أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثالث) الخاصية الاتكالية (اللاأبالية) : الحاجة الدائمة الى منقذ أو مخلّص














المزيد.....

الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثالث) الخاصية الاتكالية (اللاأبالية) : الحاجة الدائمة الى منقذ أو مخلّص


ثامر عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8382 - 2025 / 6 / 23 - 08:39
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


على مدى قرون متطاولة من الزمن كان الإنسان العراقي ولا يزال يعاني ويكابد الأمرين ؛ ليس فقط من جور السلطات السياسية (المحلية) و(الأجنبية) التي سامته شنى صنوف القمع والردع والتجويع ، بغية كسر إرادته واخصاء شخصيته ومسخ هويته ونسخ ذاكرته فحسب ، بل وكذلك من طغيان الطبيعة الايكولوجية ونزق قوانينها وقساوة مناخها وشحة مواردها . وهو ما انعكس سلبا"على تشكيله النفسي وتكوينه السلوكي واعتقاده الديني ، بعد أن لمس ان كل المحاولات والمبادرات التي خاض غمارها للخلاص من هذه المآزق والإفلات من تلك المخانق ، بائت بالفشل ولم تجدي نفعا"إن لم تكن عمقت جراحه وزادت معاناته وضاعفت مكابداته . بحيث أفضت به هذه الحصائل المريرة الى الشعور بالإحباط النفسي الدائم واليأس الوجودي المستمر ، للحدّ الذي أفقده القدرة الذاتية على إبداء المقاومة إزاء كل عارض ، وساقه للارتماء في أحضان الاستسلام وتاركا"مصيره للمجهول .
وحين لا يجد المرء في نفسه ما يساعد على النهوض من الكبوات ، ولا ما يقاوم به الصدمات ، ولا ما يدرأ عنه التحديات . سرعان ما تتراخى عزيمته وتتداعى مقاومته ، ويفقد بالتالي زمام أمره ويفوض مآل مصيره الى جهة أو مصدر خارجي قد يكون ؛ ديني (الملك / الإله) ، أو اجتماعي (السيد / الشيخ) ، أو سياسي (الزعيم / القائد) . وهو ما حصل بالنسبة للإنسان العراقي الذي لم تقتصر خاصية (الاتكال) لديه على مصدر واحد من تلك المصادر المذكورة ، وإنما شذّ عن مخلوقات الله الأخرى التي تستشعر الضعف في ذاتها وقلة الحيلة لديها إزاء ما يواجهها من مصاعب وما يعترضها من تحديات . حيث طالما لجأ الى رموز تلك المصادر وفقا"لدوافع براغماتية (مطلبية) متدرجة ، بدأ بالأقل شأنا"وأدنى مكانة الى الأرفع شأنا"والأعلى مكانة ، وذلك وفقا"لطبيعة الحاجة أو الغاية التي تستدعي منه اللجوء الى هذا المصدر أو ذاك . هذا دون أن يفرط - في بعض الأحيان – بطريقة مخاطبتها (مجتمعه) كل بحسب مقامه وقدرته ، حيث يشرع يتوسلها ويستعطفها ويستنجد بها لكي تبادر الى (إنقاذه) و(تخليصه) مما هو فيه من هوان الحال وعواقب المآل ، مظهرا"أمامها وبين يديها أدنى مستويات الضعف وأقصى درجات التذلل ، معتقدا"بذلك أنه كلما كان أكثر توسلا"وأشد تضرعا"، كلما كانت استجابة تلك الرموز أسرع وأنفع .
وإذا ما تابعنا تطور هذه الخاصية لدى الشخصية العراقية ومن ثم تحولها من الحالة (الاضطرارية) الى الحالة (المعيارية) ، وفقا"لسيرورات التحقيب التاريخي (القديم ، والوسيط ، والمعاصر) ، فإنه بالإمكان موضعة كل مصدر من تلك المصادر (الخلاصية) التي كانت ولا تزال تستهدفها تلك الشخصية في طاب العون وتقديم المساعدة . فعلى صعيد الحقبة التاريخية (القديمة) كان المصدر الأثير والمؤثر بالنسبة للإنسان العراقي في طلب الحماية ونشدان السلامة ، هو (الملك / الإله) الذي كان مواظبا"على استعطافه واسترضائه بصرف النظر عن طبيعة الظروف التي كان يمر بها حربا" أم سلما". حتى أنه من النادر خلو بيت أو قرية أو مدينة من وجود (مقام خاص) لرمز الملك / الإله حيث تقدم له النذور وتقام من أجله الصلوات ، للحدّ الذي ان الأعداء الذين كانوا يغزون بعضهم البعض الآخر خلال عصر دويلات – المدن ، كانوا يدركون أن وقع الأذى بالشخص المستهدف سيكون أشدّ إيلاما"، وأن حجم الضرر بالمدينة المعنية سيكون أشد وطأة ، حين تستهدف تلك الرموز الدالة على كونها موجودة معهم وحاضرة بينهم من منطلق ان تحطيم مقامها أو إزالة رمزيتها هي بمثابة إعلان هزيمة المدينة واستسلام سكانها .
وأما على صعيد المرحلة التاريخية (الوسيطة) حيث سادت العلاقات (العبودية) و(البطريركية) و(الإقطاعية) ربوع الجغرافيا العراقية ، فقد حصل انزياح نوعي في اهتمامات وتوجهات الإنسان العراقي المسحوق باتجاه مصدر (خلاصي) آخر ، وهو المعني بمزدوج (السيد / الشيخ) بعد أن لمس أن مصيره ومصير أفراد أسرته بات مرهونا"برضى ورعاية هذا الرمز السلطوي الجديد . ورغم كل المعاناة التي كان يكتوي بلظاها والمكابدات التي يتجرع مرارتها جراء الممارسات التعسفية اللاانسانية التي كان يتعرض لها من قبل (أسياده) الطغاة ، إلاّ أنه لم يفعل شيئا"إزاء تلك الظروف المزرية والأوضاع الشاذة ، سوى أنه استسلم خانعا"لجبروت أولئك الأسياد معتبرا"ذلك أنه من الأمور الطبيعية التي تتسق ونمط العلاقات الاجتما – الاقتصادية السائدة بين (السيد والعبد) ، بين (الشيخ - الإقطاعي والفلاح) . وهكذا فقد ترك لهذه الرموز (الخلاصية) المهيمنة كل ما يرتبط بشؤون حياته الشخصية ومصير وجوده الاجتماعي ، لتقرر له ما ينبغي عليه فعله أو الامتناع عنه ، للحدّ الذي تحول معه الى ما يشبه (السلعة) حيث يباع ويشترى مع الموجودات المادية والحيوانية التي زمامها تلك الرموز . وهو الأمر الذي استتبع أن تكرّس لديه النزعة (اللاأباالية) حيال كل ما يقع عليه من مظالم ويجري حوله من انتهاكات ، طالما كان يظن / يعتقد ان هناك كائن / كيان يمكن (الاتكال) على قدرته و(الاحتماء) بسطوته ، لإنصافه من المظالم الكثيرة وحمايته من الانتهاك المستمرة ، لاسيما وأنه لم يفتأ يقتات على خلفيات ومرجعيات أورثته تلك الحاجة المستديمة الى انتظار (منقذ) أرضي أو (مخلص) سماوي ! .



#ثامر_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثاني) الخاصية ال ...
- الخصائص المعيارية للشخصية العراقية : مدخل تمهيدي
- احتضار الثقافة في العراق : عزوف القارئ بعد كسوف المقروء !
- كيف نتصالح مع الماضي ونخوض تجربة النسيان ؟!
- لماذا تتعصب (الأقليات) في المجتمعات الانقسامية ؟!
- ما معنى القول ان (التاريخ يعيد نفسه) ؟!
- أوزار التراث في خطاب الحداثيين العرب : بين التجاهل والتحامل
- الثروة النفطية في أتون الصراعات السياسية بين المركز والإقليم
- (المدينة) كهدف لانتقام المعارضة من السلطة
- الجدليات السوسيولوجية .. تركيبية لا تفاضلية
- سبل تطور الوعي التاريخي بين مفهومي (الاستمرارية) و(السيرورة)
- ملاحظات حول مقال (لجان مناقشة الرسائل الجامعية ليست لجان إغا ...
- (البرودويلية) ومنهجية البحث في تاريخ العراق
- ماركس ومجتمعات ما قبل الكونوليالية - قراءة في كتاب (ماركس وم ...
- مثقفو الطوائف وفتوحات عصر الذكاء الاصطناعي !
- الخلفيات التاريخية ودورها في المسارات الاجتماعية
- مصائر الرأسمال الرمزي في عصر الرقمنة !
- الاصول الماركسية للتاريخ من أسفل
- اتهام موروثنا الأسطوري ومساءلة وعينا التاريخي : العبرة والاع ...
- انثروبولوجيا المكان بين الأصول الريفية والميول الحضرية : روا ...


المزيد.....




- بكلمات -نابية-.. ترامب ينتقد إسرائيل وإيران بشكل لاذع أمام ا ...
- قمة حلف الأطلسي: نحو زيادة تاريخية في ميزانية الإنفاق الدفاع ...
- من هو نورمان فوستر الذي سيتولى تصميم نصب تذكاري للملكة إليزا ...
- قطر تستدعي سفير طهران بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد
- قبل ساعات من الهدنة.. إسرائيل تشن غارات عنيفة على أهداف في ط ...
- ما هي جماعة -سرايا أنصار السنة- التي تبنت تفجير كنيسة مار إل ...
- إسرائيل تقول إنها -امتنعت- عن ضرب إيران بعد مباحثات مع ترامب ...
- ميرتس يأمل في التوصل إلى اتفاق في النزاع الجمركي مع واشنطن
- بعد إعلان وقف إطلاق النار.. ما الجديد في إسرائيل؟
- اجتماع حاسم لحلف الناتو.. الدول الأعضاء تتجه نحو زيادة نفقات ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ثامر عباس - الخصائص المعيارية للشخصية العراقية (القسم الثالث) الخاصية الاتكالية (اللاأبالية) : الحاجة الدائمة الى منقذ أو مخلّص