أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)















المزيد.....

دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7968 - 2024 / 5 / 5 - 14:23
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية ( مقاربة للحالة العراقية)


في مقالة لنا بعنوان (عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية) ، نشرت في موقع الحوار المتمدن ضمن العدد (7962) الصادر بتاريخ 29/4/2024 ، اعترض علينا أحد الأصدقاء الأكاديميين بخصوص اعتقادنا المتضمن فكرة ان مظاهر الإيديولوجية (الليبرالية) التي أدخلتها السلطات الاستعمارية على المجتمعات العربية عشية الحرب العالمية الأولى ، لم يكن الهدف منها الإسهام في توطين قيم ومبادئ تلك الإيديولوجية داخل منظومات الوعي الاجتماعي للمجتمعات المستعمرة ، ومن ثم مساعدتها على الانخراط في أتون مظاهرها الحضارية والقيمية والسلوكية . بما يتيح لها فرص الولوج الى عوالم التصنيع التكنولوجي والتحديث السويولوجي ، مثلما كانت تتمتع بمعطياتها وانجازاتها مجتمعات الغرب عموما"، بحيث يكون بمقدور تلك المجتمعات تخطي ممانعات موروثها وتجاوز ممنوعات قيمها .
نقول ، لم يكن الهدف منها توطين قيم ومبادئ الإيديولوجية الليبرالية ، بقدر ما كانت عمليات مخططة وإجراءات مقصودة لتفكيك عرى تلك المجتمعات والإطاحة بمداميكها القيمية والعرفية والرمزية ، بغية تسهيل سياسات (الاحتواء) السياسي و(التدجين) الاجتماعي التي دأبت على ممارستها تلك السلطات خلال فترات الاحتلال تلك . محاججا"(هذا الصديق) بأن ما قامت به السلطات الاستعمارية من ((خلق نظام تعليمي علماني بدل الديني وجامعات حديثة ومسارح وفنون وموسيقى وإصدار صحافة حرة وإجازة أحزاب سياسية .. كل هذا وسائل ليبرالية طبيعية وقائع قائمة لا يمكنك دحضها خلال عهد النظم الملكية تشير لحركة طبيعية لتطور مجامعاتنا ، جرى تدميرها بانقلابات ومن الذين حشدوا باسم الثورة البروليتارية الخرافية والقضاء على الرأسمالية ونحن لا نملك حتى مصنعا"حديثا")) .
ومن الواضح فان (صديقنا) المعترض ينتمي لأولئك الذين يفتنون بالمظاهر (المرئية) دون الجواهر (المخفية) ، أي بمعنى ان حكمهم على الأشياء يقف عند حدّ الأشكال المادية ، دون أن يلتفتوا الى المضامين والمحتويات الاعتبارية التي تحدد الغرض المراد من تلك الأشكال . وعلى ما يبدو فان (صديقنا) نسي واقعة ان المؤسسات البيداغوجية (المدارس والجامعات) والميديائية (المقروءة والمسموعة) ، لا تستخدم – دائما"وبالضرورة - لأغراض إنضاج وعي الإنسان وتطوير ملكاته المعرفية ، وإنما يمكن استغلالها – وهذا هو واقع الحال - لاعتبارات تتعلق (بتنميط) وعيه و(تدجين) شخصيته ، كما أوضح - في العديد من الإعمال - عالم الاجتماع والفيلسوف الفرنسي (بيير بورديو) .
وعليه فان مبادرة بناء المدارس في المجتمع العراقي من قبل سلطات الاحتلال البريطاني ، لم يمنع هذه السلطات في سعيها لمأسسة العلاقات القبلية بين الجماعات الانثروبولوجية عبر قانون (دعاوى العشائر) سيء الصيت الذي استمر قائما"حتى قيام ثورة تموز عام 1958م . كما ان قيام تلك السلطة بشق الطرق وتحسين سبل المواصلات بين المدن والبلدات والقرى العراقية ، لم يكن بوازع من الارتقاء بالواقع الإنساني والحضاري المتهالك كما يزعم في المصادر ، بقدر ما كان الهدف منها تسهيل حركة القوات العسكرية المحتلة داخل تلك المدن والبلدات والقرى من جهة ، وإنجاح مساعي كبح جماح القوى السياسية والاجتماعية والدينية المعارضة من جهة ثانية ، وبالتالي استغلال كل ما تجود به الجغرافية العراقية من ثروات طبيعية باطنة أو ظاهرة ، سواء أكانت في الجنوب أو الوسط أو الشمال من جهة ثالثة .
وإذا ما نظرنا الى طبيعة (الدعائم) التي تقوم عليها الايديولوجيا (الليبرالية) ، فان هناك مجموعة من الدعائم والركائز الأساسية لعل أبرزها وأهمها هي ؛ دعامة (الفردية) التي من دون استحضارها كأولوية لا معنى لهذه الإيديولوجية بدونها . حيث لا قيد سياسي ولا مانع اجتماعي يقف حائلا"أمام (حريتها) المطلقة و(استقلاليتها) الكاملة ، سواء تلك التي تسنها (الدولة) بصيغة قوانين وتشريعات ، أو يضعها (المجتمع) بصيغة أعراف وتقاليد . من منطلق ان (( النزعة الفردية – كما أشار عالم الاجتماع الغربي (أنتوني جيدنز) – ترتبط بانحسار التقاليد والعادات من حياتنا ))(1) . هذا في حين أكد (أندرو فينسينيت) على أنه (( يوجد مفهوم واحد يبرز بصورة متماسكة في المناقشة الليبرالية ، يمكن أن يكون بمثابة ثيمة رئيسية مهمة ، هذا هو مفهوم الفردية . فالليبراليون كانوا وما زالوا ملتزمين شكليا"بالفردية . وهي النواة الانطولوجية للفكر الليبرالي وأساس الوجود الأخلاقي ، والسياسي ، والاقتصادي ، والثقافي ))(2) .
وأما ثاني تلك الدعائم والركائز التي يشاد عليها صرح الإيديولوجية (الليبرالية) ، فهي دعامة (تقنين) سلطات الدولة وتقليص مجالات تدخلها في شؤون المجتمع ولاسيما المجال الاقتصادي ، وإلزامها ، من ثم ، في الحدّ من نطاق صلاحياتها الدستورية إزاء الحريات العامة وحقوق الإنسان ، الخ . بحيث ينبغي أن يتحدد دورها وتقتصر وظائفها على ممارسات (الإشراف) و(التنظيم) ليس إلاّ ، هذا مع مراعاة عدم اقترابها من حصن تلك (الفردية) بوازع من التطفل على حريتها والنيل من استقلاليتها .
وفي مقابل هذه الدعائم وتلك الركائز ، فقد أنتجت ورسخت مجتمعاتنا العربية بشكل عام والمجتمع العراقي بصورة خاصة ، مجموعة من الاعتقادات والعلاقات والسلوكيات التي هي – بالنسبة للوعي الجمعي - أشبه ما تكون ب(التمائم) المحرم المساس بها والمجرم التقليل من شأنها ، والتي بدورها تقوم على مجموعة من الخصائص النوعية والصفات الجوهرية التي لا يمكن الحديث عن المجتمعات العربية دون استذكارها واستحضارها كمسلمات تم اجتيافها في اللاوعي واستبطانها في السيكولوجيا . ولعل من جملة تلك (التمائم) ، هي ان (الفرد) ليس سوى ترس ضئيل الأهمية في جهاز / آلة المجتمع الذي ينتسب إليه ، وبالتالي فان قيمته الاجتماعية واعتباره الإنساني تتحددان بقيمة واعتبار الجماعة التي ينتمي إليها ويحمل هويتها ، خصوصا"وان كل جماعة في هذه المجتمعات المتشظية والمتذررة تحتكم الى أصوليات مختلفة وخلفيات متباينة ومرجعيات مغايرة .
هذا من ناحية ، أما من الناحية الثانية ، فانه ليس من باب التهويل والتضخيم القول ؛ ان الدولة في هذه المجتمعات هي أشبه ما تكون بالإله الأوحد الذي يتوجب على مكونات المجتمع كافة ، ليس فقط تقديم فروض العبادة والطاعة له على مدار الساعة فحسب ، وإنما الاستعداد للتضحية في سبيله والموت من أجله متى ما أراد ذلك أيضا". فالدولة في هذا الشطر من العالم ، هي ليست دولة (مؤسسات) دستورية تحتكم الى القوانين والتشريعات الوضعية وتراعي حقوق المواطنة ، بقدر ما هي دولة مافيات سياسية (أحزاب) عنصرية ، أو جماعات أصولية (قبائل وطوائف واثنيات) متعصبة أو شخصيات كاريزمية (ملوك وسلاطين وزعماء وأمراء) متفردة . الأمر الذي يجعل علاقتها بالمجتمع الذي تحكمه علاقة قائمة على الشك والخوف والعنف ، طالما كان – ولا يزال – ولاء المكونات الاجتماعية قائم على أ ساس ؛ الأصل العرقي / الاثني ، والانتماء المذهبي / الطائفي ، والانحدار القبلي / العشائري ، والتموقع الجهوي / المناطقي .


الاحالات
(1) – أنتوني جيدينز ؛ الطريق الثالث : تجديد الديمقراطية الاجتماعية ، ترجمة الدكتور أحمد زايد والدكتور محمد محي الدين ، ( القاهرة ، المركز القومي للترجمة ، 1999 ) ، ص70 .
(2) – أندرو فينسينت ؛ الإيديولوجيات السياسية الحديثة ، جزأين ، ترجمة خليل كلفت ، ( القاهرة ، المركز القومي للترجمة ، 2017 ) ، ج1 ، ط3 ، ص78 .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية
- الذاكرة التاريخية .. مفهوم واحد ودلالات متعددة
- مفهوم الجدارة السياسية بين براغماتية الحاكم ودوغمائية المحكو ...
- الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية
- الاقطاع السياسي : نمط فوضوي لتفكيك الدولة واغتصاب سلطتها
- الطبقة الوسطى العراقية وأوهام وعيها الطبقي
- الثقافة في حضرة التاريخ : حفريات في ذاكرة الثقافة العراقية
- ثيمة الماضي في المتخيل الجمعي
- النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي
- أطروحات علي الوردي وطبيعة الشخصية العراقية : منظور مختلف
- متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب
- الشرعية الدولية : هل حقا هي شرعية ؟!
- من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !
- عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية
- التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتم ...
- دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...
- أسباب انتكاسة التيار (المدني) في الانتخابات المحلية
- العرب وسيكولوجيا الأزمات !


المزيد.....




- فيديو يناقض ما قالته الشرطة.. كاميرا ترصد لحظة مقتل رجل على ...
- القيادة المركزية الأمريكية: صاروخ حوثي أصاب ناقلة نفط في الب ...
- ماذا تعرف عن أبوتريكة، اللاعب الذي رفع حكم قضائي اسمه من قوا ...
- لوفيغارو: إصدار طوابع بريدية برائحة رغيف الخبز الفرنسي
- -الغارديان-: تزايد الغضب والإرهاق في صفوف العسكريين الأوكران ...
- السعودية.. ضبط أكثر من 16 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأ ...
- الآلاف ينزحون إلى المدارس المدمرة برفح
- مصر.. مصدر أمني يكشف حقيقة ضبط سيارات إسعاف محملة بأسلحة ثقي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن العثور على جثة رهينة جديدة في غزة (صور ...
- رئيس إدارة مقاطعة خاركوف: الجيش الروسي يساعد في إجلاء المدني ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - دعائم الليبرالية وتمائم البطريركية (مقاربة للحالة العراقية)