أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - من اعترافات رجل فاشل!!؟















المزيد.....

من اعترافات رجل فاشل!!؟


سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)


الحوار المتمدن-العدد: 8387 - 2025 / 6 / 28 - 19:46
المحور: الادب والفن
    


سيدي القاضي حضرات المستشارين!
تحية طيبة وبعد...
وأنا أقف اليوم بين يدي عدالتكم أريد أن أعترف لكم بالحقيقة كاملةـ فسني وظروفي الصحية لم تعد تسمح لي بالمراوغة أو الكذب أو التلاعب بالألفاظ لافتكاك براءة مزورة لا أستحقها !! فاسمحوا لي أن أضع بين يدي عدالتكم هذا الاعتراف الشخصي المباشر بكل صدق واخلاص، لله ثم للتاريخ!!


سيدي القاضي حضرات المستشارين!
لقد حاولت طوال حياتي، ومنذ طفولتي، تحقيق النجاح.. النجاح في اي شيء لكي ارضي طموحي الانساني الملح في ان اكون شخصًا ناجحًا، يُشار إليه بالبنان، لكن للأسف الشديد كان ما كان، والله المستعان، فإنني كنت دائمًا اعود ، من كل محاولة لتحقيق اي نجاح حقيقي، بخفي حُنين مجرجرًا خلفي اذيال ثقيلة وطويلة من الفشل الذريع بل والمريع بل الفظيع!! بل وفي معظم الحالات، كنتُ لا أعود حتى بـ(خفي حنين) بعد أن أكون قد فتشت عليهما طويلًا في آخر النهار دون أن أعثر لهما على أي أثر!! فأعود أدراجي بدونهما خائب الرجاء، كسيف البال، كسير القلب، مُطاطئ الرأس، اتذوق مرارات الفشل الذريع وأنا أردد في نفسي بحزن وانكسار: (( آه !! حتى أنتما يا خفي حنين))!!


سيدي القاضي، حضرات المستشارين!
وهكذا ظلت حياتي كلها ليست سوى مسلسل طويل من الفشل المتسلسل المرير !!... فشلت في الدراسة، فشلت في العمل وفي كل الوظائف والمهن التي عملت فيها، فشلت في التجارة، وفشلت في تجاربي العاطفية والغرامية، وفشلت في تجارب زواجي التي بلغت خمس تجارب مريرة وفاشلة!! خمس تجارب مريرة من الزواج خرجت منها طريدًا شريدًا مخلوعًا بحكم محكمة حتى صار بعض الرفاق يتندر عليّ بوصفي بـ(السيد المخلوع)!!!!، وهكذا تمت اضافة عبارة (المخلوع) الجديدة الى عبارة (الفاشل) القديمة للقبي الشخصي الذي أشتهرتُ به في حارتنا!.. فأصبح أهل الحي يشيرون الي بلقب (الفاشل/المخلوع) بعد أن كان لقبي، قبل أن تخلعني زوجتي خُلعًا بائنًا لا رجعة فيه - هو (الفاشل) فقط!!

سيدي القاضي، حضرات المستشارين!
أيها الحضور الكريم!
صدقوني!
فأنا لم انجح طوال حياتي في اي شيء ، لم انجح في شيء قط!!... حتى في الصف الثاني الإبتدائي كنت أنا الراسب الوحيد في المدرسىة كلها!!... وهكذا كانت حياتي كلها ليست سوى رحلة رسوب واخفاق مر وفشل مستمر!! حيث لم يقابلني او يحالفني النجاح في يوم من الأيام قط ولا أعرف طعمه ولا أعرف حتى ملامح وجهه! لأنني لم أره في حياتي قط ولم يحصل لي شرف الالتقاء به والتعرف عليه!، فلا ثمة شيئا في طريقي الا الفشل، بل الفشل الذريع المخزي والمرير الذي أعرف طعمه جيدًا وأستطيع أن أصف لكم ملامح وجهه بشكل دقيق جدًا كما لو أنني أصف زوجتي الأخيرة التي انقلبت عليً ذات يوم وخلعتني خلعةً تاريخية بائنة ووجدت نفسي أمشي وحيدًا طريدًا في الشارع العام والناس من حولي يغمزون ويهمسون: " أهذا فلان المخلوع!!؟؟" ، بعضهم كان يفعل ذلك من باب الاشفاق وأعلبهم من باب السخرية والتندر!

سيدي القاضي، حضرات المستشارين!
أيها الحضور الكريم!
واليوم، وانا هذا الرجل العجوز الهرم، الطاعن في السن، وأنا اقف على مشارف الثمانين من العمر اكتشفت شيئا لم انتبه اليه من قبل قط!! ولا أدري كيف غاب عن ذهني كل هذه المدة الطويلة (!!؟؟) فقد اكتشفت حقيقة مهمة غابت عني طوال العقود الماضية، وهي انني كنت قد حققت نجاحًا حقيقيًا كبيرًا دون ان اشعر!.. نجاحًا حقيقيًا عظيمًا منقطع النظير، نجاحًا تاريخيًا لا يمكن لأي عاقل أن يشك في صحته!.. فأنا بالرغم من كل تلك الاخفاقات العظيمة والجليلة الا انني لا شك في انني نجحت !! نعم نجحت نجاحًا كبيرًا بكل معنى الكلمة في شيء ما في الحياة! ، انا نجحت في ان أكون شخصًا فاشلًا بكل معنى الكلمة!!.. نجحت في أحقق رقمًا قياسيًا في الفشل المتسلسل المستمر!! نجحت في أكون فاشلًا عن استحقاق وجدارة ، فاشلًا عصاميًا لا شك فيه!، وهذا في حد ذاته، وبالنظر الى الجانب الآخر من الكوب، هو شكل من اشكال النجاح، لسبب بسيط، وهو ان الغالبية العظمى من الاشخاص الفاشلين ليسوا فاشلين عن جدارة واستحقاق!! ليسوا فاشلين بكل معنى الكلمة، بل هم، عند التحقيق والتأمل الدقيق والعميق، ليسوا سوى اصحاب (حظ عاثر وسيء) ، فهم في الحقيقة لم تتوفر لهم اسباب وفرص النجاح ولا ضحك ولا حتى ابتسم لهم الحظ ولو مرة واحدة في حياتهم ولا بأي شكل من الأشكال! لذا ليس من العدالة ولا من الموضوعية في شيء أن نحكم عليهم بأنهم فاشلون حقيقيون عن جدارة واستحقاق، اي انهم فاشلون بكل معنى الكلمة، فلا يكون الشخص فاشلًا بكل معنى الكلمة، وعن جدارة واستحقاق مثلي، الا إذا توفرت له كل فرص واسباب النجاح ثم لا ينجح !! نعم ، لا يصح أن نحكم على أي شخص بالفشل الا ان يكون قد ابتسم له الحظ مرات ومرات وضحك بل وقهقه له ملء شدقيه ثم لم ينجح! فهذا، وهذا فقط، هو الفاشل الحقيقي، هذا هو الفاشل عن جدارة واستحقاق، هذا هو الفاشل بكل معنى الكلمة ، الفاشل العصامي، من العيار والوزن الثقيل!، وهو ما ينطبق، تمام الانطباق، عليّ شخصيًا!! فأنا طوال حياتي كانت الفرص واسباب النجاح ترقص امامي وحولي وتغازلني وتراودني عن نفسها، ليل نهار، ومع ذلك لم أبالي بها ولم استغلها ولم استثمرها، بل لم أفكر حتى في ذلك!، بل إنني لم أفكر قط في أغمز لها بعيني أو أرسل لها قبلةً في الهواء ردًا على مغازلتها لي !! لا ! لا ، لم أفعل ذلك ولا خطر في بالي قط! بل كنت أدير لها ظهري كأن شيئًا لم يكن !! وكانت النتيجة هي أنني خرجت بالمحصلة من (المولد) بلا (حمص) ولا حتى (حمصة واحدة)!! ...لهذا ولكل الأسباب السابق ذكرها، سيدي القاضي حضرات المستشارين! - فأنا أعترف باتهامي بالفشل الذريع مع سبق اصرار وترصد!! نعم ، أنا فاشل حقيقي، بشحمه ولحمه، فاشل بكل معنى الكلمة، فأنا لم أستغل ولم أستثمر أية فرصة ذهبية سانحة للنجاح لاحت لي وهي ترادودني عن نفسها!! ، ولهذا فشلت في أن احقق نجاحًا واحدًا، حتى لو كان صغيرًا، في حياتي الطويلة كلها، بالرغم من ان السماء كانت تمطر كل يوم فوق رأسي بكم هائل من فرص واسباب النجاح في كل مجالات حياتي!!، شيء غريب ورهيب وعجيب ومريب!! فبالرغم من أن الحظ كان يضحك لي ملء شدقيه في وجهي ليل نهار إلا إنني كنت اشيح بوجهي عنه بعيدًا في تذمر وضيق كما لو ان هذا الحظ قد تناول كميات كبيرة من الثوم حتى اصبحت رائحة انفاسه كريهة خصوصًا حينما يضحك ويقهقه في وجهك ليل نهار !!

سيدي القاضي، حضرات المستشارين!
هذه الحقيقة ، وهكذا كانت الأمور تجري طوال حياتي!، من فشل ذريع إلى فشل آخر فظيع!، لهذا اجدني اليوم، وانا بكامل قوايي العقلية، اقر واعترف أمامكم بكل التهم الموجهة إليّ، أعترف وأقر بأنني قد فشلت فشلًا ذريعًا عظيمًا بكل معنى الكلمة !! ولكن بالله عليكم، ومن باب الموضوعية والأنصاف، الا تعتقدوا أن ((النجاح)) في تحقيق مثل كل هذا الفشل العظيم والكبير وعن جدارة واستحقاق هو شكل من اشكال النجاح بالفعل!!؟؟ ألم انجح في أن أحقق، وعن جدارة واستحقاق، كل هذا الفشل الكبير والعظيم ومنقطع النظير!! ألم انجح في اكون فاشلًا بكل معنى الكلمة!!، فاشلًا عصاميًا يُشار اليه بالبنان، وتتحدث عنه الركبان، في كل مكان وزمان؟؟

صدقوني!! فهذا وجه آخر من وجوه الحقيقة التي يجب ان نستعرضها ونقلبها على كل وجوهها وللأخذ بجميع أطرف الأدلة والبراهين وصولًا للحكم العادل! وهذا ما اكتشفته بالفعل في آخر عمري، وبعد ان تجاوز عمري الثمانين، وانا اقف فوق جبل عظيم عال شامخ من التجارب والمشروعات الفاشلة والمريرة، فأنا حققت نجاحًا باهرًا منقطع النظير !! فمهما قلتم ومهما قيل لكم فلا مفر من الاعتراف لي بهذا النجاح العظيم والفريد، فأنا نجحت، وعن جدارة واستحقاق، في تحقيق كل هذا الفشل العظيم والكبير!,,, ولكن ولكي تصدقوني وتعترفوا لي بكل هذا النجاح الكبير المنقطع النظير، تعالوا لأحكي لكم قصة نجاحي الباهر في تحقيق كل هذا الفشل الكبير والعظيم والباهر، تعالوا لتسمعوا وتقرأوا الحكاية منذ البداية!!

"رُفعت الجلسة" !! صاح الديك! وتوقفت شهرزاد عن الكلام المباح، وصاح شهريار : "السيف والنطع يا مسرور"!!
أخوكم السندباد البحري المحب



#سليم_نصر_الرقعي (هاشتاغ)       Salim_Ragi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكرياتي مع أول شخصية مصورة (زوزو)!؟
- التصور الاسلامي الليبرالي لدولة سوريا الجديدة والرشيدة!؟
- الصادق النيهوم المغضوب عليه من الاسلاميين العرب والعلمانيين ...
- وراء كل فيلسوف زوجة متنمرة!!؟
- هل بريطانيا أسست دولة اسرائيل أم الحركة الصهيونية!؟
- بين الحكومات الديموقراطية (الفاشلة) والحكومات الديكتاتورية ( ...
- أيهما تأثيره أكبر على الآخر، الشعب ام الحاكم!؟
- نتائج حرب غزة النهائية لم تظهر بعد !
- الفرق بين القذافي وعبد الناصر كبير جدًا!!
- أيها الحب! هل تسمعني!؟
- الغباء والذكاء والحقائق المخيفة العشر!؟
- الديموقراطية بين الدولة اليهودية والدول العربية!
- الليبرالية والديموقراطية، أيهما أحوج للآخر !؟
- مسلسل معاوية بين الرؤية الفنية والروايات التاريخية!
- مسلسل (معاوية)، أسئلة واجابة؟!
- عن اسطورة آل البيت !!!؟؟
- الفرق بين فيدرالياتهم وفيدراليتنا الوطنية!
- عن شجاعة زلينسكي في مواجهة تنمر ترمب !؟
- بين شعار (نحن أولًا) وشعار (نحن فوق الجميع)؟
- الكرة في ملعب حماس، والوقت ينفد!!


المزيد.....




- “برقم الجلوس والاسم فقط” Link الاستعلام عن نتيجة الدبلومات ا ...
- العراق يواجه خطر اندثار 500 لهجة محلية تعكس تنوعه الثقافي ال ...
- رحيل الفلسطيني محمد لافي.. غياب شاعر الرفض واكتمال -نقوش الو ...
- موعد نزال توبوريا ضد أوليفيرا في فنون القتال المختلطة -يو إف ...
- الليلة..الأدميرال شمخاني يكشف رواية جديدة عن ليلة العدوان ال ...
- أعظم فنان نفايات في العالم أعطى للقمامة قيمتها وحوّلها إلى م ...
- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سليم نصر الرقعي - من اعترافات رجل فاشل!!؟