أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عماد حسب الرسول الطيب - 2. التناقض البنيوي: لماذا تتأرجح البرجوازية الصغيرة بين الثورة والإصلاح؟














المزيد.....

2. التناقض البنيوي: لماذا تتأرجح البرجوازية الصغيرة بين الثورة والإصلاح؟


عماد حسب الرسول الطيب
(Imad H. El Tayeb)


الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 07:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


تشغل البرجوازية الصغيرة موقعًا طبقيًا فريدًا لكنه هش داخل البنية الاجتماعية للرأسمالية، فهي لا تمتلك وسائل الإنتاج الكبرى التي تمنحها قوة البرجوازية الكبيرة، ولا تضطر في الغالب إلى بيع قوة عملها بالكامل كالبروليتاريا، بل تعتمد على ملكية فردية أو عائلية محدودة في شكل متجر، ورشة، مزرعة متوسطة، أو حتى رأس مال صغير في مشروع إلكتروني. هذه الملكية، مهما بدت مستقرة، تظل أسيرة السوق الرأسمالي وقوانينه القاسية، معرضة في أي لحظة للإفلاس أو الاندماج القسري في رأس المال الأكبر. لذلك فإن إحساسها بالاستقلال الاقتصادي يقابله في الواقع اعتماد كامل على حركة السوق، وهو ما يضعها في موضع هش، تتأرجح فيه بين الحفاظ على ما لديها والسعي إلى تحسين موقعها الاجتماعي عبر الصعود الطبقي.

يحكم وعي البرجوازية الصغيرة تناقض بنيوي دائم: الخوف من الانحدار إلى صفوف البروليتاريا، والطموح للصعود إلى مصاف الرأسماليين الكبار. الخوف يدفعها أحيانًا إلى البحث عن تحالفات مؤقتة مع الطبقة العاملة لمواجهة تهديدات رأس المال الكبير أو الاستبداد السياسي، بينما يدفعها الطموح إلى الاقتراب من البرجوازية الكبرى على أمل مشاركة جزء من امتيازاتها. هذه الجدلية بين الخوف والطموح تجعل خطابها السياسي مائلًا نحو التوفيقية، إذ ترفض القطيعة الجذرية مع النظام القائم، وتفضل البحث عن إصلاحات تحافظ على استقرارها وتمنحها هوامش أوسع من الحركة. حتى في أوقات الغليان الثوري، يميل كثير من عناصرها إلى دعم المطالب المباشرة دون الدخول في صراع شامل ضد الملكية الخاصة.

شهد التاريخ الثوري أمثلة عديدة على هذا التأرجح، ففي التجربة الروسية عام 1917، اصطفّت شرائح واسعة من البرجوازية الصغيرة إلى جانب البلاشفة في الشهور الأولى لإسقاط القيصرية، لكنها انسحبت أو انقلبت عليهم عندما طرحت البروليتاريا مسألة التأميم الجماعي للأرض والمصانع. وفي الثورة الصينية، لعبت هذه الطبقة دورًا مهمًا في الجبهة المتحدة ضد الإقطاع والاستعمار، لكن ماو تسي تونغ شدد دائمًا على أن التحالف معها مؤقت ويجب أن يبقى تحت قيادة العمال والفلاحين الفقراء، قائلًا: "إن البرجوازية الصغيرة صادقة في الثورة حين تتفق مصالحها معها، وتتراجع حين تتعارض معها". أما في أمريكا اللاتينية، فقد دعمت هذه الطبقة في تشيلي وأورغواي الحكومات اليسارية المنتخبة، لكنها تحولت لاحقًا إلى قاعدة اجتماعية للقوى اليمينية حين شعرت أن السياسات الاشتراكية تهدد أسس ملكيتها الصغيرة.

القانون العام لسلوك البرجوازية الصغيرة في الصراع الطبقي يتجسد في ارتباط مشاركتها الثورية بمصالح ظرفية، وعدم امتلاكها القدرة أو الإرادة على المضي في مشروع اشتراكي جذري إذا تجاوز حدود الحفاظ على مصالحها المباشرة. هي طبقة تميل إلى الإصلاحية حين تتعارض أهداف الثورة مع بنيتها الاقتصادية، وتلجأ إلى الشعبوية لتجنب الصراع الطبقي الحاد، ما يجعلها قوة يمكن أن تعزز النضال لفترة محدودة لكنها غير مؤهلة لقيادته نحو التغيير الجذري. هذه الطبيعة ليست مسألة نفسية أو ثقافية، بل نتاج مباشر لموقعها المادي في علاقات الإنتاج، وهو ما يجعلها عاجزة عن تمثيل نفسها إلا في إطار مؤقت داخل حركة التاريخ.

الاستنتاج الماركسي من مجمل التجارب يؤكد أن التعامل مع البرجوازية الصغيرة يجب أن يكون بمنطق الحليف الظرفي، لا الشريك الاستراتيجي. التحالف معها قد يكون ضروريًا في مراحل معينة من النضال ضد الاستبداد أو الإمبريالية، لكنه يجب أن يُدار بحذر شديد وتحت قيادة الطبقة العاملة، مع العمل الدؤوب على ربط عناصرها الأكثر راديكالية بالمشروع الاشتراكي من خلال التربية السياسية والتنظيم القاعدي، لضمان ألا يتحول التردد البنيوي لهذه الطبقة إلى أداة تعويق للمسار الثوري. وكما أشار لينين، "إن البرجوازية الصغيرة، بحكم طبيعتها، لا تستطيع أن تكون إلا تابعة، إما للبرجوازية أو للبروليتاريا، وما يحدد تبعيتها هو ميزان القوى الطبقي في لحظة معينة".

النضال مستمر،،



#عماد_حسب_الرسول_الطيب (هاشتاغ)       Imad_H._El_Tayeb#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- 1. البرجوازية الصغيرة: الموقع الطبقي ووظيفتها في الصراع الاج ...
- دم الشهداء لا يجف: من تفكيك منظومة القتل والنهب إلى بناء سلط ...
- من تفريغ الغضب إلى تصفية الوعي
- الثورة بين الشعارات والممارسة: تفنيد مزاعم التطبيع
- 30. نحو وعي نقابي طبقي جذري
- 29.الحياد النقابي: شعار فارغ لتصفية المعركة الطبقية
- 28. ترويض العمل النقابي عبر القوانين الدولية: وهم الحماية
- ماركسية بلا ماركس: تفكيك المنهج الزائف في خطاب تاج السر عثما ...
- 27. الماركسية ليست إصلاحًا: مراجعة نقدية لخطاب تاج السر عثما ...
- 26. من هندسة الانقسام إلى بناء التنظيم القاعدي
- 25. تحالف القامعين: كيف تواطأت قوى الهبوط الناعم مع قانون قم ...
- من صراع الطبقات إلى واقعية الترويض: سقوط النظرية في فخ التكي ...
- من -الطنين- إلى -الإنكار-: تفنيد ماركسي لمقال تاج السر عثمان
- 24. إتحاد فوقي: كيف يخدم النظام الأساسي قمع الطبقة العاملة
- 23. قانون تنظيم الاتحادات المهنية 2004: أداة السلطة لعزل الط ...
- 22. وثيقة بلا عمق ولا بوصلة: تفريغ للتاريخ الماركسي إلى سرد ...
- 21. البيروقراطية الخائنة: نقابة بلا طبقة، ووثيقة بلا ماركسية
- بين إنقلابين ووثيقة واحدة: الحزب الشيوعي خارج جبهة الوعي الث ...
- 20. صراع البرامج والطبقات: نقابة تابعة أم أداة تحرر؟
- 19. النقابة كجهاز في المنظومة الإمبريالية: وثيقة الحزب الشيو ...


المزيد.....




- م.م.ن.ص// أجنحة الغضب: شهداء غشت والثورة التي لا تموت
- بلاغ المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي بشأن وضعية ...
- مشروع توسعي يكشف النوايا الخبيثة للكيان الصهيوني ويمثل تهديد ...
- يساريون إسرائيليون يتظاهرون في مطار بن جوريون للمطالبة بوقف ...
- تظاهرة يسارية بمطار بن غوريون تطالب بوقف حرب غزة لإعادة الأس ...
- بلاغ حزب النهج الديمقراطي العمالي بوجدة حول تلوث المياه الجو ...
- مذكرة من النقابات المستقلة لـ “جبران” تطالب بإلغاء شرط تحديث ...
- هل كان ماركس مفكرًا اقتصاديًّا فحسب؟
- لا للفصل التعسفي.. نطالب بعودة المفصولين من معهد “هندسة الطي ...
- وقفة احتجاجية لموظفات “محو الأمية” للمطالبة بالتثبيت


المزيد.....

- مقال (الاستجواب الدائم لكورنيليوس كاستورياديس) بقلم: خوان ما ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عماد حسب الرسول الطيب - 2. التناقض البنيوي: لماذا تتأرجح البرجوازية الصغيرة بين الثورة والإصلاح؟