أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ثامر عباس - الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي














المزيد.....

الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7623 - 2023 / 5 / 26 - 08:56
المحور: الصحافة والاعلام
    


غالبا"ما ينظر الى الخطاب الإعلامي الرسمي على أنه وسيلة من وسائل الدعاية السياسية والتضليل الإيديولوجي ، لا لشيء إلاّ لكونه ممهور بطابع الدولة المسيطرة ومنظور إليه كأداة فاعلة من أدوات سلطتها الناعمة في مجالات الضبط الاجتماعي والتوجيه الثقافي . ولهذا قلما عوّل الجمهور المتلقي على ما يطرحه هذا الخطاب من معلومات وما يقوم به من تحليلات ، خصوصا"حين يكون هذا الخطاب صادر عن مؤسسات سلطة ساهمت سياساتها التعسفية وإجراءاتها القمعية في نسف جسور الثقة بينها وبين من تقع مسؤولية حمايتهم ضمن واجباتها الوطنية والأخلاقية .
ولكن ، وبرغم شيوع هذا الانطباع بين الناس ، فان وظيفة الخطاب الإعلامي - لم تكن ولن تكون - مقصورة على تبرير الممارسات وترويج الإجراءات التي تتبناها سلطة الجماعة الحاكمة دائما"وأبدا"، وإنما هناك نوع من الخطابات ساهمت – وستساهم – في نشر الثقافة الإنسانية وتعميم الوعي العقلاني ، عبر قيامها بوظيفة (النقد) المعرفي والسوسيولوجي للانحرافات التي تتورط فيها الحكومات ، واضطلاعها بدور (التنوير) للذهنيات التي أدمنت التخبط في التهويمات والتشبيحات . ولعل الكثير من التجارب والممارسات التي شهدنا معطياتها وعشنا تجاربها ، سواء على صعيد بلدان العالم الغربي الذي قطع شوطا"بعيدا"في هذا المضمار ، أو على مستوى بلدان نظيره العالم الشرقي التي لا يزال بندولها السياسي يتذبذب ما بين دكتاتوريات متشددة مدججة بالعنف وبين ديمقراطيات شكلية مبتلاة بالفوضى ، ما يؤكد هذا النموذج أو يدعم هذا المثال من التعاطي الايجابي والبناء .
ولعل من أبرز خصائص (النقد) الهادف في الخطاب الإعلامي ، هي تسمية الأشياء السلبية بأسمائها الصريحة دون لف أو دوران ، وتشخيص العلل والأعطال الاجتماعية بجرأة دون القفز فوقها أو التعتيم عليها . بحيث يستهدف الظاهرة موضوعة النقد بصورة (علنية) وبطريقة (مباشرة) دون رتوش أو تزويق ، متخليا"بذلك عن أساليب (المداورة) و(المراوغة) التي من شانها جعل عملية النقد ذاتها بمثابة ستار يخفي القباحات ويحمي التجاوزات ، بدلا"من أن يسوق النظر الفاحص والفكر المدقق إليها ، ويسلط الأضواء الكاشفة والفاضحة عليها كما ينبغي للنقد أن يكون ، ويشير من ثمة الى سبل الإصلاح الواقعي والمعالجة الملموسة التي تسهم في تقويم الاعوجاجات وتصحيح المسارات .
ومن هذا المنطلق ، ليس من مصلحة الخطاب الإعلامي الجاد في وظيفته والحريص على رسالته ، أن يتردد باللجوء الى اللغة التي تحتوي في أروماتها العبارات الصريحة حتى وان كانت قاسية والكلمات المباشرة حتى وان كانت حادة ، سواء أكان أثناء وصف الحالة الشاذة أو الظاهرة المدانة ، أو خلال نقد هذه وتعرية تلك بما يتناسب وخطورة عواقبها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على المجتمع . ذلك لأن استخدام هذه الطريقة في المواجهة لا يحقق فقط معدلات عالية في (التوعية) و(التثقيف) لجمهور العامة المخدر في وعيه فحسب ، بل وكذلك يبصّر صاحب القرار المعني بمدى عمق الأزمات وجسامة خطورتها على الدولة والمجتمع ، هذا بالإضافة الى إرشاده الى ماهية الإجراءات الواجب اتخاذها لوضع الحلول واقتراح المعالجات .
وعلى هذا الأساس ، فان إيعاز المسؤولين عن وظيفة الخطاب الإعلامي ، سواء داخل مؤسسات المجتمع السياسي أو داخل منظمات المجتمع المدني ، حيال (تلطيف) عبارات (النقد) المعرفي و(اختزال) جمل (التحليل) السوسيولوجي ، بقصد حمل الرعية المضللة بالأكاذيب على تكوين الانطباع بأن الأمور تجري على خير ما يرام وأن ليس هناك ما يقلق ، سوف لن يفضي الى حل المشاكل الاجتماعية المتوطنة وإزالة الصعوبات الاقتصادية المزمنة ، بقدر ما يفاقم الأولى ويراكم الثانية على المديين المتوسط والبعيد ، بحيث لن يمر وقت طويل حتى تشرع الأوضاع السياسية والأمنية - المحتقنة أصلا"- بالتأزم والتفجر ، ولكن هذه المرة بأشد ما يكون عليه العنف من قسوة والتطرف من ضراوة ! . ناهيك عن ان انتهاج مثل هذه الممارسة (الانتقائية) في اختيار لهجة الخطاب والسعي للحد من طابعه النقدي ، سوف يحرم الجمهور المحاط بكل ما يجعله مدجن الوعي ومخصي الإرادة من فرصة التغلب على أميته الثقافية المزمنة ، والتمكن من تحقيق تراكم معرفي هو بأمس الحاجة إليه يتيح له التعاطي مع المستجدات بمرونة عقلية وإدراك صائب .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن
- تفسير الأنماط الثقافية للشخصية العراقية
- الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل
- المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة
- مفارقات المثقف المؤدلج وفخ (الهجنة) الايديولوجية
- أرشيف الماضي وقاموس المعاني : قراءة في المقاصد والحدود
- السبق الحضاري في المجتمع المعطوب : فاعل عراقة أم عامل إعاقة ...
- الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية
- القاع والقناع : احتباس الوعي بين التاريخ والايديولوجيا (حالة ...
- السياسة والفلسفة : تقارب أم تضارب ؟!
- الاطر الحضارية للعلوم الانسانية
- مفارقات المجايلة في سيكولوجيا الجماعات العراقية
- مجتمع الاصطناع .. وفقدان الأمثولة المعيارية
- مناقب الجمهور ومثالب النخبة !
- هل الى صحة العقل من سبيل ؟!
- العامل الاقتصادي وبندول الشعور الوطني
- السؤال الموارب : هل حقا-أنا مثقف ؟!
- مصطلح (البدوقراطية) بين حق التأسيس وحق الاقتباس
- مزالق الايديولوجيا ومآزق الايديولوجيين !
- الايديولوجيا ضد الايديولوجيين !!


المزيد.....




- تحمل معدات باهظة الثمن.. كاميرا ترصد لحظة السطو على مركبة فر ...
- شركة يابانية تكشف عن أصغر مكعب -روبيك- في العالم
- مدير الـ-CIA- يوضح موقف الإدارة الأمريكية من طبيعة الرد الإس ...
- شاهد.. كامالا هاريس تتجنب الرد عما إذا كان نتنياهو حليفًا مق ...
- -مكان خيالي- .. ترامب: غزة قد تصبح أفضل من موناكو
- معرض الوشم الدولي في هونغ كونغ: تصاميم مستوحاة من الأساطير و ...
- من أين تأتي أسلحة إسرائيل؟
- احتدام القتال بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قائد عسكري بالحزب ...
- مادورو: تم قتل هنية ونصر الله لعرقلة وقف إطلاق النار
- بيلاروس.. اتهام 45 شخصا بالتآمر لقلب نظام الحكم


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - ثامر عباس - الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي