أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ثامر عباس - احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !














المزيد.....

احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 19:06
المحور: قضايا ثقافية
    


لعل من أبرز الملامح التي يمكن رصدها في المجتمع العراقي في الوقت الحاضر ، هي احتضار (الثقافة) وانحسار (الوعي) ليس فقط بين جمهور (العامة) من شرائح المجتمع (المنمطة) فحسب ، وإنما بين جمهور (الخاصة) من نخبه وعلية قومه (المؤدلجة) كذلك . ومن أهم علائم هذا الاحتضار وأبرز تمظهرات هذا الانحسار ، هو استشراء ظاهرة عزوف (القارئ) بعد أن لمس كسوف (المقروء) . حيث انطفأت لدى القارئ العراقي جذوة الحب (للقراءة) التي كان شغوفا"بها ، وخبى لديه وهج البحث عن المعرفة التي كان حريصا"على حيازتها ، وذلك بعد أن لمس تراجع وتقهقر القيمة العلمية والمعرفية (للمقروء) ، وتدنى من ثمة مستوى التحليل والتأويل والتأصيل للقضايا والمسائل الملحة التي كانت ولا تزال تؤرق الإنسان العراقي وتقض مضاجعه ، سواء أكان ذلك على صعيد (الجغرافيا) ، أم على صعيد (التاريخ) ، أم على صعيد (السياسة) ، أم على صعيد (الاقتصاد) ، أم على صعيد (الدين) ، أم على صعيد (الأخلاق) ، أم على صعيد (الحضارة) .
ولما كان ازدهار (الثقافات) ورقيّ (المعارف) مقترنا"بشكل عضوي بعوامل التحرر والتغير والتطور ، فإن العدول عن مسايرة وملاحقة هذا السيل الهادر من التحولات العاصفة والانزياحات الجذرية ، ومن ثم الإبقاء على ذات الإيقاع المكرر والرتيب من التعاطي مع الأحداث السياسية الساخنة والوقائع الاجتماعية الصادمة والانعطافات التاريخية الحادة ، لابد وأن ينعكس سلبا"على حالة (الثقافة) العامة للمجتمع ، مثلما على نمط تفكيره ومستوى وعيه . ولهذا فليس من المستغرب أن نشهد ظاهرة (العزوف) الجماعي للعراقيين عن ممارسة القراءة الجادة ، والإقلاع عن تتبع كل ما يصدر من جديد في مجالات العلم والفكر والثقافة والآداب بالمعنى التنويري والإنساني ، وليس بالمعنى التقليدي والتراثي كما هو سائد الآن .
فبعدما كانت في السابق صيغة القول الشائع ؛ ان المصري يؤلف واللبناني يطبع والعراقي يقرئ ، تحايث الواقع وتلامس الحقيقة أضحت اليوم تلك الصيغة بعيدة عن الأول ونائية عن الثانية . ليس فقط على خلفية الأوضاع السياسية الملتهبة ، والظروف الاقتصادية الصعبة ، والعلاقات الاجتماعية المضطربة ، والتوجهات الإيديولوجية المتقلبة فحسب ، بل وكذلك لما لحق بالثقافة من خراب وما أصاب المثقفين من يباب ! . إذ رغم كثرة التأليف وغزارة النشر ، لم يعد السرد الفكري والثقافي الذي تنتجه (الانتلجنسيا) العراقية ، يعكس هموم الواقع الطافح بالمشاكل والفائض بالإشكاليات ، مثلما لم يعد يعبر عما يجيش في رحم المجتمع الضاجّ بالتناقضات والصراعات . وإنما تحولت النصوص المقروءة – يستوي في ذلك الأكاديمي منها أو غير الأكاديمي - الى سرود (مكررة) ، لا تحتوي مضامينها على أية أفكار جديدة أو تصورات مبتكرة ، بقدر ما أدمنت عملية (الاجترار) لذات الإشكالات التي سبق وان كانت مطروحة على بساط البحث والنقاش من قبل .
والملاحظ على غالبية النصوص (المقروءة) التي أجادت بها قريحة (المثقفين) العراقيين ، لاسيما تلك التي صدرت وتكاثرت بعد عام السقوط 2003م ، والتي حملت مضامينها الرثة كل ما من شأنه (عزوف) القارئ العراقي عن متابعتها باهتمام ناهيك عن قراءتها بجدية . أنها تميّزت بمجموعة من السلبيات والمآخذ التي يمكن إيجاز أبرزها على النحو التالي :
أولا"- رغم ان معظم النصوص التي صدرت خلال هذه الفترة تمحورت حول قضايا المجتمع العراقي ، التي لا يخفى على (القارئ) مدى خطورتها وحساسيتها بالنسبة لحياة المواطنين ، إلاّ أنها تحاشت - قدر الإمكان - الاقتراب من الخلفيات التاريخية والمرجعيات الدينية لتلك القضايا الملتهبة ، مثلما تجنبت الغوص في أعماق الظواهر السوسيولوجية والانثروبولوجية المتمخضة عنها على صعيد السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة ، بحيث تركز همها حول كل ما أضحى مشاعا"من هموم ومعاناة ومكابدات .
ثانيا"- أن هذه النصوص حين تدرس ظاهرة من الظواهر الاجتماعية والإنسانية الطاغية في المجال السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الديني أو الثقافي ، لا تتناولها في إطار علاقاتها البنيوية وتفاعلاتها الجدلية مع بقية الظواهر الأخرى المحايثة لها والمتزامنة معها ، بحيث تبدو كشبكة متعاضدة ومتخادمة على صعيد المعطيات والتأثيرات . كما أنها لا تأخذ بعين الاعتبار مجمل السياقات الجغرافية والتاريخية والاقتصادية والثقافية التي تسهم بتكوين تلك الظاهرة وتمنحها الخاصية النوعية التي تميّزها عن سواها .
ثالثا"- إذا ما صادف ووجد نص (شاذ) يخرج عن هذا النمط النسقي من الكتابة التقليدية ، فإنه غالبا"ما يختار لمتنه حقبة تاريخية معينة (عثمانية ، ملكية ، جمهورية) يتحصن فيها ويتمترس خلفها دون أن يبدي أية جرأة على تعدي تخومها وتخطي حدودها ، والتي لم يكن ممكنا"للظاهرة موضوعة البحث فرصة للوجود ضد شروطها وخارج مجالها . أي انه يتعمد تجاهل خلفيات (الماضي) ويتغافل عن احتمالات (المستقبل) ، بحيث تبدو الظاهرة المعنية كما لو أنها نبتة برية انبثقت الى الوجود الاجتماعي في غفلة من الزمن .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نتصالح مع الماضي ونخوض تجربة النسيان ؟!
- لماذا تتعصب (الأقليات) في المجتمعات الانقسامية ؟!
- ما معنى القول ان (التاريخ يعيد نفسه) ؟!
- أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل
- الثروة النفطية في أتون الصراعات السياسية بين المركز والإقليم
- (المدينة) كهدف لانتقام المعارضة من السلطة
- الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية
- سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !
- الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !
- الاصول الماركسية للتاريخ من أسفل
- اتهام موروثنا الأسطوري ومساءلة وعينا التاريخي : العبرة والاع ...
- انثروبولوجيا المكان بين الأصول الريفية والميول الحضرية : روا ...
- التاريخ والمؤرخ والوثيقة التاريخية : تفاعل لا تفاضل
- أخلاق الثقافة وثقافة الأخلاق
- الخطاب الثقافي والأجيال البينية : قراءة في اجتهادات أستاذ ال ...


المزيد.....




- فيديو ما قاله محمد بن سلمان عن -إيران العام 2025- بتصريح يعو ...
- السعودية.. توجيه ملكي بعد عرض محمد بن سلمان عن حجاج إيران بع ...
- مراسل CNN يتفاجىء بسقوط صاروخ بالقرب منه في إسرائيل.. شاهد ر ...
- الأردن يعلن فتح أجوائه أمام حركة الطيران المدني
- وكالة الطاقة الذرية الإيرانية: الأضرار في منشأة نطنز سطحية ...
- ضربات إسرائيل على إيران تُربك مؤتمر -حل الدولتين-
- في اتصالات عاجلة.. ولي العهد السعودي يحاور قادة أوروبا بشأن ...
- الأردن.. سقوط أجسام جوية في عدد من مناطق المملكة (فيديوهات) ...
- مادورو يدعو شعب إسرائيل إلى وقف العدوان على إيران وفلسطين
- الأردن يعلن فتح أجوائه أمام حركة الطيران المدني


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - ثامر عباس - احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !