أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ثامر عباس - دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف














المزيد.....

دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7852 - 2024 / 1 / 10 - 10:18
المحور: المجتمع المدني
    


مع كل منعطف من منعطفات المعرفة البشرية التي لا تفتأ تنمو وتتطور بمتوالية هندسية ، ومع كل منعرج من منعرجات الحضارة الإنسانية التي لا تبرح تتقدم وترتقي بمقاييس تصاعدية ، تظهر الحاجة لاجتراح مفاهيم واستنباط مصطلحات تواكب هذه النقلة وتجاري هذه الطفرة النوعية ، بما يمكنها من تحايث معطياتها في مجالات الوعي والسلوك الإنسانيين بحيث يتاح للفاعل الاجتماعي التعاطي مع هذا الحراك ، بلّه السيولة والانثيال ، على النحو الذي يحقق غاياته ويضمن مقاصده بشكل متوازن . ولعل الأستاذ الجامعي والمفكر اللبناني (علي حرب) كان السبّاق – من بين أقرانه العرب - في الاشتغال على هذه الأدوات المفهومية ، لاغناء عدته المعرفية وتجديد طرائقه المنهجية خلال تعاطيه مع عناصر الثقافة العربية المتشابكة والمتراكبة ، عبر سبر أعماق مكوناتها السوسيولوجية والابيستمولوجية والسيكولوجية .
وفي ضوء ما شهده – ويشهده – العالم اليوم من ثورات علمية وانقلابات معرفية وانفجارات منهجية ، للحد الذي نسفت كل قناعاتنا المعروفة وأطاحت بمجمل مسلماتنا المألوفة ، فقد غزت الأدبيات الثقافية والسرديات الفكرية العديد من المفاهيم والمصطلحات التي كان مجرد التفكير بها يعد من قبيل (التندر) أو (التهكم) . لا بل ان الأمر بلغ حدا"من الابتداع للمفاهيم والمصطلحات الغريبة والصادمة ، ليس فقط من أجل حملها على مواكبة سيرورات الواقع المتقلبة ومحايثة دينامياته المتذبذة فحسب ، وإنما جعلها تضمر معاني ودلالات ما قد ستئول إليه أوضاع المجتمعات وظروفها في قابل الأيام كذلك . أي بمعنى ان مجهودات نحت واجتراح تلك المفاهيم والمصطلحات ، لم يكن ليجعل من تعبيراتها ومقاصدها تقتصر فقط على ما يعلن عنه الواقع القائم من معطيات معاشة فحسب ، بل وكذلك تضمينها تصورات استشرافية لما قد يتمخض عن المستقبل من احتمالات وخيارات وعلاقات .
وعلى هذا الأساس ، فقد تلقف بعض الكتاب والباحثين المأخوذين بكل جديد والمبهورين بكل مستحدث - حتى ولو كان غير معقول وغير ممكن - جملة من تلك المفاهيم والمصطلحات التي ضمنها أصحابها دلالات تشي بموت (المثقف) تارة وانقراض(الثقافة) تارة ثانية ، والتي تأتي في سياق الترويج لنهايات (التاريخ) و(الجغرافيا) و(الايديولوجيا) ، الخ . كما لو أنها بديهيات مطلقة لا يأيتها الباطل ولا ينالها النقد ولا يعتريها التآكل . دون أن يضعوا في اعتبارهم جملة من الحقائق لعل أبسطها ؛ ان المجتمع الذي يعيشون فيه وينتمون إليه – وان يكن مستحيلا"وجود مجتمع بلا ثقافة - سيكون جحيما"لا يطاق بلا ثقافة تشذب همجيته وتهذب بربريته ، مثلما هي أيضا"استحالة وجود ثقافة بلا مثقفين يشكلون عناصرها الإنسانية يجسدون قيمها الأخلاقية ويرسون قواعدها الحضارية .
وإذا ما تواضعنا على حقيقة ان (الثقافة) هي ، أولا"وقبل كل شيء ، منظومة من القيم الأخلاقية والقواعد الحضارية والضوابط السلوكية ، قبل أن تكون شهادات عالية ومناصب رفيعة وملابس أنيقة وصلاحيات واسعة ، فان ادعاء (انقراض) الثقافة و(موت) المثقف) في المجتمعات التي لا تزال مكوناتها تحتكم الى البدوية / القبلية ، ومرجعياتها الأصولية / العصبية ، وعلاقاتها الفئوية / الزبائنية ، وتضامنياتها الريفية / القروية ، واستقطاباتها الجهوية / المناطقية . يبدو ضربا"من العبث الفكري والسفسطة اللغوية ، من حيث ان عناصر صيرورة (الثقافة) في هذا النمط من المجتمعات المتصدعة والمتشظية ، لم تتبلور بعد وفقا"لمقاييس التطور والارتقاء والتقدم حتى يمكن إعلان انقراضها بهذه البساطة . مثلما ان عوامل تكوين الفاعل الثقافي (المثقف) في مثل هذه الجماعات المتذررة والمتبررة ، لم تكتمل بعد استنادا" الى معايير الوعي والأخلاق والتحضر حتى يمكن إعلان موته بهذه السهولة .
وعلى هذا الأساس ، لا ينبغي لنا الانسياق – دون بصيرة – خلف بريق المفاهيم ولمعان المصطلحات التي لا يبرح الوعي الغربي ينتجها ويروج لها ، تعبيرا"- حقيقيا"أو متخيلا"- عن خصوصيات تجاربه وممارساته في المضامير الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحضارية والقيمية والنفسية ، ناهيك عن نزوع (مركزيته) للهيمنة الكونية . إذ ليس كل ما تجود به الحضارة الغربية المعاصرة من أنماط فكرية وسلوكية وأخلاقية ورمزية ، يمكن حسبانه على لائحة (التثاقف) بين الشعوب و(التلاقح) بين الحضارات و(التمازج) بين الثقافات .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...
- أسباب انتكاسة التيار (المدني) في الانتخابات المحلية
- العرب وسيكولوجيا الأزمات !
- الفساد الأكاديمي ومأسسة الجهل المعرفي !
- الجامعات الأهلية وانحطاط المستوى العلمي
- هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟
- معوقات تعافي المجتمع العراقي
- القبيلة والقبلية .. في التخادم البنيوي والمؤسسي
- تفتيت الذاكرة العراقية .. من وعي الذات الى غربتها !
- الحسّ المشترك .. ادراك ما قبل الوعي
- الديموقراطية وشرط الوعي السياسي
- الانثروبولوجيا والخاصية الفسيفسائية للمجتمع العراقي
- خطاب المثقف واستقطاب المجتمع
- انتعاش السرد التاريخي في المجتمعات المتصدعة : دليل أزمة أم م ...
- مصائر بلاد الرافدين : ماذا لو جفّت أنهار العراق ؟!
- الاستحالة الحضارية : من الكنية الى الكينونة
- كبوة الوعي بين النسقية الثقافية والنسقية الايديولوجية
- ظاهرة الأريفة وتآكل المدماك الحضري
- حيرة الدراما العراقية في مسلسل حيرة !


المزيد.....




- إسرائيل: منتدى الأسرى يطالب نتنياهو بتجاهل الضغوط السياسية و ...
- ارتفاع حصيلة المعتقلين في الضفة الغربية لـ 8575 فلسطينيا منذ ...
- أهالي عدد من الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة يهاجمون رئيس وز ...
- مسئول ملف الأسرى الإسرائيلي السابق: حماس جادة بالتفاوض
- زواج المثليين يكبح الحوار بين الكنيستين الأرثوذكسية الروسية ...
- -واشنطن بوست-: سكان بالضفة يتهمون قوات إسرائيلية بتنفيذ عملي ...
- -إشعار قبل 48 ساعة-.. اجتماع بين إسرائيل ومنظمات إغاثة بشأن ...
- هيئة فلسطينية: جرائم طبية وتنكيل بالأسرى في مستشفى سجن الرمل ...
- -واشنطن بوست-: سكان بالضفة الغربية يتهمون قوات إسرائيلية بتن ...
- -كندا دولة قانون-.. تعليق من ترودو بعد اعتقالات مرتبطة باغتي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ثامر عباس - دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف