عامر عبد رسن
الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 01:53
المحور:
الادارة و الاقتصاد
في ظل التحديات الاقتصادية المتراكمة التي يواجهها العراق، يبرز القطاع الصحي كأحد القطاعات التي تتطلب إعادة هيكلة جذرية لضمان استدامة الخدمات وتقليل العبء على الموازنة العامة.
ومن هنا، يأتي إعلان هيئة الضمان الصحي عن انضمام خمس مستشفيات جديدة في بغداد وكربلاء إلى شبكة مقدمي الخدمة خطوة ذات أبعاد اقتصادية بامتياز، فهي لا تمثل مجرد توسع في التغطية الصحية،
بل تدخل في صميم استراتيجيات الاستثمار في رأس المال البشري وتعزيز كفاءة الإنفاق العام. فالتعاقد مع مستشفيات نوعية، مقرونة بآليات تمويل متعددة تشمل الاستقطاع من الرواتب، وإيرادات الضرائب،
والمشاريع الاستثمارية، يشكل نموذجًا واعدًا لتنويع مصادر التمويل، وتقليل الاعتماد على التمويل الحكومي المباشر. إن نجاح هذه التجربة لن يقاس بعدد المرافق المنضمة فحسب، بل بقدرتها على خلق نظام صحي
مستدام يوازن بين الكفاءة المالية، وجودة الخدمة، وحماية الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع.
الخبر والتعاقد الجديد : وفقًا لمصادر اعلامية وعدد من المصادر الحكومية، فقد أعلنت هيئة الضمان الصحي عن توقيع عقود مع خمس مستشفيات جديدة في بغداد وكربلاء المقدسة، هي:
• مستشفى وارث
• مستشفى الحسن المجتبى
• مستشفى خديجة الكبرى
• مستشفى الكفيل (تابعة للعتبة العباسية)
• المستشفى العالمي للجراحات التخصصية في بغداد
ووفقًا لهذه الخطوة، ستكون هذه المستشفيات ضمن شبكة مقدمي خدمات الهيئة خلال الفترة القادمة .
أنشطة الهيئة وتنفيذ قانون الضمان الصحي :
1. التوسع في شبكة مقدمي الخدمة : يأتي هذا التوسع ضمن تنفيذ قانون الضمان الصحي رقم 22 لسنة 2020، الذي ينص على شمول العراقيين – خاصة الموظفين – بضمان صحي إلزامي، مع إمكانية الاشتراك الاختياري للمتقاعدين والفئات الأخرى .
2. الانتقال من دفتر ورقي إلى بطاقة بايومترية : تعمل الهيئة على استبدال دفتر الضمان الورقي ببطاقة إلكترونية تضم السجل الطبي للمريض وعائلته، وتُستخدم النظام الإلكتروني الكامل خلال الأربعة أشهر القادمة .
3. الاشتراك الإلزامي والتحصيل من الرواتب : الموظفون مشمولون تلقائيًا عبر اقتطاع 1% من الراتب الشهري، بينما المتقاعدون يشتركون اختياريًا ويتم إيقاف الاقتطاع إذا انسحب المضمون .
مصادر تمويل الهيئة : تُموّل خدمات الهيئة من:
1. اقتطاع 1% من رواتب المشمولين.
2. منح وزارة المالية لتغطية جزء من التكاليف.
3. عقود مع شركات تأمين تحصل الهيئة منها على 10% من الإيرادات.
4. إيرادات خاصة من الضرائب مثل: ضريبة السجائر والكحول (~35% من موارد الضمان) .
5. مشاريع استثمارية مستقبلية لجعل التمويل مستدامًا (قيد التنفيذ) .
تحليل الأثر ودور الهيئة في تحسين واقع الرعاية الصحية :
1. توسيع الخيارات وتخفيف الضغط : بضم خمس مستشفيات إضافية – ثلاثة منها في كربلاء ومركزها العتبات الدينية – يحصل المواطن المشمول على خدمة صحية بجودة أعلى وتنقل مرن بين المرافق، دون التقيد بمستشفى معين .
2. تعزيز الشمولية والتكافل الاجتماعي : القانون يفرض الاشتراك على الموظفين، بينما يمنح المتقاعدين حرية الاختيار. نظام البطاقة البايومترية أيضًا يعزز الشمولية ويقلل البيروقراطية.
3. تمويل متنوع ومستدام : تعدد المصادر المالية يقلل الاعتماد على بند واحد، ويعزز استقرار تقديم الخدمات الصحية.
4. توصيات لتعزيز كفاءة الهيئة مستقبلاً :
• سرعة تنفيذ التحول الرقمي: لضمان فعالية البطاقة البايومترية وربط البيانات لتسريع تقديم الخدمة.
• إشراك مشغولين متقدمين ومستشفيات نوعية إلى الشبكة، خاصة في المحافظات المتحققة في عام 2026 (بغداد، البصرة، ذي قار، النجف، وغيرها) .
• تعزيز الشفافية والمحاسبة في إدارة الموارد المالية، لضمان أن تمويل الضمان يذهب فعليًا إلى تحسين الخدمات.
• ضبط العقود الاستثمارية القادمة لضمان تقديم منتجات استثمارية تحقق التغطية الصحية دون إفراط في الربحية.
تعاقد الهيئة مع 5 مستشفيات جديدة يعتبر خطوةً استراتيجية في مسار تنفيذ قانون الضمان الصحي، هدفها تحسين جودة التغطية للمشمولين. بالمقابل، فإن نجاح هذه الخطوة يعتمد على تطبيق التحول الرقمي، إدارة مالية شفافة واستدامة التمويل.
تحقيق هذه الخطوات يعزز من قدرة الدولة على تقديم خدمات صحية عادلة ويخفف الضغوط على المواطن.
وبمقارنة معيارية وتحليل معمق لأنشطة هيئة الضمان الصحي العراقية – حديثة التشكيل – مع مقارنات حول أنظمة التغطية الصحية الشاملة في دول أخرى، نجد ان …
1. واقع هيئة الضمان الصحي العراقية :
• نشأت الهيئة في إطار قانون الضمان الصحي رقم 22 لسنة 2020، بهدف توسيع التغطية الصحية للمواطنين، خاصة الموظفين والمتقاعدين.
• موّلت الهيئة نفسها عبر رصيد شهري 1% من رواتب الموظفين، ومنح من وزارة المالية، عقود مع شركات التأمين (تحصل من الموارد ~10%)، وإيرادات من ضرائب السجائر والكحول (~35%). بالإضافة إلى مشاريع استثمارية مستهدفة.
• مؤخرًا تعاقدت مع خمس مستشفيات خاصة في بغداد وكربلاء، لتعزيز شبكة مقدمي الخدمات وضبط جودة تلك الخدمات.
2. مقارنة معيارية مع أنظمة مشابهة
بُعد العراق (الضمان الصحي) دول نموذجية (مثل الأردن وألمانيا)
نموذج التمويل مساهمة الموظف + منح + ضرائب + استثمارات 1. تركيبة تمويل متعددة تشمل مساهمات صاحب العمل والعامل، وضرائب عامة
الشبكة الطبية توسع أولي عبر التعاقد مع مستشفيات خاصة 2. شبكات متطورة تشمل القطاعين العام والخاص والتعاقد المركزي
التحوّل الرقمي جارٍ (بطاقة بيومترية + نظام إلكتروني) 3. استخدام أنظمة الكترونية متطورة لربط المستشفيات بصندوق الضمان
الحوكمة والرقابة هيئة جديدة بحاجة إلى آليات شفافة ومساءلة واضحة 4. مؤسسات مستقلة للرقابة، نشر التقارير، تفتيش داخلي وخارجي
مكافحة الفساد آليات قيد الإنشاء، وتحتاج لتعزيز يمتد للاستثمارات 5. مؤسسات نزاهة مستقلة، تنوع مصادر التمويل، شفافية كاملة في العقود
من المرجح أن تجربة ألمانيا تعكس نظاماً معتمداً على مساهمات الثلاث أطراف (الحكومة، صاحب العمل، العامل) في كل من الشأن الطبي والتأمين، وهو ما يحقق استدامة وشفافية أكبر. بينما الأردن يتبع نموذجاً مختلطاً مع وجود رؤية رسمية
لربط التأمينات الاجتماعية والضمان الصحي بذات المصدر المالي.
3. التحديات ولُبس الاستثمار في ظل الفساد : الا اننا نحذر أن التوسع في مصادر التمويل، تواجه الهيئة مخاطر عدة:
• الفساد والتلاعب في العقود الاستثمارية، خصوصًا إذا لم تكن هناك إشراف حقيقي.
• استغلال أموال الضرائب والإيرادات دون رقابة فعالة، يُعرضها للهدر.
• ضعف الشفافية في توزيع الخدمات والتعاقد، ما يخلق فجوات في الاستفادة الحقيقية من الضمان.
في المقابل، تشير تقارير مثل Guardian عن برنامج UNDP في العراق إلى مشاكل فساد داخلي قد تصل إلى طلب رشاوى ووصول ديناميكية الهدر حتى إلى المشاريع المدعومة دولياً.
4. توصيات واقعية لتعزيز كفاءة واستدامة الهيئة
1) بناء أنظمة رقابة واستثمارية مؤسسية مستقلة : تشكيل لجنة استثمارية مستقلة داخل الهيئة بتمثيل من الجهات الرقابية والمجتمع المدني، تكون مسؤولة عن الموافقة وتسعير العقود الاستثمارية، ومراقبة تنفيذها.
2) ربط التمويل بنتائج الأداء : كما في النماذج المتقدمة، يجب أن تُربط المنح الحكومية والتعاقدات مع شركات التأمين بشرط تقديم تقارير واضحة عن الأداء والتحقق الخارجي.
3) التحوّل الرقمي الكامل وتوحيد البيانات : تسريع نظام البطاقة البيومترية وربطها إلكترونيًا مع المستشفيات وشبكة الصيدليات، لضمان الشفافية وسد الثغرات الممكنة في التلاعب بالبيانات.
4) إشراك المجتمع المدني والشفافية المفتوحة : نشر تقارير دورية عن الانضمام والاستبعاد والتكاليف المالية، مع إطلاق منصة إلكترونية لمتابعة تقارير الأداء والشكاوى، وتفعيل الدور الرقابي لهيئة النزاهة.
5) تنويع مصادر التمويل بعقود استثمارية آمنة : مشاريع استثمارية تحقق عائدًا ثابتًا ويعاد ضخه في توفير خدمات صحية، كإقامة وحدات طبية استثمارية أو تعاون مع القطاع الخاص بشروط واضحة وموثّقة.
6) التدقيق الداخلي والخارجي : تعاقد سنوي مع شركات تدقيق مستقلة لإعداد تقارير مالية وفنية عن استخدام الأموال وصحة التنفيذ، مع إمكانية إحالة أي شبهة فساد لهيئة النزاهة.
ولكون هيئة الضمان الصحي العراقية بدأت تتحرك نحو تطبيق قانون الضمان الصحي وتوسيع خدماتها بشكل ملموس، لكنها لا تزال في مرحلة بناء الثقة والمؤسسات. لضمان أن تصبح هيئة فعالـة ومستدامة، يجب التركيز على:
• حوكمة قوية تدعمها مؤسسات رقابية مستقلة.
• شفافية استثمارية وتحكم مالي صارم.
• تحوّل رقمي شامل لربط الموارد بالخدمة المنجزة.
• إشراك المجتمع المدني في الرصد والمساءلة.
بتطبيق هذه التوصيات، يمكن للهيئة أن تتحول من كيان قيد التأسيس إلى أداة تنموية حقيقية يُعتمد عليها لتقليل عبء الفقر الصحي وتحسين جودة الحياة، مع تأمين الأموال من مخاطر الهدر والفساد.
رابط الخبر : facebook.com+6kalimaiq.net+6moh.gov.iq+6
#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟