اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
الحوار المتمدن-العدد: 8421 - 2025 / 8 / 1 - 12:35
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
رِسَالَةٌ إِلَى جَلَالَةِ المَلِكِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلْمَانَ، مَلِكِ المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ – حَفِظَكُمُ اللهُ
أمّا بعدُ:
بِاسْمِ الَّذِي لَا فَنَاءَ لِمُلْكِهِ، وَلَا انْقِضَاءَ لِعَهْدِهِ، آمِينَ.
جَلَالَةَ المَلِكِ مُحَمَّدَ بْنَ سَلْمَانَ، مَا جِئْتُكُمْ مَادِحًا، وَلَا رَاغِبًا فِي إِمَارَةٍ، وَلَا مَطْمَعًا لِي فِي جَاهٍ، وَلَا مَنْصِبٍ، وَلَا تَفْوِيضٍ وَلَا تَشْرِيفٍ، حَتَّى وَلَوْ كَانَ مَعْنَوِيًّا.
إِنَّمَا جِئْتُكُمْ طَالِبًا، وَمُنَادِيًا، وَصَارِخًا، وَمُسْتَغِيثًا، وَمُسْتَنْجِدًا، وَمُعَوِّلًا عَلَى نُبْلِكُمْ وَشَهَامَتِكُمْ وَعَرُوبَتِكُمْ. فَأَنْتُمْ، فِي زَمَنِ العَوَاصِفِ، مَنَارَةُ مَنْ لَا مَنَارَةَ لَهُ، وَصَوْتُ مَنْ لَا صَوْتَ لَهُ، وَأَمَلُ مَنْ ضَاقَتْ بِهِ الأَرْضُ وَظُلِمَ فِي دَارِهِ.
يَا جَلَالَةَ المَلِكِ، الشَّرْقُ يَغْرَقُ، وَقَوَانِينُ الغَابِ تَسُودُ، وَمَسِيحِيُّو المَشْرِقِ يَنْدَثِرُونَ، وَيُهَجَّرُونَ، وَيُقْتَلُونَ، وَيُضْطَهَدُونَ.
جِئْتُكُمْ، وَفِي حَلْقِي غُصَّةُ دَمٍ وَقَهْرٍ، غُصَّةُ كَنِيسَةِ القِدِّيسِ إِلْيَاسَ فِي الدُّوَيْلَعَةِ بِدِمَشْقَ، الَّتِي فُجِّرَتْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ، وَاسْتُشْهِدَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثِينَ مُصَلِّيًا، وَغُصَّةُ شُهَدَاءِ السَّاحِلِ السُّورِيِّ الَّذِينَ سَقَطُوا بِالآلَافِ، وَشُهَدَاءِ السُّوَيْدَاءِ بِالمِئَاتِ، وَمِنْ قَبْلِهِمْ شُهَدَاءُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ عَامًا، أَكْثَرُ مِنْ مَلْيُونِ نَسَمَةٍ. وَكُلُّ مَنْ رَوَى تُرَابَ سُورِيَا بِدَمِهِ، مِمَّنْ لَا ذَنْبَ لَهُ سِوَى أَنَّهُ كَانَ شَاهِدًا عَلَى الوَجَعِ. وَمَا هِيَ بِحَوَادِثَ فَرْدِيَّةٍ، بَلْ هِيَ سِلْسِلَةٌ تَسْتَهْدِفُ كُلَّ ضُعَفَاءِ الشَّرْقِ، وَفِي صَدَارَتِهِمُ المَسِيحِيُّونَ.
وَلِمَنْ يُرِيدُ الشَّوَاهِدَ وَالأَعْدَادَ، فَالتَّارِيخُ نَاطِقٌ:
كُنَّا نُشَكِّلُ نِسَبًا تَفُوقُ الثَّمَانِينَ فِي المِئَةِ مِنْ سُكَّانِ هَذِهِ البِلَادِ، عِنْدَ الفَتْحِ الإِسْلَامِيِّ.
وَقَدْ بَلَغَ سُكَّانُ بِلَادِ الشَّامِ أَرْبَعَةَ مَلَايِينَ، وَالعِرَاقِ تِسْعَةَ مَلَايِينَ.
وَفِي سُورِيَا وَحْدَهَا، قُبَيْلَ أَحْدَاثِ ٢٠١١، كُنَّا نُقَارِبُ الثَّلَاثَةَ مَلَايِينَ وَمِئَةً وَسِتِّينَ أَلْفًا، بِقَوْمِيَّاتِنَا الأَرْمَنِيَّةِ وَ(السُّرْيَانِيَّةِ ،الآشُورِيَّةِ ،الكَلْدَانِيَّةِ ،المَارُونِيَّةِ) والجميع واحد.
وَالْيَوْمَ لَا نَتَعَدَّى المَلْيُونَ وَمِئَةَ أَلْفٍ في سورية.
جَلَالَتَكُمْ، لَمْ أَكْتُبْ إِلَى الرَّئِيسِ الرُّوسِيِّ فْلَادِيمِير بُوتِين، وَلَا إِلَى الرَّئِيسِ الأَمْرِيكِيِّ دُونَلْد تْرَامْب، وَلَا إِلَى أَيِّ مَسْؤُولٍ فِي أُورُوبَّا.
وَكَمَا تَعْلَمُونَ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا وِجْهَتِي، وَلَنْ يَكُونُوا.
لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ مَصَالِحَ تُحَرِّكُهُمْ، وَلَا تَسْكُنُ فِيهِمْ غَيْرَةٌ عَرَبِيَّةٌ، وَلَا قِيمَةٌ إِنْسَانِيَّةٌ صَافِيَةٌ، وَلَا حَمِيَّةٌ لِلتَّارِيخِ وَالجِذُورِ.
وَلَكِنِّي، وَمِنْ أَعْمَاقِ اغْتِرَابِي فِي أَلْمَانْيَا، اخْتَرْتُكُمْ أَنْتُمْ، وَمَا أَخْطَأْتُ.
نَحْنُ، يَا جَلَالَةَ المَلِكِ، لَمْ نُقِمْ جُيُوشًا، وَلَا سَعَيْنَا إِلَى قُوَّةٍ، وَلَا أَسَّسْنَا دُوَيْلَاتٍ.
نَحْنُ أَبْنَاءُ الحُبِّ وَالسَّلَامِ، وَالمَعْرِفَةُ تُرْسُنَا، وَالعَدْلُ أَمَلُنَا.
كُنَّا سَدَى الحَضَارَةِ العَرَبِيَّةِ وَلُحْمَتَهَا، وَدَارُ الحِكْمَةِ فِي بَغْدَادَ تَشْهَدُ لَنَا، رَغْمَ مَا طُمِسَ وَغَابَ.
نَطْلُبُ مِنْ جَلَالَتِكُمْ أَنْ تُطْلِقُوا نِدَاءً صَادِقًا، أَوْ تُبَادِرُوا بِمَشْرُوعٍ حِوَارِيٍّ عَرَبِيٍّ، أَوْ تُوَجِّهُوا رِسَالَاتِكُمْ إِلَى حُكَّامِ المِنْطَقَةِ، لِضَرُورَةِ الحِفَاظِ عَلَى المَسِيحِيَّةِ المَشْرِقِيَّةِ، وَلِكَيْ يُقِرُّوا لَهَا بِحَقِّ الوُجُودِ وَالإِدَارَةِ الذَّاتِيَّةِ فِي مَنَاطِقِهَا، وَفْقَ أُسُسٍ دِيمُقْرَاطِيَّةٍ وَقَانُونِيَّةٍ وَإِنْسَانِيَّةٍ.
لِأَنَّ الوُجُودَ المَسِيحِيَّ فِي الشَّرْقِ، مَا لَمْ يُقَرَّ لَهُ بِمَنَاطِقِ حِمَايَةٍ وَإِدَارَةٍ ذَاتِيَّةٍ، فَهُوَ إِلَى الزَّوَالِ وَالتَّهْجِيرِ وَالِاضْطِهَادِ، مَهْمَا ادَّعَيْنَا أَنَّنَا ضِمْنُ المُوَاطَنَةِ. وَمِنْ هُنَا، فَإِنَّ عَدَمَ التَّفَهُّمِ لِهَوَاجِسِنَا وَمَخَاوِفِنَا، سَيُفْضِي بِالمُجْتَمَعَاتِ المَشْرِقِيَّةِ وَالدُّوَلِ القُطْرِيَّةِ إِلَى تَصَحُّرٍ دِينِيٍّ وَفِكْرِيٍّ. فَلَا حَلَّ لِوُجُودِنَا المُسْتَدَامِ، إِلَّا بِإِقْرَارِ حَقِّنَا فِي إِدَارَةِ أَنْفُسِنَا، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ كُلَّ الجُهُودِ المُبْذُولَةِ لَيْسَتْ حُلُولًا، بَلْ خُطًى بَطِيئَةٌ فِي طَرِيقِ تَفْرِيغِ الشَّرْقِ مِنْ مَسِيحِيِّيهِ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا مَسْأَلَةُ وَقْتٍ قَصِيرٍ.
نَطْلُبُ أَنْ نَكُونَ مُوَاطِنِينَ كَسَائِرِ المُوَاطِنِينَ. لَا نَبْغِي فَوْقَهُمْ مَكَانًا، وَلَا نَرْضَى أَنْ نَكُونَ دُونَهُمْ مَقَامًا. نُرِيدُ عَدْلًا، لَا فَضْلًا. نُرِيدُ حَيَاةً، لَا بَقَاءً مَشْرُوطًا بِالصَّمْتِ.
فَهَلْ نُخْطِئُ إِذَا قُلْنَا: "وَامُحَمَّدَاهُ بْنَ سَلْمَانَ"؟
مَنْ يَصْمُتُ اليَوْمَ عَنِ المَسِيحِيِّينَ، سَيَبْكِي غَدًا عَلَى الشَّرْقِ كُلِّهِ.
أُسَجِّلُ هَذِهِ الرِّسَالَةَ فِي صَفَائِحِ الزَّمَنِ، لِتَكُونَ وَثِيقَةَ ضَمِيرٍ فِي زَمَنِ الخَوْفِ، وَصَوْتَ حَقٍّ لَا يَزُولُ.
المُدَرِّسُ إِسْحَق قَوْمِي
شَاعِرٌ، وَأَدِيبٌ، وَبَاحِثٌ سُورِيٌّ يُقِيمُ فِي أَلْمَانْيَا
مُدَافِعٌ عَنِ التَّعَدُّدِيَّةِ المَشْرِقِيَّةِ، وَكَاتِبُ الرَّجَاءِ فِي زَمَنِ التَّهْجِيرِ
مَدِينَةُ شْتَاتْلُون – ١ / ٨ / ٢٠٢٥م
تُوَجَّهُ هذِهِ الرِّسَالَةُ إِلَى:
جَلَالَةِ المَلِكِ مُحَمَّدٍ بْنِ سَلْمَانَ آلِ سَعُود
خَادِمِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ، وَمَلِكِ المَمْلَكَةِ العَرَبِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ – الرِّيَاض.
وَتُرْسَلُ نُسَخٌ مِنْهَا إِلَى:
السِّفَارَةِ السُّعُودِيَّةِ فِي بَرْلِين – جُمْهُورِيَّةِ أَلْمَانْيَا الاتِّحَادِيَّةِ.
لَجْنَةِ حُقُوقِ الإِنْسَانِ فِي الأُمَمِ المُتَّحِدَةِ.
مُنَظَّمَاتِ المُجْتَمَعِ المَدَنِيِّ، وَالهَيْئَاتِ الدُّوَلِيَّةِ الَّتِي تُدَافِعُ عَنِ الحُقُوقِ، وَتُؤْمِنُ بِحِمَايَةِ التَّعَدُّدِيَّةِ وَالْمَسَاوَاةِ بَيْنَ المَوَاطِنِينَ.
An Open Letter to His Majesty King Mohammed bin Salman
Custodian of the Two Holy Mosques – Kingdom of Saudi Arabia
Peace and divine guidance be upon you.
In the name of the One whose dominion never fades, and whose covenant knows no end — Amen.
Your Majesty King Mohammed bin Salman,
I have not come to you in praise, nor do I seek an appointment, a position,´-or-even symbolic honor. I have not come with hopes of titles, nor do I desire to be granted any form of authority — not even moral´-or-symbolic.
I come to you pleading, calling, crying out, imploring, and placing my hope in your noble conscience, in your Arab dignity, and in your vision amidst the storms of our age.
In these turbulent times, you are the lighthouse for the lost, the voice for the voiceless, and the shelter for those cast aside.
Your Majesty,
The East is drowning. The laws of the jungle prevail.
And the Christians of the East — my people — are disappearing, displaced, silenced, and killed.
I come to you with a lump in my throat — a lump of blood and anguish.
The memory of the bombing of St. Elias Church in Al-Dweila’a, Damascus, where over thirty worshippers were martyred in cold blood, still weighs heavily.
I carry also the sorrow of the thousands of martyrs from Syria’s coast, the hundreds from As-Suwayda, and the over one million martyrs of fourteen years of war — all of them whose only fault was bearing witness to injustice.
These are not isolated tragedies they are part of a systematic erasure of the vulnerable, with Eastern Christians at the forefront of this vanishing.
And for those who demand numbers and proof, history speaks clearly:
At the time of the Islamic conquests, Christians made up over 80% of the population.
The Levant held 4 million, and Iraq 9 million souls.
In Syria alone, just before 2011, we numbered over 3.16 million, across Armenian, Syriac, Assyrian, Chaldean, and Maronite communities.
Today, we are barely over 1.1 million.
Your Majesty,
I did not write to President Vladimir Putin.
Nor to President Donald Trump.
Nor to any leader in Europe.
These are not my destination, and never will be.
For such men are driven by interest — they do not carry within them the Arab zeal, nor the pure human value, nor a sense of historical responsibility.
But I chose you, from the depths of my exile in Germany.
And I believe I did not err in that choice.
We Eastern Christians have never formed armies.
We did not establish militias.
We did not pursue violence.
We are the children of peace and love. Knowledge is our shield, and justice is our longing.
We were the threads and fabric of Arab civilization.
The House of Wisdom in Baghdad bears our testimony — even if that testimony has been buried by time.
We ask you now, with all the urgency of history and conscience, to raise your voice.
To send a message.
To initiate a regional effort to preserve the existence of Eastern Christianity.
To support fair autonomy in the areas where we still live — an arrangement consistent with international law, democracy, and basic human dignity.
We ask for no privilege.
Only equality.
We seek no favor.
Only that we not be made strangers in our own homelands.
Is it wrong, then, if I cry out today: “O Mohammed, son of Salman!”?
Whoever remains silent today about the Christians,
will weep tomorrow for the entire East.
I write this letter not just to Your Majesty,
but to the conscience of history.
To be a document of truth in the time of fear,
and a voice of justice that shall not fade.
Ishak Alkomi
Syrian poet, writer, and researcher
Defender of Eastern plurality – Voice of hope in exile
Stadtlohn, Germany – August 1st, 2025
Copies sent to:
– His Majesty King Mohammed bin Salman – Riyadh, Saudi Arabia
– The Saudi Embassy in Berlin
– Human Rights Committees and International Civil Society Organizations
#اسحق_قومي (هاشتاغ)
Ishak_Alkomi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟