أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - رواية العندليب.. كريستين هانا














المزيد.....

رواية العندليب.. كريستين هانا


وليد الأسطل

الحوار المتمدن-العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


بعد رواية "النساء" التي تدور أحداثها في فيتنام، واصلت استكشافي لأعمال كريستين هانا مع رواية "العندليب" The Nightingale. هذه الرواية مستوحاة من القصة الحقيقية لأندريه دي جونغ، الذي ساعد طياري الحلفاء على عبور جبال البرانس. نحن إذا في زمن الحرب العالمية الثانية، وتبدأ أحداث الرواية عام 1939. ومثل رواية "النساء"، تُسلّط رواية "العندليب" الضوء على التزام النساء خلال النزاعات المسلحة. تضع كريستين هانا النساء في سياق تاريخي لتكريم ذكراهن، وإنصافهن، ومنع نسيانهن.

تبدأ أحداث "العندليب" في كاريفو بمنطقة لوار. فيان مورياك، المتزوجة من أنطوان، تعمل مُعلمة. أمٌّ لطفلة صغيرة تُدعى صوفي، تعيش حياة هادئة، مُتبعةً إيقاع الفصول. عندما استُدعي زوجها للخدمة العسكرية عام 1939، انهار عالمها تماما: لم تكن تُؤمن بالحرب، فماذا عسى زوجها، الذي يعمل ساعي بريد، أن يفعل حيال ذلك؟

شقيقة فيان الصغرى، إيزابيل، هي نقيضها تماما. طُردت من عدة مدارس تُعلّم "حُسن الخُلُق"، وهي ابنة عصرها. بعد أن تخلى عنها والدها، لم تعد إيزابيل تعتمد إلا على نفسها. تُمثّل الحرب فرصة لها للالتزام بقضية، والوقوف في وجه الظلم، وإعطاء معنى لحياتها.

هذه الرواية لوحة جدارية للحرب العالمية الثانية، ذكّرتني كثيرا بالمسلسل الفرنسي الرائع "قرية فرنسية". تستكشف الرواية ندوب التاريخ من منظور النساء، وتُظهر مدى مساهمتهن -كلٌّ على طريقتها- في المجهود الحربي. يتضح من خلال هاتين المرأتين أن الشجاعة تُقاس بطرق مختلفة، فإحداهما تتسم بالصبر والقدرة على الصمود، والأخرى بالمشاركة العملية في الحرب...

كما في رواية "النساء"، تُرى الحرب هنا من خلال عيون النساء. ولتوضيح السياق بعض الشيء: تجد فيان نفسها مع ضابط ألماني مقيم في منزلها. يحدث هذا رغما عنها. ولحماية ابنتها، تبدو متواطئة مع النازيين. أما إيزابيل، فتنضم سريعا إلى المقاومة لتصبح مُهرّبة إلى جبال البرانس. لم تُثنِها قسوة مهماتها عن القيام بما تؤمن به؛ بل على العكس، واجهت الخطر بشجاعة وثبات.

تروي رواية "العندليب" قصة ما وراء كواليس الحرب: مصادرة المنازل والطوابير أمام المتاجر. في القواعد الخلفية، حاربت النساء وقاومن.

يكشف البناء الصوتي المزدوج عن وجهين لعملة واحدة. ترسم تأملات فيان وأفعال إيزابيل لوحةً حميمةً في قلب الحرب. وهكذا، ينغمس القارئ في عالمين متناقضين تماما. أحداث تاريخية كبرى، مثل وصول القوات الألمانية، واستسلام بيتان، وقمع اليهود، ومعسكرات العمل والإبادة، وأعمال التعاون، تتيح لنا تتبع تسلسل زمني معين. إن المزج الماهر بين الحدثين هو ما يسمح للمشاعر بالظهور. تلتقط كريستين هانا بدقة متناهية الرعب والشعور بالذنب والحب والعزلة والشجاعة. يبقى القارئ عالقا في هذا الخيط حتى لو كان على دراية بالمراحل التاريخية الرئيسية.

تُظهر رواية "العندليب" بوضوح تباين أفعال فيان وإيزابيل (خاصة في بداية الرواية). ماذا عليك أن تختار، العيش أو المقاومة؟ الأولى أم، وبالتالي حذرة، تدفعها غريزتها إلى حماية ابنتها. من ناحية أخرى، الثانية متهورة ومتمردة وترفض الخضوع. في وقت مبكر جدا، تختار الفعل والالتزام. ما تعريف البطولة؟

اختارت كريستين هانا أسلوبا سرديا استعاديا. تبدأ رواية "العندليب" بامرأة تستعد للانتقال للعيش في بيت جديد، في تسعينيات القرن الماضي. تجد في العلية تذكارات قديمة ترغب في أخذها معها. وهكذا، تستعيد ماضيها. هذا الغوص في ذكرياتها يعيدنا إلى عام 1939. يشعر القارئ بأنه في حضرة إحدى الأختين، لكنه لا يعرف أيهما. أعتقد أن هذا البناء عزز اهتمامي بالقصة بشكل كبير، وجعلني أنجرف في أحداثها.

تأثرت كثيرا بهذا النص، الذي من المقرر أن تقوم المخرجة الفرنسية ميلاني لوران بتكييفه للسينما لعرضه في عام 2027. يستحق دور المرأة خلال الحروب المختلفة أن يتم تسليط الضوء عليه. تعيد كريستين هانا إلى النساء مكانهن في التاريخ.

من الرواية: "يروي الرجال القصص، أما النساء فيواصلن التقدم. بالنسبة لنا، كانت حربًا في الظل. لم ينظموا لنا استعراضا عسكريا بعد انتهائها، ولا ميداليات، ولا ذكر لنا في كتب التاريخ. فعلنا ما كان علينا فعله خلال الحرب، وعندما انتهت، لملمنا شتات أنفسنا وبدأنا حياتنا من جديد". (انتهى)

على مر التاريخ، كانت أجساد النساء سلاحا لا يُقهر في كل صراع، وحتى اليوم، لا تزال مستهدفة. ومع ذلك، فقد كنّ أيضا لاعبات رئيسيات، يدافعن عن أفكارهن ومُثُلهن، مدفوعات برغبة في العدالة والحب والشجاعة. لم ينتظرن فحسب؛ بل تصرفن، وأنقذن، وقاومن، كل ذلك بينما يدفعن ثمن الصمت الطويل.

من الرواية: "إذا تعلمتُ شيئا واحدا في حياتي الطويلة، فهو هذا: في الحب نكتشف من نريد أن نكون، وفي الحرب نكتشف من نكون". (انتهى)

نهاية هذه الرواية مفجعة. يندر أن شعرتُ بمثل هذا الشعور عند إغلاق رواية. "العندليب" واحدة من تلك الملاحم التاريخية العظيمة التي تُحرك مشاعرنا، وتُبكينا، وتُعيدنا إلى التأمل. إنها تُسهم في واجب التذكر. أما بالنسبة للعنوان، فهو يُلخص القصة تماما، ذلك أن للعندليب رمزية، إنه يرمز في بعض الثقافات إلى فصل الربيع، إلى الحب، إلى الأمل. وبالتالي إلى الاستمرار. وهذا يذكرني بجملة وينستون تشرشل:" لا تكف عن التقدم ولو كنت في الجحيم".



#وليد_الأسطل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية بابيت.. سنكلير لويس
- رواية حوريات البحر.. إيميليا هارت
- نادي المهن الغريبة.. غلبرت كيث تشيسترتون
- رواية قتلي.. كاتي ويليامز
- مشروع إنشاء جيش أوروبي مشترك
- احتمالية حرب نووية في أوروبا
- رواية منفاخ الزمن.. كريستينا كابوني
- رواية دم واحد.. دينين ميلنر
- ومات ماريو بارغاس يوسا
- رواية كتاب الأبواب.. غاريث براون
- تأثير دانينغ-كروجر.. ترامب مثالا
- جاك لندن.. تصحيح حُكْم
- رواية كرنفال أشباح.. روجر جون إلوري
- رواية الطوفان.. ستيفن ماركلي
- اكتشافات الكلية.. فريدريك جيمسون
- دول البلطيق والخطر الروسي
- رواية ستالينغراد.. فاسيلي غروسمان
- رواية نلتقي في أغسطس.. غابرييل غارسيا ماركيز
- دونالد ترامب وتقليده السيء لنيكسون
- أحلى من التفاؤل مفيش


المزيد.....




- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...
- الكشف رسميًا عن سبب وفاة الممثل جوليان مكماهون
- أفريقيا تُعزّز حضورها في قائمة التراث العالمي بموقعين جديدين ...
- 75 مجلدا من يافا إلى عمان.. إعادة نشر أرشيف -جريدة فلسطين- ا ...
- قوى الرعب لجوليا كريستيفا.. الأدب السردي على أريكة التحليل ا ...
- نتنياهو يتوقع صفقة قريبة لوقف الحرب في غزة وسط ضغوط في الائت ...
- بعد زلة لسانه حول اللغة الرسمية.. ليبيريا ترد على ترامب: ما ...
- الروائية السودانية ليلى أبو العلا تفوز بجائزة -بن بينتر- الب ...
- مليون مبروك على النجاح .. اعتماد نتيجة الدبلومات الفنية 2025 ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليد الأسطل - رواية العندليب.. كريستين هانا