أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتمع














المزيد.....

التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتمع


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7857 - 2024 / 1 / 15 - 08:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


غالبا"ما نقف عاجزين أمام لوثة غريبة ومحيّرة متوطنة داخل أوساط نخبنا الاجتماعية ، ومتشبثة بتلابيب رموزنا الثقافية مؤداها ؛ إخفاق أو عدم قدرة الفاعل الثقافي العراقي (المثقف) على الإفلات من قيود انتماءاته الأولية (الاثنية ، القبلية ، الطائفية ، الجهوية) ، وفشله في إظهار قدرته على التخلص من رواسب تأثيراتها الذهنية والنفسية سواء على صعيد مدركاته / تصوراته أو سلوكياته / علاقاته . هذا على الرغم من كل المحاولات التي يبذلها البعض منهم لتخطي تأثيراتها السوسيولوجية ، والتغلب على إيحاءاتها السيكولوجية ، والحد من أطيافها المخيالية . من منطلق كونه عنصر (فاعل) محسوب على ما يسمى بجماعات (النخبة) التي من المفترض ألاّ يليق بوعيها ولا يناسب أخلاقياتها استمرار التمسك بتلك التأثيرات والإيحاءات والأطياف ، بزعم حسبانها مواريث يستوجب حمايتها من عوامل الاندثار ورعايتها من تجاسر المتطفلين . ناهيك عن العناد في الذود عنها والمحافظة عليها بكل تلك الحمية العصبية التي تصل في بعض الأحيان لحدّ الهوس ، لاسيما وانه دائم المطالبة بان يكون رمزا"للمعرفة وعنوانا"للتنوير ومرتكزا"للحداثة .
وإذا ما تواضعنا على حقيقة سوسيولوجية تكاد تكون شائعة بين الناس ومألوفة لديهم مفادها ؛ انه من الصعوبة بمكان العثور على فرد ما من أفراد مجتمعات المعمورة يكون خالي الوفاض من رواسب الماضي وشوائب التاريخ - بصرف النظر طبعا"عن مستوى تطور تلك المجتمعات في مدارج الحضارة - فان محاولة البحث في خوانق التاريخ وشرانق المجتمع التي يستبطنها وعي المثقف العراقي وتجتافها سيكولوجيته ، ستبدو كما لو أنها بلا معنى أو دون جدوى طالما ان جميع البشر سواء في هذه الظاهرة . على اعتبار انه يتعذر وجود مجتمع بلا سرديات تؤسس لبدايات صيرورة هذا التكوين البشري أو ذاك ، مثلما نحتفظ بأرشيفات تاريخه ومواريث أجياله ومخلفات حضارته .
والحال انه وان صحّ قولنا ان الغالبية العظمى من الناس يحتفظون في مخزون ذاكرتهم أو مخيالهم بشيء من مخلفات أصولهم السوسيولوجية ، ومواريث منابتهم الانثروبولوجية ، وترسبات مرجعياتهم الخرافية والأسطورية ، بيد أن ذلك لا يشكل – بالنسبة لهم – عائق يحول دونهم والتطلع الى الأمام والتنطع صوب المستقبل ، تجاوبا"مع سيرورات التغير واستجابة لديناميات التطور . لا بل ان بعض الشعوب استخدمت تلك الأرشيفات والسرديات التاريخية – بعد أن رممت بنائها ماديا"وشحنت مضامينها رمزيا"، ومن ثم وظفتها إيديولوجيا"واستثمرتها سياسيا"لاعتبارات جيوبولتيكية وجيواستراتيجية . ولكن ، بالمقابل ، هناك مجتمعات أخرى اختزنت بعادا"تاريخيا"موغل في القدم وامتلكت رصيدا" حضاريا"سباقا"في العراقة ، إلاّ أنها - برغم ذلك - فشلت فشلا"ذريعا"في استثمار هذه المزايا التاريخية والحضارية التي طالما تاقت إليها بعض الشعوب وتحسّرت عليها بعض الأمم دون طائل .
ولعل من أشد المعاضل الوجودية فتكا"لبنية الوعي الاجتماعي وأكثرها ضررا"على مضامينها التصورية والاعتقادية ، هي تلك المرتبطة ب(خوانق) التاريخ و(شرانق) المجتمع التي غالبا"ما يفشل الفاعل الثقافي في المجتمعات التي لا تبرح تتغذى مكوناتها على قيم ماضيها البدائي ، في التخلص من تأثيرها أو الحد من آثارها حتى ولو قطع البعض منهم شوطا"كبيرا"في مضمار التحصيل العلمي والتأهيل المعرفي . إذ تبدو – بالنسبة لهم - مسألة الإفلات من قبضتها والتملص من قيودها صعبة عقليا"ومكلفة سيكولوجيا"، وذلك جراء تعرضهم المستمر وخضوعهم المتواصل لعميلات (التنميط) الذهني والنفسي والقيمي والرمزي ، عبر سيرورات المجايلة الاجتماعية والثقافية التي عادة ما تكون فاعلة وناشطة في هكذا نمط من المجتمعات (الأبوية) . ناهيك عن انخراطهم ضمن ديناميات (الاجتياف) و(التدجين) التي تفرضها عليهم وتمارسها ضدهم مؤسسات عديدة ومتنوعة وظيفتها تحقيق (الضبط) العقلي والنفسي والأخلاقي للأفراد والجماعات ؛ ابتداء"من (الأسرة) سوسيولوجيا"، ومرورا"ب(المدرسة) بيداغوجيا"، وانتهاء" ب(الدولة) إيديولوجيا"
وعلى العكس مما كان متوقعا"أو مرجوا"، فان (خوانق) التاريخ قد ازدادت ضيقا"، و(شرانق) المجتمع قد تضاعفت سمكا"، مع فترة انتشار الإيديولوجيات الرديكالية وتصاعد ضجيجها (اليميني) و(اليساري) ، إضافة الى اعتلاء أحزابها السياسية عرش السلطة والإمساك بأعنة النظام . حيث بات التاريخ حقل مستباح للمزايدة والمفاضلة باللجوء الى عمليات (الاختلاق) و(التلفيق) من جهة ، وأضحى المجتمع مضمار منافسة ضارية لتسويغ ادعاءات (الأحقية) الوطنية و(الشرعية) السياسية بين مؤدي ومعارضي مختلف الإيديولوجيات المتصارعة من جهة أخرى . وهو ما أفضى الى انتكاس وارتكاس وعي (نخب) استمرأت الانخراط في عمليات (تأدلج) واسعة النطاق ، بين خوانق سرديات تاريخية لا تني تتوغل في مجاهل الأسطرة والأمثلة من جهة ، وبين شرانق أصوليات اجتماعية لا تفتأ تمعن في تأجيج مشاعر التعصب والتطرف من جهة أخرى .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...
- أسباب انتكاسة التيار (المدني) في الانتخابات المحلية
- العرب وسيكولوجيا الأزمات !
- الفساد الأكاديمي ومأسسة الجهل المعرفي !
- الجامعات الأهلية وانحطاط المستوى العلمي
- هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟
- معوقات تعافي المجتمع العراقي
- القبيلة والقبلية .. في التخادم البنيوي والمؤسسي
- تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية
- ظاهرة الأريفة وتآكل المدماك الحضري


المزيد.....




- قبل وبعد الضربة الأمريكية.. ماذا يظهر تحليل CNN لصور منشأة ف ...
- وزير الدفاع الأمريكي: دمرنا برنامج إيران النووي وقضينا على ط ...
- سوريا: قتلى ومصابون جراء -هجوم إرهابي- استهدف كنيسة بدمشق
- البابا يدعو إلى السلام ويدعو الدبلوماسية لإسكات السلاح إزاء ...
- ما تداعيات الضربة الأمريكية على إيران؟
- هل تنسحب إيران من اتفاقية انتشار أسلحة الدمار الشامل؟
- هل انخرطت أمريكا رسميا في الحرب على إيران؟
- الجيش الإسرائيلي يعلن أنه يتحقق من نتائج الضربات الأمريكية ع ...
- هل دمرت الضربات الأمريكية البرنامج النووي الإيراني؟
- مظاهرة في المغرب تندد باستمرار الإبادة في غزة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتمع