أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ثامر عباس - الحراك السياسي والانزياح الثقافي : قراءة في سيرورات المدى (القصير) والمدى (الطويل)














المزيد.....

الحراك السياسي والانزياح الثقافي : قراءة في سيرورات المدى (القصير) والمدى (الطويل)


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8440 - 2025 / 8 / 20 - 09:26
المحور: قضايا ثقافية
    


الحراك السياسي والانزياح الثقافي : قراءة في سيرورات المدى (القصير) والمدى (الطويل)


من حسنات مدرسة الحوليات الفرنسية ذائعة الصيت ، والتي استحالت لاحقا"الى مسمى آخر يدعى (التاريخ الجديد) على يد ثلة لامعة من مؤرخي تلك المدرسة العتيدة أمثال ؛ فرنان برودويل – تاريخ الحضارات ، وجاك لوغوف - تاريخ القرون الوسطى ، وميشيل فوفيل – تاريخ الأمد الطويل ، وكريزيستوف بوميان - تاريخ البنى ، وأنريه بورغيار - الانثروبولوجيا التاريخية ، وفيليب إرياس – تاريخ الذهنيات ، وجان – ماري بيسار – تاريخ الثقافة المادية ، وجان لاكوتور – التاريخ الآني ، وغي بوا – الماركسية والتاريخ الجديد ، وجان كلود شميت – تاريخ المهمشين ، وإفيلين باتلاجين – تاريخ المتخيل ، وغيرهم . ليس فقط كونها أرخت سدولها على مجالات معرفية كانت غائبة أو مغيبة عن الحقل التاريخي ، بحيث أضحى (التاريخ) بمثابة البؤرة التي تتقاطع داخلها غالبية العلوم الاجتماعية والإنسانية فحسب . وإنما أرست دعائم مقاربة جديدة لا تقتصر فقط على تحليل الظاهرة الاجتماعية المعنية من منظور منهجية واحدة ، بقدر ما تضعها في بؤرة تقاطعات عديد من المنهجيات التي من شأنها (تعرية) الظاهرة المعنية من جميع الأغطية التي تحجب عن الباحث رؤية المصادر الخفية التي تكونت على أساسها ، والكشف عن السياقات المهملة التي تمخضت عنها ، وإماطة اللثام عن المئالات المتوقعة التي ستنتهي إليها .
ولعل من جملة الايجابيات والحسنات التي ابتدعتها هذه المدرسة العريقة في مجال تحليل السيرورات التاريخية المرتبطة بالظواهر الاجتماعية والإنسانية ، هي اعتمادها عملية (التحقيب الافتراضي) لتلك السيرورات ، وذلك بتقسيمها الى مديات زمنية مختلفة من حيث (السياقات) ومتعدد من حيث (الآماد) . بحيث لم تعد قراءة تاريخ الظاهرة المعنية منوطة بفترة زمنية يمكن الاستدلال عليها برقم زمني معين مثل (القرن الرابع عشر أو السادس عشر) ، أو بتوصيف نوعي محدد (قديم – وسيط – حديث) كما كان يجري في المقاربات والقراءات التقليدية السابقة ، وإنما بات التحقيب يتم على أساس ما تشتمل عليه الظاهرة قيد البحث أو الدراسة ذاتها من خصائص فريدة ، فضلا"عن طبيعة ما تقيمه من علاقات ، ومستوى ما يتخللها من تفاعلات مع بقية الظواهر الأخرى . وهو الأمر الذي أفضى الى أعادة النظر والتفكير بالكثير من المفاهيم والتصورات والاستنتاجات ، التي سبق وإن جرى التواضع على معانيها والتوافق على دلالاتها بكيفيات لا تخلو من سلبيات (التفريط) في التقييم الموضوعي و(الإفراط) في التعميم الافتراضي .
وهكذا فقد أتاحت لنا هذه المنهجية المبتكرة مقاربات مركبة ومعمقة تستهدف ؛ الكيانات الجغرافية ، والسرديات التاريخية ، والبنى الاجتماعية ، والأنساق الثقافية ، والأعماق السيكولوجية ، والشيفرات الرمزية ، بصورة تختلف جذريا"عما كانت المنهجيات السابقة (التقليدية) تتبناه وتمارسه أثناء تحليل الظواهر وتفسير المعطيات . إذ لم يعد يكفي – بموجب هذه المنهجية - النظر الى الظواهر الاجتماعية أو الأحداث السياسية أو التحولات الثقافية أو الانزياحات القيمية ، باعتبارهما حصيلة أوضاع وظروف الواقع (المعيش) وما يكتنفه من خلافات سياسية ، وانقسامات اجتماعية ، وصراعات إيديولوجية ، وإشكاليات تاريخية فحسب . وإنما يستلزم التعاطي معها من منطلق كونهما نتاج خلفيات تاريخية متقادمة ، ومرجعيات حضارية متراكمة ، وتشكيلات اقتصادية متناضدة ، وأصوليات سوسيولوجية متداخلة . كما أن هذه المنهجية استوجبت مراعاة الفوارق النوعية ليس فقط بين البنى والأنساق والأنماط ذات (الأمد القصير) أو (الأمد المتوسط) أو (الأمد الطويل) فحسب ، بل وكذلك مراعاة الاختلافات النوعية بين تلك البنى والأنساق والأنماط على صعيد (التسارع) أو (التباطؤ) في الديناميات والجدليات التي تتحكم في إيقاعات تطورها أو نكوصها .
وبضوء هذه المنهجية التاريخية المثمرة ، لم يعد صعبا"على الباحث تفسير ظاهرة (الركود) الثقافي و(الجمود) المعرفي التي لا تبرح تستوطن المجتمع العراقي لتفاقم من مشاكله المستعرة ، وتراكم من إشكالياته المستعصية . هذا على الرغم من خضوعه لعقود من التغييرات السياسية ، والتحولات الاجتماعية ، والتبدلات الاقتصادية التي تمخضت عن / وترتبت على تلك المشاكل والإشكاليات ، وهو الأمر الذي وصم جماعاته ومكوناته بالتخلف الاجتماعي المزمن والانحطاط الحضاري المتوطن . ذلك لأن من طبيعة العامل السياسي وقوعه ضمن إطار زمنية (الأمد القصير) المتسارعة نسبيا" في حراكها وتطورها ، إذا ما قورنت بالعوامل الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن تصنيفها ضمن إطار زمنية (الأمد المتوسط) ، والتي عادة ما تعكس عناصرها حراكا"(أبطأ) في تكوين تشكيلاتها وبناء علاقاتها وتفعيل مؤثراتها ، مما يمكن ملاحظته في إطار الزمنية الأولى (القصيرة المدى) المتسارعة من جهة ، ولكنها ، من جهة أخرى ، تبدو – إذا ما قورنت بالعامل الثقافي الذي يصنف ضمن إطار زمنية (الأمد الطويل) – أسرع في حراك عناصرها وانتشار تأثيرها . أي بمعنى ان عمليات التغير والتطور المتوقع حصولها ضمن إطار العامل (الثقافي) لا يمكن ملاحظتها أو الإحساس بها إلاّ عبر آماد زمنية متطاولة ربما تمتد على مساحة (قرون) متعددة ، أما بالنسبة لعمليات التغير والتطور التي يتوقع حصولها ضمن إطار العوامل (الاجتماعية والاقتصادية) ، فالمرجح أنه يمكن ملاحظتها أو الإحساس بها خلال عدة (عقود) . هذا في حين يمكن رصد الأحداث (السياسية) وتشخيص الوقائع المرتبطة بها ، عبر عدد من (السنين) التي تتراوح ما بين العقد أو العقدين على أكثر تقدير .
ومن هذا المنطلق ، يتوجب على الكتاب والباحثين والأكاديميين فهم وإدراك حجم الصعوبات والمعوقات والتحديات التي سيكون عليهم مواجهتها والانغمار في أتونها ، في حال حملتهم (وطنيتهم – عراقيتهم) على تبني خيارات التغيير السياسي والتطوير الاجتماعي والتنوير الثقافي ، التي ينشدون حصولها لهذا المجتمع المفكك والمتهالك الذي مزقته الحروب وفرقته الصراعات وذررته الكراهيات .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم السادس والأخير) ال ...
- الخصائص المعيارية للخصية العراقية (القسم الخامس) الخاصية الم ...
- انكفاء الوعي النقدي : من النسق (الثقافي) الى النسق (الايديول ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الرابع) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثالث) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية : مدخل تمهيدي
- احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !
- كيف نتصالح مع الماضي ونخوض تجربة النسيان ؟!
- لماذا تتعصب (الأقليات) في المجتمعات الانقسامية ؟!
- ما معنى القول ان (التاريخ يعيد نفسه) ؟!
- أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل
- الثروة النفطية في أتون الصراعات السياسية بين المركز والإقليم
- (المدينة) كهدف لانتقام المعارضة من السلطة
- الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية
- سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !


المزيد.....




- لص غير متوقّع.. دب أسود يفتح باب سيارة بمهارة مدهشة
- تحت الشمس الحارقة.. صور توثّق أناقة ودقّة وقوّة راكبات خيل م ...
- انتبه إذا كنت ممن يرغب بالهجرة للولايات المتحدة.. تفاصيل فحص ...
- خيام تتحول إلى غرف أخبار: هكذا يعيش ويعمل صحفيو غزة
- قمة ثلاثية محتملة بين ترامب وبوتين وزيلينسكي في بودابست
- وزارة الدفاع الإسرائيلية تقر خطة السيطرة على مدينة غزة وتستد ...
- وزير الدفاع الإسرائيلي يصادق على خطة السيطرة على مدينة غزة و ...
- مينار وجوبينو ومولينا ولوري الأربعة الذين أسسوا -مراسلون بلا ...
- سيباستيان سولورزا.. ممثل تحدى متلازمة داون ويطمح لرئاسة تشيل ...
- تقرير: أفريقيا تواجه عالما يتقلص فيه الدعم الدولي


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ثامر عباس - الحراك السياسي والانزياح الثقافي : قراءة في سيرورات المدى (القصير) والمدى (الطويل)