أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثامر عباس - العرب وسيكولوجيا الأزمات !














المزيد.....

العرب وسيكولوجيا الأزمات !


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7816 - 2023 / 12 / 5 - 09:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ليس هناك أمة من أمم المعمورة مثل أمة العرب يمكن للأزمات أن تطلق عنان مخزونها العاطفي وتفجر كوامن مكبوتها النفسي ، مع الحد الأدنى من الاحتكام إلى فضائل العقل وشمائل المنطق عند مواجهة تلك الأزمات ، والركون إلى الواقع عند البحث عن حلول ومعالجات . ولعل هذا الأمر متأت من تراكم الصدمات وتعاظم الخيبات وتفاقم الخسارات ، التي تسببت بها جملة من العوامل الداخلية والخارجية ، بات الغالبية العظمى من الناس على اطلاع واف وكاف حيال الأطراف المساهمة بها والتداعيات الناجمة عنها .
والمفارقة أنه بقدر ما تتعامل أمم العالم الأخرى مع الأزمات على كونها باعث للتفكير العقلاني ومنشط للإرادة المستقلة ، بحيث كلما كان وقع الأزمة أكبر ووطأتها أشدّ ، كلما استدعت سيكولوجيتها استنفار قدرات العقل وطاقات الإرادة . بقدر ما تتعاطى معها امة العرب بمثابة طعنات مؤلمة وجروح غائرة تستلزم الصراخ والنواح من جهة ، وتستوجب الإدانة والتنديد ومن ثم الخلود الى الانزواء بانتظار التعافي واستئناف الأفعال العبثية وكأن شيئا"لم يكن ! من جهة أخرى . وهو الأمر الذي شجع الخصوم وأغرى الأعداء بمختلف مشاربهم السياسية وتعدد مستوياتهم الحضارية ، على افتعال كل ما من شأنه توريط العرب واستدراجهم للدخول بدوامة الأزمات الداخلية والانخراط بأتون الصراعات الخارجية ، بحيث لن تفتأ هذه الأمة الجاهلة أن تتخطى أزمة معينة حتى تجد نفسها تصارع أزمات أخرى أكثر تعقيدا"واشد استعصاء على الحل ، وهكذا دواليك ! .
والغريب في الأمر ان شخصية الإنسان العربي – حاكما"ومحكوما"- مصممة وفقا"لنقيضين متقابلين ؛ الأول وهو ما يمكن تسميته ب (التذاكي) و(التعالم) في الأوقات التي يشعر خلالها بوهم امتلاك القوة وحيازة التمكن ، وأما الثاني فيمكن تسميته ب (التشكي) و(التباكي) وهو ما يمكن رصده وملاحظته عند الشعور بهزيمة الذات وخذلان الآخر . أي بمعنى أنه في الحالة الأولى يبدو كثير الإعجاب بنفسه وشديد الاعتداد بشخصيته ، رغم حقيقة كونه يدرك انه مسلوب الإرادة ومعطوب الوعي ومعطل التفكير . أما في الحالة الثانية فانه يفرط في إظهار علائم الانكسار النفسي والخصاء الإرادي ، حتى ولو تضمنت كينونته شيء من عناصر التحدي والمقاومة .
والطامة الكبرى ، انه بدلا"من أن تكون الأزمات التي غالبا"ما تعصف بمنطقة الشرق الأوسط عامة والمنطقة العربية خاصة ، حافزا"ماديا"ودافعا"معنويا"للزعامات العربية المسؤولة عن كل ما من شأنه تخفيف – ولا نقول جفيف – سيول المعاناة عن شعوبها ودرء المخاطر عن أوطانها ، عبر التمسك بالمواقف الإرادية الصلبة ، والرهان على السبل العقلانية ، فضلا"عن الاستعانة بالاستقصاءات الواقعية ، للوقوف على البواعث والدوافع الكفيلة باجتناب التورط في اختلاق الأزمات الإقليمية والانخراط في الأحلاف والتكتلات الدولية ، بحيث تتمكن من الإفلات من الوقوع في مصيدة تلك الأزمات وتتمكن من تخطي عواقبها بأقل التضحيات المعنوية وأدنى الخسائر المادية ! .
وعلى هذا المنوال ، فقد عرّت الأحداث الدامية في مدينة (غزة) الفلسطينية خلال الأيام الماضية ، خصائص الشخصية العربية من حيث هشاشتها في المواقف الحاسمة وانهزاميتها في اللحظات المصيرية ، فضلا"عن تعرية نمط سيكولوجيتها المهزوزة والمرتبكة إزاء المخاطر والتحديات المصيرية ، التي أضحت بمثابة داء عضال لا شفاء له ولا خلاص منه . فعلى كثرة انعقاد المؤتمرات الباذخة ، وإجراء الندوات الصاخبة ، وتكثيف اللقاءات المكوكية بين قادة هذه الأمة المشلولة والمغلوبة ، حيث الخطابات الرنانة والتحذيرات النارية الطافحة بالعبارات المتفذلة التي عادة ما تحتوي متونها على الكثير من (الخطوط الحمر) القومية والإسلامية على نحو حماسي مضحك ، تارة لاستعراض (قوتهم) الدونكيشوتية ، وتارة أخرى لاستنهاض (رعيتهم) المخصية .
وهكذا لم يتمكن سراة القوم – بعد أن أظهر الغرب الاستعماري مخالبه وكشر الغرب عن أنيابه - من تبني أية استراتيجيات فعالة واتخاذ أية قرارات حازمة لتفادي شراسة العدوان الغربي وهمجيته ، سوى الركون الى لغة (التشكي) و(التباكي) الدبلوماسية بغية استدرار عطف المؤسسات والمنظمات الدولية ، لإنصافها في محنتها المزمنة وحمايتها من مصيرها المحتوم ! . وإذا ما حدث ونجحت هذه الأخيرة في انتزاع حق من حقوقهم المهضومة من براثن ضواري الغرب ، فلك أن تتخيل كيف سينبري قادة الأمة (المجيدة) في التبجح عن (قدراتهم) السياسية العظيمة ، والتباهي في (انتصاراتهم) الدبلوماسية المدوية ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفساد الأكاديمي ومأسسة الجهل المعرفي !
- الجامعات الأهلية وانحطاط المستوى العلمي
- هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟
- معوقات تعافي المجتمع العراقي
- القبيلة والقبلية .. في التخادم البنيوي والمؤسسي
- تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية
- ظاهرة الأريفة وتآكل المدماك الحضري
- حيرة الدراما العراقية في مسلسل حيرة !
- مشاكسات المطمور في اللاوعي الجماعاتي
- حصاد القارئ من بيدر القراءة
- هل للدين علاقة بالاغتراب ؟!
- الدولة العراقية وتعسّر كينونتها الحضارية


المزيد.....




- حلم كل مسافر.. هذا المطار لم يفقد قطعة واحدة من الأمتعة منذ ...
- الإعلام الإسرائيلي يفضح نتنياهو ويقلب الطاولة عليه: لن نلعب ...
- عنف المستوطنين يضيق الخناق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، ...
- نتنياهو يريد بقاء حماس في السلطة، -ودوافعه الخفية كُشفت- - ج ...
- الاعتداء على ساسة ألمان ـ شولتس يندد وفيزر تبحث تشديد إجراءا ...
- مصرع سائق بعد اصطدام سيارته بإحدى بوابات البيت الأبيض (صور) ...
- كل مرة بمليون..الحظ يحالف أمريكية مرتين في أقل من 3 أشهر (ص ...
- عبد اللهيان: احتمالات توقف الحرب في غزة باتت أكثر من السابق ...
- صفقة التبادل تعمّق أزمة نتنياهو وتبدد شعار -النصر المطلق-
- ترقب لمباحثات القاهرة وحماس تتمسك بدور تركي روسي ضامن


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثامر عباس - العرب وسيكولوجيا الأزمات !