أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثامر عباس - عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية














المزيد.....

عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7962 - 2024 / 4 / 29 - 17:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل أن تتعرض شعوب البلدان العربية لاكتساح الظاهرة الكولونيالية ، لم تكن تفقه شيئا"عن معاني ودلالات مفاهيم من مثل ؛ الرأسمالية والليبرالية والديمقراطية والاشتراكية والشيوعية ، اللهم إلاّ النزر اليسير مما تنطوي عليه من أفكار مبتسرة وتصورات مبهمة ، حيث ساهمت في نشرها وتداولها جهود بعض الرحالة والمترجمين ممن استهوتهم مضامين تلك المفاهيم والمصطلحات ، بحيث ضمنوها كتبهم وأدرجوها ضمن مصنفاتهم بصورة لا تخلو من التبسيط الواضح والاختزال الفاضح .
ولكن مع مطالع القرن العشرين كان لتلك الشعوب التي أدخلت عنوة في دوامات السياسة الاستعمارية شأنا"آخر مع تلك المفاهيم والمصطلحات التي أحيطت بهالة من الإعجاب الفطري والافتتان الساذج . إذ ما أن عمدت السلطات الاستعمارية - لتسهيل ظروف احتلالها وتهيئة مستلزمات استغلالها - الى إدخال بعض ما اعتبره البعض (إصلاحات سياسية) و(تحسينات اقتصادية) و(خدمات اجتماعية) و(انجازات حضرية) ، حتى تهاوت النخب في تلك البلدان صرعى (الوهم الليبرالي) الذي برعت في تزويقه وترويجه كيانات (مدربة) ومؤسسات (محترفة) أوجدتها السلطات الاستعمارية لهذا الغرض . هذا بالإضافة الى وجود ثلة منقاة من السياسيين والمؤرخين والمستشرقين كمشاركين ومتعاونين مع تلك السلطات ؛ إما بوازع الالتزام الوظيفي – الرسمي كخبراء ومستشارين ، أو بدافع الاهتمام العنصري – الإيديولوجي كباحثين ومفكرين .
وعلى ضوء هذه المعطيات وتلك المؤشرات ، فقد اعتقدت تلك (النخب) إن تلك السياسة الممنهجة وما تمخض عنها من إجراءات ملموسة وممارسات فعلية ، وضعتنا على أعتاب عصر جديد من التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي ، بحيث صار بمقدورنا ولوج طور الحداثة (الليبرالي) البعيد المنال ، ان لم نكن قد بلغنا أوان قطف ثماره والتمتع بمزاياه . لاسيما وان سلطات الاحتلال لم تتوانى في تغذية ذلك (الوهم - الحلم) فكريا"وتضخيمه سيكولوجيا"لدى عناصر تلك النخب التي لم تتوانى - دون تبصر وبلا تحفظ – في السعي الى توطينه اجتماعيا"، ومأسسته سياسيا"، وشرعنته إيديولوجيا" ، عبر بحوث كتابها ودراسات مفكريها الذين أخذوا بالمظاهر دون الجواهر ، واحتكموا الى الشكل دون المحتوى . لا بل ان هناك رهط من الأكاديميين التقليديين ممن حاولوا إيجاد جذور محلية للفكرة (الليبرالية) داخل بيئتنا الاجتماعية ، مثلما سعوا الى خلق أصول لها في أوساطنا الثقافية .
والحال إذا ما نظرنا الى الطبيعة السوسيولوجية لمجتمعات العالم الثالث – وبضمنها العربية طبعا"- سنلاحظ ان الغالبية العظمى منها ذات بنى اجتماعية أقرب الى (البطريركية) منها الى (الليبرالية) ، وأنماط اقتصادية أقرب الى (الإقطاعية) منها الى (الرأسمالية) ، وأنساق ثقافية أقرب الى (الفولكلورية) منها الى (العقلانية) . وهو ما جعل قسم كبير من مكوناتها شديدة الممانعة إزاء أية محاولة تستهدف انفتاحها أمام تيارات الفكر الغربي ، لاسيما الإيديولوجية (الليبرالية) وما تنطوي عليه من قيم ومبادئ . سواء جاءت هذه المؤثرات عن طريق (التدخل) الخارجي المقنن والمشروط كما فعلت القوى الاستعمارية مع مستعمراتها السابقة ، أو عن طريق (التقبل) الداخلي الممنهج والمتدرج عن طريق برامج التعليم الأهلي والرسمي من جهة ، والانخراط بالسلك الوظيفي الحكومي من جهة أخرى . بحيث تتساوق عمليات الاستقرار السياسي والاجتماعي مع عمليات التطور الثقافي والحضاري ، وهو ما ندر تحققه وتعذر حصوله إلاّ في حالات محدودة وتجارب فريدة كما نعلم ! .
وبصرف النظر عما لحق بالإيديولوجية (الليبرالية) – في بيئاتها الجغرافية والحضارية - من تشظي الى أنواع (سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية) ، إضافة لما طرأ عليها من ارتدادت وتراجعات في أصل قيمها وكنه مبادئها التي تميزها عن سواها من الإيديولوجيات الأصولية والراديكالية (القومية والاشتراكية والشيوعية) التي لا تزال أطيافها ماثلة في الوعي الجمعي للكثير من المجتمعات ، إلاّ أنها لم تبرح – وهذا هو الانطباع السائد - محافظة على طبيعة خصائصها النوعية وثوابتها الأساسية من حيث كونها التعبير المباشر عن (حرية الفرد) من كل قيد و(تحرر المجتمع) من كل عائق .
وفي حين ان الإيديولوجية الليبرالية – في صيغتها الكلاسيكية - لا تقوم فقط على مأسسة السلطات وشرعنة المؤسسات ، أي ان (( الدولة المركزية – كما لاحظ بحق المفكر الاقتصادي العراقي عصام الخفاجي – لا تعني الحداثة . أنها خطوة في هذا الاتجاه ، لكنها ليست خطوة كافية بحد ذاتها )) فحسب ، وإنما ترتكز أيضا"على أنسنة العلاقات وعقلنة التصورات . فلنا أن نتصور كم هي خاطئة ومضللة تلك الدعوات والمحاولات التي يستهدف أصحابها تكوين الانطباع ان مساهمة المستعمر (الليبرالي) في تكوين (دولة) ما ووضع (دساتير) لها ورفدها ببعض (الإصلاحات) هنا أو هناك ، هي بمثابة مؤشرات كافية على اختراق الإيديولوجية (الليبرالية) لبنى المجتمعات التاريخية الراكدة وتفكيك منظوماتها القيمية والرمزية ، فضلا"عن دور تلك المؤشرات في كسر حدة الممانعات التي كانت تبديها الجماعات التقليدية إزاء كل ما يمت بصلة لمبادئ وقيم تلك الإيديولوجية .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذاكرة التاريخية .. مفهوم واحد ودلالات متعددة
- مفهوم الجدارة السياسية بين براغماتية الحاكم ودوغمائية المحكو ...
- الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية
- الاقطاع السياسي : نمط فوضوي لتفكيك الدولة واغتصاب سلطتها
- الطبقة الوسطى العراقية وأوهام وعيها الطبقي
- الثقافة في حضرة التاريخ : حفريات في ذاكرة الثقافة العراقية
- ثيمة الماضي في المتخيل الجمعي
- النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي
- أطروحات علي الوردي وطبيعة الشخصية العراقية : منظور مختلف
- متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب
- الشرعية الدولية : هل حقا هي شرعية ؟!
- من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !
- عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية
- التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتم ...
- دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...
- أسباب انتكاسة التيار (المدني) في الانتخابات المحلية
- العرب وسيكولوجيا الأزمات !
- الفساد الأكاديمي ومأسسة الجهل المعرفي !


المزيد.....




- جدل على تصريح محمود عباس حول -هجمات 7 أكتوبر- وانتقاده -القر ...
- مصر.. مستريحة الملابس في الغربية تنهي حياتها بطريقة -فظيعة- ...
- جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل: -الإبادة الإسرائيلية في غزة ب ...
- القمة العربية تدعو إلى نشر قوات دولية -في الأرض الفلسطينية ا ...
- برلين تحذر: لا يمكن كسب الحرب ضد حماس بالوسائل العسكرية فقط ...
- وزير خارجية اليمن لـRT: هجمات الحوثي بلا فائدة
- حزب الله يكشف عن مميزات سلاح جديد استخدمه في استهداف مستوطنة ...
- السفارة الروسية لدى تالين: سنعتبر أي مساس بالأصول الروسية من ...
- هجوم بقنبلة على مسجد في نيجيريا يخلف 8 قتلى والشرطة تكشف الد ...
- ملك البحرين يؤكد للأسد حرص المنامة على استعادة سوريا كامل عا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ثامر عباس - عوائق الليبرالية في المجتمعات البطريركية