أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - من الممارسات التقليدية إلى الثورة المالية: إصلاح القطاع المصرفي العراقي وتحويل الاكتناز إلى استثمار منتج














المزيد.....

من الممارسات التقليدية إلى الثورة المالية: إصلاح القطاع المصرفي العراقي وتحويل الاكتناز إلى استثمار منتج


عامر عبد رسن

الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 15:35
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


يمثل القطاع المصرفي العراقي واحدًا من أكثر الملفات الاقتصادية حساسية وتعقيدًا، إذ يتقاطع مع الاستقرار المالي للدولة، وثقة المواطن بالنظام الاقتصادي، وعلاقات العراق بالأسواق الدولية. وبرغم امتلاك العراق أصولًا مصرفية ضخمة –
خصوصًا في المصارف الحكومية مثل الرافدين والرشيد – إلا أن هذه الأصول بقيت عقودًا طويلة أسيرة أنماط إدارية تقليدية، وعُرضة لدوائر مصالح نافذة عطّلت إمكاناتها في أن تتحول إلى مؤسسات مالية ناجحة تساهم بفعالية في تمويل التنمية.
مشهد متناقض: قوة شكلية وعجز وظيفي : منذ عام 2003، اتسم المشهد المصرفي بخلل بنيوي واضح:
• مصارف حكومية كبيرة تتمتع برؤوس أموال وأصول ضخمة لكنها عاجزة عن استثمارها بكفاءة.
• مصارف أهلية صغيرة ومتوسطة محدودة القدرة وتعاني ضعف الحوكمة، ما جعلها أقرب إلى واجهات مالية لبعض المتنفذين.
• فجوة ثقة متزايدة بين الجمهور والمصارف نتيجة ضعف الشفافية والامتثال للمعايير الدولية.
هذا التناقض جعل القطاع المصرفي بعيدًا عن لعب دوره الطبيعي كوسيط مالي يسحب المدخرات ويوجهها نحو الاستثمار المنتج، بل تحول في حالات كثيرة إلى عبء على الدولة بدلاً من أن يكون رافعة لها.
حجم الاكتناز.. ثروة نائمة خارج النظام المالي : من أخطر ما يعكس ضعف الثقة بالمصارف هو حجم المال المكتنز خارج النظام المصرفي. تشير التقديرات إلى أن العراقيين يحتفظون في بيوتهم بخزائنهم الخاصة بأكثر من 82 تريليون دينار عراقي نقدًا،
إضافة إلى ما يقارب 40 مليار دولار أمريكي، فضلًا عن مدخرات ضخمة بالذهب والمجوهرات تقدّر بما يقارب هذا الرقم أو يفوقه.
هذا الواقع يعني أن العراق يمتلك كتلة مالية هائلة معطلة خارج الدورة الاقتصادية الرسمية. ولو جرى استقطاب جزء من هذه الأموال إلى النظام المصرفي عبر سياسات مبتكرة، لأمكن تمويل مئات المشاريع الاستثمارية
وتوفير سيولة هائلة لدعم التنمية بعيدًا عن الاعتماد المفرط على النفط.
الإصلاح كهدف حكومي للمرحلة المقبلة : إن تحويل الاكتناز إلى استثمار منتج يتطلب إصلاحًا جذريًا في بنية المصارف الحكومية أولًا، كونها تمثل القناة الأكبر والأقدر على استيعاب المدخرات.
وهنا يبرز التحدي المركزي أمام صانع القرار: كيف نحول المصارف الحكومية من كيانات مثقلة بالترهل والفساد إلى نماذج مالية ناجحة يمكن طرحها لاحقًا للاكتتاب العام؟
إن نجاح هذه الخطوة سيحقق هدفين متكاملين:
1. بناء الثقة الشعبية من خلال إشراك المواطنين في ملكية المصارف وإقناعهم بأن مدخراتهم تتحول إلى استثمارات آمنة ومنتجة.
2. امتصاص السيولة المكتنزة وتحويلها إلى قوة دفع للاقتصاد الوطني، بدل بقائها مجمدة أو معرضة للمضاربة في السوق غير المنظم.
ملامح مقترح إصلاحي : يمكن رسم ملامح مقترح إصلاحي متكامل على النحو الآتي:
1. إعادة هيكلة المصارف الحكومية
o إخضاعها لتدقيق مالي وإداري شفاف.
o فصل الأنشطة التجارية عن الأنشطة التنموية لضمان التخصص والكفاءة.
o تطبيق أنظمة حوكمة صارمة تحد من نفوذ "مافيات" المصالح داخل إداراتها.
2. تحويل تدريجي إلى شركات مساهمة عامة
o البدء بمراحل تجريبية عبر إدخال القطاع الخاص والمواطنين كمساهمين بنسبة معينة.
o طرح جزء من أسهم المصارف الكبرى مثل الرافدين والرشيد للاكتتاب العام تحت إشراف حكومي صارم.
3. تشجيع الشمول المالي
o إدخال منتجات مصرفية مبتكرة تستهدف الأفراد ذوي الدخل المحدود والمتوسط.
o تعزيز الانتشار الجغرافي والفروع الإلكترونية لزيادة الوصول إلى الشرائح غير المتعاملة مع البنوك.
4. التحول الرقمي الكامل
o تحديث أنظمة الدفع والتحويل الإلكتروني.
o ربط المحافظ الرقمية والمنصات المصرفية الحديثة بخدمات مباشرة وسريعة للمواطنين.
5. ربط الإصلاح المصرفي بالإصلاح الاقتصادي الأشمل
o تفعيل سوق السندات وأدوات الدين الداخلي لتوفير بدائل استثمارية.
o استخدام جزء من الأموال المستقطبة لتمويل مشاريع البنية التحتية والصناعات التحويلية.
معادلة الثقة: الشرط الحاسم : من دون استعادة ثقة المواطن بالنظام المصرفي، ستظل كل الخطط حبرًا على ورق. الثقة تُبنى عبر:
• ضمان أمني وقانوني حقيقي للودائع.
• شفافية في نشر التقارير المالية الدورية.
• مكافحة جادة للفساد ومحاسبة علنية للإدارات المتورطة بالهدر أو سوء الإدارة.
نحو دور جديد للقطاع المصرفي : إذا ما تحققت هذه الإصلاحات، فإن القطاع المصرفي سيغدو محركًا أساسيًا في مسيرة التنمية الوطنية. بل إن تحويل الأموال المكتنزة إلى استثمار منظم قد يمثل نقطة التحول الكبرى في الاقتصاد العراقي،
إذ سيُعيد صياغة العلاقة بين المواطن والدولة عبر أداة الثقة المالية، ويمنح العراق فرصة للانطلاق نحو اقتصاد أكثر توازنًا وتنوعًا.
الخاتمة: التحدي والفرصة : يقف العراق اليوم أمام مفترق طرق: فإما أن يبقى قطاعه المصرفي أسير أزماته الداخلية وهيمنة دوائر المصالح والفساد، أو أن يتحول إلى قاطرة للنهوض عبر إصلاح جريء يعيد هيكلة المصارف الحكومية،
ويفتح الباب أمام مشاركة المواطن في ملكيتها وتمويلها. إن سحب الأموال من الخزائن المنزلية وتحويلها إلى استثمار في المصارف الحكومية المطورة والمكتتبة، ليس مجرد خيار اقتصادي، بل خيار استراتيجي لبناء الثقة الوطنية
وتمويل التنمية بعيدًا عن الريع النفطي. وإذا ما أحسنت الحكومة إدارة هذا الملف، فقد يشهد العراق خلال العقد المقبل نهضة مصرفية حقيقية تضعه على طريق الاستقرار المالي والنمو المستدام.



#عامر_عبد_رسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقتصاد قبل المدفع: كيف تهدد ضغوط الأسواق الإسرائيلية مشروع ...
- الكهرباء في العراق: وفرة الموارد وغياب الإنجاز
- من الفلاح إلى المتقاعد: استدعاء الفئات الشعبية قبل الاقتراع ...
- بين مذكرة التفاهم ورهانات المستقبل: العراق في معادلات الأمن ...
- التضخم السلبي في الاقتصاد العراقي: تحسّن مؤقت أم نذير ركود؟
- من بغداد إلى بورصات العالم: قراءة في زيارة -Asia Frontier Ca ...
- إدارة الإدراك وصناعة الإرباك: استراتيجيات الحرب النفسية الأم ...
- التمويل المستدام: فرصة استراتيجية للاقتصاد العراقي في مواجهة ...
- سباق الممرات الإقليمية: بين جنون الجغرافيا وفرصة العراق الأخ ...
- شبكة الضمان الصحي العراقي: بين توسعة الخدمات واستدامة التموي ...
- بعد إلغاء أنقرة لاتفاقية أنبوب النفط: هل يعيد العراق رسم خرا ...
- صواريخ THAAD تحت المجهر هل تكشف CNN عن نقطة ضعف ؟ أم خطة خدا ...
- سانت ليغو المعدَّل 1.7: برلمان مكلف واقتصاد بلا إصلاح – نحو ...
- السياحة في العراق: رافعة اقتصادية استراتيجية وكنز تنموي متنو ...
- إيران تغيّر خطابها في العراق: لحظة اختبار لسيادة الدولة أم ت ...
- المخدرات في العراق: أزمة تتسارع بتأثير اقتصادي مدمر وجهود عل ...
- العقوبات الأمريكية على شبكة شمخاني: قراءة عراقية في التأثيرا ...
- تراجع الفقر متعدد الأبعاد في العراق: قراءة تحليلية في نتائج ...
- من غزة إلى الضفة: رهانات نتنياهو ومآلات السلطة الفلسطينية وس ...
- من تابع إلى شريك: العراق يعيد صياغة موقعه الاقتصادي إقليمياً ...


المزيد.....




- انكماش حاد في الاقتصاد الإسرائيلي جراء الحرب مع إيران
- البوليفيون يدلون بأصواتهم واليمين يترقب عودته إلى السلطة في ...
- محكمة بجنوب أفريقيا تلغي ترخيص -توتال- و-شل- في كيب الغربية ...
- العراق يضع حجر أساس مدينة الذهب العالمية
- الشرع: استقطابنا استثمارات أجنبية بقيمة 28.5 مليار دولار
- الهند متخوفة بعد إلغاء ترامب محادثات تجارية
- استقرار الدينار العراقي مقابل الدولار مع بدء التعاملات الأسب ...
- -العبقري- الذي خسر 40 مليار دولار يقرّ بالاحتيال في العملات ...
- بوليفيا أمام انتخابات مصيرية وسط أزمة اقتصادية خانقة
- كيف ترسم بنغازي ودرنة مستقبل شرق ليبيا الاقتصادي؟


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عامر عبد رسن - من الممارسات التقليدية إلى الثورة المالية: إصلاح القطاع المصرفي العراقي وتحويل الاكتناز إلى استثمار منتج