أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية















المزيد.....

الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7457 - 2022 / 12 / 9 - 07:48
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    




بداية لابد من توضيح ما نعنيه بمصطلح (الهجنة الإيديولوجية) ، مع بيان طبيعة الاختلاف الذي يميزه عن نظيره مصطلح (الهجنة الثقافية) المستخدم بكثافة في الدراسات الحديثة المعنية بثقافات وهويات ما بعد الاستعمار ، والتي يعد المفكر الهندي (هومي بابا) من أبرز منظريها وأشهر روادها ، لاسيما من خلال كتابه الموسوم (موقع الثقافة) . وعليه فان ما نقصده بالمصطلح الأول هو ذلك (الخليط) المتنافر من الاعتقادات المختلفة و(المزيج) المتنابذ من الإيديولوجيات المتباينة ، التي تجتمع في وعي الإنسان بكيفية تلفيقية سواء كان مدركا"لهذا الأمر أم لم يكن مدرك . وهو ما يوسمه بمظاهر التذبذب في الانتماءات السياسية والتقلب في الولاءات الإيديولوجية وفقا"لتغير الظروف وطبقا"لتنوع المصالح ، هذا في الوقت الذي لا يشعر فيه - جراء ذلك - بالحرج النفسي أو التأنيب الأخلاقي مما يقوم به من أفعال أو يقدم عليه من مواقف . أما ما يذهب إليه مقصدنا بالمصلح الثاني ، فهو يقتصر – من وجهة نظرنا المتواضعة - على معاني ما بات يعرف في أدبيات العلوم الاجتماعية والإنسانية (بالتعددية) في مجال (الثقافات) و(الهويات) ، في إطار المجتمعات المعاصرة التي تعرضت جماعاتها السوسيولوجية ومكوناتها الانثروبولوجية لتيارات العولمة وموجات ما بعد الحداثة .
وهنا تطرح بعض الأسئلة ؛ هل يا ترى إن هذه الظاهرة مقصورة على شخصية الإنسان (العراقي) وحده دون سواه من بلدان العالم الثالث ، أم أنها شائعة بين أفراد وجماعات هذا النمط من المجتمعات المبتلاة بالانقسام على صعيد الاجتماع ، والتشظي على صعيد التاريخ ، والانشطار على صعيد الثقافة ، والتذرر على صعيد الهوية ، والاحتراب على صعيد الدين ؟! . وإذا ما كان جوابنا أنها وان كانت ظاهرة شبه عامة في مثل هذه الأوساط المجتمعية الموبوءة بطفيليات التخلف الحضاري ، إلاّ أنها لا تظهر بهذه الحدة في الوعي ولا تتجذر بهذا العمق في السيكولوجيا ، مثلما نلمسها لدى شخصية الإنسان العراقي للحد الذي يمكننا اعتبارها بمثابة سمة / صفة من سماته / صفاته ، لا تبارحه أو تفارقه كما لو أنها جزء حيوي في تكوينه الجيني والثقافي ، فهي وان فارقته – في بعض الأحيان - على مستوى المعلن من القول / الخطاب لدواعي براغماتية وانتهازية (نفعية) ، بيد أنها رفيقه الدائم على مستوى المخفي من الفعل / الممارسة لدواعي سيكولوجية عميقة وإيديولوجية متجذرة .
والحال انه إذا كان الأمر على هذه الشاكلة ، فما هي تلك الأسباب والدوافع التي جعلت من الإنسان العراقي يغدو ، ليس فقط كحاضنة نموذجية لمثل تلك الرواسب الأسطورية والمخلفات التاريخية ، بحيث يكون حريصا"كل الحرص على ديمومة وجودها وتوريث قيمها عبر أوليات وديناميات (المجايلة) بين أسلافه وأخلافه . بل وكذلك حملته على أن يصبح كينونة تتمتع بممانعة ذاتية قوية إزاء كل ما قد يعرّض ذلك الوجود وتلك القيم لعوامل النقد والتفكيك والزحزحة ، للحد الذي يبقيها ناشطة في ترسانة مخياله المؤمثل وفعالة في مطمور لاوعيه المؤسطر ؟! .
وفي هذا الإطار ، فقد تعددت الإجابات وتنوعت المداخلات بين المؤرخين وعلماء الاجتماع والنفس والانثروبولوجيا ، كل بحسب نوع تخصصه ونمط ثقافته ومستوى وعيه وطبيعة إيديولوجيته ؛ فمنهم من اعتبر إن الميل الذي تتميز به الشخصية العراقية نحو مظاهر (الجدل) و(المنافكة) والتي تعبر ، في العمق ، عن خصائص (الفطنة) و(الذكاء) ، هي من يقف خلف وجود هذه الظاهرة ويمدها بمقومات البقاء والديمومة ويشحنها بديناميات الفعل والتأثير . هذا ما ذهب إليه – على سبيل المثال لا الحصر - الفيلسوف والمؤرخ الشهير (الجاحظ) ومن الذين تأثروا به وشايعوه في رأيه من المؤرخين المعاصرين له واللاحقين عليه . هذا في حين اعتبر بعضهم الآخر – وهنا يتبؤ عالم الاجتماع الكبير (علي الوردي) مكان الصدارة - إن أسباب تلك الظاهرة تنبع من أتون الصراعات المستديمة ما بين (البداوة والحضارة) ، وان مستوى ظهور وشدة طغيان هذه أو تلك يعتمد على أواليات المد والجزر بينهما وفقا"للظروف القائمة والسياقات السائدة . ومن منطلق الإقرار بتنوع مصادر هذه الظاهرة وتشعب مكوناتها ، فقد أضاف المؤرخ العراقي (سيار الجميل) إلى عناصر (ثنائية الوردي) عنصرا" مهما"ثالثا"هو (الريف) ، لتصبح معادلة (البداوة – الريف – الحضارة) هي الصيغة الجديدة التي تحكم قبضتها على نوابض الشخصية العراقية . معتبرا"أن حضور علاقات الريف الأبوية وتأثير تصوراته العصبية في منظومة الوعي الجمعي العراقي ، لا تقل أهمية عما تفرزه وتروجه مظاهر (البداوة) و(الحضارة) المهيمنة على جدليات ذلك الصراع ، وهو ما أبدى الموافقة عليه واستحسنه (الوردي) ، كما أشاع (الجميل) في أبحاثه ومحاضراته الكثيرة .
وفي سياق تحديد العوامل وتشخيص المؤثرات المسببة لهذه الظاهرة ، ذهب البعض الثالث من المؤرخين والباحثين إلى أن المسؤول عن هذه الوضعية المأزومة للشخصية العراقية ، يكمن في كونها سجينة لقيود (أنساقها الثقافية) ورهينة لسلطان (أعرافها القيمية) ، وهو ما يبقيها محشورة بين خوانق هذه وتلك دون أمل بالخلاص ، ويجعلها بالتالي كينونة عاجزة عن الإفلات من إسارها . وهنا يعتبر المؤرخ العراقي المعاصر (سلمان رشيد محمد الهلالي) الأستاذ في جامعة ذي قار من أبرز المدافعين عن هذه الأطروحة وأكثرهم إنتاجا"وأعمقهم تحليلا".
وعلى الرغم من ضيق المساحة المسموح بها في هذا الحيز ، فان من المفيد الإشارة – باقتضاب شديد – إلى جهود البعض الرابع من الباحثين والأكاديميين ، ممن شددوا على مسؤولية الخلفيات السياسية والاجتماعية والنفسية التي شهدها المجتمع العراقي على مدى تاريخه القديم والحديث والمعاصر ، في اتسام الشخصية العراقية بهذا الطابع الملتبس في الوعي والإشكالي في السيكولوجيا . حيث تبرز أسماء كل من عالم الاجتماع العراقي (إبراهيم الحيدري) في ثلاثيته المخصصة لإعادة قراءة تاريخ الشخصية العراقية وبيان مآزق هويتها تحليلا"وتأويلا"من جهة ، وعالم النفس العراقي (قاسم حسين صالح) في أبحاثه السيكولوجية ودراسته السوسويولوجية ، وهو يستعرض من خلالها طبيعة الشخصية العراقية ابتداء (من السومرية إلى الطائفية) ، حيث تستوطن السرديات الأسطورية حقل التاريخ من جهة ، وتهيمن الإيديولوجيات الطوباوية على مضمار الوعي من جهة أخرى .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاع والقناع : احتباس الوعي بين التاريخ والايديولوجيا (حالة ...
- السياسة والفلسفة : تقارب أم تضارب ؟!
- الاطر الحضارية للعلوم الانسانية
- مفارقات المجايلة في سيكولوجيا الجماعات العراقية
- مجتمع الاصطناع .. وفقدان الأمثولة المعيارية
- مناقب الجمهور ومثالب النخبة !
- هل الى صحة العقل من سبيل ؟!
- العامل الاقتصادي وبندول الشعور الوطني
- السؤال الموارب : هل حقا-أنا مثقف ؟!
- مصطلح (البدوقراطية) بين حق التأسيس وحق الاقتباس
- مزالق الايديولوجيا ومآزق الايديولوجيين !
- الايديولوجيا ضد الايديولوجيين !!
- خراب العقلية العراقية وطراز المثقف النيتشوي !
- صراع العقيدة والمعتقد : بين الفتاوى الدينية والتعاويذ الطائف ...
- الثقافة والديمقراطية .. تزامن أم تعاقب ؟
- صلاحية الديمقراطية في المجتمعات المتخلفة !
- العقد الاجتماعي بين اهمال الدولة وتجاهل المجتمع
- الصراع على السلطة : مقاربة في سوسيولوجيا التداول السياسي
- تتريث العقل وتوريث الجهل
- اللغة السياسية والكتابة الصحفية


المزيد.....




- الولايات المتحدة تبلغ إسرائيل معارضتها قصف بيروت
- بايدن يعلن تعديل الموقف العسكري الأميركي بالشرق الأوسط
- الجيش الإسرائيلي يرصد إطلاق 50 صاروخا الليلة من لبنان وإصابة ...
- سيناريوهات الرد الإسرائيلي على إيران.. وبنك الأهداف
- واشنطن تقنن تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي
- روسيا تشن هجوما ليليا على العاصمة الأوكرانية
- في مواجهة -ثاد- كيف تخطط إيران لاختراق الدفاعات الجوية الإسر ...
- الانتخابات الرئاسية.. هاريس تستخدم -أسلوب ترامب- ضده في أجوا ...
- غروندبرغ يتهم الحوثيين بتقويض جهود السلام في اليمن
- حزب الله يطلق 50 قذيفة على إسرائيل فجر الأربعاء


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ثامر عباس - الشخصية العراقية ورواسب الهجنة الايديولوجية