بهجت العبيدي البيبة
الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 23:20
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك أحلام تولد وهي تحمل في طياتها بذور نهايتها، فلا تستطيع أن تصمد أمام الواقع. منذ أن عرف الإنسان الخرائط، والأرض تشهد على صراع دائم بين الحلم والحقيقة. لكن بعض الأحلام لا يمكنها أن تتحول إلى واقع. وهذا ما يحدث مع فكرة "إسرائيل الكبرى" التي يروج لها بنيامين نتنياهو، وكأنها قدر لا مفر منه، متناسياً أن الزمن لا يعترف إلا بالحقائق، وأن الخرائط التي تبنى على الأوهام، مهما كانت واسعة، ستظل مجرد خيال.
لقد أطلق نتنياهو مؤخراً تصريحاته عن ما يسميه "إسرائيل الكبرى" بثقة كبيرة، وكأنه يتحدث عن مشروع حقيقي قابل للتطبيق. لكن هذه الفكرة في حقيقتها مجرد وهم، نشأت من قصص قديمة لم يثبت التاريخ صحتها. إنها ليست خطة سياسية، بل هي محاولة لاستخدام نصوص دينية قديمة وتفسيرات مختلفة، ليمنح هذا الوهم شكلاً من الواقع، مستخدماً لغة عاطفية ودينية لجذب الأنظار. لكن أي قراءة بسيطة للتاريخ والجغرافيا الحديثة ستكشف أن هذه المشاريع لا تخرج عن كونها أفكاراً نظرية لا مكان لها في عالمنا.
لغة نتنياهو تكشف عن ثلاثة جوانب أساسية: الأول، اعتماده على الأساطير بدلاً من الحقائق التاريخية. الثاني، رغبته في التوسع على حساب أراضي الآخرين، وكأنها أراضٍ خالية من أصحابها. والثالث، استخدامه لهذه الأوهام سياسياً لكسب تأييد شعبي في ظل الأزمات التي يواجهها. إن ما يتجاهله نتنياهو هو أن عالم اليوم تحكمه موازين القوى وحقيقة إرادة الشعوب، وأن أزمان التوسع على حساب الآخرين قد ولّت بلا عودة. إن فكرة "إسرائيل الكبرى" لا تصطدم بواقع الشعوب العربية ووعيها فحسب، بل تتحطم على صخرة صلابة مصر، وعلى تماسك شعبها العظيم حول قيادته الحكيمة وجيشه الباسل. إن هذا الشعب لن يسمح لهذا الوهم أن يتجاوز حدود الخيال، فمن تسوّل له نفسه الاقتراب من حدود مصر، لن يجد إلا موته في ترابها. فالتاريخ، كنهر النيل، لا يغير مجراه إلا بإرادة صلبة وحقائق راسخة، لا بأوهام كاذبة. والخرائط، مهما زخرفتها الألوان، لن تكتسب شرعيتها إلا إذا خطّها العدل وروتها أرض السلام والأمن. أما أوهام نتنياهو، فستبقى سراباً في صحراء مترامية، يظنه العطشان ماءً، حتى إذا جاءه، لم يجد إلا رمالاً متحركة ابتلعت من سبقه، ولن تحتفظ بأثر خطاه طويلاً.
#بهجت_العبيدي_البيبة (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟