أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي














المزيد.....

الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7735 - 2023 / 9 / 15 - 14:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لطالما ظلت الدراسات السوسيولوجية والانثروبولوجية في الجامعات العراقية – رغم تنوع مواضيعها وتكاثر مصادرها - تتهيب الخوض في غمار بحث وتحليل الطبيعة الفسيفسائية للجماعات والمكونات العراقية المتشظية والمتصارعة ؛ من حيث خصائص البنى التكوينية ، وأنماط الثقافات الفرعية ، ومضامين السرديات التاريخية ، و محتوى التمثلات المخيالية . ومن ثم الكشف عن أدوار تلك البنى والأنساق والأنماط التي كانت – ولا تزال – من أبرز الأسباب المعيقة للسيرورات والديناميات من جهة ، وإماطة اللثام عن التأثيرات والتداعيات والتبعات المحفزة لعوامل التخلف الاجتماعي – الاقتصادي ، والتطرف الديني – المذهبي ، والتعصب القومي – الاثني ، والتخندق الثقافي – اللغوي ، والتمترس الإيديولوجي – الحزبي من جهة أخرى . لا بل ان هناك من الباحثين والمؤرخين من يستهجن استخدام عبارة (الفسيفساء) لتوصيف طبيعة المجتمع العراقي ، من منطلق حرصه (العاطفي) على استبعاد كل ما يوحي ب (تعدد) الجماعات و(تنوع) المكونات التي يتشكل منها النسيج الاجتماعي العراقي (الموحد) ! .
وإذا كانت الممنوعات السياسية والمحرمات الإيديولوجية في السابق قد حالت دون ظهور وتطور مثل هذه الدراسة ، بدعاوى الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعي والحيلولة دون تفكك روابطه وتشظي أواصره ، ومن ثم الزعم بأن مكونات المجتمع العراقي تعيش في أفضل حالات التجانس الثقافي والتناغم الوطني . فان تغير الظروف السياسية وتبدل الأوضاع الاجتماعية وتحول الأنساق الثقافية وانزياح السياقات التاريخية في الوقت الحاضر ، لم تعد تبيح أو تسمح للمتخصصين (باحثين وأكاديميين) بالتعكز على مبررات ومسوغات باطلة لم يعد لها وجود ، بقدر ما تحفّز المعنيين والمهتمين للخوض في غمار تلك المواضيع ذات الطبيعة (الحساسة) المؤمثلة في المخيال . بحيث يكون بمقدور كل من أتيح له امتلاك العدة المعرفية والمنهجية الغوص في أعماق تلك الممانعات الشخصية والممنوعات الاجتماعية ، ليس فقط لكسر حواجز الخوف وتحطيم قيود الردع التي طالما كبلت العقل وغلت الإرادة فحسب ، وإنما لامتلاك القدرة على التحرر من كوابيسها النفسية والتخلص من عواقبها السلوكية ، وبالتالي الخروج بدراسات وتوصيات ذات جدوى على مختلف الصعد الإنسانية .
ولعل سؤال يطرح نفسه ؛ ما الذي يجعل علم الانثروبولوجيا ضروري الى هذا الحدّ بالنسبة للمجتمعات التي لا تزال تعاني عواقب ماضيها السياسي والاجتماعي والثقافي الشائك والملتبس ، لاسيما وان هناك علوم اجتماعية وإنسانية أخرى تشاطر هذا العلم اهتماماته وانشغالاته كعلوم (علم الاجتماع والتاريخ والحضارة والدين والاقتصاد) على سبيل المثال لا الحصر ؟! . وللإجابة على ذلك نقول ؛ ان الانثروبولوجيا هي العلم الذي يسعى للنبش في السيرورات التقليدية والتواضعات الاستاتيكية التي طالما شكلت سمة بارزة من سمات تلك المجتمعات . أي بمعنى أنه (الانثروبولوجيا) يسعى الى تفكيك البنى العميقة لتلك المجتمعات ، والحفر عميقا"في طبقات وعيها الباطن ، والتنقيب في طمى سيكولوجيتها المضمرة ، وهو الأمر الذي دفع بالفيلسوف الفرنسي (ميشيل فوكو) - ضمن بحثه عن (اركيولوجيا العلوم الإنسانية) – الى وصف الانثروبولوجيا بأنها (علم مضاد) للمألوف والمعيش ، من منطلق كونها (ليست أقل عقلانية ، بل لأنها تسير في الاتجاه المعاكس ، وتحاول دائما"(تفكيك) طبقات الإنسان التي تصر العلوم الإنسانية ، كالاقتصاد ، على صنعها) .
وعلى هذا الأساس تتكشف أمامنا ليس فقط أهمية هذا العلم وضرورته بالنسبة لهذا النمط من المجتمعات الإنسانية المتصدعة والمتشظية (الفسيفسائية) على صعيد نتائج التحليل والتأويل التي يقدمها للباحث فحسب ، وإنما تتوضح لنا خطورته على صعيد المقاربات المعرفية والمداخل المنهجية التي يستلزمها لسبر أغوار المسكوت عنه في ميادين التاريخ المؤمثلة ، والمحذور الاقتراب منه في مجالات الدين المؤسطرة ، والممنوع القول فيه في مضامير السياسة المؤدلجة . بحيث ان التقليل من شأن هذا العلم والحيلولة دون تطوير مجالاته وتفعيل ميادينه – تحت شتى المزاعم السياسية والإيديولوجية – أفضيا الى أعاقة العديد من الحقول المعرفية لجهة اجتراح التنظيرات النقدية واقتراح المنهجيات التفكيكية ، التي من شأنها إيجاد الحلول واستنباط المعالجات لأغلب مشاكلنا الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والثقافية والتاريخية والدينية ، التي لم تبرح ضغوط تراكماتها وتفاقم تداعاتها تضاعف من عوامل تهديد كيان دولتنا المتخلع وأمن مجتمعنا المتضعضع .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية
- ظاهرة الأريفة وتآكل المدماك الحضري
- حيرة الدراما العراقية في مسلسل حيرة !
- مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي
- حصاد القارئ من بيدر القراءة
- هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!
- الدولة العراقية وتعسّر كينونتها الحضارية
- الماضي وعلاقته بالدين
- الماضي وعلاقته بالاسطورة
- الوظيفة النقدية للخطاب الاعلامي
- انكفاء صيرورة (المواطنة) في وعي المواطن
- تفسير الأنماط الثقافية للشخصية العراقية
- الاسطوغرافيا العراقية والدعوة للتحول من الأعلى الى الأسفل
- المحنة العراقية : السلطة ضد الدولة
- مفارقات المثقف المؤدلج وفخ (الهجنة) الايديولوجية
- أرشيف الماضي وقاموس المعاني : قراءة في المقاصد والحدود


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي