أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - معوقات تعافي المجتمع العراقي














المزيد.....

معوقات تعافي المجتمع العراقي


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7775 - 2023 / 10 / 25 - 19:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا كانت منطلقات الماضي تؤطر معطيات الحاضر ، فان مؤشرات هذا الأخير ستقرر – بالمقابل - خيارات المستقبل . ومن منطلق هذا القانون التاريخي الغائب عن أفق وعينا التاريخي ، يمكن للمرء أن يتوقع أي مصير مفجع سيؤول إليه المجتمع العراقي وهو يتطلع إلى تخوم القادم من الأيام . إذ ليس هناك من ينكر أن الحالة / الوضعية التي يشهدها واقع العراق الحالي – رغم كل ما يقال عن الأسباب – ما هي إلاّ نتاج عقود متطاولة – إن لم تكن قرون متقادمة – من القمع السياسي ، والردع النفسي ، والتجويع الاقتصادي ، والتبضيع الأخلاقي ، والتركيع الإنساني ، التي أناخت بوطأتها ليس فقط على إرادة ووعي وكرامة الإنسان فحسب ، بل وكذلك طالت مقومات وجوده الاجتماعي والتاريخي والحضاري . بحيث استحال إلى كائن هلامي لا هوية له ولا انتماء ، تتقاذفه تيارات متلاطمة من التجهيل السياسي والتضليل الثقافي والتهويل الديني .
ولغرض الوقوف على الأسباب المانعة لتعافي المجتمع العراقي من أمراضه وعلله المستديمة ، والتشخيص الدقيق للعوامل المعيقة لنهضته والمانعة لتطوره والحائلة دون تقدمه ، فقد استخلصنا بعد بحث وتأمل في ميادين الجغرافيا والتاريخ والسياسة والاجتماع والاقتصاد والثقافة والدين ، الى نتيجة مفادها أن مشاكل العراق واشكالياته تتمثل بثلاث معوقات أساسية مستعصية لا سبيل الى حلها وتخطيها دون اختراق بنيتها واستعراض محتوياتها ومعالجة تراكماتها ، نوجز مضامينها على النحو التالي :
المعوّق الأول ونلخصه بحالة (التباس سرديات الماضي) : وهو ما يتمثل بمظاهر تشظي الجماعات وتذرر المكونات إزاء مواقفها من مواريث الجغرافيا والتاريخ والدين والثقافة والهوية ، التي شكّلت عبر تفاعلها وتواصلها ما يسمى ب (الكيان) العراقي ، كما وتمخض عن سيروراتها ودينامياتها ما يعرف ب(بالمجتمع) العراقي . إذ لا يخفى ان تاريخ معظم الجماعات العراقية القديمة والحديثة ، لا يعدو أن يكون سلسلة متواصلة ومتوارثة من الحساسيات المتبادلة والكراهيات المتقابلة إزاء نظرتها لتلك المواريث وكذلك حيال تعاطيها مع سردياتها ، والتي نادرا"ما اتفقت جماعة من تلك الجماعات مع نظيرتها حيال محتوى وتفاصيل تلك المواريث ومن ثم كيفية استثمارها لصالح الجميع .
المعوّق الثاني ويمكن اختصاره بحالة (انتكاس معطيات الحاضر) : وهو ما يتمثل باستعصاء توافق الإرادات وتضارب التصورات حيال تشخيص العوامل الموضوعية والدوافع الذاتية المسؤولة عن ظواهر تراكم الأزمات وتفاقم الصراعات . إذ طالما كان لكل مكون من المكونات أو جماعة من الجماعات رأي مختلف وتصور مغاير إزاء دور ووظيفة تلك العوامل والدوافع ، بحيث ان ما يعتقده هذا الجانب أو تلك الجهة دائما"ما يكون متعارضا"ومتقاطعا"مع اعتقاد بقية الشركاء في الوطن والنظراء في المسؤولية . الأمر يتعذر معه الوصول الى اتفاق – ولو بالحد الأدنى - الى رأي موحد أو تصور مشترك يفضي لتشخيص مصادر الأزمات والصدمات واكتشاف مكامن الحلول ، وبالتالي استمرار حصاد الانتكاسات والانهيارات على الصعد كافة .
المعوّق الثالث (احتباس توقعات المستقبل) : وهو ما يتمثل بانسداد الآفاق الموجهة وانعدام الرؤى الواضحة ، التي من شانها أن تكون مثابات / دلالات للإرشاد الجماعات والمكونات المنطوية على (أناها) العصبوي ، للخروج من أنفاق ماضيها المختلق والتخلص من شرانق تاريخها الملفق ، والتي طالما كانت حائلا"دون اهتدائها الى السبل التي يفترض أن تقود خطاها صوب استشراف ، ليس فقط ما كانت تتوقعه من أحداث تاريخية وتترقبه من مئآلات سياسية فحسب ، وإنما تجنبها المزالق الاقتصادية والمتاهات الاجتماعية التي من المحتمل مواجهتها عند كل منعطف .
والحال ، انه إذا كانت واحدة من تلك المعوقات كافية لإحداث ما يكفي من الإضرار في سيرورات البنى والأنساق والسياقات ، مثلما في ديناميات العلاقات والتواضعات والسلوكيات . فكيف ستكون النتيجة ، إذن ، حين يكون المجتمع عرضة لتفاعل تداعيات وتأثيرات تلك المعوقات الثلاث مجتمعة في آن واحد ، سوى تفكيك كيانه الاجتماعي وانهيار معماره القيمي واندثار مدماكه الحضاري ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القبيلة والقبلية .. في التخادم البنيوي والمؤسسي
- تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية
- ظاهرة الأريفة وتآكل المدماك الحضري
- حيرة الدراما العراقية في مسلسل حيرة !
- مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي
- حصاد القارئ من بيدر القراءة
- هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!
- الدولة العراقية وتعسّر كينونتها الحضارية
- الماضي وعلاقته بالدين
- الماضي وعلاقته بالاسطورة
- الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي
- انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن


المزيد.....




- لحظة انقلاب مروحية أثناء محاولتها الهبوط في أمريكا.. شاهد ما ...
- إيران تقصف قاعدة العديد في قطر وترامب يشكر طهران على إنذاره ...
- ترامب يجهر بكلمة بذيئة بعد خرق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و ...
- منعه من شن ضربات على إيران.. ماذا حصل في الاتصال بين ترامب و ...
- جي دي فانس: مخزون إيران من اليورانيوم لم يتضرر لكن هذا ليس م ...
- إيران مستعدة لحل الخلافات بـ-التفاوض وفق الأطر الدولية-
- الجزائر: محكمة الاستئناف تطلب السجن عشر سنوات للكاتب بوعلام ...
- ما قصة المثل القائل: -بعت داري ولم أبع جاري-؟
- كيف سينعكس وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل على الحرب في غ ...
- الفلاحي: عملية القسام الأخيرة نوعية وتعكس استخداما محكما للق ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - معوقات تعافي المجتمع العراقي