|
نقاش حول الفقرة الأخيرة من الكتاب الأخضر!؟؟
سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة
(Salim Ragi)
الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 07:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دارت مناقشة بيني وبين الليبيين حول الفقرة الأخيرة من الفصل الأول من الكتاب الأخضر والمسمى بـ(الركن السياسي) خلافًا للركن الاقتصادي والركن الاجتماعي لما يسميه القذافي وأنصاره بالنظرية العالمية الثالثة!! فبعد أن استغرق كاتب الكتاب الأخضر ومؤلفه، أيًا كان، سواء كان العقيد القذافي بالفعل كما يقول ويقول أنصاره، أو كان مؤلفه المفكر الليبي المرحوم (الصادق النيهوم) كما يدعي البعض، وبعضهم من رفاقه!... فبعد كل ذلك الهجوم والطعن الكبير في الديموقراطيات التقليدية النيابية المعاصرة، وبعد كل ذلك التنظير بحماسة منقطعة النظير لسلطة الشعب المباشرة، وجدنا كاتب الكتاب الأخضر يحذرنا من مغبة تطبيق هذه الفكرة النظرية لأنها إذا لم يتم قطع الطريق عليها بالعودة للحكم الطبيعي (غير الشعبي) فستنزلق حتمًا للفوضى وحكم الغوغاء..... وإليكم ما جاء في نهاية الفصل الأول من الكتاب الأخضر عن خطورة تطبيق نظام السلطة الشعبية كما ما يلي:
((إن عصر الجماهير وهو يزحف حثيثاً نحونا بعد عصر الجمهوريات يلهب المشاعر و يبهر الأبصار ولكنه، بقدر ما يبشر به من حرية حقيقية للجماهير وانعتاق سعيد من قيود أدوات الحكم، فهو يُنذر بمجئ عصر الفوضى و الغوغائية من بعده، ان لم تنتكس الديمقراطية الجديدة التي هي سلطة الشعب، وتعود سلطة الفرد أو الطبقة أو القبيلة أو الطائفة أو الحزب))!!.. من الفصل الأول من الكتاب الأخضر.
هذا ما جاء في نهاية الفصل الأول عن النهاية المرعبة لتطبيق تجربة سلطة الشعب ((المزعومة والموهومة)).. ومعنى هذا أنه: ((إن لم تنتكس الديمقراطية الجديدة التي هي سلطة الشعب وتعود سلطة الفرد أو الطبقة أو القبيلة أو الطائفة أو الحزب، فهذا يعني أن هذا الشعب ((المسكين)) الذي تم توريطه بالقوة والتضليل في تطبيق هذه الفكرة الطوباوية وهذه ((التجربة الشعبوية الجهنمية!!؟؟)) سيتعرض لمجيء عصر الفوضى والغوغائية ويذوق ويلات ونار هذه الفوضى كما شاهدتم طوال عهد القذافي في حكمه وقيادته لليبيا وسيادته عليها وكما تشاهدون الآن بعد حقبة ثورة فبراير (!!)
السؤال هنا: إذا كان كاتب الكتاب الأخضر - مع افتراض أنه العقيد القذافي نفسه! - يعلم أن تطبيق فكرة وتجربة الحكم الشعبي ستنتهي للفوضى والغوغائية، إذن لماذا طبق القذافي هذه الفكرة الجهنمية وهذه التجربة الشعبوية المدمرة على الشعب الليبي البسيط المسكين!!؟؟ إذا كان معمر القذافي يعلم منذ البداية - وبنص كتابه الأخضر - بأنها ((فكرة مؤذية ومدمرة لشعبك وبلدك)) فلماذا طبقها على شعبه إذن!؟؟
علق السيد (Faraj Elhadayri) وكتب قائلًا: "للامانة القذافي لم يطبق نظريته .. تماما كيف ماتقول الجمهورية الاسلامية وهي ماعندها من الاسلام الا الاسم .. فلا حرية ، ولا قرار للمؤتمرات الشعبية .. وحتي في اخر عشرين سنة قعدت اللجنة الشعبية العامة(الحكومة) ورقة تجي من باب العزيزية يقرؤ الاسماء في نهاية كل مؤتمر شعب عام في 2 مارس .. لا اختيار ولا تصعيد ولا حاجة .. حتي اللجان الثورية تقارن بين المبادئ والاسس والافعال تلاقيهم عكس بعضهن بشكل كامل"
فكان تعقيبي كما يلي: "نعم لم يطبقها بالفعل وقد كتبت مقالة عن هذا اعتقد بعنوان (( ماذا لو طبق القذافي نظريته بحذافيرها كما في الكتاب الأخضر)) مفادها حيث لا لجان ثورية ولا قيادة ثورية ابدية تحكم وتوجه هذه المؤتمرات؟؟ بل مؤتمرات شعبية تقرر ولجان ثورية تنفذ فقط لا قائد يوجه ويرشد وتوجيهاته ملزمة للشعب بحكم ما بسمى بالشرعية الثورية ولا لجان ثورية تجر المؤتمرات تجاه ما يريده القايد؟؟ ماذا لو ترك القذافي السلطة وتنحى وترك السلطة للمؤتمرات هل ستتحقق سلطة الشعب ويصير منها!؟ أم ستعم الفوضى والغوغاء كما ورد في آخر الكتاب الأخضر !!؟؟... نعم بالفعل القذافي لم يطبقها بحذافيرها فتطبيقها يتطلب عدم وجود قائد يوجه الشعب ولا لجان ثورية تكركر الشعب غصبًا عنه لحضور المؤتمرات!! وهو كان لا يريد أن يترك السلطة والقيادة ويخشى أن تنقلب المؤتمرات نفسها ضده ، وهذا ما حدث يوم دعا لجلسة طارئة في أواخر الثمانينيات ببند واحد ((ماذا يريد الشعب الليبي!؟)) وأنا نفسي تابعت تلك الحادثة يومًا بيوم على المباشر لكن بعد يومين الناس تشجعت واللي عنده كلام طلعه!! وطلع واحد قال العوج من فوق العكوز وواحد قال في غضب وانفعال: على القذافي ان يتحمل مسؤولية الفوضى والفشل أو يتنحى !! ركها هكي عيني عينك في وسط المؤتمر وعلى المباشر ، بعدها تم قطع البث !! ولم يعد يتم نشر الجلسات إلا مسجلة وليس بالبث الحي وأصبحت الجلسات تتحدث فيها اللجان الثورية وأنصار القذافي وهم يهددون ويتوعدون ويقولون: "الكلاب الضالة تحاول اختراق المؤتمرات الشعبية ونحن لهم بالمرصاد وعلى استعداد لتصفيتهم مرة أخرى"!! ثم تنطلق الجوقة إياها وهي تهتف (نصفوهم بالدم يا قايد! سير ولا تهتم! يا قايد!".. وهكذا عم الخوف الحضور ولم تعد تسمع إلا همسًا!! انتهت تلك التمثيلية او التجربة أو تم إنهاء قصة مؤتمر ((ماذا يريد الشعب الليبي؟)) بعد أن أحس القذافي أن إعطاء المؤتمرات الحرية، قد يجعلها تنقلب عليه هو شخصيا كما حصل بالفعل يومها !! الشاهد انه بالفعل لم يطبقها كما هي في نص النظرية بل بطريقة جعلها محكومة بقيادته ولجانه الثورية وأجهزة أمنه ومع ذلك انتهت هذه التجربة الشعبية الشعبوية أولًا إلى عزوف شعبي كبير أقلق القذافي وجعله يهدد بحرمان كل من لا يحضر جلسات المؤتمرات من نصيبه في الجمعيات الاستهلاكية (!!؟؟)، ثم ثانيًا انتهت كما جاء في الكتاب الأخضر للفوضى والغوغائية حتى قبل الثورة بل وإلى الفساد الإداري والمالي الكبير والخطير بل العميق!! السؤال في مقالتي مادام أن كاتب الكتاب الأخضر حذر من تطبيقها فلماذا إذن أصر القذافي على تطبيقها او الادعاء بأنه طبق سلطة الشعب وهي غير موجودة !؟ بل قُتل وهو مصر على أنه ليس هو من يحكم ليبيا بل الشعب الليبي !! ومصر على أنه سلّم السلطة والثروة والسلاح للشعب وأصبح خارج السلطة!!! ففي الحالتين هو مجرم ، فإذا طبقها فهو مجرم لأنه يعلم أنها ((أكلة مسمومة وأرض ملغومة))!! وإذا ادعى تطبيقها وانه سلم السلطة للشعب وأصبح خارج السلطة فهو إذن كاذب دجال!! وفي الحالتين يكون قد أجرم في حق شعبه خصوصًا وأنه في سبيل ما يقول أنه حماية سلطة الشعب كان قد ارتكب جرائم ضد من عارضوه وعارضوا هذا النظام المزيف الكاذب وهذا الدجل الديموغواجي والسياسي فقام باغتيال بعضهم في الخارج، وقام بنصب أعواد المشانق للبعض الآخر ليس وسط الشوارع وحسب بل وسط الجامعات الليبية!! أليس هذه جرائم سياسية يستحق عليها القذافي الإدانة والمعاقبة!!؟؟"
وعلق السيد (أسامه أنغيمه) وكتب قائلًا: "فهو ينذر بمجي عصر الفوضى والغوغائية من بعده، التي هي الطبقية والقبلية والحزبية والخ فهذا هو معنى ما ورد فيما ذكرتم"
فكان تعقيبي كما يلي: " لا ليس هكذا ، بل معنى النص هو كالتالي: ((إذا لن تنتكس التجربة الشعبية بسرعة ويعود للدولة حكم الفرد أو العائلة أو الحزب ويضبط الأمور فإن السلطة الشعبية ستنزلق حتمًا نحو الفوضى والغوغائية)) هذا معنى النص وقد كان هذا سؤالي بشكل مبكر في اجتماع بالطلاب أقامته اللجنة الثورية ألقى فيه أحدهم محاضرة عن الكتاب الأخضر كحلول نهائية لكل مشاكل البشرية (!!!؟؟؟) وذلك أيام كنت في معهد الكهرباء عام 1981 ولم يستطع المحاضر الإجابة عن سؤالي عن هذه الفقرة الأخيرة بالذات ووقع في حرج !!، فأنا كنت قد اطلعت على الكتاب الأخضر مرتين وقد استوقفتني هذه الفقرة بينما كانت ترقص فوق رأسي مليون علامة استفهام وتعجب (؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!)..... ولا تنسى الفقرة الأخرى في نهاية الفصل الأول التي - وبعد كل الرفض التام للحكم النيابي والتنظير للحكم الشعبي - تقول: (( هذا من الناحية النظرية أما من الناحية الواقعية فإن الأقوياء هم من يحكمون!! فالطرف الأقوى في المجتمع هو من يحكم)).... هكذااختتم كاتب ومؤلف الكتاب الأخضر تنظيره لنظرية سلطة الشعب، فهي إذن مجرد ((نظرية طوباوية مثالية)) غير قابلة للتطبيق الواقعي العملي والاستعمال البشري!!... وهي بالفعل نظرية قديمة ليس من اختراع معمر القذافي بل كان صاحبها أو أكثر من نظّر لها ودافع عنها أحد فلاسفة الثورة الفرنسية وهو الفيلسوف الفرنسي ((جان جاك روسو)) في القرن السابع عشر بعد أن وجّه للديمقراطية النيابية البريطانية انتقادات حادة لاذعة مؤكدًا أنها ليست ديمقراطية حقيقية بل حكم نيابي عن الشعب، وإنما الديمقراطية الحقيقية الوحيدة، كما يعتقد جان جاك روسو، هي سلطة وسيادة الشعب الفعلية والعملية بل و(المطلقة)(!!) أي أن يحكم الشعب نفسه بنفسه بشكل مباشر وبدون نيابة بل وبشكل مطلق!! ... هكذا قال (روسو) في كتابه الشهير ((العقد الاجتماعي)) لكنه بعد كل ذلك التنظير لسلطة الشعب وجدناه يختتم تنظيره بالقول: ((ولكن هذا النوع من الحكم، يقصد الحكم الشعبي المباشر، هو من المثالية بمكان مما يجعل تطبيقه بشكل صحيح يحتاج بالضرورة لشعب من الملائكة او الآلهة))!! هكذا اختتم (روسو) تنظيره لنظرية سلطة وسيادة الشعب مما يعني اعترافه أنها مجرد نظرية مثالية طوباوية غير قابلة للتطبيق الواقعي العملي، مما يعني أن الشكل الواقعي والعملي الوحيد والممكن للديمقراطية هو بالفعل (الديمقراطية النيابية البرلمانية) وهي لا تعني حكم الشعب نفسه بنفسه بل حكم النخب السياسية (أهل الحل والعقد) وفق اختيار الشعب من خلال انتخابات عامة شفافة ونزيهة، فهذه هي الديمقراطية الواقعية الحديثة بعيدًا عن فكرة الديمقراطية المثالية كما أسس لها الفلاسفة الإغريق من قبل الميلاد(*)، وكما نظر لها ودافع عنها بقوة جان جاك روسو في القرن السابع عشر ، وبين هذه وتلك، (ديمقراطية شبه شعبية) هي ديمقراطية سويسرا ، ديمقراطية (المشاركة الشعبية) وليست (السلطة الشعبية) حيث في الديمقراطية شبه الشعبية السويسرية يمكن لكل مجموعة كبيرة من الشعب أن تقدم مبادرة تعرض من خلالها مشروع قانون للاستفتاء الشعبي وهي عملية اسمها (المبادرة الشعبية) ، وهو أمر قد يتم على مستوى المدينة والحكم الديمقراطي المحلي حيث كل مدينة تحكم نفسها بنفسها بمجلس حكم محلي بدون الرجوع لمركز الدولة أو يتم على مستوى وطني حيث يتم التصويت على قرار تقدمه مجموعة شعبية كبيرة للاستفتاء الشعبي فإذا وافقت عليه الأغلبية بكلمة (نعم) أصبح قانونا ملزمًا للجميع، فهذه هي ديمقراطية المشاركة والمبادرة الشعبية وليست السلطة الشعبية المباشرة التي يمارس من خلالها ((الشعب!!!؟؟؟)) السلطة والحكم بنفسه وبشكل مباشر ودون نيابة !! وربما حتى بدون دستور!! فهي مجرد نظرية فلسفية مثالية طوباوية غير قابلة للتطبيق وإذا تم تطبيقها تتحول إلى فوضى كما حدث في بداية الثورة الفرنسية والثورة الروسية! .... لقد كتبت مقالات كثيرة في انتقاد الكتاب الأخضر وخصوصًا مسالة سلطة الشعب (الفصل الأول) والاشتراكية الطوباوية المتطرفة شبه الشيوعية (الفصل الثاني) قبل وبعد فراري من جماهيرية القذافي عام 1995، فهذا والله أصلًا ما اضطرني للخروج من بلادي وبلاد أبائي وأجدادي بعد أن عجزت عن التعبير عن أفكاري وانتقاداتي للكتاب الأخضر وواقع النظام وما جناه على ليبيا والليبيين، ولم يخرجني من بلادي والله إلا هذا ، لا حزبية ولا طموحات سياسية وشخصية وسلطوية ولا حتى مشروع العودة للملكية والفيدرالية، إنما حرية الفكر والرأي والتعبير، فأنا في الحقيقة لست سياسًيا ولا حزبيًا وليس عندي أي طموحات سياسية شخصية ولا انتميت لأي حزب ديني أو مدني لكن موضوع اهتمامي هو ما عبرت عنه في شريط ((صرخة العدل والحرية)) الذي سجلته بصوتي وذكرت فيه انتقاداتي للقذافي ونظامه الشمولي وكتابه الأخضر وطبعت من هذا الشريط 120 نسخة وزعتها بنفسي في بنغازي قبل خروجي من ليبيا بأيام عام 1995، فقد عز على نفسي يومها أن اخرج هاربًا من موطني دون أن أقول كلماتي وأدلي بشهادتي، بل والله قد توقعت في الشريط حدوث هذه الكارثة إذا لم يسارع القذافي في محاربة الفساد وتحقيق العدالة و الإصلاح الجذري الكبير لنظامه شكلًا ومضمونًا، لكنه لم يفعل وظل يماطل ويراوغ ويقدم للغربيين كل ما يريدون ويشتهون ويعد أولاده للحكم من بعده في الوقت الذي يلوك فيه، إلى آخر لحظة في حياته، اسطوانة سلطة الشعب ,ان الشعب الليبي هو الشعب الوحيد في العالم والتاريخ الذي يحكم نفسه بنفسه وبشكل مباشر ودون نيابة (!!!) وأنه، أي العقيد القذافي، بات خارج السلطة بعد أن سلمها للشعب يدًا بيد عام 1977، ظل القذافي يلوك ويردد تلك الاسطوانة الديموغواجية السخيفة والمشروخة حتى زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت أثقالها وأتته يدٌ فراسةٌ وفمُ!! وانفجر البركان وكان ما كان والله المستعان، وبقية القصة تعرفها!!"
فعقب السيد (أسامه أنغيمه) وقال: " يا أستاذ سليم هو يحكي على واقعنا الآن وهو يريد أن يؤكد أن الديمقراطية التي هي سلطة الشعب في خطر وأنها سوف تحارب من الغوغائيين وأن محاربتهم لها تنذر بقدوم عهد الفوضى، الكلام هذا عشناه وأنا كنت يومها من الأوائل في مادة الوعي السياسي"
فكان تعقيبي هو كالتالي: " يا صديقي أنا مثلك بحثت كثيرًا، فلا أحكم على شيء حتى أستفرغ وسعي في دراسته، فمنذ بدايات شبابي لم اكتف بقراءة الكتاب الأخضر قراءة اطلاع عابرة بل يعلم الله أنني جلست أكثر من أسبوع على طاولة لوحدي في البيت حيث كانت العائلة مسافرة وأحضرت كل شروح الكتاب الأخضر وكُتب كثيرة عن الاشتراكيات المختلفة (المعتدلة والمتطرفة) والديمقراطيات النيابية والشعبية وتدبرت وتفكرت وأخذت أسجل ملاحظاتي وانتقاداتي في كراسة خصصتها للكتاب الأخضر، تركتها لاحقًا خلفي مع بقية كراريسي في حقيبة تحت سريري ثم اضطرت عائلتي للتخلص منها بعد خروجي بسبب استدعاء عدد من عائلتي بما فيهم والدتي العجوز السبعينية للتحقيق معهم بخصوص انضمامي للنشاط المعارض ومقالاتي المنتقدة للقذافي ونظامه وكتابه الأخضر، أي حينما فررت بعقلي وقلمي وجلدي ورأسي خارج معتقل جماهيرية (الأخ العقيد) و(المفكر الفريد) و(الصقر الوحيد) خوفًا من الاعتقال والتصفية الجسدية!! ... فأنا لم اتخذ هذا الموقف من الكتاب الأخضر اعتباطًا أو كراهية في شخص القذافي بل هو موقف فكري عقلاني يتعلق بالرأي بالدرجة الأولى، إنها مسألة قناعات فكرية وسياسية!... هذا أولًا بالنسبة لنقطة الخلاف بينا حول قوله في نهاية التنظير للحكم الشعبي وقدوم عصر الجماهير (!!؟؟): ((فهو يُنذر بمجيء عصر الفوضى و الغوغائية من بعده، إن لم تنتكس الديمقراطية الجديدة التي هي سلطة الشعب، وتعود سلطة الفرد أو الطبقة أو القبيلة أو الطائفة أو الحزب)) وأرجو أن تركز عقلك هنا أكثر في قوله : ((إن لم تنتكس... وتعود سلطة الفرد)) )) !! ولا حظ أنه لم يقل : (( ينذر بمجيء عصر الفوضى إذا انتكست الديمقراطية وعادت سلطة الفرد)) بل قال: ((سيجيء عصر الفوضى إن لم تنكس هذه الديمقراطية الجديدة)) فمجيء عصر الغوغاء والفوضى مرهون بعدم انتكاس هذه الديمقراطية الشعبية.. أما إذا انتكست ورجع عهد حكم الفرد أو الحزب فلن تحدث الفوضى والغوغائية ويقي الله البلاد والعباد شرها!!، وهذا مفهوم وواضح في هذه الفقرة الأخيرة من الكتاب الأخضر، فإذا انتكست تجربة الحكم الشعبي المباشر من قبل أن تصل مداها من الغوغائية والفوضى وعاد الأمر للحكم الطبيعي التقليدي (حكم الفرد أو العائلة أو الطائفة أو الحزب)(الحكم النيابي) فعندها يكون هذا الانقلاب على هذا الحكم الشعبي هو ما سيقطع وصول هذا الحكم الشعبي إلى مداه ونهايته المحتومة أي لحكم الغوغاء وسيادة الفوضى!! وسيعود الشعب محكومًا من الحكومة بشكل جيد ولن يعد حرًا في أن يمور كالثور في الشوارع وفي المؤتمرات الشعبية يقول ويفعل ما يريد مبررًا بأن الحكم والسلطة للشعب يمارسها بنفسه بدون حكومة ولا نيابة (!!!؟؟؟) فيما تدب بين فئاته المختلفة الخلافات الشخصية والقبلية والجهوية والحزبية والمصلحية لينتهي الأمر بالاقتتال الأهلي حيث سيحرقون بلادهم ويملؤون الدنيا فوضى وغوغائية، فهذه هي نتيجة الحكم الشعبي المباشر كما نفهم من هذه الفقرة الأخيرة من الكتاب الأخضر بل وهو المتوقع بالفعل بحكم العقل ومنطق الأشياء!! ليس في ليبيا فقط بل والله حتى لو طبقناه هنا في بريطانيا، فإن الفوضى والغوغاء تكون هي النتيجة الحتمية لهذا النظام الشعبي المباشر!! قال ربنا في القرآن: ((أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم)) وطاعة أولي الأمر ليست مسألة دينية شرعية في الحقيقة بل مسألة عقلية طبيعية لابد منها وإلا دب الانفراط في عقد المجتمع وأصبح الأمر فوضى بينهم وليس شورى بينهم، تقول العرب (أمرهم فوضى بينهم) أي ليس لهم رأس وأمير!!.. إذ لابد من وجود ولاة الأمر وأهل الحل والعقد أي وجود حكام وحكومات ورؤوس مسؤولة عن الحكم والقيادة والرئاسة فهذا هو الأمر الطبيعي والمنطقي والضروري لوجود المجتمعات إلا إذا تمكنا من خلق إنسان نموذجي جديد وفريد غير هذا الإنسان الطبيعي والحقيقي وهو في تقديري أمر غير ممكن!!، لذا لابد من أن تكون هناك فئة حاكمة ورئيس للدولة سواء في أنظمة الحكم الديكتاتورية أو الديموقراطية، ولا يصح ترك الشأن العام للعامة بآرائهم المتقلبة والمختلفة تمامًا كما لا يمكن وجود جسم بلا رأس! كذلك جسم المجتمع يحتاج إلى رأس!! إنها طبيعة الأشياء... وعندها يصبح المفهوم العقلاني والواقعي الرشيد للديمقراطية ليس (الحكم الشعبي المباشر) بل المشاركة الشعبية السياسية من خلال بوابات الرأي السياسي ومن خلال انتخاب السلطات العامة التي يُفترض أنها تمثل تطلعات فئات الشعب المختلفة في مجلس الحكم (البرلمان). وأخيرًا فهذا هو ظاهر ومفهوم نص تلك الفقرة التي اختتم بها كاتب الفصل الأول من الكتاب الأخضر (الركن السياسي) وكانت قد حيرتني بالفعل منذ اطلاعي الأول في بداية شبابي على الكتاب الأخضر!! إذ أنني رأيت فيها نسفًا لكل تلك النظرية لأنها تقر بأنها مجرد نظرية مثالية طوباوية غير قابلة للتطبيق البشري الواقعي، وأن تطبيقها سيؤدي إلى كارثة وفوضى بعد أن تنزلق للغوغائية وهو أمر محتوم في تجارب الحكم الشعبي، حكم العامة!!، فأرجو إعادة التدبر في تلك الفقرة مرات ومرات حتى تتضح الصورة أمامك كما اتضحت أمامي منذ عقود !!.. مع خالص الاحترام والمودة لكم" ******** أخوكم المحب
#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)
Salim_Ragi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من اعترافات رجل فاشل!!؟
-
ذكرياتي مع أول شخصية مصورة (زوزو)!؟
-
التصور الاسلامي الليبرالي لدولة سوريا الجديدة والرشيدة!؟
-
الصادق النيهوم المغضوب عليه من الاسلاميين العرب والعلمانيين
...
-
وراء كل فيلسوف زوجة متنمرة!!؟
-
هل بريطانيا أسست دولة اسرائيل أم الحركة الصهيونية!؟
-
بين الحكومات الديموقراطية (الفاشلة) والحكومات الديكتاتورية (
...
-
أيهما تأثيره أكبر على الآخر، الشعب ام الحاكم!؟
-
نتائج حرب غزة النهائية لم تظهر بعد !
-
الفرق بين القذافي وعبد الناصر كبير جدًا!!
-
أيها الحب! هل تسمعني!؟
-
الغباء والذكاء والحقائق المخيفة العشر!؟
-
الديموقراطية بين الدولة اليهودية والدول العربية!
-
الليبرالية والديموقراطية، أيهما أحوج للآخر !؟
-
مسلسل معاوية بين الرؤية الفنية والروايات التاريخية!
-
مسلسل (معاوية)، أسئلة واجابة؟!
-
عن اسطورة آل البيت !!!؟؟
-
الفرق بين فيدرالياتهم وفيدراليتنا الوطنية!
-
عن شجاعة زلينسكي في مواجهة تنمر ترمب !؟
-
بين شعار (نحن أولًا) وشعار (نحن فوق الجميع)؟
المزيد.....
-
-واحدة من أقوى- حزم العقوبات ضد روسيا يعلنها الاتحاد الأوروب
...
-
تلقب بـ-بيغ كارل-.. شاهد كيف تعمل أكبر رافعة في العالم على ا
...
-
مغامر يخوض تجربة تخطف الأنفاس فوق الفالق الصخري العظيم بعُما
...
-
سوريا.. إسرائيل ترسل مساعدات للدروز في السويداء.. إليكم ما ت
...
-
بعد وصوله إلى إسبانيا.. المترجم الصحفي كايد حماد يروي مأساته
...
-
بعد شهر من الحرب بين إيران وإسرائيل.. الخارجية الأمريكية تسم
...
-
اليد الخفية: كيف أوقفت تركيا القتال في جنوب سوريا؟
-
دراسة بريطانية: تعديل الجينات يحمي الأجنة من الأمراض الوراثي
...
-
قبلة خفية خلال حفلة لكولد بلاي تثير الجدل.. الشاشة تكشف عن ع
...
-
ترامب يعاني من -قصور وريدي مزمن- ويتناول أسبرين لكن لسبب آخر
...
المزيد.....
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
-
مغامرات منهاوزن
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|