، لا عائقًا.
▪ حين تتحول التحديات إلى نوافذ
إن التحذير من هشاشة العراق لا يُخطئ تمامًا، لكنه يُغفل أن ما يسمّى هشاشة، هو في الحقيقة مرونة انتقالية بين عراق الأمس وعراق الغد. فما يراه بعض المراقبين تجنبًا للتورط، يراه الدبلوماسي المحترف استباقًا للانفجار.
وما يُقرأ على أنه تراجع عن الأدوار، هو في الحقيقة إعادة تعريف لدور العراق في النظام الإقليمي المتغيّر.
اليوم، العراق أمام فرصة لا تتكرر كثيرًا: أن يبني تموضعه الإقليمي من بوابة الاقتصاد لا الأمن فقط، وأن يفرض احترامه من خلال الممرات التجارية، ومشروعات الربط، وشراكات الطاقة، لا عبر البيانات السياسية وحدها.
▪ الدبلوماسية الاقتصادية: البوابة الآمنة لدور إقليمي
إن مشروع "طريق التنمية"، وميناء الفاو، واتفاقات الطاقة مع دول الجوار والخليج، ليست مشروعات اقتصادية فحسب، بل أدوات توازن استراتيجي ودبلوماسي. وفي منطقة تُعاد فيها كتابة معادلات النفوذ، من يربط لا يُعزل، ومن يربح شركاء لا يبحث عن وسطاء.
ولذلك، فإن على النخب العراقية – السياسية والفكرية والاقتصادية – أن تغادر منطقة الترقب، وأن تتبنى خطابًا تأسيسيًا جديدًا، يُعيد صياغة العلاقة مع الخارج من موقع الفاعل، لا المفعول به.
▪ الختام: من إدارة الخطر إلى استثمار الممكن
إننا لا نقلل من المخاطر، ولا نغفل التهديدات، لكننا نؤمن أن الدبلوماسية العراقية اليوم تمتلك فرصة نادرة لخلق توازن دقيق بين الالتزامات الإقليمية والمصالح الوطنية. وما يجعل هذا التوقيت استثنائيًا هو أن العراق لا يقف وحيدًا في العاصفة، بل تُفتح أمامه نوافذ تعاون وشراكة، كما تجلّى مؤخرًا في رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى رئيس وزراء العراق، والتي دعا فيها إلى تعميق الشراكة الاقتصادية، وإنشاء مصانع عراقية في الولايات المتحدة، وتسهيل انسيابية التبادل التجاري.
ورغم ما تحمله الرسالة من براغماتية أميركية، فإنها تمثل – إذا أُحسن توظيفها – فرصة استراتيجية للعراق لإعادة تعريف علاقاته الخارجية، من موقع الشريك لا التابع، وبما يعزز التموضع الوطني في قلب شبكة التوازنات الدولية. فلا أحد ينتظر من العراق أن يكون محايدًا في كل شيء، ولكن الجميع يراقب إن كان قادرًا على أن يكون مستقلًا في قراره، ذكيًا في خياراته، وواقعيًا في تحالفاته.
في زمن تتشابك فيه السياسة بالقوة، والمصالح بالمواقف، فإن العراق لا يحتاج إلى ضجيج، بل إلى رؤية هادئة وعزيمة صلبة... وإرادة تضع الوطن فوق كل الحسابات.

رابط المقال : https://www.chathamhouse.org/2025/06/iraqs-fragile-stability-threatened-shifting-middle-eastern-order



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات السياسة الإيرانية: من -الشيطان الأكبر- إلى شريك أقتصا ...
- فرصة استراتيجية عبر الأطلسي: دعوة اقتصادية من الرئيس الأمريك ...
- صُنّاع العراق: نداء إلى الدولة من أجل نهضة العمالة الماهرة و ...
- الدين كسلاح جيوسياسي: الحروب المقدسة الجديدة في الشرق الأوسط
- العجز المائي والعجز المالي كيف يقود سوء إدارة المياه إلى نزي ...
- نزيف العملة الصعبة: حين تصبح العمالة الأجنبية عبئًا على الاق ...
- إيران بعد الضربة الأميركية من الردع النووي إلى معادلة الردع ...
- العراق في قلب ممرات النقل العالمية: كيف يستثمر في طريق التنم ...
- الاقتصاد العراقي تحت المجهر


المزيد.....




- شركات نفطية تتأمل قرب استئناف صادرات الإقليم
- أستراليا تطور -غشاء ذكيا- لإنتاج الأمونيا الخضراء من الهواء ...
- ماذا تجني الجزائر من الانفتاح على رابطة آسيان؟
- ماسك يطرح تصويت مساهمي تسلا لاستثمارها في إكس إيه آي
- 29 مليون مسافر.. مطارات أبوظبي تضع بصمتها على أجنحة العالم
- ماذا نعرف عن قرار السماح للأجانب بتملك العقارات في السعودية؟ ...
- الاتحاد الأوروبي يقترب من اتفاق مع أميركا ويبحث التعاون مع د ...
- الربط بشبكة الغاز التركية ينعش قطاعي الكهرباء والصناعة في سو ...
- عبدالعزيز بن سلمان: السعودية تعدل سياستها في إنتاج النفط حسب ...
- مصر.. إقبال كبير على تغطية اكتتاب أول شركة استثمار عقاري في ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - العراق بين ظلال التحذير وإشراق الفرصة: دبلوماسية الفرص في لحظة إقليمية حرجة