أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الأسطل - ترامب وطموحاته الخيالية















المزيد.....

ترامب وطموحاته الخيالية


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 16:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بينما تواصل روسيا قصف أوكرانيا، يُلوّح الرئيس دونالد ترامب بالعقوبات والرسوم الجمركية، مُكررا تأجيل القيام بها، لدرجة أن أحدا - ولا سيما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - لم يعد يأخذها على محمل الجد.

لم يفعل دونالد ترامب شيئا يُذكر، إن وُجد، للدفع بمفاوضات حقيقية تهدف إلى حل القضايا الرئيسية الأخرى التي تفاخر بحلها في غضون أيام، أو حتى ساعات من توليه منصبه: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، وإنهاء حقيقي للبرنامج النووي الإيراني.

كما أشار ستيف ويتكوف، الصديق القديم لترامب، الذي عيّنه الأخير كبير مفاوضيه بشأن روسيا وأوكرانيا والشرق الأوسط، في مقابلة أجراها معه الكاتب تاكر كارلسون في مارس/آذار: "لقد قللتُ من شأن تعقيدات هذه الوظيفة، هذا أمرٌ مؤكد. أعتقد أنني كنتُ مثاليا بعض الشيء في نظرتي. ظننتُ أنني سأمتطي حصاني الأبيض الجميل. لكن لا، لم يكن الأمر كذلك على الإطلاق، كما تعلمون".

وصل دونالد ترامب مدججا بنفس هذا النوع من الطموحات الخيالية، كما يتضح من ثقته الغامرة بأن مهاراته التفاوضية المزعومة يمكن أن تنجح حيث فشل أسلافه، وقناعته الراسخة بأن شخصا مثل ستيف ويتكوف، عديم الخبرة في العلاقات الدولية، يمكنه أيضا التفوق على الدبلوماسيين المخضرمين.

لقد صرّح شاغل البيت الأبيض الحالي مرارا وتكرارا بأنه لو كان رئيسا خلال فترة جو بايدن، لما غزا فلاديمير بوتين أوكرانيا ولما هاجمت حماس إسرائيل في 7 أكتوبر 2023. لم يُفصّل أبدا نظريته، ولكن هذا بلا شك لأنه يعتقد أن الرئيس الروسي كان سيحترمه كثيرا وأن قادة حماس كانوا سيخشونه كثيرا لدرجة أنهم لن يجرؤوا على الانخراط في مثل هذا الفعل.

ومع ذلك، بعد مرور أشهر على ولاية دونالد ترامب الثانية، لا يبدو أن فلاديمير بوتين ولا قادة حماس معجبون أو متأثرون على الإطلاق بسلوكه، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتظاهر بذلك فقط. ما تزال الحروب في أوكرانيا وقطاع غزة مستعرة، كما كانت من قبل. علاوة على ذلك، وعلى الرغم من الأضرار التي لحقت بالمواقع النووية الإيرانية بسبب الضربات الجوية والصاروخية الأميركية والإسرائيلية، فقد رفض قادة طهران المطالب الأميركية بوقف جميع عمليات تخصيب اليورانيوم.

أوهام دونالد ترامب وخيبة أمله بشأن روسيا تُحيّر الجميع. يبدو أن الرئيس الأميركي أدرك أخيرا أن فلاديمير بوتين وحشٌ لا مصلحة له في إنهاء حربه ضد أوكرانيا. تذمّر دونالد ترامب في نهاية مايو/أيار قائلا: "لا أعرف حقا ما حدث لبوتين"، قبل أن يضيف في منتصف يوليو/تموز: "بوتين يتحدث بلطف ثم يقصف الجميع في نفس الليلة".

ومع ذلك، وفي مواجهة خيانة الرئيس الروسي القاتلة، ما يزال نظيره الأميركي ثابتا على موقفه. لقد رفع تجميدا لشحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، لكنه لم يفعل شيئا لتسريعها أو تحسينها. وما يزال يُطلق على الصراع اسم "حرب جو بايدن"، مُضيفا أنه لا يريد "الوقوع في وسطها".

حتى لو فرض عقوبات أو تعريفات جمركية جديدة، فمن المستبعد جدا أن تؤثر على سلوك بوتين في أوكرانيا أو أي مكان آخر. تُكثّف الولايات المتحدة والغرب العقوبات على قطاعات مختلفة من الاقتصاد الروسي منذ ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014، لكن هذا لم يمنع روسيا من إيجاد سبل لتصدير نفطها واستيراد العديد من المنتجات خارج نطاق نظام التعاملات بالدولار الأميركي. وكما صرّح المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف (بدقة بالغة)، في بيان صحفي بتاريخ 30 يوليو/تموز، فإن روسيا "اكتسبت مناعة معينة" ضد هذه الإجراءات.

فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، استوردت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 3 مليارات دولار فقط من روسيا في عام 2024، وهو ما يمثل أقل من 0.1% من البضائع التي تستوردها الولايات المتحدة من بقية العالم والبالغة قيمتها 3.2 تريليون دولار. بمعنى آخر، ليس هناك الكثير مما يجب فرض ضرائب عليه. هدد دونالد ترامب بفرض "رسوم جمركية ثانوية"، قد تصل إلى 100%، على جميع الدول التي تتعامل تجاريا مع روسيا. ولكن هل سيضاعف حقا أسعار السلع التي تستوردها الولايات المتحدة، على سبيل المثال، من أكبر مصادر التجارة لروسيا، وهي الصين (التي تستورد منها الولايات المتحدة منتجات وخدمات بقيمة 439 مليار دولار) والهند (87 مليار دولار)؟ أشك في هذا.

ثلاث عقبات تعترض مساعي دونالد ترامب العقيمة لتحقيق طموحاته. أولا، لا يدري أنه لا يدري. في عام 1987، نشر كتابا بعنوان "ترامب: فن الصفقة"، أشار فيه إلى إيمانه الراسخ بأن جميع الصفقات متساوية. فالتفاوض مع قوى عالمية أخرى، أو التعامل مع إدارة المباني في مدينة نيويورك، أو تقديم عروض سخيفة لمقاولي البناء، في نظره شيء واحد!

ثانيا، لأنه لا يدري أنه لا يدري، يحاول حل الأزمات بإرسال أصدقائه الموثوق بهم، مثل ستيف ويتكوف، إلى ساحة المعركة، وهم لا يعرفون إلا القليل - إن وجد - عن الأطراف التي يتفاوضون معها أو النزاعات التي يُفترض أن يحلوها. معروف عن ترامب نفوره من الخبراء، وقد أعلن أنه يعرف أكثر منهم في العديد من المواضيع. ليس هذا وهما فحسب، بل هذا وهم خطير جدا. وهذا أيضا إهدار للقوة والنفوذ اللذين ما تزال الولايات المتحدة قادرة على ممارستهما، إلى حد ما، لو كان في السلطة دبلوماسيون يعرفون ما يفعلونه.

ثالثا، يميل ترامب إلى اعتبار كل صراع، وكل معاملة، وحتى كل اجتماع، حدثًا معزولًا. فهو لا يمتلك أي مفهوم للاستراتيجية العالمية أو الإقليمية، أو لكيفية ترابط القضايا. على سبيل المثال، يُريد من أوروبا إنفاق المزيد من الأموال على الدفاع. لكنه في الوقت نفسه، يفرض رسوما جمركية بنسبة 15% على جميع المنتجات التي تُصدرها دول الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، مما سيُضعف، على المدى البعيد، اقتصادات جانبي المحيط الأطلسي.

وقد ألحق ضررا مماثلا بالتوقعات الاقتصادية لليابان وكوريا الجنوبية، دون مراعاة المساعدة التي قد تُقدمانها لمواجهة العدوان الصيني. وهو يُحاول التقرب من العائلة المالكة السعودية، مُتجاهلًا أنها لا تستطيع إبرام صفقة كبرى مع إسرائيل حتى تُوقف إسرائيل عدوانها على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية - وهي منطقة لدونالد ترامب نفوذ فيها، نظرا لعلاقاته الوثيقة مع بنيامين نتنياهو. ومع ذلك، حتى بعد إدراكه أن احتلال إسرائيل لقطاع غزة يُسبب مجاعة، لا يفعل دونالد ترامب شيئًا للضغط من أجل وقف إطلاق النار.

ليس فشل الرئيس الأميركي في إنهاء الحروب ذنبه وحده، فقد تمتّع ممثلو العصر الذهبي للدبلوماسية الأميركية في العقد الذي تلا الحرب العالمية الثانية - أشخاص مثل جورج إف. كينان وجورج مارشال - بمزايا هائلة جعلت استعراض القوة ممكنا، بل سهلا: احتكار نووي، وثراء ونمو صناعي بفضل الحرب، ومنافسون محتملون تم تحييدهم - بعضهم دُفن تحت الأنقاض - بسبب تلك الحرب نفسها. حتى هؤلاء الخبراء الدبلوماسيون كانوا سيجدون صعوبة في صياغة استراتيجيات بارعة واغتنام الفرص المناسبة في الوقت المناسب في عالمٍ يشهد انهيار تكتلات القوى العظمى، وتغير الحدود، وميليشيات مسلحة جيدا، وتراجعا مستمرا في القيم والولاءات.

إن المشاكل التي ظنّ دونالد ترامب أنه قادر على حلها بسهولة - الحرب بين روسيا وأوكرانيا، والحرب بين إسرائيل وحماس، والطموحات النووية الإيرانية - صعبة للغاية لأن أهداف أطرافها متضاربة. يطالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي القوات الروسية بمغادرة المناطق التي تحتلها في بلاده، ويدعو إلى وقف إطلاق النار قبل أي مفاوضات. من ناحية أخرى، ينكر فلاديمير بوتين وجود أوكرانيا، التي يعتبرها جزءا من روسيا، ولن يقبل بوقف إطلاق النار حتى تُحل الخلافات السياسية بين الجانبين. وهذا يعني، من بين أمور أخرى، نزع سلاح أوكرانيا، وفي كل الأحوال، استسلامها.

دعت إسرائيل - كما يعلم الجميع - إلى وقف إطلاق نار، تُفرج خلاله حماس عن الرهائن الذين اختطفتهم في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. لكن الدولة اليهودية تطالب بحق استئناف الحرب، بهدف تدمير حماس تماما، بمجرد إطلاق سراح الرهائن. ولكن حماس ترفض وقف القتال أو إطلاق سراح المزيد من الرهائن حتى توافق إسرائيل على جعل وقف إطلاق النار دائما وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.

يقول دونالد ترامب إنه يريد استئناف المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي "أفضل" من الاتفاق الذي توصل إليه الرئيس باراك أوباما وقادة خمس دول أخرى عام 2015، وهو الاتفاق الذي ألغاه عام 2018، خلال ولايته الأولى. لكنه يطالب إيران بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم.

ما دام جميع المتقاتلين والمفاوضين متمسكين بمواقفهم ويرفضون النظر في أي تسوية - وما دامت القوى الخارجية غير راغبة أو غير قادرة على الضغط على حلفائها - فإن هذه الصراعات ستستمر. يمكن لدونالد ترامب أن يتخيل، بقدر ما يتمنى، أن قادة دول العالم يخافونه ويحترمونه. ولكن، حتى لو كان ذلك صحيحا، ففي العالم وفي ظل المواجهات الحالية، لن تتغلب السياسة الشخصية أبدا على المصالح الحيوية.



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية البرية الجديدة.. ديان كوك
- أساليب الدكتاتوريات المتلاعبة في ممارستها للسلطة
- رواية وكل الحياة أمامنا.. أوليفييه آدم
- رواية الليل في القلب.. ناتاشا أباناه
- من قناعاتي
- رواية ظلال العالم.. ميشيل بوسي
- رواية برج الجرس.. آر جي إيلوري
- روايتي ذاكرة شمبانيا
- رواية أولئك الذين ظننا أننا نعرفهم.. ديفيد جوي
- رواية ذات مرة كان هناك ذئاب
- رواية مكان خاطئ، زمان خاطئ.. جيليان ماكاليستر
- آسيا الوسطى، المركز العصبي الخفي والحيوي للجغرافيا السياسية ...
- رواية العندليب.. كريستين هانا
- رواية بابيت.. سنكلير لويس
- رواية حوريات البحر.. إيميليا هارت
- نادي المهن الغريبة.. غلبرت كيث تشيسترتون
- رواية قتلي.. كاتي ويليامز
- مشروع إنشاء جيش أوروبي مشترك
- احتمالية حرب نووية في أوروبا
- رواية منفاخ الزمن.. كريستينا كابوني


المزيد.....




- فيديو متداول لـ-هجوم حركة الشباب في الصومال على قاعدة أمريكي ...
- بلباو تنتفض: 2000 متظاهر يقرعون الأواني احتجاجًا على ما وصفو ...
- 88 شركة بريد توقف خدماتها مع الولايات المتحدة بسبب الرسوم ال ...
- وسط اتهامات بالفساد.. مصابون بانهيار جسر قيد الإنشاء في كربل ...
- تظاهرات حاشدة في واشنطن ضد نشر ترامب الحرس الوطني
- احتجاجات بماليزيا ضد زيارة ترامب بسبب -دعمه- الإبادة بغزة
- -منشفة تتحول إلى ذريعة-.. تحقيق يُشكّك في رواية إسرائيل بشأن ...
- تبون يدعو إلى خط مباشر مع نجامينا بعد أول زيارة للرئيس التشا ...
- أبعاد بيان الحكومة اللبنانية بشأن خطة حصر السلاح
- طلاب الثانوية العامة بغزة يصطدمون بتأجيل أولى امتحاناتهم وال ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - وليد الأسطل - ترامب وطموحاته الخيالية