أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - نزيف العملة الصعبة: حين تصبح العمالة الأجنبية عبئًا على الاقتصاد الوطني














المزيد.....

نزيف العملة الصعبة: حين تصبح العمالة الأجنبية عبئًا على الاقتصاد الوطني


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 00:10
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لا يقف أثر العمالة الأجنبية غير المنظَّمة في العراق على البطالة والتأزم الاجتماعي، بل يمتد إلى عمق المالية العامة وبُنية الاقتصاد الكلي. فبحسب تقديرات غير رسمية، تُحوِّل هذه العمالة – من البنغاليين والباكستانيين والسوريين وغيرهم – أكثر من 1.5 مليار دولار سنويًا من العملة الصعبة إلى خارج البلاد، عبر قنوات غير نظامية، بعيدًا عن الرقابة المصرفية العراقية.
ويمثّل هذا الرقم الكبير نزيفًا حادًا في احتياطيات العملة الصعبة، يزيد من استنزاف الدولار داخل السوق المحلية، ولا سيّما في ظل شح السيولة الدولارية والضغوط المتزايدة على نافذة بيع العملة التي يديرها البنك المركزي.
وتتفاقم هذه الإشكالية بفعل أن النسبة الأكبر من هذه العمالة لا تعمل ضمن إطار قانوني، فلا تدفع ضرائب، ولا رسوم إقامة، ولا تخضع لأنظمة التفتيش العمالي أو تسجيلات سوق العمل، ما يجعل الدولة تخسر على ثلاث جبهات:
• فهي من جهة لا تجني منهم إيرادًا أو التزامًا مالياً،
• ومن جهة أخرى، تتحمّل آثار تحويلاتهم المالية المستمرة على استقرار سعر الصرف والسياسة النقدية،
• ومن جهة ثالثة، تزداد مزاحمتهم للعمالة العراقية، خصوصًا في قطاعات البناء والخدمات والمهن اليومية، مما يفاقم من معدلات البطالة المحلية، ويُقلّل من فرص التدريب والتأهيل للقوى العاملة الوطنية.
وهكذا لا تُمثل العمالة الأجنبية غير المنظمة أزمةً اقتصادية فحسب، بل تهديدًا صامتًا لمستقبل السوق العراقي، وعدالة التوزيع الوظيفي، والسيادة الاقتصادية.
وفي حالة العمالة السورية تحديدًا، تتضاعف المشكلة: فإلى جانب النزيف المالي، هناك سياق جيوسياسي خاص مرتبط بحدود مفتوحة، وتراخي تنظيمي، وتحولات داخل سوريا قد تفتح الباب لحلول مرحلية لم تستثمر فيها الدولة العراقية بعد.
إن ترك هذه الأعداد تتضخم بلا سياسة، وبدون أدوات رقابة مالية وقانونية، لا يهدد فقط سوق العمل المحلي، بل يهزّ استقرار النظام الاقتصادي بأكمله. والمطلوب هنا ليس طردًا جماعيًا ولا خطابًا شعبويًا، بل سياسة عقلانية شاملة، تبدأ بالحصر والتنظيم، وتنتهي بوضع العراق أولًا، في ميزان السيادة والاقتصاد.
ففي وقت تتغير فيه طبيعة الاقتصاد العراقي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد خدمي في أطرافه، تشهد البلاد تزايدًا مطردًا في الاعتماد على العمالة الأجنبية، لا سيما في قطاعات البناء والخدمات والزراعة. لكن هذا التزايد يجري في ظل غياب سياسات واضحة أو أطر قانونية فاعلة تنظم الوجود الأجنبي في سوق العمل المحلي، مما خلق بيئة خصبة للعمالة غير النظامية، وفتح الباب واسعًا أمام الاستغلال، التهريب، وانعدام الرقابة.
تُقدّر أعداد السوريين العاملين في العراق اليوم بنحو 300 ألف شخص، يعيش معظمهم خارج نطاق الإقامة القانونية، دون عقود عمل أو حماية اجتماعية، ما يجعلهم في موقع هشّ على المستويين الإنساني والأمني، وفي ذات الوقت يمثّلون ضغطًا متصاعدًا على سوق العمل العراقي، خاصة في ظل تفاقم البطالة في صفوف الشباب والطبقات العاملة.
ومع الانفراج النسبي في الأوضاع السورية بعد سقوط النظام نهاية عام 2024، بات من الضروري طرح السؤال الحرج: هل ما زال استمرار هذا الوجود المبعثر مبرَّرًا؟ أم أن العراق بحاجة إلى سياسة وطنية لتنظيم العمالة الأجنبية بشكل عام، والوجود السوري بشكل خاص، بما يضمن السيادة القانونية، ويحمي كرامة الإنسان العامل، ويصون استقرار المجتمع؟
في المقابل، لا يواجه السوريون في العراق خطابًا عدائيًا كما في بلدان أخرى، لكنهم يواجهون ما هو أخطر: التجاهل التام. تجاهلٌ ينعكس على غياب سياسات حكومية واضحة، وترك ملفهم يتراكم خارج الرؤية المؤسسية، بما يهدد لاحقًا بانفجار اجتماعي أو قانوني يصعب احتواؤه.
ما يُفاقم الأزمة هو أن هذا الوجود غير المنظم ينافس العراقيين في سوق العمل الهش أصلاً، في ظل نسب بطالة مرتفعة، وغياب عقود رسمية تضمن العدالة والمساواة. كما أن ضعف الرقابة والتفتيش العمالي يجعل هؤلاء العمال فريسة سهلة للاستغلال والانتهاك، دون أن يجدوا جهة يلجؤون إليها، أو قانوناً ينصفهم.
السؤال هنا ليس إن كان الوجود السوري عبئًا أو إثراءً، بل إن كان منظَّمًا أو فوضويًا. وفي الحالة العراقية، يبدو أن الدولة – حتى الآن – تركت الباب مفتوحًا لفوضى طويلة الأمد، في غياب خطة وطنية للتعامل مع هذا الملف من منظور إنساني ـ قانوني، يحمي العراق كما يحمي كرامة الإنسان العامل.
هل يحتاج العراق إلى إلى صياغة سياسة وطنية تشمل:
• تسوية قانونية مؤقتة لوضع السوريين في العراق.
• حصر الأعداد الفعلية ومواقع العمل.
• تنظيم تصاريح العمل بالتعاون مع أرباب العمل المحليين.
• وضع آليات عودة طوعية لمن يرغب، بالتعاون مع المنظمات الدولية.
• تعزيز رقابة سوق العمل، ومنع استغلال العمالة غير النظامية.
إن الإبقاء على هذا الملف في منطقة "الظل السياسي" لا يخدم أحداً. بل يجعل العراق بيئة جاذبة للفوضى، ويُضعف من قدرة مؤسساته على السيطرة على ملف حساس، تتقاطع فيه السيادة الوطنية مع متطلبات حقوق الإنسان.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران بعد الضربة الأميركية من الردع النووي إلى معادلة الردع ...
- العراق في قلب ممرات النقل العالمية: كيف يستثمر في طريق التنم ...
- الاقتصاد العراقي تحت المجهر


المزيد.....




- تحديث مستمر بتاريخ 16 يوليو 2025 .. سعر الدولار اليوم في الب ...
- استقرار ملحوظ في أسعار الذهب اليوم بتاريخ 16 يوليو 2025 .. ج ...
- تعميم 170 ضد حزب الله.. السيادة في مواجهة اقتصاد الظل
- دبي ترسي عقد مشروع شارع المستقبل بتكلفة 172 مليون دولار
- بروكسل لواشنطن: نريد التفاوص بشأن الرسوم.. لكن صبرنا ينفد
- تشاينا فانكي للعقارات تتوقع خسائر بـ1.7 مليار دولار
- لخفض التكاليف.. نيسان ستغلق أحد مصانعها الرئيسية في اليابان ...
- فولفو تتكبد 1.2 مليار دولار بسبب الرسوم وتأخيرات الإنتاج
- هل تستطيع أوروبا كبح رسوم ترامب عبر -جبهة مضادة-؟
- -أوراكل- الأميركية تعتزم استثمار ملياري دولار في ألمانيا


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - نزيف العملة الصعبة: حين تصبح العمالة الأجنبية عبئًا على الاقتصاد الوطني