سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 22:11
المحور:
الادب والفن
للحقيقة والتاريخ أن العجز الديمقراطي العربي وبالتالي (الليبي) كذلك، لم يكن، بالدرجة الأولى، بسبب ((الفيتو الغربي)) فقط على الحلم العربي بإقامة ديمقراطية حقيقية في بلداننا، كما لو أننا نحن الشعوب العربية ونخبنا السياسية ليبراليين جدًا وديمقراطيين جدًا في فكرنا وسلوكنا السياسي ولكن الأمريكان والإنجليز أو العسكر العرب هم من يحرموننا من التمتع بنظام ديمقراطي ليبرالي رشيد !! لا ليست المشكلة هنا، بل المشكلة تتمثل في أن السبب الرئيسي والعيب الأساسي هو (منا وفينا وفي مجتمعاتنا) نحن أصلًا، و(في ثقافتنا الشعبية السائدة) بل و(في ثقافة وسلوك نخبنا السياسية الطوباوية) التي لازالت تعيش بثقافة الحرب الباردة وعصر ماركس ولينين وباكونين !!.... أو عصر ابن تيمية أو محمد بن عبد الوهاب وحسن البنا وسيد قطب!!
***
نحن في العالم العربي - وخصوصًا في ليبيا بهذه الثقافة القبلية والجهوية والعرقية العنصرية العميقة وهذه التيارات السياسية الطوباوية يمينية ويسارية - لا نملك لا (مقومات نظام جمهوري حقيقي) ولا (مقومات نظام ديمقراطي حقيقي)!! لهذا السبب بالذات وبعد كل هذه التجربة التي خضتها في بطن التوجه القومي العربي ثم الإسلامي ثم المعارضة الليبية في الخارج وصلت لقناعة تامة وجازمة أن أفضل ما يمكن أن نقدمه لشعبنا الليبي (المنكوب) الذي أنهكته السياسة وتجارب الساسة الفاشلة والمُكلفة، وفي ظل عمرنا الحضاري والسياسي الحالي، هو نعود إلى ((نظامنا الوطني الملكي البرلماني/الليبرالي) بتحسينات جديدة وتحديثات ضرورية تطويرية، وسيكون هناك في هذا النظام الملكي الوطني الليبرالي المُطوَّر والمُحوَّر:
(1) برلمان منتخب من الشعب يحكم تحت رقابة الملك والأمة والصحافة الحرة.
(2) ستكون هناك أحزاب ونشاطات وحياة سياسية وفق القانون.
(3) ستكون هناك حياة ليبرالية واسعة يتمتع فيها الأفراد بحرياتهم وهواياتهم ومواهبهم الشخصية وفق الخطوط الحمراء التي يحددها القانون وفق ثوابت الإسلام (دين الدولة) بعيدًا عن الفهم الطائفي والسلفي والمذهبي الضيق للإسلام!
نعم هذا كله سيكون موجودًا ومتاحًا ولكن كل هذا سيكون تحت رعاية ورقابة رئيس الدولة الثابت والدائم المتمثل في ملك سنوسي وولي عهده السنوسي في سلسلة من الملوك كما حدث في أوروبا حتى يصل الشعب ونخبه السياسية لسن الرشد ولو بعد مائة سنة أو يزيد (!!!) ويمكنه بعدها، وبعدها فقط، أن يستحق ((نظامًا جمهوريًا حقيقيًا وديمقراطيًا كاملًا كما في العالم الديمقراطي والليبرالي) أو يطور نظامه الملكي البرلماني الناقص ليكون برلمانيًا كاملًا ويكون الملك رمزًا أدبيًا وطنيًا فقط لا يملك حتى سلطة حل البرلمان!، ويكون البرلمان عندها سيد قراره بالكامل .. أما الآن، وفي ظل هذه النخبة السياسية العربية وغير العربية والليبية (اليمينية واليسارية) (الاسلاماوية والعلمانوية) فلا مفر من أحد أمرين لا ثالث لهما للمحافظة على الدولة الوطنية القطرية من التشظي وهي تركض وراء وهم ديموقراطية لا تملك مقوماتها وإذا مارستها على الأرض تتحول إلى قنبلة موقوتة قد تطيح بالدول والأوطان، ولهذا ولحفظ وحدة واستقرار الدولة ومنع أن تتحول الديموقراطية إلى فوضى أو حرب أهلية كما حدث في لبنان من قبل وفي الأقطار التي شهدت ثورات شعبية أطاحت بالجمهوريات العربية الفاشلة إما أن تكون البلاد :
(1) بقيادة العسكر والمؤسسة العسكرية!
(2) أو بقيادة رئيس ملكي أو أميري دائم والمؤسسة الملكية أو الأميرية العائلية!.
***
ولا شك عندي كصاحب رأي وباحث في تاريخ الأنظمة السياسية بأشكالها وتجاربها المختلفة، وكداعية للديمقراطية الليبرالية وحرية السوق والتجارة والعدالة الاجتماعية والعدالة المناطقية (الجهوية) في ظل مبدأ الإسلام دين الدولة وظل ثوابتنا الوطنية، لا في ظل العلمانية، أن الخيار المدني الثاني ( الملكية البرلمانية الليبرالية واللامركزية) بعائلة ملكية تتولى وتحتكر رأس الدولة وقيادتها، هو الخيار العقلاني الرشيد بل والأفضل والأنسب والأكرم لليبيا ولليبيين بل ولكل الدول العربية، فالعسكر ليس من طبيعتهم الحكم وممارسة السياسة، مع كامل احترامي لهم وتأييدي الكامل لحقهم في الدفاع عن النفس وواجبهم في الدفاع عن أمن المواطنين في معركة الشرف والكرامة التي نشبت في بنغازي منذ عام 2013 ضد من كان يستهدفهم بالقتل والتصفية الجسدية ويصطادهم في شوارع بنغازي ودرنة و إجدابيا كما لو أنهم أرانب!! ذلك كان شيئًا مهينًا بالفعل ولو كنت ضابطًا في الجيش لكنت التحمتُ بهم في الدفاع عن الشرف العسكري وعن أمن الوطن والمواطنين، لكن تلك قضية ، وقضية نظام الحكم قضية أخرى!
فأنا بصراحة ومع احترامي لجميع أراء وموقف غيري، أرى أن راحة ووحدة ليبيا والليبيين واستقرارها وازدهارها تكمن في العودة للملكية البرلمانية اللامركزية بروح ليبرالية متسامحة منفتحة في ظل مبدأ الإسلام دين الدولة، وهذا مشروعي بعد دراسة عميقة وطويلة لتاريخ تكوين ليبيا وواقعها الحالي بهذه الجهوية والقبلية والعرقية العنصرية المزمنة والعميقة بل وبعد دراستي للشخصية الليبية بكل مشكلاتها وعيوبها ومميزاتها، فهذا المشروع هو العلاج الرشيد والحل الوحيد خلال كل هذه الظروف المحلية والإقليمية والدولية، بل وخلال العمر الحضاري والسياسي للأمة الليبية كأمة وطنية تعاني من الهشاشة والسطحية والتبعية وضعف الشخصية والقابلية الكبيرة للاستهواء والتضليل والاستغفال فضلًا عن تضخم الذات وأوهام القوة والثراء والعظمة (َ!!) وتحتاج إلى تعميق هويتها الوطنية والسياسية وإصلاح مكونات ومقومات شخصيتها الوطنية وإعادة بناء الأخلاق العامة على أساس التواضع والأمانة والتسامح وحب العدل وكراهية الظلم والقبول بالآخر، أقول هذا للتاريخ، لهذا أنا مع عودة الملكية ولكن بثلاث شروط :
(1) الشرط الأول:
أن تكون الدولة دولة ليبرالية وليست شمولية، وهذا يعني أنه سيتمتع فيها المواطنون والأقليات بكل حقوقهم الإنسانية والمدنية وحماية خصوصياتهم وممتلكاتهم وحرياتهم الشخصية وعلى رأسها حرية المعتقد والفكر مع مراعاة الجميع لثوابت وخصوصيات المجتمع الليبي ومقدساته وحرماته وهويته الوطنية والدينية العامة!
(2) الشرط الثاني:
أن تكون الدولة غير مركزية أي أنها تقوم على نظام حكم لا مركزي على مستوى مناطق ليبيا الثلاث، بحيث يتمتع كل أقليم بصلاحيات كاملة في إدارة شؤونه المحلية الداخلية بينما تتولى حكومة الدولة في ظل رقابة الملك الشؤون الوطنية والقومية السيادية العامة كالخارجية والدفاع والسلطة النقدية وغير ذلك من اختصاصات الدولة لا الأقاليم والولايات والبلديات! فلابد من الحكم اللامركزي أولًا كجزء من الديمقراطية المحلية وثانيًا كأداة عملية فعالة من أدوات محاصرة الفساد العام في مناطقه كما تتم محاصرة السرطان في أجزاء الجسم!.. فكل منطقة أو ولاية أو بلدية تحارب فسادها بنفسها وتكون بالتالي هي وحدها مسؤولة عن نجاحها في محاربة فسادها ومحاربة الجريمة والمخدرات والظواهر الهدامة وفي معالجة المشكلات الاجتماعية داخلها كالطلاق والدعارة وحماية اليتامي والمساكين والفقراء والنساء الضعيفات والمعاقين كما أنها مسؤولة عن مستوى التعليم والصحة العامة وزيادة دخل سوقها المحلي وفي اقامة العدل داخلها، فكل هذا يمكن تحقيقه وتفعيله بقوة في ظل الحكم المحلي الذاتي الداخلي على مستوى الولايات ومستوى البلديات ولا يمكن بعدها أن تلقي أية ولاية أو بلدية فشلها على ولاية أخرى أو بلدية أخرى أو حتى على الحكومة الوطنية المركزية أو ملك البلاد، فسكان الولاية وسكان البلدية هم من ينتخبون قادتهم المحليين وبالتالي هم مسؤولون عن اختيارهم!... وهكذا نفكك المركزية المقيتة ونحاصر الفساد بحيث يتولى سكان كل ولاية أو بلدية كشف ومحاصرة فاسديها ومجرميها ومحاكمتهم سواء في محاكم محلية أو حتى محاكم مركزية وطنية.
(3) الشرط الثالث:
أن يتمتع الملك أو الأمير بشخصية قوية صارمة فيما يتعلق بأمن ووحدة واستقرار الدولة، فهو الراعي السامي لها - بعد المولى عز وجل - وأن لا يفرط في أمن الدولة داخليًا أو خارجيًا وأن يكون شديدًا صارمًا ضد كل القوى المدنية أو العسكرية الإنقلابية والارهابية والفوضوية سواء من اليمين أو اليسار التي تتآمر على النظام القائم وتسعى للأطاحة به بالقوة، أو الإستقواء بالخارج، ويقابلها بحزم وغلظة وعقوبات شديدة جدًا قد تصل لحد الإعدام، ليجعل من هذه العقوبات الصارمة المشددة في حق الجرائم التي تطال أمن أو وحدة البلاد والدولة عبرةً لمن يعتبر !!
فهذا هو تصوري واقتراحي ومشروعي لليبيا الأصيلة والجديدة، بمشروعنا الوطني الأصلي القديم الرشيد ولكن بعد التحديث والتجديد.... وهذا هو الطريق!!
*******
أخوكم المحب
العربي/البريطاني المسلم المحب
الخط العربي الإسلامي الليبرالي/ فكر عصر النهضة العربية
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟