|
الأقصى وذكرى خراب الهيكل
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 8420 - 2025 / 7 / 31 - 18:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بقلم :- راسم عبيدات ذكرى خراب المعبد اليهودي الأول والثاني "تيشا بآف"، يعتبره الإسرائيليون يوم "حزن وحداد"، وتقتحم فيه جماعات المعبد المتطرفة المسجد الأقصى سنويا، ويعتبرونه "يوما لتجديد العهد مع إزالة الأقصى من الوجود، وتأسيس الهيكل الثالث" حسب زعمهم. تعتبر هذه الذكرى التي تحل في التاسع من أب وفق التقويم العبري،والتي تقع ما بين اواخر شهر تموز وبداية شهر آب وفق التقويم الميلادي،من الأعياد الدينية اليهودية المهمة،ففي هذه المناسبة تنشط وتستنفر الجماعات التلمودية والتوراتية والنشطاء من جماعات "جبل الهيكل" وأمناء الهيكل"، و"عائدون الى الهيكل"، كل طاقاتها وإمكانياتها ،من أجل اوسع عمليات الإقتحام للمسجد الأٌقصى وعلى مدار الساعة،بحيث يتجاوز عدد المقتحمين يومياً ثلاثة ألآلاف مقتحم،كما حصل في العام الماضي،واهمية عمليات الإقتحام وزيادة عدد المقتحمين، تنبع من محاولة اثبات هؤلاء المقتحمين لملكيتهم وسيادتهم على المسجد الأقصى. حسب ما يقوله اليهود، بأن خراب الهيكل الأول قد حدث عام 576 قبل الميلاد على يد الملك البابلي نبوخذ نصر،ولم يسمح لليهود بالعودة الى القدس إلا بعد 70 عاماً على يد الملك الفارسي كورش ،الذي اعادهم الى ديارهم والسماح لهم ببناء هيكلهم الثاني،هذا الهيكل الذي جرى تدميره على يد الإمبراطور الروماني تيطس، 70 ميلادي ،وبالتالي اتى التاسع من أب ذكرى خراب الهيكلين بنفس الموعد بعد 600 عام. ويعتبر اليهود الذين يزعمون بوجود هيكلهم مكان مسجد قبة الصخرة،هو مركز حياتهم الدينية،وهو اقدس مكاني ديني عندهم ،ولذلك يجب أن تفرض سيادتهم وسيطرتهم عليه،وأن يجري العبور به من الزمن الإسلامي إلى الزمن اليهودي،ويوظفون لتحقيق ذلك كل اجهزتهم ومؤسساتهم ونفوذهم في القضاء والأمن والشرطة والجمعيات المتطرفة،ويعتبرون بان الأوضاع الحالية توفر لهم الفرصة السانحة،حيث العالم منشغل بمقتلة المجاعة والحصار على قطاع غزة،وكذالك حالة "الموات" العربي والإسلامي،لكي يفرضوا وقائع جديدة في الأقصى،تتجاوز قضية التقسيم الزماني والشراكة في المكان،والشراكة في المكان تعني ان يكون مقابل الشيخ المسلم حاخام يهودي ومقابل المصلي المسلم مصلي يهودي ومقابل الطفل الفلسطيني طفل يهودي ،وان لا تبقى الإقتحامات وفق النسق السابق عبر باب المغاربة تحت حماية وحراسة عناصر الشرطة الإسرائيلية والخروج من باب السلسلة،بل أن تجري عمليات الإقتحام بحرية وبدون حراسة من أكثر من باب من بوابات الأقصى،وعلى شكل استباحة كاملة،دون التقيد بفترة زمنية محددة،وأن يتم نزع الإشراف الإداري للأوقاف الإسلامية على الأقصى،وأن يجري "تجويف" وسحب الوصاية الأردنية عن الأقصى،وكذلك منع الحارس من التواجد في الأقصى. يسود الإعتقاد عند اليهود بأن خطيئتهم هي سبب دمار الهيكل،فعلى سبيل المثال يقولون بأن عبادتهم للأصنام وممارساتهم للعلاقات المحرمة،وسفكهم للدماء،كانت سبباً في خراب الهيكل الأول،في حين خراب الهيكل الثاني،كان بسبب انتشار الكراهية بينهم. وتعتبر ذكرى خراب الهيكل،ذكرى حزن وحداد يمتنعون فيه عن تناول الطعام من مغيب شمس يوم الهيكل حتى بزوغ نجمة الفجر في اليوم التالي،وفي هذا اليوم يمتنعون عن لبس ملابس رسمية ،ويكتفون بملابس بسيطة،ويمتنعون عن الحلاقة وقص رؤوسهم ولحاهم،وللتكفير عن خطايهم، وذنوبهم، يعملون على احضار ذبيحة الى مكان الهيكل المزعوم في "يوم الغفران". في ظل سعي الصهيونية القومية والدينية الى تحويل دولة الإحتلال الى دولة شريعة" هالاخاه" ،واشراف بن غفير ما يعرف بوزير الأمن القومي الإسرائيلي على عمليات الإقتحام والتهويد للأقصى والمشاركة فيها لتسع مرات منذ توليه منصبه كوزير في حكومة نتنياهو،وفي ظل حالة التطرف والتماهي ما بين المجتمع الإسرائيلي وحكومته،وفي ظل الحالتين العربية والإسلامية البائستين،وردود الفعل التي لا تتجاوز بيانات شجب واستنكار خجولة،والتي تكرس المقولة عن العرب والمسلمين، بأنهم ليسوا أكثر من ظاهرة صوتية " يجعجعون" و"يبعبون" ،صوتهم كالطبل" مرتفع،يحدث ضجيجاً دون أثر وذاكرتهم قصيرة كذاكرة السمكة،التي سرعان ما تتجاوز الحدث والفعل. سلسلة عمليات الإقتحام للأقصى بدأت منذ عام 2000،وكانت تسير بوتائر عالية،في الأعوام الذي تلته،وبأعداد أكبر،وفي كل عملية اقتحام جديدة،كان يحرص المقتحمين،على ان يفرضوا وقائع جديدة على طريق التهويد للأقصى،وأن يمارسوا طقوس تلمودية وتوراتية جديدة أيضاً،تجسد استكمال ما يعرف بطقوس احياء الهيكل المعنوي،والمتمثلة بإدخال شالات الصلاة واللفائف السوداء والدخول بلباس الكهنة البيضاء،واداء طقوس الصلاة فردية وجماعية وبصوت علني والنفخ في البوق والسعي لإدخال فرابين الفصح النباتية والحيوانية الى ساحات الأقصى ،وممارسة ما يعرف بطقوس السجود الملحمي ،انبطاح المستوطنين على وجوههم كاعلى شكل من أشكال الطقوس التلمودية والتوراتية،ورفع العلم الإسرائيلي في ساحات الأقصى،واجراء مراسيم زواج وتعميد في ساحات الأقصى،وتحويل ساحاته الى حلقات رقص وغناء. هم بإستكمال ما يعرف بإحياء طقوس الهيكل المعنوي، يعملون على ترجمة اقامة الهيكل الثالث بشكل فعلي بدل مسجد قبة الصخرة،من خلال القيام بذبح واحدة من البقرات الحمراء التي استجلبوها من ولاية تكساس الأمريكية،والتي تم استولادها جينياً،جيث جرى تخزينها في مكان أمن في منطقة بيسان،لكي تبلغ عمرها الشرعي عامان،وبعد ان بلغت تلك البقرات عمرها الشرعي، فالمخطط السعي لذبح واحدة منها في ساحات الأقصى،حيث سابقاً كان يخطط لذبح واحدة منها على جبل الطور،ولكن الآن يرون أن تذبح في ساحات الأقصى،وأن يتم نثر رمادها على أكبر عدد من الحاخامات،لتجاوز قرار الحاخامية الدينية العليا، بعدم الصعود الى ما يعرف بجبل الهيكل " المسجد الأقصى"،دون بند التطهر من ما يعرف بنجاسة الموتى او القبور، وبنثر هذا الرماد،سنكون أمام " تسونامي" من الإقتحامات،فإذا كانت الإقتحامات اليومية قبل ذلك في الأيام العادية لا تزيد عن 100 – 150 متطرف، سنكون امام 1000 – 1500 متطرف يقتحمون الأقصى،وهذا يعني فرض واقع جديد،شراكة في المكان وتخصيص مكان لهم من اجل اداء صلواتهم وطقوسهم التلمودية والتوراتية،ويبدأ ذلك بإقامة كنيس لهم في المنطقة الشرقية من الأقصى،بدل مصل باب الرحمة. خطط تهويد الأقصى لا تتوقف ،وتوظف فيها الجماعات التلمودية والتوراتية والحاخامات والمؤسسة الرسمية وبدعم واسناد رسمي،موجود في مؤسسات القضاء والشرطة والأمن،كل إمكانياتها وطاقاتها،واذا ما استمرت الحالة العربية والإسلامية ومواقفها وردود فعلها على ما هي عليه الآن، فمن غير المستبعد أن نجد أنفسنا في الأقصى قريباً،بوضع شبيه لما هو عليه الحرم الإبراهيمي في الخليل ،حيث حسمت اسرائيل سيادتها وسيطرتها عليه، بعدما قامت بنقل المسؤولية الإدارية عنه ،من بلدية الخليل الى المؤسسة الدينية اليهودية في مستوطنة كريات اربع.
فلسطين – القدس المحتلة 31/7/2025 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرار الكنيست الرمزي تمهيد قانوني وسياسي لإعلان الضم الفعلي
-
هم لن ينتصروا لا لديانتهم ولا قوميتهم ولا إنسانيتهم
-
أحداث السويداء-بروفات- لتكريس تقسيم سوريا
-
المنطقة تحت مخاطر التقسيم مجدداً
-
مخاطر الإنفجار تتعاظم في كامل المنطقة والإقليم
-
لم ينفرط عقد حجارة الدومينو،التي تحدث عنها نتنياهو في حروبه
-
من خطة مناحيم مليسون الى خطة مردخاي كيدار
-
الحرب لم تحسم ايران واليمن ولبنان ساحات قابلة للإشتعال
-
حرب المستوطنين على شعبنا تزداد شدة وضراوة
-
خيار الرد الإيراني كان مدروساً بعناية
-
ايران ملزمة بالرد
-
نتنياهو لن يتوج ملكاً لإسرائيل وترامب لن يتوج ملكاً للعالم
-
الشراكة الأمريكية - الإسرائيلية في الحروب العدوانية
-
-اسرائيل- زمن الحسم لا الحلول الوسط
-
بعد مقترح ويتكوف الإسرائيلي المقاومة بحاجة الى الثبات الإستر
...
-
يوم ثقيل عاشته القدس والأقصى
-
عُقد التفاوض الأمريكي- الإسرائيلي
-
الثبات على المواقف اداة فرض التعديل على الساسة الأمريكيين
-
الهجمة على القدس تشتد وتمتد وتتسع
-
هل يعيد اليمن تأسيس محور المقاومة،وهل يعيد تشكيل قوة الردع..
...
المزيد.....
-
من دون مكياج تقريبًا... باميلا أندرسون بإطلالتين أنيقتين في
...
-
الأرض تغلي تحت قدميه.. هكذا وثّق مغامر كويتي الينابيع البركا
...
-
مصدر: المبعوث الأمريكي يصل إلى موقع لتوزيع المساعدات في رفح
...
-
غزة: واشنطن تفرض عقوبات على السلطة الفلسطينية وويتكوف يلتقي
...
-
ترامب يفرض رسوما جمركية تصل إلى 41% على عشرات الدول بدءا من
...
-
باريس تسقط 40 طنا من المساعدات الإنسانية على قطاع غزة انطلاق
...
-
ترامب يزيد الرسوم الجمركية على المنتجات الكندية إلى 35%
-
السودان: تقارير عن وفاة مزيد من الأشخاص بسبب الجوع وسوء التغ
...
-
بوتين يجتمع بالشيباني والشرع يتلقى دعوة لحضور القمة الروسية
...
-
إنزال مساعدات إنسانية فرنسية في غزة
المزيد.....
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|