أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الخصائص المعيارية للخصية العراقية (القسم الخامس) الخاصية المزاجية (اللامبدئية) : سهولة التحوّل الايديولوجي من النقيض الى النقيض















المزيد.....

الخصائص المعيارية للخصية العراقية (القسم الخامس) الخاصية المزاجية (اللامبدئية) : سهولة التحوّل الايديولوجي من النقيض الى النقيض


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8388 - 2025 / 6 / 29 - 08:25
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الخامس) الخاصية المزاجية (اللامبدئية) : سهولة التحول الإيديولوجي من النقيض الى النقيض


كنا قد ألمحنا ضمن فقرة الخاصية (النكوصية) ، اتصاف العقل العراقي بصفات الانفعال والمزاجية ، والمقصود بذاك ان صاحب هذا العقل حين يتعاطى مع معطيات الواقع وينخرط في حراك المجتمع ، لا يشرع من حقيقة (الترابط) البنيوي بين الظواهر الطبيعية ، و(التفاعل) الجدلي بين المكونات الاجتماعية ، و(التكامل) الوظيفي بين معطيات الأولى وسلوكيات الثانية . وإنما يحدد مواقفه ، ويبني تصوراته ، ويقنن تصرفاته ، انطلاقا"مما تمليه عليه الحالة (المزاجية) التي يمر بها ويشعر فيها خلال ظرف زماني أو مكاني معين . إذ أن بندول طبيعته السيكولوجية لا يتأثر بالقضايا التي لها علاقة بالقيم (الوطنية) ، أو المثل (الأخلاقية) ، أو المبادئ (الإنسانية) ، أو المعايير (الحضارية) . بقدر ما يميل هذا البندول باتجاه المنافع الشخصية والدوافع الفئوية التي تشكل - في حالة الإنسان العراقي - النوابض الخفية للشخصية العراقية الملتبسة .
والحقيقة ان لهذه الخاصية (المزاجية) أسباب تاريخية غائرة لا ترتبط فقط بكوارث (الحاضر) وما تسببت له من هوان فحسب ، وإنما هي تنتمي الى مآس (الماضي) وما أورثته له من أحزان ، حيث صعب على الإنسان العراقي إدامة الشعور بالطمأنينة والركون الى الاستقرار ، في بيئة جغرافية - إيكولوجية طالما كانت قاسية عليه وعنيفة ضده ، الأمر الذي طبعت شخصيته بطابع سيكولوجي يتسم بالخوف من الواقع المعيش والقلق من المصير المجهول . فبقدر ما كان هذا الإنسان يكافح لضمان وجوده من الاندثار والحفاظ على نوعه من الانقراض ، بقدر ما كانت عوامل الطبيعة وعناصر الجغرافية تشعره بعجزه وقلة حيلته إزاء تطويعها لإرادته وتدجينها لحاجاته . وعلى ما تذكر كتب التاريخ والحضارة ، فان معاناته وقلقه لا يقتصران فقط على ما تمخض عن تواتر الغزوات واستمرار الصراعات من دمار عمراني وخراب حضاري ، بحيث كلما تقدم خطوة الى الأمام اضطرته تلك الغزوات والصراعات الى التراجع خطوات عدة الى الوراء فحسب ، وإنما فداحة ما أصابه من جور الطبيعة القاسية وما لحق به من أضرار جراء ضراوة نوباتها الدورية كذلك . لاسيما تلك المتمثلة بتغيير مسارات نهري دجلة والفرات بشكل دائم ، الأمر الذي يضطره الى هجره أماكن سكنه وترك أراض زراعته باستمرار ، هذا بالإضافة الى ما كان ينوبه من خسائر مادية وبشرية خلال مواسم الفيضانات المدمرة وما ينجم عنها من مجاعات رهيبة وأوبئة فتاكة ، ناهيك بالطبع عما تسببت به ظواهر أخرى لا تقل ضررا"مثل ؛ الجفاف والاطماء والملوحة .
وفي إطار هذه الظاهرة ، فقد قدمت لنا تجربة الأحزاب السياسية العاملة في العراق (الشيوعية والقومية والإسلامية) منذ العقود الأولى للقرن الماضي وحتى كتابة هذه السطور ، الكثير من الحالات التي تشي بأن قسم كبير من الأعضاء المنخرطين في تنظيمات تلك الأحزاب ، انسلخوا في مرحلة من المراحل أو محطة من محطات نشاطهم السياسي عن أحزابهم السابقة ، بحيث تحولوا من أقصى (اليسار) الى أقصى (اليمين) وبالعكس ، دون أن ينتابهم أدنى شعور بالحرج جراء هذا الانقلاب المفاجئ والمحيّر . وربما هناك من يعزو هذه الظاهرة الى حصول نضوج (فكري) وارتقاء (ثقافي) بالنسبة للشخص المتحوّل من إيديولوجيا (اليمين) الى إيديولوجيا (اليسار) ، هذا في حين ينظر الى الشخص الذي فضّل الخيار المعاكس – كأن يتخلى عن انتماؤه الشيوعي أو القومي السابق لصالح انتماؤه الإسلامي اللاحق – بمثابة نكوص معرفي وارتداد فكري وتقهقر حضاري . إلاّ أن كلا وجهتي النظر هاتين تخفقان في تشخيص الأسباب الحقيقية وتحديد الدوافع الفعلية التي تكمن خلف هذا التصرف ، من حيث كونها تؤسس هذه الرؤية أو هذا التصور بناء على أحكام مسبقة لا صلة لها بالواقع .
ومن الجدير بالملاحظة ان الإشارة الى هذه الخاصة المعيارية لدى الشخصية العراقية ، لا يراد منها (الانتقاص) من شأن هذه الشخصية أو الإحياء بأنها غير جديرة بالثقة ، باعتبار كونها جبلت على الافتقار الى فضائل (المبدئية) الفكرية والأخلاقية ، بقدر ما يراد منها التأكيد على أنها حصيلة (الاضطرار) الوجودي لمواجهة فرشة التحديات المتمثلة ؛ بقسوة الجغرافيا ، وعنف التاريخ ، وتعسف السياسة ، وتخلف الاقتصاد ، وتطرف الاجتماع ، وتعصب الثقافة ، وتطيف الدين كذلك . بمعنى أن صيرورة هذه الخاصية هي نتاج ظروف قاهرة وشروط قاسية حتمت على الإنسان العراقي أن يراع ضرورة (التكيف) السيكولوجي مع ما تستدعيه هذه وتلك من مواقف طارئة وسلوكيات استثنائية ، إذا ما أراد أن يتجنب الخسائر المادية والمعنوية والوجودية المتوقعة . وبتقادم هذه الحالة على مدى قرون وتراكم عواقبها النفسية ، أضحى ما كان عابرا"ومؤقتا"في حياة هذا الإنسان شيء أشبه بالخاصية البنيوية القارة في اللاوعي ، بحيث طبعت شخصيته الملتبسة بطابع (الشك) و(الحذر) من كل ما تضطره الحاجات اليومية - الآنية للتعاطي معه ، سواء على صعيد العلاقات الشخصية ، أو الارتباطات السياسية ، أو الولاءات الإيديولوجية . بحيث يترك لنفسه مسافة آمنة يستطيع من خلالها الإسراع ب(التراجع) ، ومن ثم تغيير المسار السابق في اللحظات الحرجة والانعطافات الحادة التي يستشعر أنها باتت تنذر بالخطر .
ولكي لا نبدو مجحفين وغير منصفين إزاء هذا السلوك المتردد والمتقلب الذي يبديه الإنسان العراقي خلال تعامله مع معطيات الواقع الاجتماعي ، للحدّ الذي يكون فيه مدعاة للإدانة والاتهام ب(المزاجية) و(اللامبدئية) ، فإن من الضرورة بمكان الإشارة إلى أن مواقف وسلوك الحركات السياسية التي كان ينتمي إليها وينخرط في أنشطتها ، كانت من العوامل المساهمة والمؤثرة في تكريس هذه الخاصية في سلوكه ، ومن ثم وتغذيتها بكل ما يمنحها الديمومة والبقاء في وعيه . فمنذ أن أبصرت هذه الحركات السياسية النور على أرض الممارسة وهي تعاني ليس فقط (الانقسامات) و(الانشطارات) بين قياداتها المهووسة بزعامة أحزابها والاستئثار بنفوذها والاستحواذ على امتيازاتها فحسب ، وإنما تخلل تاريخها المضطرب سلسلة من (المساومات) و(التحالفات) التي أضرت بمبادئها وأهدافها وبرامجها ، بحيث لم تعد تحضى بتلك (الهالة) وتنال ذاك (البريق) الذي كان لها في السابق ، وهو الأمر الذي وسم أغلب انتماءاته السياسية ب(الظرفية) وولاءاته الإيديولوجية ب(السطحية) .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انكفاء الوعي النقدي : من النسق (الثقافي) الى النسق (الايديول ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الرابع) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثالث) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية : مدخل تمهيدي
- احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !
- كيف نتصالح مع الماضي ونخوض تجربة النسيان ؟!
- لماذا تتعصب (الأقليات) في المجتمعات الانقسامية ؟!
- ما معنى القول ان (التاريخ يعيد نفسه) ؟!
- أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل
- الثروة النفطية في أتون الصراعات السياسية بين المركز والإقليم
- (المدينة) كهدف لانتقام المعارضة من السلطة
- الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية
- سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !
- الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !


المزيد.....




- -مستوطنون إسرائيليون- يخربون موقعا أمنيا في الضفة الغربية وي ...
- -عثر على المشتبه به ميتًا-.. مقتل رجلي إطفاء في إطلاق نار بو ...
- بكين تستضيف أول مباراة كرة قدم بين الروبوتات في الصين
- بعد إيران.. هل تستطيع أميركا تنفيذ السيناريو نفسه في كوريا ا ...
- ردّا على شروطها لاستئناف المفاوضات ترامب -لن يقدم- شيئا لإير ...
- حموضة المحيطات تتجاوز الحدود الآمنة والخبراء يحذرون
- مستشار خامنئي: إسرائيل بعثت رسائل تهديد لمسؤولين إيرانيين
- تايمز: جواسيس إسرائيليون داخل إيران منذ سنوات وربما لا يزالو ...
- أكسيوس: أوجه حملة ضغط ترامب لتأييد نتنياهو
- هآرتس: أهل الضفة الغربية يذبحون بهدوء


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الخصائص المعيارية للخصية العراقية (القسم الخامس) الخاصية المزاجية (اللامبدئية) : سهولة التحوّل الايديولوجي من النقيض الى النقيض