أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن














المزيد.....

انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7600 - 2023 / 5 / 3 - 08:53
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن !


الأصل في هذه الموضوعة السياسية المحورية هي ؛ أن (الدولة) تعتبر المسؤول الأول والمباشر عن استنبات وإنضاج عناصر الوعي الاجتماعي بقضية (المواطنة) قبل أن تتصدى أية مؤسسة أخرى من مؤسسات المجتمع السياسي والمجتمع المدني للقيام بهذه المهمة الحضارية والإنسانية ، من حيث أن هذه المسألة تتعلق بتربية الإنسان وتوعيته على تغليب انتمائه الجمعي وولائه الوطني ورابطه الثقافي ، على انتماءاته التحتية وولاءاته الهامشية وانحداراته الفرعية .
وأما في حال غياب الدولة وتعطل أجهزتها وخراب مؤسساتها وتخليها عن دورها ، فمن الواجب على بقايا (المجتمع المدني) الإسراع في لملمت شعث شتاته ، واستنفار كل ما بحوزته من طاقات بشرية وإمكانيات مادية ومحفزات معنوية للنهوض بهذه المهمة الصعبة والخطيرة . وإلاّ فان كيان المجتمع المعني سيصار الى التصدع القيمي / الأخلاقي ، والتفكك الاجتماعي / الجماعاتي ، والتمزق النفسي / الشعوري ، والتناحر الديني / الطائفي ، كما هو الحال بالنسبة للمجتمع العراق الذي سرعان ما انفرط عقده السوسيولوجي وتبعثر نسيجه الانثروبولوجي أثر أحداث السقوط المشؤومة .
ولعل هناك من يعترض على صيغة عنوان المقال التي يستشف منها ؛ ان شعور (المواطنة) لدى الإنسان العراقي يمر في حالة من (الانكفاء) و(التراجع) ، بعد أن كان يظن انه مغمور بذلك الشعور لحد التخمة على مدى العقود التي أعقبت تأسيس الدولة العراقية عام 1921 م على الأقل ! . والحجة على ذلك ، انه وان كانت مؤسسة الدولة تتأرجح بين طور مركزية خانقة وبين طور انحلال فوضوي ، على خلفية استمرار توتر علاقاتها مع دول جوارها الإقليمي من جهة ومحيطها الدولي من جهة أخرى ، إلاّ أن شعور الفرد العراقي ب (مواطنيته) لم يلبث راسخا"في وعيه وقارا"في سيكولوجيته ، بحيث أن أية أزمة يتعرض لها كيانه الوطني سرعان ما ينتفض ذلك الشعور بالتأجج والعنفوان ! .
والحقيقة التي ينبغي علينا تقبلها – رغم كونها مرة وقاسية – هي ان أن فكرة (المواطنة) وما يترتب عليها من أخلاقيات والتزامات ، تعد الغائب الأكبر ليس فقط في وعي (المواطن) فحسب ، بل وكذلك العنصر الأندر في علاقاته وسلوكياته . فلكي تتمكن مشاعر (المواطنة) من وجدان المواطن وتستقر في باطن وعيه ، لابد لها من تحقيق شرطين أساسيين كنا قد أشرنا إليهما في كتابنا الموسوم (الهوية الملتبسة : الشخصية العراقية وإشكالية الوعي بالذات) ؛ الشرط الأول ويتعلق بضرورة مرور الجماعات المحلية بحالة من (الانصهار الاجتماعي) التي يتمخض عنها ما يعرف ب(الشخصية المعيارية) ، حيث تذوب خلالها وتتلاشى مختلف النعرات الأصولية التي دأبت تلك الجماعات على اتخاذها عنوانا"انثروبولوجيا"لها ، مثل (العشيرة / القبيلة ، أو المذهب / الطائفة ، أو القومية / الاثنية ، أو الجهوية / المناطقية ، أو اللسانية / اللغوية) . أما الشرط الثاني فيتمثل بتخلي تلك الجماعات عن تلك العناوين الانثروبولوجية – طوعا"/ اقتناعا"لا كرها"/ فرضا"- والانخراط في مشروع تحقيق ما يسمى ب (الهوية الوطنية) العابرة للهويات الهامشية والتحتية والفرعية ، والتي يتشكل من روابطها البينية وعلاقاتها المتقابلة نسيج المجتمع الحضاري .
والحال ما أن تصل تلك الجماعات الى هذا المستوى من النضوج الثقافي وتبلغ هذا الطور من الارتقاء الحضاري ، حتى تتمكن من وضع أولى خطواتها على مسار طويل ومتعرج ، ولكنه المسار الصحيح المفضي بها الى ولوج عصر (المواطنة الحضارية) ، حيث لا رجعة الى (الوراء) لما قبل مؤسسات الدولة ، ولا احتمال الانكفاء الى (الخلف) لما قبل كينونة المجتمع ، ذلك المسار الذي طالما حلمت بانتهاجه - دون جدوى - أجيال وأجيال من المكونات العراقية المتعاقبة . ولعل السبب في ذلك يعود الى ما تتمتع به الأعراف والتقاليد والقيم العصبية من قدرات على اختراق البنى التحتية لوعي المكونات السوسيولوجية والكيانات الانثروبولوجية التي يتشكل منها (المجتمع المدني) ، للحد الذي تستحيل معه الى ما يشبه (المعيار السيميائي) الذي يحتكم إليه الناشطون في هذا المجتمع من التعرف الى بعضهم والتواصل مع أقرانهم . ولهذا فقد اعتاد الجميع – مع بعض الاستثناءات – على تقديم أسمائهم مقترنة بألقابهم العشائرية والطائفية والمناطقية ، كما لو أنها (تميمة) سحرية يتبجحون باستعراض حملهم إياها أمام بعضهم البعض ! .
والغريب في هذا الأمر ان اللجوء لمثل هذا الضرب من السلوك البدائي ، لا يقتصر فقط على جمهور (العامة) من الناس ممن يعانون لوثة الجهل الثقافي والتخلف الاجتماعي فحسب ، وإنما راج سوقها وعلا شأنها – وهنا الطامة الكبرى – بين جماعات (الخاصة) ممن يحسبون على نخب المجتمع (المثقفة) كذلك . لا بل ان هؤلاء الأخيرين يكونون أحرص من سواهم على مراعاة التمظهر بتلك العناوين الانثروبولوجية ، حتى ولو كانوا من أصحاب الشهادات المتقدمة والمناصب العليا في الدولة .
أخيرا"لنقلها وبصراحة ؛ ان وعي الإنسان العراقي ربما يحتوي الكثير من الأشياء المتعلقة بمفاهيم الوطن والوطنية التي أكسبتها إياه تجاربه المريرة مع السلطات السياسية المتعاقبة ، التي طالما رسخت لديه الاعتقاد (بشخصنة) المفهوم الأول و(أدلجة) المفهوم الثاني . ولكنه بالتأكيد لم ينعم يوما"بترف الشعور ب (المواطنة) التي لم تفتأ قيمها الحضارية ودلالاتها الإنسانية تتوارى خلف عناوين ؛ انتماءاته القبلية – العشائرية ، والمذهبية – الطائفية ، والاثنية – العنصرية ، والجهوية – المناطقية ، واللسانية – اللغوية . للحد الذي أضحت معه مقولة خالية من أي معنى أو قيمة تتقاذفها الخطابات الأصولية والبرغماتية ، على سبيل المناكفات السياسية والمزايدات الإيديولوجية ليس إلاّ ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفسير الأنماط الثقافية للشخصية العراقية
- الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل
- المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة
- مفارقات المثقف المؤدلج وفخ (الهجنة) الايديولوجية
- أرشيف الماضي وقاموس المعاني : قراءة في المقاصد والحدود
- السبق الحضاري في المجتمع المعطوب : فاعل عراقة أم عامل إعاقة ...
- الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية
- القاع والقناع : احتباس الوعي بين التاريخ والايديولوجيا (حالة ...
- السياسة والفلسفة : تقارب أم تضارب ؟!
- الاطر الحضارية للعلوم الانسانية
- مفارقات المجايلة في سيكولوجيا الجماعات العراقية
- مجتمع الاصطناع .. وفقدان الأمثولة المعيارية
- مناقب الجمهور ومثالب النخبة !
- هل الى صحة العقل من سبيل ؟!
- العامل الاقتصادي وبندول الشعور الوطني
- السؤال الموارب : هل حقا-أنا مثقف ؟!
- مصطلح (البدوقراطية) بين حق التأسيس وحق الاقتباس
- مزالق الايديولوجيا ومآزق الايديولوجيين !
- الايديولوجيا ضد الايديولوجيين !!
- خراب العقلية العراقية وطراز المثقف النيتشوي !


المزيد.....




- تتسلقها النباتات الاستوائية.. ألق نظرة داخل أفضل ناطحة سحاب ...
- قيمته 4.5 مليون دولار..هل تود شراء منزل خاص بك في جزيرة بليز ...
- خلال تفتيش حرب بالجيش الثاني.. السيسي: الهدف من 2011 كان سقو ...
- بريطاني وأميركي يفوزان بجائزة نوبل للفيزياء
- كيف نميز بين جريمة الإبادة الجماعية والجرائم الأخرى؟
- -يجردك النزوح من كرامتك-
- نائب الأمين العام لحزب الله: -طوفان الأقصى حدث استثنائي ولن ...
- محمد نبيل بنعبد الله يستقبل وفدا عن لجنة نداء طاطا
- بريطاني وأمريكي يفوزان بنوبل للفيزياء عن إنجازاتهما في -التع ...
- بوتين يستقبل علييف في الكرملين ويدعوه إلى قازان


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن