أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثامر عباس - أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل














المزيد.....

أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 11:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ أن تلقى العرب صدمة (الحداثة) الغربية على مشارف القرن التاسع عشر ، وهم ينقسمون الى فئتين متعارضتين لا قاسم مشترك بينهما سوى (التعصب) لهذا الجانب أو ذاك ، لهذا التيار أو ذاك ؛ فئة تتعصب ل(التراث) بقضّه وقضيضه ، وأخرى تتعصب ل(للحداثة) بحسناتها وسيئاتها ، دون أن يتمكن مريدوا الاتجاهين من الاهتداء الى سبيل واقعي ومنهج عقلاني يجنبهم مساوئ (الإفراط) في كيل الايجابيات والمناقبيات بمناسبة وبدون مناسبة من جهة ، وينأى بهم عن محاذير (التفريط) بما تنطوي عليه تلك المواقف من سلبيات وسيئات لا ينبغي الغافل عنها والتجاهل لها من جهة أخرى .
وعلى الرغم من وجاهة بعض أفكار وآراء كلا الفريقين من المؤيدين والمعارضين ، لجهة تشخيص السلبيات وتأشير السيئات التي يجدها البعض لدى البعض الآخر ، إلاّ أنهم أثبتوا عجزهم التام في تخطي نقاط الضعف في مواقفهم الحديّة وتصوراتهم النسقيّة ، حيال إقرارهم بوجود بعض الإيجابيات والحسنات لدى وجهات نظر كلا الطرفين المتناقضين والمتعارضين . وهو الأمر الذي يدلل على مدى تورط الجميع في الانخراط بنوازع (التعصب) للذات و(التطرف) ضد الآخر ، حتى دون مراعاة لمناقبيات العلوم والمعارف التي يمثلها أعضاء كلا الاتجاهين ، للحدّ الذي يتعذر على أحدهم الاعتراف باحتواء أفكار خصومه وآرائهم بعضا"من الحقائق والوقائع ، بوازع من خشية احتساب ذلك من علامات الضعف في مواقفه ومتبنياته المتصلبة والهدر في قيمة اعتقاداته وتصوراته المبتسرة . والحال تستوي في هذا الأمر خطابات كلا التيارين المعنيين ؛ التيار (الحداثي) المتعلمن والتيار (التقليدي) المتأسلم .
وإذا ما أنعمنا النظر ودققنا في مضامين كلا الخطابين المعنيين ، سنلاحظ إنهما يتشابهان ويتماثلان من حيث ردود فعلهما إزاء كل ما يتعلق بمواريث الماضي وسرديات التاريخ ، باستثناء كونهما يتناقضان ويتعارضان حيال طبيعة تلك المواريث والسرديات وما تحمله من قيم وما تمثله من إيحاءات . وهكذا فإن خطابات (التقليديين) نحو الموروث التاريخي والفكري للمجتمعات العربية والإسلامية ، وإن وأبدت تحمسها العاطفي الذي يرقى في بعض الأحيان الى مستوى اللاعقلانية ، إلاّ أنها مع ذلك تبدو منسجمة مع ما تتبناه من مواقف وما تطرحه من تصورات ، من خلال تماثلها النسبي بين ما تقول على صعيد الفكر وبين ما تفعل على صعيد الواقع . هذا في حين تبدو مضامين خطابات (الحداثيين) كما لو أنها تغرّد خارج السرب ، ليس لأنها غير قادرة على فهم معطيات الواقع وتحليل مكوناته وإدراك سياقاته واستشراف مآلاته ، وإنما لكونها لا تفتأ تكرر ذات الخطأ الذي لا تني نظيرتها (التقليدية) من التمسك به والرهان عليه , وذلك من حيث نفيه وتجاهله لأية قيمة سوسيولوجية أو ابستمولوجية يمكن استخلاصها من بقايا ورواسب ذلك الموروث الغني بالذاكرات والتمثلات .
وفي خضم تضارب هذه الرؤى وتقاطع تلك التصورات ، قلما نجد بين الخطابات (الحداثية) المتكاثرة من ينصف الموروث أو يكنّ له أي اعتبار ، حتى لو كان يحمل بين مطوياته بعضا"مما يمكن استثماره وتوظيفه في مساعي تحليل إشكاليات الواقع ومعالجة مشاكله ، لاسيما تلك التي لا تزال تمتح من نسغ أصول الماضي الشيء الكثير ، مثلما لا تني تتوالد وتتناسل في الحاضر المأزوم بمتواليات هندسية منفلتة لا ضابط لها . ولعل في مراجعة خطابات بعض (الحداثيين) العرب ما يعكس هذه الحالة السلبية ويعزز من وجودها المعيب . فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر بعضا"من خطابات هؤلاء ، فإننا سنقع على الكثير من المفارقات التي لا تنسجم مع ما توجهات هذه الثلة من النخب ، حيث يعتبر (التراث) بالنسبة لهم بمثابة (الدريئة) التي تتلقى الطعنات العشوائية من دون تمييز ، سوى أنها أطفأت لديهم جذوة الثأر والانتقام من هذا الشاخص الجامد والصامت .
والحال ان (التراث) المدان مثله في ذلك مثل (الحداثة) المحتفى بها ، ليس كل ما فيها (جيد) و(صائب) ، كما ليس كل ما فيها (رديء) و(عائب) ، إذ أن كل معطى اجتماعي أو إنساني يشتمل على وجوه ومستويات عدة تعكس الخاصية النوعي للطبيعة البشرية التي يتجسّد فيها كل ما هو (نسبي) و(تاريخي) . ولذلك فإن رصانة الباحث (الحداثي) وموضوعيته تتجلى وتتمظهر ، ليس فقط في تصيّد السلبيات ورصد الانحرافات التي لا يخلو منها أي (تراث) بشري فحسب ، وإنما في تشخيص الايجابيات وتعيين الفوائد التي ينطوي عليها ؛ لا بقصد المقارنة بين هذا الجانب أو ذاك ، وإنما لأجل نقد السلبيات وتقويم الانحرافات من جهة ، ووضع الحسنات والايجابيات موضع الاستثمار في البناء الاجتماعي والإسهام في الارتقاء الحضاري .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثروة النفطية في أتون الصراعات السياسية بين المركز والإقليم
- (المدينة) كهدف لانتقام المعارضة من السلطة
- الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية
- سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !
- الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !
- الاصول الماركسية للتاريخ من أسفل
- اتهام موروثنا الأسطوري ومساءلة وعينا التاريخي : العبرة والاع ...
- انثروبولوجيا المكان بين الأصول الريفية والميول الحضرية : روا ...
- التاريخ والمؤرخ والوثيقة التاريخية : تفاعل لا تفاضل
- أخلاق الثقافة وثقافة الأخلاق
- الخطاب الثقافي والأجيال البينية : قراءة في اجتهادات أستاذ ال ...
- حدود البنية (اللوجستية) في صيرورة الهوية الوطنية
- مرض عضال الثقافة العراقية : ظاهرة التكاره بين المثقفين !
- المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ
- (المثقف) حين يمتهن التجارة !


المزيد.....




- شركة عطور تُعيد روائح نباتات منقرضة إلى الحياة.. فهل نجحت؟
- طفلة تعثر على زجاجة غامضة قذفتها الأمواج على الشاطئ وبداخلها ...
- وزير الخارجية المصري: ليبيا تمثل أولوية لأمننا القومي كدولة ...
- -مقترح ويتكوف: فرصة لحماس لاستغلال زخم التوجه للاعتراف بدولة ...
- ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم
- ارتفاع حصيلة قتلى فيضانات نيجيريا إلى 151 واستمرار عمليات ال ...
- الأردن يعلن رسميا تأجيل زيارة الوفد العربي إلى رام الله بعد ...
- طائرة خفيفة تسقط فوق منزل سكني غربي ألمانيا (صورة)
- خبير: الشيخوخة تبدأ مع نهاية مرحلة البلوغ
- رائد فضاء روسي يقيّم فرص وصول البشر إلى المريخ


المزيد.....

- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثامر عباس - أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل