أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - مرض عضال الثقافة العراقية : ظاهرة التكاره بين المثقفين !














المزيد.....

مرض عضال الثقافة العراقية : ظاهرة التكاره بين المثقفين !


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8040 - 2024 / 7 / 16 - 18:14
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لعل هناك من يستغرب حديثنا عن مشاعر الكره والبغض والضغينة السائدة بين أولئك الذين يعتبرون أنفسهم (صفوة) المجتمع و(نخبته) ، وتحديدا"تلك الشريحة التي يطيب لها وصمها بصفة (الثقافة) . وربما الأكثر غرابة في هذا الشأن وصم هذه الظاهرة بمرض (عضال) الثقافة العراقية ، التي يرى البعض أنها تسيء الى سمعة الثقافة العراقية وتفرط في تعرية عيوبها وفضح سلبياتها ، التي بالكاد تسلم ثقافة من الثقافات الإنسانية من التلوث بجراثيمها والإصابة بأعراضها . من منطلق كونها نتاج تجارب حية للانسان في تفاعله اليومي مع معطيات محيطه الطبيعي وإفرازات تكوينه الاجتماعي .
وبصرف النظر عن مدى واقعية (الاعتراضات) التي قد يسوقها البعض ضد هذه (التهمة) القاسية بحق (الثقافة) العراقية من جهة ، مثلما شحنة (التحامل) على شخصية (المثقف) العراقي جراء الأخذ بهذه الانطباعات السلبية التي تتبناها هذه المقالة وتدافع عنها من جهة أخرى ، فان ذلك لا ينبغي أن يمنعنا من اعتماد صيغة (المصارحة) و(المكاشفة) للذات بهكذا نمط من الحقائق المجهولة والوقائع المغيبة ، خشية التسبب بنكأ جراحها النرجسية الغائرة في بطانة وعيها الملتبس ، فضلا"عن احراجات تناولها بالنقد المجرد والتحليل الموضوعي . لاسيما وان (مثالب) ثقافتنا من الاستفحال والاستشراء باتت تهدد معمار شخصيتها الحضارية على نحو سافر ، كما أن (عيوب) مثقفينا من الشناعة والرقاعة أضحت تنذر باضمحلال كل ما يمتلك من صفات إنسانية ومناقبيات قيمية .
وفي سياق الكشف عما تعانيه الثقافة العراقية المازومة من أمراض عضوية مستعصية ، تبرز أمامنا واحدة من أخطر تلك الأمراض وأشدها فتكا"وتدميرا"ليس فقط في مضمار إعاقة الوعي الاجتماعي في التخلص من عيوب فطرته المزمنة وسذاجته المستديمة ، ومن ثم التقدم حثيثا"في مدارج النضوج العقلي والارتقاء الحضاري فحسب ، وإنما في مجال كبح جماح أي نزوع ذاتي يمكن أن يتطلع للإفلات من قبضة الأفكار التقليدية السائدة ، والسعي للتخلص من التصورات النمطية المهيمنة كذلك . بمعنى ان المحيط الثقافي للمجتمع العراقي لا يكتفي برفض الأفكار والنظريات التي تحمل طابع التغيير والتجديد والتحديث ، من منطلق كونه مجتمع آثر الركود وأدمن العطالة على خلفية استبطان جماعاته لأساطير الماضي واجتيافها سرديات التاريخ فحسب ، وإنما هو مصمم على طرد واستبعاد كل ما قد يحرك سواكنه وينبش مطموراته ويفحص تمثلاته .
ولهذا فقد نشأت أجيال متعاقبة من المثقفين (المعلبين) في وعيهم و(المنمطين) في مواقفهم ، ممن يحسنون العيش في البيئات الثقافية التقليدية التي يسود أجوائها الركود الاجتماعي والجمود الفكري ، بحيث لا يوجد هناك ما يشعرهم باضمحلال أرصدتهم المعرفية ، وهشاشة منظوماتهم الفكرية ، وخواء جعبتهم المنهجية ، وضحالة عدتهم اللغوية ، وهامشية مواقعهم الاجتماعية . بمختصر العابرة ، لا يجدون ما يخشى منه على مصادر هيمنتهم على تضاريس خارطة الثقافة المحلية ، التي لا يستطيعون العيش خارج أسورها وبعيدا"عن حواضنها ! . وعلى هذا الأساس ، فإذا ما حاول أحدا"من الكتاب أو الباحثين المعاصرين ، ممن أدرك طبيعة المغطس الذهني والعقلي الذي لم يبرح يتمرغ فيه دون طائل ، بالاحتكام الى ذاته والاشتغال على نفسه للخروج من متاهات وترهات ذلك المغطس ، عبر الاستعانة بالبراديغمات (الفكريات والمنهجيات) الحديثة ، لتجديد رؤاه عن الواقع الذي يعيش فيه ، وتحديث تصوراته عن المجتمع الذي ينتمي إليه ، سرعان ما يواجه بسلسلة من الممنوعات المعرفية والمحرمات الدينية التي من شانها التعتيم على أنشطته والتضييق على علاقاته ، بما يحدّ من دوائر حضوره ، ويقلص من مجالات تأثيره .
واللافت ان هذا النمط من (المغامرين) المغردين خارج النسق الثقافي ، كلما حاول أحدهم الإمعان في سعيه الدؤوب لارتياد مجاهل الفكر ، والإيغال في طموحه الجرئ في ولوج عوالم المعرفة ، كلما كانت الموانع الاجتماعية أمامه تتكاثر والمعوقات الثقافية دونه تتزايد . بحيث ان دوائر الرفض لأفكاره والتشكيك بمواقفه لا تني تتسع وتتفاقم بالتناسب مع مستوى (عناده) وحدود (إصراره) على التمسك بتلك الأفكار والدفاع عن تلك المواقف . ولعل من أشدّ تلك الموانع والمعوقات تأثيرا"سلبيا"تأتي ردود أفعال أقرانه من (المثقفين) التقليديين في مقدمة تلك المعارضات والاعتراضات ، حيث يستشعر أولئك التقليديون ان ما يجترحه قرينهم (المغامر) من أفكار مستحدثة وما يطرحه من آراء جريئة ، قمينة بفضح خوائهم الفكري وتعرية جدبهم الثقافي ، الأمر الذي يستدعيهم لاستنفار كل ما في حوزتهم من علاقات وتضامنيات وتخادمات ، ليس فقط لإقامة جدران من الصمت حول أعمال هذا (المغامر) أو ذاك ، ومن ثم السعي للتعتيم على نصوصهم المخالفة وسريادتهم المعارضة فحسب ، بل وكذلك لشحذ مشاعر البغض والكراهية إزاء شخوصهم والحض على إقصائهم وتهميشهم عن كل ما له علاقة بالأنشطة والفعاليات الثقافية ، بحيث تبقى مشاركاتهم محدودة وضيقة ويستمر تأثيرهم هشا"وضعيفا" .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤرخ وتبعات انبهاره بالتاريخ
- (المثقف) حين يمتهن التجارة !
- بمناسبة الذكرى (150) لميلاد الصحافة العراقية - نقابة الصحفيي ...
- العشائر والشعائر : الفزعة القبلية والنزعة الاستعلائية !
- الانثروبولوجيا الماركسية وتمرحل أنماط الانتاج
- دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)
- عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية
- الذاكرة التاريخية .. مفهوم واحد ودلالات متعددة
- مفهوم الجدارة السياسية بين براغماتية الحاكم ودوغمائية المحكو ...
- الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية
- الاقطاع السياسي : نمط فوضوي لتفكيك الدولة واغتصاب سلطتها
- الطبقة الوسطى العراقية وأوهام وعيها الطبقي
- الثقافة في حضرة التاريخ : حفريات في ذاكرة الثقافة العراقية
- ثيمة الماضي في المتخيل الجمعي
- النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي
- أطروحات علي الوردي وطبيعة الشخصية العراقية : منظور مختلف
- متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب
- الشرعية الدولية : هل حقا هي شرعية ؟!
- من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !
- عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية


المزيد.....




- لطفي لبيب في المستشفى.. آخر تطورات وضعه الصحي
- الأردن يواجه -سماسرة الحجز الإلكتروني- بإجراءات جديدة على جس ...
- السويداء تشتعل: اشتباكات دامية تودي بحياة 13 شخصاً على الأقل ...
- حصيلة القتل والدمار والتجويع بغزة منذ العدوان الإسرائيلي
- فرضية تعمّد حرائق الساحل السوري.. شهادات ميدانية ونفي حكومي ...
- صحفي فرنسي: أوروبا فقدت توازنها أخلاقياً وسياسياً بموقفها من ...
- إجراءات للحكومة الأردنية لضبط تجاوزات على جسر الملك حسين
- تفاؤل أميركي بالمفاوضات وحماس والجهاد تتمسكان بشرط إنهاء الح ...
- إسرائيل تهاجم 150 هدفا في غزة.. وسقوط مئات القتلى والجرحى
- بين مساعدي الملك تشارلز وهاري.. ماذا وراء -الاجتماع السري-؟ ...


المزيد.....

- كتاب: الناصرية وكوخ القصب / احمد عبد الستار
- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - مرض عضال الثقافة العراقية : ظاهرة التكاره بين المثقفين !