أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - انكفاء الوعي النقدي : من النسق (الثقافي) الى النسق (الايديولوجي)














المزيد.....

انكفاء الوعي النقدي : من النسق (الثقافي) الى النسق (الايديولوجي)


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 10:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ليس من الغريب القول ان في المجتمعات المتصدعة البنى والمتشظية الأنساق والمتذررة الجماعات – كما هو حال المجتمع العراقي – غالبا"ما يعاني الوعي الاجتماعي من ظاهرة (الانكفاء) في الوظيفة النقدية و(التراجع) في الأنشطة التنويرية ، الأمر الذي يفسر لنا سبب تعطل السيرورات الاجتماعية وتخلخل الديناميات الحضارية على النحو الذي يفضي بالمجتمع المعني الى الدخول في دوامات من التأزم السياسي ، والتفاقم الاقتصادي ، والتصادم الثقافي . هذا دون أن يتمكن من الاهتداء الى سبل الخلاص من هذه الخوانق التاريخية أو النجاة من تبعاتها المدمرة لكيانه والفانية لحضارته والمهددة لمصيره ، طالما ظل حبيس تلك الخوانق (يجتر) أمجاده الزائلة و(يغتر) بمواريثه الآفلة .
وإذا ما فتشنا عن الأسباب وتساءلنا عن الدوافع التي تسوق المجتمع قهريا"صوب هذا الاتجاه (العدمي) والنزوع (التدميري) ، سنلاحظ ان هذا الأمر ما هو إلاّ حصيلة تضافر إشكاليتين متعاقبتين ومتزامنتين في نفس الآن ، لم يتسنى للمجتمع المقصود ليس فقط الظفر بإمكانية (المعرفة) بوجودهما فاعلين في بنيته التحتية والفوقية على حدّ سواء فحسب ، وإنما انعدام قدرته على فضّ التشابك البنيوي والترابط الوظيفي بينهما لجهة التأطير الذهني والتأثير النفسي ، فضلا"عن غياب الوسائل والأساليب التي من شأنها منحه ما يحتاجه ل (تفكيك) الأساسات التي بنيت عليهما تلك الإشكاليتين بالصيغ السليمة والطرق الملائمة التي من شأنها التمهيد للمعالجات والاستشراف للحلول ، دونما خسائر كبيرة أو أضرار خطيرة قد يتعرض لها الكيان الاجتماعي برمته جراء ذلك التفكيك البنيوي للأساسات والتحليل المنهجي للديناميات ، ومن ثم إعادة البناء من جديد على أسس تاريخية مختلفة وسياقات حضارية مغايرة .
ومن هذا المنطلق نجد في إطار الإشكالية الأولى المتمثلة (باحتباس) الوعي الاجتماعي داخل بنية (النسق الثقافي) المتسم بالطابع التقليدي المتقادم تاريخيا"والمتوارث انثروبولوجيا"، والذي رغم كونه يتقاطع مع أواليات التغيّر وديناميات التطور التي شملت كل المجالات الاجتماعية والقطاعات الاقتصادية والمنظومات الرمزية ، إلاّ أنه لا زال يحكم قبضته القوية ويفرض سطوته الشاملة على مجمل المسارات الحضارية والتوجهات الثقافية والنشاطات الفكرية ، التي تعد - في الوقت الحاضر - من أبرز المعطيات وأقوى المؤشرات التي تقيّم على أساسها مستويات تطور مجتمع ما في مضامير العلوم الاجتماعية والمعارف الإنسانية والانجازات الحضارية ، ناهيك عن ميادين الصناعات الإنتاجية المتعددة والمبتكرات التكنولوجية المتنوعة . هذا في حين نلمس على صعيد الإشكالية الثانية استمرار ظاهرة (الأصنمة) للتصورات السياسية ذات التوجه الانفرادي ، و(الأقنمة) للمعتقدات الدينية ذات المنزع التعصبي ، عبر الانتماء للراديكاليات السياسية (اليمينية واليسارية) ، والانخراط بالأصوليات الدينية (المذهبية والطائفية) ، والارتباط بالتكوينات الانثروبولوجية (القبلية والعشائرية) .
وهكذا ، فبالنسبة للإشكالية الأولى المتمثلة بخاصية (النسق الثقافي) فان وظيفته على صعيد (الوعي) الاجتماعي ، تتركز في شدّه المتواصل للفاعل الاجتماعي صوب سرديات (الماضي) والاستغراق بمواريثه التاريخية الملتبسة ، وما قد يعنيه ذلك من تحيين مستمر لأرشيف (الذاكرة التاريخية) للجماعات السوسيولوجية والمكونات الانثروبولوجية من جهة ، وتفعيل متواصل لمخزون (تمثلاتها) الأسطورية والرمزية والثقافية من جهة أخرى . لاسيما وإنها تعيش في مجتمعات أصبحت هي والأزمات البنيوية بمثابة توأم سيامي يتعذر فصل أحداهما عن الآخر ، بحيث ان بنية (وعيها الجماعاتي) تبقى حصينة أمام التغييرات الداخلية الطارئة وعصية على الاختراقات الخارجية المفاجئة ، التي من الممكن – في حال رجحان كفتها – إحداث انزياحات كبيرة في الأدوار وتبدلات واسعة في الوظائف .
أما بالنسبة لخاصية الإشكالية الثانية المرتبطة بطبيعة (النسق الإيديولوجي) فان دوره لا يقتصر فقط على (اختزال) ثراء جدليات الواقع الاجتماعي الحافل بالخلافات والاختلافات ، كما لا يقف عند حدود (تنميط) وعي الجماعات والمكونات بما ينسجم وطروحات المعتقد المؤسسي الذي تبنى عليه الأفكار والتصورات والتمثلات فحسب ، وإنما يسهم في (أمثلة) الخيارات والتطلعات ويفضي بها الى الانغماس بالتأملات المخيالية واليوتوبية ، بدلا"من التماس النهج المفضي الى المسارات الواقعية والاتجاهات العقلانية . أي بمعنى ان إشكالية (النسق الثقافي) تقودنا الى التمسك بمواريث (الماضي) والرهان على أرصدة قيمه وعاداته وتقاليده ورموزه ، بصرف النظر عن مستوى قيمتها التربوية والأخلاقية والإنسانية . هذا في حين ترمي بنا إشكالية (النسق الإيديولوجي) في أتون السرديات المتصارعة والتمثلات المتقاطعة ، حيث (المفاضلة) المعيارية – وليس الموضوعية – لصالح هذه على حساب تلك ، وبالتالي خنق (الوعي) الاجتماعي وحشره في أطر ضيقة من المزايدات والمناكفات ، التي طالما كانت من أسباب استعصاء (التعصب) بين الفكريات واستشراء (العنف) بين الجماعات .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الرابع) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثالث) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية : مدخل تمهيدي
- احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !
- كيف نتصالح مع الماضي ونخوض تجربة النسيان ؟!
- لماذا تتعصب (الأقليات) في المجتمعات الانقسامية ؟!
- ما معنى القول ان (التاريخ يعيد نفسه) ؟!
- أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل
- الثروة النفطية في أتون الصراعات السياسية بين المركز والإقليم
- (المدينة) كهدف لانتقام المعارضة من السلطة
- الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية
- سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !
- الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !
- الاصول الماركسية للتاريخ من أسفل


المزيد.....




- فيديو طريف.. ديك رومي غاضب يطارد رجلًا أمام منزله في نيويورك ...
- الإمارات.. قرقاش يبين ما هو المطلوب من إيران بعد استهداف قطر ...
- لوحات ضخمة في قلب تل أبيب تدعو لـ -شرق أوسط جديد-: من وراءها ...
- ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام ...
- محللون إسرائيليون يكشفون ما وراء دعوة ترامب إلغاء محاكمة نتن ...
- ترامب ينفي عزم واشنطن عقد صفقة نووية مدنية مع إيران بقيمة 30 ...
- حاكم كاليفورنيا يقاضي شبكة -فوكس نيوز- ويطلب تعويضا بـ 787 م ...
- صور أقمار صناعية جديدة تظهر نشاطا مكثفا في منشأة فوردو الإير ...
- واشنطن بوست: هل دُمر البرنامج النووي الإيراني فعلا؟
- ترامب يسعى لإقناع نتنياهو باتفاق لإنهاء الحرب على غزة


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - انكفاء الوعي النقدي : من النسق (الثقافي) الى النسق (الايديولوجي)