|
حل الدولتين أُسقط بالضربة القاضية
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 8435 - 2025 / 8 / 15 - 15:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
القيادات العربية تؤمن ب" الفنتازيا" وتبني المقولات التي تكرس ثقافة الخنوع والإستسلام والتبعية،والهروب من مواجهة قضاياها وواقعها،وكذلك الهروب من تحمل مسؤولياتها،و"شيطنة" أي فكر او مواقف تدعو الى مواجهة المحتل ،وأيضاً"شيطنة" حوامله من قوى وأحزاب وفئات مجتمعية،واعتبار ذلك وصفة للخراب والدمار ،وكل الوصفات الهروبية التي تحدث عنها قادة النظام الرسمي العربي،وبما فيها الفلسطيني،لم تثمر لا في استعادة حقوق ولا استرجاع اوطان،وهي لم تتبن أي خيار يمكن من تحقيق ذلك،عبر توظيف المصالح لخدمة السياسة،وكانت تختار خيار الهروب الى الأمام و"التلطي" بمقولة ،تحميل المجتمع الدولي لمسؤولياته،وبأتت دول النظام الرسمي العربي،قياداته خبراء في الشكوى والبكاء أمام الأمريكي والمؤسسات الدولية،والترديد كالببغاوات،قرارات الشرعية الدولية،رغم معرفتهم وعلى مدار ثمانين عاماً، بأن تلك الشرعية الدولية،لم تترجم أي قرار اتخذته لصالح إنهاء الإحتلال للأراضي العربية المحتلة الى فعل على أرض الواقع،فالعرب انتقلوا من ما يسمونه بمواقف الإعتدال والواقعية ونبذ "الإرهاب"،رفض المقاومة الى اخر ما تفتقت عنه عقلية حكومة لبنان العاملة تحت سقف الوصاية الأمريكية،ممثلة برئيس وزرائها نواف سلام ووزير خارجيته يوسف رجي،بأن المسار الدبلوماسي والقانوني،هو وحده القادر على اجبار اسرائيل على وقف عدوانها واستباحتها لأراضي اللبنانية جواً وبراً وبحراً،وانهاء احتلالها للأراضي اللبنانية المحتلة،وهذا فقط يتحقق بالبكاء عند الأمريكي الذي كما قالوا يحب لبنان،واذا لم يتمكن الأمريكي من الضغط على الإسرائيلي لتحقيق ذلك،فلا مناص من استدرار عطف الأمريكي ،بالمزيد من نوبات البكاء، العرب خبراء في الكلام والمواقف اللفظية و" الجعجعة" و"البعبعة"،حتى تحولوا الى ظاهرة صوتية،لا احد يصدقهم أو يؤخذ مواقفهم وقرارتهم على محمل الجد،حتى شعوبهم "المحنطة" و"المنومة" والمقموعة والمجوعة . ففي 21 أب من عام 1969 ،أقدم يهودي من أصول استرالية يدعى مايكل دينس روهان على حرق المسجد الأقصى،بما في ذلك منبر صلاح الدين الأيوبي التاريخي،وكانت في تلك الفترة غولدا مائير ،رئيسة وزراء اسرائيل ،حيث قالت بأنها"طوال الليل وهي تبكي خوفاً على مصير دولتها من قيام الجيوش العربية والإسلامية،من شن هجوم على اسرائيل من أجل انهاء وجودها على خلفية المس بالأقصى وحرقه"،ولكن عندما بزغ الفجر ولم يحدث شيء قالت عبارتها المشهورة " الآن نستطيع ان نفعل أي شيء،فهذه أمة عبارة عن ظاهرة صوتية". نعم القادة والزعماء العرب كرسوا الصورة النمطية للعرب على أنهم ظاهرة صوتية،وقرارتهم ومواقفهم،ليست أكثر من "فقاقيع" تطير في الهواء ولا تصمد في الأرض والواقع.وليس ادل على ذلك الأطروحة السياسية التي تبنوها بعد حرب عام 1967 " الأرض مقابل السلام"،واجمعوا على تلك الأطروحة في قمتهم التي عقدت في بيروت في آذار/2002 . تلك الأطروحة السياسية التي رد عليها رئيس الوزراء الإسرائيلي أنذاك شارون بالقول أنها لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به،وجاء الرد سريعاً بإجتياح الضفة الغربية ومحاصرة الرئيس الراحل ابا عمار في المقاطعة في رام الله. من بعد ذلك العرب واصلوا ترحيل مبادرتهم المسماة بالمبادرة العربية للسلام من قمة الى قمة،والهبوط بسقفها،لكي تقبل بها اسرائيل وتحفظ لهم ماء وجههم دون جدوى. من بعد معركة السابع من اكتوبر /2023 ،وما حصل من تطورات وتغيرات في المنطقة والإقليم،وما استطاعت اسرائيل أن تحققه من انتصارات وانجازات تكتيكية،وان تلحق بقوى ومعسكر المقاومة خسائر كبيرة،دون ان تتمكن من تحقيق حسم استراتيجي،بإستثناء ما تحقق لها على الجبهة السورية،من اسقاط للدولة والنظام واخراج سوريا من قلب محور المقاومة،والإيتاء بنظام سوري جديد،خادم ومنفذ للأجندات والمشاريع والمخططات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة،مع رسم دور وظيفي امني وعسكري له،ضمن الإستراتيجية الأمريكية والإسرائيلية،وبالتالي أصبحت الأطروحة السياسية السائدة لحل الصراع العربي- الإسرائيلي "التطبيع والسلام مقابل الأمن" وبما يتضمن شرعنة الإحتلال ونزع السلاح للجيوش العربية،واستباحة السيادة وتكريس مناطق أمنية من الأرض العربية لخدمة ما يعرف بالأمن الإسرائيلي. وهذه الأطروحة جرى التوافق عليها،في ظل حالة التماهي ما بين اليمين التلمودي التوراتي الصهيوني اليميني المتطرف وما بين اليمين الأنجليكاني المسيحاي الأمريكي المتطرف،وأعلنت أمريكا انها تقف إلى جانب اسرائيل كشريك في الحرب وفي الدعم العسكري والمالي والحماية السياسية والقانونية في المؤسسات الدولية،وتؤيد كل ما تقوم به اسرائيل في القطاع من حرب ابادة وتجويع وحصار،وضم للضفة الغربية ،تحت ما تسميه بحق اسرائيل في الدفاع عن نفسها. نحن ندرك تماماً بان الصراع مع دولة الإحتلال منذ ما قبل بداية الإحتلال،ووعد بلفور او ما قبل ذلك والصراع يدور على الأرض والأيدولوجية الصهيونية قائمة على الإحتلال والطرد والتهجير لسكان البلد الأصليين واحلال المستوطنين مكانهم، وهذه الأيدولوجية تعززت بعد ان تمكنت قوى الصهيونية الدينية والقومية التي كانت قبل عام 2000 على أطراف المشروع الصهيوني،والتي استطاعت في ظل الصراع على هوية " الدولة" أن تتقدم وتصبح في قلب المشروع الصهيوني،وتصبح أيضاً القوة المتحكمة في مفاصل القرار السياسي الإسرائيلي،وفي الحكومات الإسرائيلية بقاءً وسقوطاً. ولذلك ليس بالغريب ولا بالمستغرب،ما ورد على لسان نتنياهو وسموتريتش وبن غفير واوريت سرويك والحاخامات الياهو مالي ورونين شالوف وغيرهم،بوعود الرب،ومنحه لفلسطين لهم،فرئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قال،بأنه في رسالة روحانية وتاريخية،وهو في قلب الإهتمام،من أجل اقامة اسرائيل الكبرى،وسموتريتش الذي قال بأنه لا يوجد شيء اسمه شعب فلسطيني ويرفض بشكل مطلق اقامة دولة فلسطينية على أي جزء من "ارض اسرائيل التاريخية،وبأن الضفة الغربية وعد من الله،وبن غفير صاحب مشروع تهويد الأقصى،وبأنه اقدس مكان عند اليهود،وهو من دعا الى ارسال المزيد من القنابل على غزة وليس المساعدات ومحاصرتها حتى الموت،وكذلك قال بأن الرد على الإعترافات بالدولة الفلسطينية ،بخطوات عملية عبر تصعيد الإستيطان والعدوان على المواطنين الفلسطينيين. سموتريتش يغرق الضفة بالمستوطنات والمستوطنين،ويعلن عن البناء في المنطقة "أي ون"،في منطقة "معاليه ادوميم" إقامة 3401 وحدة استيطانية،تلك المنطقة التي كانت مثار رفض دولي،لكونها تلغي أي امكانية لإقامة دولة فلسطينية،وتعزل شمال الضفة عن جنوبها،وتمنع أي تواصل بين اجزائها،وتعزل مدينة القدس جغرافياً وديمغرافياً عن محيطها الفلسطيني. هذه المخططات والمشاريع التهويدية والتي تستحضر فيها المقولات التلمودية والتوراتية، يتوافق معها ويتبنها المحافظين الجدد والمسيحية الأنجليكانية في الإدارة الأمريكية،فترامب يؤيد حق اسرائيل في ضمنها للضفة الغربية،لكونها حيوية لأمنها على حد زعمه،والسيناتور الأمريكي الجمهوري ليندسي غرام يقول " يقول: إذا قطعت أمريكا الدعم عن إسرائيل، فإن الله سيقطع الدعم عنا. . تعبّر تصريحات نتنياهو التوسعية بشكل كبير إستنساخاً عما جاء في كتابه “مكان تحت الشمس”. الكتاب الذي نُشر في عام 1995، بعد عامين من توقيع اتفاقيات أوسلو، يعتبر بمثابة برنامج أيديولوجي لنتنياهو، ويحتوي على العديد من الأفكار التي لا تزال تصدر عنه حتى اليوم.. وأهمّ التقاط الأساسية التي وردت في الكتاب هي: النقطة الأولى، مبدأ “السلام مقابل السلام”: يرفض نتنياهو في كتابه مبدأ “الأرض مقابل السلام” الذي كان أساس عملية أوسلو، ويطرح فكرة “السلام مقابل السلام” بدلاً من ذلك. هذا المبدأ يعني أنّ “إسرائيل” لا يجب أن تقبل بالانسحاب من الأراضي العربية التي تحتلها في فلسطين والدول العربية، وأنّ عليها أن تحقق السلام من خلال تعزيز قوتها العسكرية والاقتصادية. النقطة الثانية، الرفض التامّ للسيادة الفلسطينية: يؤكد الكتاب على ضرورة عدم قيام سيادة عربية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ويقترح منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً محدوداً فقط لإدارة شؤون حياتهم، وهو ما يتماشى مع مواقفه الحالية الرافضة لحل الدولتين. النقطة الثالثة، تصوير الصراع كصراع حضاري: يرى نتنياهو في الكتاب أنّ الصراع مع الفلسطينيين ليس صراعاً على الأرض المحتلة، بل هو جزء من صراع حضاري أكبر بين الحضارة الغربية التي تمثلها “إسرائيل”، وبين ما يصفه بـ “التطرف الإسلامي”. النقطة الرابعة، التشكيك في النوايا الفلسطينية: يزعم الكتاب أنّ منظمة التحرير الفلسطينية تهدف إلى تدمير “إسرائيل”، وأنّ قراراتها بالدخول في المفاوضات كانت مجرد محاولات لكسب الوقت وتضليل المجتمع الدولي. بشكل عام، تعتبر تصريحات نتنياهو حول “إسرائيل الكبرى” استكمالاً وتطبيقاً عملياً للأفكار التي طرحها في كتابه “مكان تحت الشمس” قبل عقود. هذه الأفكار ترسّخت في عقيدته السياسية، ولا تزال تشكل حجر الزاوية في سياساته تجاه الفلسطينيين والعرب.. فهل تدرك الحكومات العربية الخطر الخطر الصهيوني، وانّ محاولتها إبعاد نفسها عن الصراع لن يجنبها هذا الخطر التوسعي، لأنّ المشروع الصهيوني لا يقتصر على الاستيلاء على كلّ فلسطين التاريخية، وانما احتلال المزيد من الأراضي العربية في إطار تحقيق مشروع “إسرائيل الكبرى” الذي لا يشمل فقط بنظر نتنياهو، من النيل الى الفرات، الذي لا يزال شعاراً مرفوعاً على مدخل الكنيست الصهيوني.. بل وايضاً احتلال العديد من الأراضي العربية.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المنطقة والإقليم أمام مخاطر مصيرية ومفصلية
-
هي حرب حسم الساحات في المنطقة والإقليم
-
الأقصى وذكرى خراب الهيكل
-
قرار الكنيست الرمزي تمهيد قانوني وسياسي لإعلان الضم الفعلي
-
هم لن ينتصروا لا لديانتهم ولا قوميتهم ولا إنسانيتهم
-
أحداث السويداء-بروفات- لتكريس تقسيم سوريا
-
المنطقة تحت مخاطر التقسيم مجدداً
-
مخاطر الإنفجار تتعاظم في كامل المنطقة والإقليم
-
لم ينفرط عقد حجارة الدومينو،التي تحدث عنها نتنياهو في حروبه
-
من خطة مناحيم مليسون الى خطة مردخاي كيدار
-
الحرب لم تحسم ايران واليمن ولبنان ساحات قابلة للإشتعال
-
حرب المستوطنين على شعبنا تزداد شدة وضراوة
-
خيار الرد الإيراني كان مدروساً بعناية
-
ايران ملزمة بالرد
-
نتنياهو لن يتوج ملكاً لإسرائيل وترامب لن يتوج ملكاً للعالم
-
الشراكة الأمريكية - الإسرائيلية في الحروب العدوانية
-
-اسرائيل- زمن الحسم لا الحلول الوسط
-
بعد مقترح ويتكوف الإسرائيلي المقاومة بحاجة الى الثبات الإستر
...
-
يوم ثقيل عاشته القدس والأقصى
-
عُقد التفاوض الأمريكي- الإسرائيلي
المزيد.....
-
بريطانيا تُعلن استعدادها لنشر قوات في أوكرانيا بحال التوصل ل
...
-
مسؤول أمريكي: ترامب قد ينسحب من قمته مع بوتين في هذه الحالة
...
-
كيف أصبح الموز رمزًا لطوكيو رغم عدم زراعته هناك؟
-
بلافتات -زيلينسكي يجب أن يكون هنا- و-ألاسكا تقف مع أوكرانيا-
...
-
مشجعون إسرائيليون يثيرون غضب بولندا بلافتة مسيئة.. والرئيس ا
...
-
قمة ألاسكا.. ماذا يريد كل من بوتين وترامب والغائب زيلينسكي؟
...
-
حزب الله يؤكد رفض قرار تجريده من سلاحه ويتهم الحكومة بـ-تسلي
...
-
فشل مفاوضات جنيف بشأن معاهدة الحد من خطر البلاستيك على البيئ
...
-
لا آمال أميركية عالية وموسكو ترفض التكهن قبل قمة ترامب وبوتي
...
-
صحيفة إسرائيلية: ترامب طلب من نتنياهو تسريع العمليات بغزة
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|