أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثامر عباس - الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية














المزيد.....

الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 7937 - 2024 / 4 / 4 - 17:19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسيّة
(( استهداف الماضي هو استكشاف للحاضر واستشراف للمستقبل ))


غالبا"ما نستهجن محاولات التحيين للماضي وعمليات الاستدعاء للتاريخ من لدن قسم من الكتاب والباحثين في الشؤون الاجتماعية والإنسانية ، من منطلق كونها تسعى لتوظيف موروث الأول واستثمار سرديات الثاني لمآرب سياسية ومكاسب اقتصادية ، غالبا"ما تقف خلفها وتحتمي تحت ظلها جهات حزبية متسلطة وتيارات إيديولوجية مهيمنة . ولعل هناك من يعترض علينا بسؤال مشروع مفاده ؛ ما الداعي الى النبش فيما مضى من أحداث وما العبرة في استدعاء فيما أدبر من وقائع ؟! ، لاسيما وأن كل عمليات النبش والاستدعاء كان مردودها – في الغالب الأعم - عبارة عن نكأ للجروح وإثارة للضغائن . هذا في حين ان جل مجتمعات العالم المعاصر تمكنت من طي صفحات ماضيها وغادرت حصون عصبياتها ، لتيمم وجهها صوب معطيات الحاضر وما يزخر به من حراك وتحول وتطور من جهة ، وتتطلع باتجاه توقعات المستقبل وما يضمره من نذر مقلقة ، أو يبشر به من آمال عراض .
والحقيقة التي لابد من الإقرار بها والتعاطي معها هي ؛ انه ليس كل عملية استحضار للموروث التاريخي واستدعاء للمخزون المخيالي ، تتضمن بالضرورة مقاصد تجييش (العصبيات) المتباغظة واستنفار (الكراهيات) المتقابلة التي غصّت بإحداثها الدامية ووقائعها المدمرة صفحات التاريخ القديم والحديث ، لا بل وحتى المعاصر . وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار رأي فيلسوف التاريخ (هايدن وايت) الذي مضمونه ان ((التاريخ ليس ما وقع ماضيا"، بل ما هو واقع في ماض مستمر في الحاضر ومتجه الى المستقبل . فنصوص التاريخ المدون لم تقل كل ما مضى ، إذ ما زال هناك مغيب ومسكوت عنه كثير في بطون التاريخ )) . فان الأمر ، والحالة هذه ، لا يتطلب إسدال الستار على وقائع الماضي والتعتيم على أحداث التاريخ ، كما لو أنها مخلفات أسطورية وبقايا خرافية عفى عليها الزمن ، أو اللجوء الى عمليات الحذف والإضافة بما يدعم مواقفنا السياسية ويسوغ مصالحنا الاقتصادية ويعزز تصوراتنا الإيديولوجية . بقدر ما يتطلب استدعاء تلك الأحداث والوقائع لاستجلاء الحقائق المطموسة واستخلاص العبر المهملة ، بعد أن يتم العمل على تفكيك عقدها ونقد مضامينها .
وهنا لابد من التنويه ، بان المجتمعات التي تماثل المجتمع العراقي من حيث تعدد الخلفيات التاريخية وتباين المرجعيات الدينية وتنوع الأصوليات الثقافية لجماعاته السوسيولوجية ومكوناته الانثروبولوجية ، لا تفتقر نخبها من السعي الدائم والمستمر لاستدعاء مواريث ماضيها واسترجاع أحداث تاريخها ، لا بل أنها قد تتفنن في إيجاد الأساليب والوسائل التي من خلالها تستطيع تحقيق ذلك الاستدعاء والاسترجاع على نحو يكاد أن يكون مرضيا"(نوستالجيا") في بعض الأحيان . ولكن لننتبه الى حقيقة أن تلك المساعي والمحاولات تنطوي – في غالبيتها العظمى - على مقاصد (تعبوية) (وتحريضية) تتميز بطابعها العاطفي والشعبوي ، بحيث تفضي الى خلق حالة من الهياج السيكولوجي لدى (جمهور) أغلبه مستلب ومستقطب سمته الأساسية الافتقار الى الوعي التاريخي ، تسهل السيطرة على إرادته والتلاعب بخياراته والتضحية بمصالحه والاستهانة بدوره ، وهو الأمر الذي يضاعف الأزمات ويعمق الاحتقانات ويؤجج الكراهيات .
والحال ، لكي تكون عمليات الاسترجاع للماضي والاستدعاء للتاريخ ذات جدوى ومردود ايجابي ، ليس فقط على صعيد حاضر المجتمع بمختلف مكوناته الاجتماعية وتكويناته الثقافية فحسب ، وإنما على صعيد ما يضمره المستقبل من وعود مبشرة بالنسبة لتطور أجياله كذلك . فانه لابد لهكذا عمليات استرجاعية من التسلح بمنهجيات (النقد) الموضوعي وأساليب (التحليل) العقلاني لكل ما يمت بصلة لترسبات ذلك الماضي وتمثلات ذلك التاريخ ، بحيث لا يستحيل مسعى الاستهداف للموروث الى مجرد تصيد للأخطاء وتأشير للانحرافات التي أفرزتها التجارب والممارسات هنا أو هناك ، والتي غالبا"ما تفضي – في حال القراءات الاسقطاية والتصورات النمطية - الى تحويل (النقد) المرجو للواقع الى (جلد) للذات كما هي الحالة السائدة .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقطاع السياسي : نمط فوضوي لتفكيك الدولة واغتصاب سلطتها
- الطبقة الوسطى العراقية وأوهام وعيها الطبقي
- الثقافة في حضرة التاريخ : حفريات في ذاكرة الثقافة العراقية
- ثيمة الماضي في المتخيل الجمعي
- النظام التعليمي كبنية تحتية للوعي الاجتماعي
- أطروحات علي الوردي وطبيعة الشخصية العراقية : منظور مختلف
- متلازمة (الارادة والقوة) بين الغرب والعرب
- الشرعية الدولية : هل حقا هي شرعية ؟!
- من لا يقرأ بجد لا يحق له النقد !
- عقدة الهاجس الأمني لدى الشخصية العراقية
- التباس وعي (النخبة) العراقية بين خوانق التاريخ وشرانق المجتم ...
- دلالات مفهوم الانقراض بين الثقافة والمثقف
- نرجسية أنا (الأوحد) لدى المثقف العراقي !
- عرض موجز لكتاب ( أثريات الانتلجنسيا : الموروث التقليدي لدى ا ...
- أسباب انتكاسة التيار (المدني) في الانتخابات المحلية
- العرب وسيكولوجيا الأزمات !
- الفساد الأكاديمي ومأسسة الجهل المعرفي !
- الجامعات الأهلية وانحطاط المستوى العلمي
- هل نجحت (البوتقة) العراقية في صهر مكوناتها ؟
- معوقات تعافي المجتمع العراقي


المزيد.....




- للمرة الأولى.. أطباء أسناء يركّبون سنًّا لدب بني
- أمل عرابي: دفاع ترامب عن نتانياهو يؤكد وجود مصالح سياسية مشت ...
- تفاعل الأوساط السياسية الإسرائيلية مع دعوة ترامب لوقف محاكمة ...
- روسيا تطوي صفحة اتفاق نووي مع السويد عمره 37 عاما
- البرش: الاحتلال يكثف هجماته على مراكز الإيواء وإصابات منتظري ...
- إلغاء جلسات محاكمة نتنياهو بعد مشاركته في جلسة سرية بالمحكمة ...
- لماذا أفريقيا أولوية لإيران بعد الحرب؟
- شاهد.. بوغبا يبكي خلال توقيع عقده مع موناكو الفرنسي
- الاحتلال يصعد بالضفة ويعتقل العشرات بالخليل واعتداءات المستو ...
- إيران تشكك في التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار وتؤكد جاهزيتها ...


المزيد.....

- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - ثامر عباس - الاستدعاء النقدي للتاريخ : قراءة في الأصول المنسية