أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن زهري - جيل ألفا: جيل المستقبل الذي سيحمل عبء شيخوخة العالم














المزيد.....

جيل ألفا: جيل المستقبل الذي سيحمل عبء شيخوخة العالم


أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة


الحوار المتمدن-العدد: 8446 - 2025 / 8 / 26 - 13:31
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


منذ سنوات قليلة فقط بدأ يتردد في الكتابات الغربية والعربية على السواء مصطلح جديد هو جيل ألفا. وإذا كان جيل “زد” قد استحوذ على الاهتمام في العقدين الماضيين بوصفه جيل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن جيل ألفا يأتي اليوم ليكون أول جيل يولد بالكامل في عالم رقمي متصل، عالم الذكاء الاصطناعي، الواقع الافتراضي، والروبوتات المنزلية. لكن ما يجعل جيل ألفا أكثر أهمية ليس مجرد انغماسه في التكنولوجيا، بل موقعه الفريد في المعادلة الديموغرافية العالمية: إنه الجيل الذي سيجد نفسه في منتصف القرن الحالي مضطراً لتحمل عبء شيخوخة العالم.

من هم أبناء جيل ألفا؟
يطلق هذا المصطلح على الأطفال الذين وُلدوا منذ عام 2010 تقريباً، ومن المنتظر أن يستمر حتى منتصف الثلاثينيات من هذا القرن، أي أن أصغر أفراده اليوم لا يزال في مراحله الأولى من التعليم، فيما سيبلغ أكبرهم العشرينات خلال سنوات قليلة. التقديرات تشير إلى أن عددهم قد يتجاوز ملياري نسمة بحلول عام 2030، ليصبحوا بذلك أكبر جيل في التاريخ من حيث العدد المطلق.

هؤلاء الأطفال لا يعرفون عالماً بدون هواتف ذكية أو شاشات تفاعلية. ألعابهم الأولى مرتبطة بالتطبيقات، ودروسهم التعليمية تتم عبر منصات رقمية، وهوياتهم تتشكل في فضاء يتخطى الحدود الوطنية. إنهم، باختصار، أبناء التكنولوجيا.

الشيخوخة العالمية: التحدي الأكبر
لكن خلف هذا البريق التكنولوجي، هناك واقع سكاني صلب: العالم يتقدم في العمر بسرعة غير مسبوقة، فوفق تقارير الأمم المتحدة، سترتفع نسبة من هم فوق الخامسة والستين من حوالي 10% اليوم إلى ما يقارب 16% بحلول عام 2050. أي أننا سنتحول من عالم يضم مسناً واحداً بين كل عشرة أشخاص، إلى عالم يضم مسناً بين كل ستة أشخاص فقط.

هنا يتجلى الدور التاريخي لجيل ألفا، فبينما سيدخل هذا الجيل سوق العمل ويبلغ ذروة قوته الإنتاجية خلال منتصف القرن، ستكون أعداد المسنين قد تضاعفت، وسيتوجب على أبنائه تمويل نظم التقاعد، وتحمل تكاليف الرعاية الصحية، وضمان استمرارية اقتصادات قد يثقلها عبء الشيخوخة.

عبء الإعالة بين جيلين
تقليدياً، اعتادت الأجيال أن تتحمل مسؤولية إعالة جيل واحد فقط: إما الآباء المتقدمين في العمر أو الأبناء الصغار. أما جيل ألفا فسوف يجد نفسه مضطراً لإعالة جيلين في آن واحد: الآباء والأجداد من جهة، وأبناؤه من جهة أخرى. هذا الضغط المزدوج قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في أنماط العمل والادخار والاستهلاك، كما قد يعيد تشكيل منظومة القيم الأسرية والاجتماعية.

اقتصاد جديد وتحديات غير مسبوقة
من المتوقع أن يعمل جيل ألفا في اقتصاد مختلف تماماً عن اقتصاد اليوم. الذكاء الاصطناعي والأتمتة قد تلغي ملايين الوظائف التقليدية، لكنها في الوقت ذاته ستخلق وظائفاً جديدة تحتاج إلى مهارات مرنة ومتجددة. السؤال هنا: هل سيكون هذا الجيل قادراً على تحمّل مسؤولية الشيخوخة في ظل سوق عمل هش ومتغير؟

التجارب السابقة مع جيل الألفية وجيل زد تظهر أن التكنولوجيا تزيد من الفوارق الطبقية، إذ يحقق من يجيدون استخدامها قفزات في الدخل والفرص، بينما يتخلف الآخرون، وإذا لم يتم تصميم سياسات عادلة وشاملة، فقد يجد جزء من جيل ألفا نفسه محاصراً بعبء إعالة متزايد بدون الأدوات اللازمة للتعامل معه.

البعد الثقافي والاجتماعي
لا يمكن النظر إلى جيل ألفا فقط من زاوية الأرقام. فهذا الجيل يتشكل أيضاً في سياق ثقافي مغاير. أبناؤه أكثر انفتاحاً على التنوع، وأكثر وعياً بالقضايا البيئية والمناخية، وأقل ارتباطاً بالهويات التقليدية. هذه السمات قد تمنحهم القدرة على ابتكار حلول غير مألوفة لأزمة الشيخوخة، مثل أنماط جديدة من التضامن الاجتماعي، أو أشكال من العمل التطوعي مع كبار السن، أو حتى ابتكار تقنيات لتقليل تكاليف الرعاية الصحية.

العقد الاجتماعي الجديد
المعادلة الديموغرافية المقبلة ستفرض عقداً اجتماعياً جديداً بين الأجيال. فالمسنون سيحتاجون إلى دعم أكبر، بينما سيطالب الشباب بفرص عمل واستقرار اقتصادي. جيل ألفا سيكون في القلب من هذا العقد: فهو من سيدفع الضرائب، ويشارك في سوق العمل، ويبتكر الحلول التقنية، ويعيد تعريف العلاقة بين المجتمع والدولة فيما يتعلق بالتقاعد والرعاية الصحية.

خاتمة
جيل ألفا إذن ليس مجرد تسمية عابرة في سجلات الدراسات السكانية. إنه الجيل الذي سيُحدد ملامح النصف الثاني من القرن الحادي والعشرين، سواء بقدراته التكنولوجية أو بثقله الديموغرافي. في العالم كله، سيكون هذا الجيل مطالباً بإيجاد توازن بين عبء الشيخوخة ومتطلبات التنمية.

قد لا يعي أطفال اليوم حجم المسؤولية التي تنتظرهم، لكن المؤكد أن السياسات التي تُصاغ اليوم ستحدد مدى قدرتهم على النهوض بهذا العبء في المستقبل. لذلك، فإن التفكير في جيل ألفا ليس ترفاً أكاديمياً، بل هو استشراف للمستقبل القريب، حيث ستتحدد قدرة المجتمعات على مواجهة معضلة الشيخوخة التي تلوح في الأفق.



#أيمن_زهري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الماضي والحاضر: هل يصلح حاضر المجتمعات بما صلح به ماضيها ...
- الذكاء الاصطناعي: أداة قديمة في ثوب جديد
- فقه الفضاء وفقه الفقراء: صراع الأولويات في الفكر الإسلامي ال ...
- التجليات الإجرائية للنص القرآني في المجال العام المصري
- التجليات الإجرائية للنص القرآني في المجال العام المصري
- نهاية النمو؟ ملامح التحول السكاني في القرن الحادي والعشرين
- بمناسبة اليوم العالمي للاجئين: قراءة في تقرير الاتجاهات العا ...
- هل ينجح ترامب في طرد المهاجرين؟
- موسم الرَّد إلى الجنوب
- حكم تارك الصلاة وتطور الحياة بين الثوابت والمتغيرات
- To Migrate´-or-not to Migrate: هل هذا هو السؤال؟
- اللاإنجابية في مصر: قرار فردي أم ظاهرة اجتماعية؟
- الهجرة والتعاون الأوروبي-الأفريقي: بين عملية الخرطوم وعملية ...
- أزمنة التشظّي
- اليوم الدولي للمهاجرين 2024: هل من جديد؟
- مؤتمر القاهرة الدولي للسكان والتنمية 1994 في ذكراه الثلاثين
- عصر الإتاحةِ المدمّرة
- سياحة التقاعد في مصر
- لا تجلدوا محمد حسين يعقوب
- هل زادت الرغبة في الهجرة؟


المزيد.....




- عاصفة غبار شديدة تجتاح مهرجان -الرجل المحترق-.. شاهد ما فعله ...
- ميرز: ألمانيا لن تنضم إلى خطة حلفائها الغربيين للاعتراف بالد ...
- وصية الصحفية -مريم أبو دقة- لابنها الوحيد.. ماذا جاء فيها؟
- أنس حبيب.. احتجاج أمام السفارة المصرية في لندن وتوقيف شخصين ...
- ألمانيا.. حكم على مراهق سوري بسبب مخطط هجوم حفل تايلور سويفت ...
- مقتل عنصرين من الجيش السوري في محيط الكسوة قرب دمشق وسط تحلي ...
- قوات الاحتلال تنسحب من رام الله بعد مداهمات ومواجهات
- بطريركيتا الروم الأرثوذكس واللاتين المقدسيتان تحذّران من تهج ...
- -سيارا-.. الرومانسية تعود إلى بوليود وتكسر هيمنة الأكشن
- دراسة: البيئات التي ينخفض فيها الأكسجين في الهواء تساعد مرضى ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أيمن زهري - جيل ألفا: جيل المستقبل الذي سيحمل عبء شيخوخة العالم