أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عامر عبد رسن - فوضى المعلومة في العراق: من يحمي الحقيقة في زمن الشائعات؟














المزيد.....

فوضى المعلومة في العراق: من يحمي الحقيقة في زمن الشائعات؟


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 00:31
المحور: الصحافة والاعلام
    


تآكل الثقة في المؤسسات التقليدية : لم يكن الجدل الذي صاحب انتحار الشابة بان حدثًا عابرًا، بل كشف عن خلل عميق في منظومة الثقة داخل العراق. فالقضاء قال كلمته الفصل، لكن الفضاء الرقمي ظلّ مشتعلاً،
حيث تحوّل الحدث المأساوي إلى مزاد من الاتهامات والمهاترات، تتلاشى أمامه حرمة الفقيدة وألم ذويها.
هذا المشهد يعكس ما تعيشه مجتمعاتنا من تراجع في الثقة بالمؤسسات التقليدية – القضاء، الإعلام الرسمي، وحتى التعليم الجامعي – مقابل صعود مؤثرين وأصوات فردية على منصات التواصل الاجتماعي.
كما هو الحال في الغرب، باتت شرائح واسعة من العراقيين تستمد أخبارها ومواقفها من “فيسبوك”، “تيك توك”، و”يوتيوب” أكثر مما تفعل من الصحف أو الفضائيات.
منصات التواصل: سرعة الانتشار لا مصداقية الخبر : المعضلة أن هذه المنصات تكافئ سرعة النشر لا دقته. بضغطة زر يمكن أن تتحول مأساة إنسانية إلى مادة للترند، أو تُضخَّم نظرية مؤامرة بلا أساس،
أو يُنسج حول ضحية بريئة روايات متناقضة تُضاعف من آلام العائلة.
في حادثة بان، لم يكن السؤال الأساسي:
“ما الذي جرى؟”،
بل “من يملك الحق في صناعة الرواية؟”.
و هذا أخطر ما في الظاهرة؛
إذ تحوّلت المعلومة إلى ملكية جماعية تُشكّلها الشائعات والآراء الفورية أكثر مما تُبنى على تحقيق أو مستند.
أصوات تبحث عن الحقيقة : مع ذلك، لا يمكن اختزال الفضاء الرقمي في الأكاذيب فقط. فملايين من العراقيين، خصوصًا من الجيل الجديد، يبحثون بصدق عن الحقيقة، ويطرحون السؤال البسيط نفسه:
“هل هذا صحيح؟”.
وهنا تبرز الحاجة إلى أصوات مهنية ومستقلة – صحافيين، باحثين، حقوقيين – يعملون كـ “مبدعين مستندين إلى الأدلة”، يواجهون طوفان التضليل بهوسٍ بالحقائق والتفاصيل الدقيقة.
مأزق المبدعين المستقلين في العراق : غير أن هؤلاء الملتزمين بالمصداقية يواجهون تحديات قاسية. فالإعلام المستقل ضعيف التمويل، والحماية القانونية شبه معدومة، والمنصات تُكافئ المحتوى المثير أكثر من الخبر الرصين.
إن إنتاج مادة موثوقة يتطلب وقتًا وجهدًا مضاعفين، في حين أن بث إشاعة يحتاج دقائق. هذه الفجوة جعلت الكثير من الأصوات الجادة تعمل في عزلة، بينما يسيطر على المشهد محتوى سطحي أو موجّه سياسياً.
الحاجة إلى ابتكار بنية إعلامية جديدة : إن الوضع الراهن يضع العراق أمام لحظة مفصلية: إما أن يستسلم لفوضى المعلومات، أو يبني نموذجًا جديدًا يعيد التوازن. المطلوب ليس العودة إلى الوراء أو إحياء الإعلام الرسمي البيروقراطي،
بل ابتكار منظومة حديثة تُعيد الاعتبار للمعلومة الموثوقة.
يمكن التفكير في:
• إنشاء نظام اعتماد مهني مستقل يمنح “شهادة نزاهة إعلامية” للمؤثرين والصحافيين الملتزمين بالدقة.
• دعم جماعي للمبدعين المستندين إلى الأدلة، عبر شبكات مهنية توفر الحماية القانونية، وأدوات نمو الجمهور، ورعاة يقدّرون المحتوى الرصين.
• شراكات ذكية بين الإعلام التقليدي والمستقل، بحيث لا ينظر كل طرف للآخر كمنافس، بل كجزء من نسيج واحد قادر على مواجهة زيف العصر الرقمي.
الدرس من مأساة بان : القضية لم تكن مجرد حادث فردي، بل مرآة لأزمة أعمق: أزمة الثقة في المعلومة. فالقضاء حَسَم، لكن الرأي العام لم يَهدأ، لأن المنصات خلقت سرديات متوازية تُغذّي العاطفة أكثر من احترام الحقيقة.
من هنا، يصبح واجب الدولة والمجتمع معًا بناء “ثقافة معيارية” تُحترم فيها المآسي الإنسانية ولا تُستباح كسلعة إعلامية، ويُعاد فيها الاعتبار إلى الحقيقة كقيمة عليا، لا كترند عابر.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الممارسات التقليدية إلى الثورة المالية: إصلاح القطاع المص ...
- الاقتصاد قبل المدفع: كيف تهدد ضغوط الأسواق الإسرائيلية مشروع ...
- الكهرباء في العراق: وفرة الموارد وغياب الإنجاز
- من الفلاح إلى المتقاعد: استدعاء الفئات الشعبية قبل الاقتراع ...
- بين مذكرة التفاهم ورهانات المستقبل: العراق في معادلات الأمن ...
- التضخم السلبي في الاقتصاد العراقي: تحسّن مؤقت أم نذير ركود؟
- من بغداد إلى بورصات العالم: قراءة في زيارة -Asia Frontier Ca ...
- إدارة الإدراك وصناعة الإرباك: استراتيجيات الحرب النفسية الأم ...
- التمويل المستدام: فرصة استراتيجية للاقتصاد العراقي في مواجهة ...
- سباق الممرات الإقليمية: بين جنون الجغرافيا وفرصة العراق الأخ ...
- شبكة الضمان الصحي العراقي: بين توسعة الخدمات واستدامة التموي ...
- بعد إلغاء أنقرة لاتفاقية أنبوب النفط: هل يعيد العراق رسم خرا ...
- صواريخ THAAD تحت المجهر هل تكشف CNN عن نقطة ضعف ؟ أم خطة خدا ...
- سانت ليغو المعدَّل 1.7: برلمان مكلف واقتصاد بلا إصلاح – نحو ...
- السياحة في العراق: رافعة اقتصادية استراتيجية وكنز تنموي متنو ...
- إيران تغيّر خطابها في العراق: لحظة اختبار لسيادة الدولة أم ت ...
- المخدرات في العراق: أزمة تتسارع بتأثير اقتصادي مدمر وجهود عل ...
- العقوبات الأمريكية على شبكة شمخاني: قراءة عراقية في التأثيرا ...
- تراجع الفقر متعدد الأبعاد في العراق: قراءة تحليلية في نتائج ...
- من غزة إلى الضفة: رهانات نتنياهو ومآلات السلطة الفلسطينية وس ...


المزيد.....




- مظاهرة حاشدة في طنجة المغربية رفضا لتجويع سكان غزة
- تيغراي وإثيوبيا وإريتريا.. طبول حرب جديدة في البحر الأحمر
- نيجيريا تعلن قتل 35 مسلحا قرب الحدود مع الكاميرون
- لماذا تخاف أوروبا من ترامب وبوتين؟
- واشنطن تمنع كييف من استخدام الصواريخ الأميركية ضد روسيا
- زعيم كوريا الشمالية يشرف على إطلاق صواريخ دفاع جوي جديدة
- عون يعلق على تقارير -المنطقة العازلة- جنوبي لبنان
- إسرائيل تقول إن صاروخا أطلق من اليمن -تفتت في الجو-
- وزارة العدل الأميركية تنشر محاضر وتسجيلات مقابلة مع شريكة إب ...
- اجتماع بين وزيري خارجية أميركا وكوريا الجنوبية قبل قمة بين ا ...


المزيد.....

- مكونات الاتصال والتحول الرقمي / الدكتور سلطان عدوان
- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - عامر عبد رسن - فوضى المعلومة في العراق: من يحمي الحقيقة في زمن الشائعات؟