اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
الحوار المتمدن-العدد: 8328 - 2025 / 4 / 30 - 16:20
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
رَأْيٌ غَيْرُ مُلْزِمٍ، لَكِنِّي أُدافِعُ عَنْهُ
أَعْتَقِدُ أَنَّ مُؤْتَمَرَ باريسَ لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَرًا لِلسَّلامِ، بَلْ كانَ مُؤْتَمَرًا لِلظُّلْمِ الْعالَمِيِّ الَّذِي طالَ قَضِيَّتَنا الْعادِلَةَ.
مُؤْتَمَرُ باريسَ لَيْسَ تابُوًا غَيْرَ قابِلٍ لِلنَّقْدِ.
مُؤْتَمَرُ باريسَ أَهانَ قَضِيَّتَنا، لَوْ قَرَأْنا ما جَرى لِلسَّيِّدَةِ سُرْما خانُم، وَلِبَطْرِيَرْكِ السُّرْيانِ وَغَيْرِهِم.
مُؤْتَمَرُ باريسَ لَيْسَ الحامِلَ الوَحِيدَ لِنَبْنِيَ عَلَيْهِ قَضِيَّةَ تَسْمِيَتِنا، وَعَلَمَنا وَمُسْتَقْبَلَنا، وَعَلَيْنا أَنْ نَعُودَ إِلى رُشْدِنا لِبِناءٍ مَوْضوعِيٍّ بِمَسْؤُولِيَّةٍ تاريخِيَّةٍ.
وَلِهٰذا، فَالسُّؤالُ الأَهَمُّ هُنا: لِماذا لا نُؤَسِّسُ بِحِوارٍ فَعّالٍ مَوْضوعَ تَسْمِيَتِنا، وَخِطابِنا الْمُوَحَّدِ، وَمَطالِبِنا الْعادِلَةِ، وَنَحْنُ فِي الْقَرْنِ الْحادِي وَالْعِشْرِينَ؟
هَلْ أُعْقِمَتْ فِعْلًا ذاكِرَتُنا وَنِساؤُنا ؟
هَلْ مُؤْتَمَرُ باريسَ لَعْنَةٌ؟ أَمْ نِقْمَةٌ؟ أَمْ عَنْجَهِيَّةٌ يَجِبُ أَنْ نَتَغَنّى بِها؟
مُؤْتَمَرُ باريسَ تَعَمَّدَ أَنْ يُوغِرَ صَدْرَ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْ أَبْناءِ شَعْبِنا لِئَلّا يَعْتَرِفَ لَنا بِحَقِّنا.
مِنْ هُنا، أَسْمَحُ لِنَفْسِي بِكِتابَةِ بَيانٍ جَديدٍ مِنْ ساحَةِ قَصْرِ فِرْساي بِباريس.
مُذَكِّرَةٌ تَمْهِيدِيَّةٌ – بَيانٌ أُمَمِيٌّ بِاسْمِ الضَّمِيرِ الْمُغَيَّبِ
عُنوانُ الْمُذَكِّرَةِ:
مُؤْتَمَرُ باريسَ ١٩١٩م: انتِهاكٌ لِمَبْدَإِ الْعَدالَةِ التَّاريخِيَّةِ وَتَقْويضٌ لِحُقوقِ الشُّعوبِ الأَصْلِيَّةِ فِي الشَّرْقِ الْأَدْنى.
مُقَدِّمُ الْبَيانِ:الْباحِثُ وَالْكاتِبُ الْقَوْمِيُّ: إِسْحَق قَوْمِي
٣٠ نَيْسان / أَبْرِيل ٢٠٢٥م
مَضْمُونُ الْبَيانِ:
نَحْنُ، بِوَصْفِنا أَبْناءَ الشُّعُوبِ السُّرْيانيَّةِ – الآشوريَّةِ – الْكَلْدانيَّةِ – الْمارونِيَّةِ، نُعْلِنُ، مِنْ خِلالِ هٰذا الْبَيانِ، أَنَّ مُؤْتَمَرَ باريسَ لِلسَّلامِ عامَ ١٩١٩م لَمْ يُمَثِّلْ لَحْظَةَ عَدالَةٍ تَاريخِيَّةٍ، بَلْ لَحْظَةَ طَمْسٍ مَقْصودٍ لِحُقوقِنا الْقَوْمِيَّةِ وَالْوُجودِيَّةِ، تَمَّ فِيها تَغْيِيبُنا كُلِّيًّا مِنْ خَريطَةِ ما بَعْدَ الْحَرْبِ، لا عَنْ ضَعْفٍ فِي قَضِيَّتِنا، بَلْ لِأَنَّنا لَمْ نَكُنْ مِنْ ضِمْنِ مَصالِحِ الْقُوَى الْكُبْرى.
إِنَّ تَغْيِيبَ الْمَذابِحِ الَّتِي تَعَرَّضَ لَها شَعْبُنا، وَالَّتِي حَصَدَتْ أَرْواحَ أَكْثَرَ مِنْ ٨٦٠,٠٠٠ إِنْسانٍ، بَيْنَهُمْ نِساءٌ وَأَطْفالٌ، يُشَكِّلُ انتِهاكًا صارِخًا لِمَبادِئِ الْقَانُونِ الدُّوَلِيِّ الإِنْسانِيِّ، وَلا سِيَّما مَبْدَأَ "عَدَمِ الإِفْلاتِ مِنَ الْعِقابِ"، وَحَقِّ الشُّعوبِ الأَصْلِيَّةِ فِي تَقْريرِ الْمَصيرِ.
كَما أَنَّ عَدَمَ التَّعامُلِ مَعَ مُذَكَّراتِ مُمَثِّلِينا (وَمِنْهُمُ الْبَطْرِيَرْكُ أَفْرامُ الأَوَّلُ بَرْصُوم، وَأَغا بَطْرُس، وَسُرْما خانُم) بِوَصْفِها مَطالِبَ شَرْعِيَّةً مُتَّصِلَةً بِكِيانٍ قَوْمِيٍّ وَحُقوقٍ ثَقافِيَّةٍ وَأَمْنِيَّةٍ، يُمَثِّلُ إِخْلالًا بِالْحَدِّ الْأَدْنى مِنْ مَعاييرِ الْاعْتِرافِ الْقَانونِيِّ.
وَإِنَّ تَواطُؤَ بَعْضِ الدُّوَلِ الْكُبْرى (بِرِيطانِيا وَفَرَنْسا عَلَى وَجْهِ الْخُصوصِ) فِي تَشْتِيتِ الْوُفودِ أَوْ عَرْقَلَةِ وُصولِها، وَعَدَمِ إِدْراجِ قَضِيَّتِنا فِي صُلْبِ جَدْوَلِ الْأَعْمالِ، يُثْبِتُ أَنَّ ما جَرى فِي باريسَ لَمْ يَكُنْ مُؤْتَمَرًا لِلسَّلامِ، بَلْ إِعادَةً لإِنْتاجِ الْهَيْمَنَةِ السِّياسِيَّةِ الِاسْتِعْمارِيَّةِ، بِما يُخالِفُ حَتّى مَبادِئَ الأُمَمِ الْمُتَّحِدَةِ كَما وَرَدَتْ لاحِقًا فِي الْعَهْدَيْنِ الدُّوَلِيَّيْنِ (١٩٦٦م).
إِنَّ مُؤْتَمَرَ باريسَ لِلسَّلامِ، الَّذِي عُقِدَ سَنَةَ ١٩١٩م، بَعْدَ الْحَرْبِ الْعالَمِيَّةِ الْأُولَى، لِتَقْسِيمِ تَرِكَةِ الدَّوْلَةِ الْعُثْمانِيَّةِ، وَتَرْتِيبِ أَوْضاعِ الْأَقَلِّيَّاتِ، وَالَّذِي افْتُتِحَ فِي ١٨ كانونَ الثَّانِي (يناير) ١٩١٩م، وَالْمُنْعَقِدِ فِي الْعاصِمَةِ الْفَرَنْسِيَّةِ باريسَ، وَتَحْدِيدًا فِي قَصْرِ فِرْساي.
الْقَضِيَّةُ الْآشُورِيَّةُ فِي الْمُؤْتَمَرِ:
فَقَدْ مَثَّلَ الْآشُورِيِّينَ فِي الْمُؤْتَمَرِ الْبَطْرِيَرْكُ مار شَمْعُون بِنْيامِين (سَابِقًا)، وَخَلَفُهُ مار شَمْعُون إيشاي، إِضَافَةً إِلَى مُنْدُوبِينَ سِيَاسِيِّينَ آشُورِيِّينَ، مِثْلَ أَغا بَطْرُس.
وَكانَتْ مَطالِبُ الْآشُورِيِّينَ تَدُورُ حَوْلَ:الْاعْتِرَافِ بِمَذابِحِهِمْ عَلَى يَدِ الْعُثْمانِيِّينَ خِلالَ الْحَرْبِ، وَطَلَبِ وَطَنٍ قَوْمِيٍّ فِي مَناطِقَ حَكّارِي (تُرْكيا الْحالِيَّةِ) أَو نِينَوَى (الْعِراقِ)،وَالْحِمايَةِ الدُّوَلِيَّةِ تَحْتَ وِصايَةِ بَرِيطانِيا أَو فَرَنْسا.
وَقَدْ شارَكَ بَطْرِيَرْكُ السُّرْيانِ الْأُرْثُوذُكْسِ أَيْضًا:
الْبَطْرِيَرْكُ إِغْناطيوس أَفْرامُ الْأَوَّلُ بَرْصُوم (بَطْرِيَرْكُ السُّرْيانِ الْأُرْثُوذُكْسِ آنَذاكَ)، وَقَدَّمَ مَذْكِرَةً إِلَى الْمُؤْتَمَرِ بِاسْمِ السُّرْيانِ.
وَكانَتْ مَطالِبُهُ تَتَقاطَعُ جُزْئِيًّا مَعَ الْمَطالِبِ الْآشُورِيَّةِ: إِذْ أَكَّدَ عَلَى ضَمانِ حِمايَةِ الْأَقَلِّيَّاتِ الْمَسِيحِيَّةِ فِي الْعِراقِ وَسورِيا وَتُرْكِيا، وَإِعادَةِ مُمْتَلَكاتِ الْكَنائِسِ الْمَنْهُوبَةِ، وَالِاعْتِرَافِ بِالْهُوِيَّةِ السُّرْيَانِيَّةِ الْقَوْمِيَّةِ وَالثَّقافِيَّةِ.
مُقَرَّراتُ الْمُؤْتَمَرِ بِخُصُوصِ الْقَضِيَّةِ الْآشُورِيَّةِ وَالسُّرْيَانِيَّةِ:
لَمْ تَصْدُرْ قَراراتٌ حاسِمَةٌ لِصالِحِ الْآشُورِيِّينَ أَوِ السُّرْيانِ، وَقَدْ تَمَّ إِهْمالُ مَطالِبِ الْآشُورِيِّينَ نَتِيجَةً لِتَضارُبِ مَصالِحِ الْقُوَى الْكُبْرَى (خاصَّةً فَرَنْسا وَبَرِيطانِيا)، وَعَدَمِ وُجودِ دَعْمٍ كافٍ مِنَ الدُّوَلِ الْمُنْتَصِرَةِ، وَالْخِلافاتِ بَيْنَ مُمَثِّلِي الْأَقَلِّيَّاتِ الْمَسِيحِيَّةِ.
وَهُنا تَكْمُنُ عُقْدَةُ أَبْناءِ شَعْبِنا مُنْذُ الْقِدَمِ: خِلافاتُ الْوَفْدَيْنِ.
نَعَمْ، يَا سَيِّدِي، خِلافاتُنا لَيْسَتْ وَلِيدَةَ الْيَوْمِ، بَلْ تَمْتَدُّ إِلَى زَمَنٍ بَعِيدٍ، وَنُرِيدُ أَنْ نَتَوَحَّدَ.
وَالْحَقِيقَةُ أَنَّ ما تَمَّ هُوَ ذِكْرُ "حُقُوقِ الْأَقَلِّيَّاتِ" فِي نُصُوصِ الْانْتِداباتِ لاحِقًا، مِثْلَ: الْانْتِدابِ الْفَرَنْسِيِّ عَلَى سورِيا وَلُبْنان، وَالْانْتِدابِ الْبِرِيطانِيِّ عَلَى الْعِراقِ، حَيْثُ ذُكِرَ وُجُوبُ احْتِرامِ حُقُوقِ الْأَقَلِّيَّاتِ وَمِنْهُمْ الْآشُورِيُّونَ.
وَلَوْ قَرَأْنا أَثَرَ الْمُؤْتَمَرِ لاحِقًا فَقَدْ:سَادَ الْإِحْباطُ بَيْنَ النُّخَبِ الْآشُورِيَّةِ وَالسُّرْيَانِيَّةِ نَتِيجَةَ تَجَاهُلِ مَطالِبِهِمْ.
قادَ أَغا بَطْرُس لاحِقًا مُحاوَلَةً لِتَأْمِينِ كِيانٍ مُسْتَقِلٍّ، لَكِنَّها فَشِلَتْ، وَلِهٰذا فَقَدْ بَقِيَتِ الْقَضِيَّةُ الْآشُورِيَّةُ دُونَ حَلٍّ جَذْرِيٍّ حَتَّى الْيَوْمِ.
وَها نَحْنُ نَعْرِضُ الْمَذْكِرَةَ الْآشُورِيَّةَ فِي مُؤْتَمَرِ باريسَ لِلسَّلامِ (١٩١٩):الْمُمَثِّلُونَ: أَغا بَطْرُس: الْقائِدُ الْعَسْكَرِيُّ وَالسِّياسِيُّ الْآشُورِيُّ الْبارِزُ.سُرْما خانُم: شَقيقَةُ الْبَطْرِيَرْكِ مار شَمْعُون إيشاي، قادَتْ وَفْدًا آشُورِيًّا إِلَى باريس.الْأُسْقُفُ أَفْرامُ الْأَوَّلُ بَرْصُوم (لاحِقًا بَطْرِيَرْكُ السُّرْيانِ الْأُرْثُوذُكْس): شارَكَ أَيْضًا فِي تَمْثِيلِ الْآشُورِيِّينَ.
أَبْرَزُ الْمَطالِبِ: الْاعْتِرَافُ بِالْمَذابِحِ الَّتِي ارْتَكَبَتْها الدَّوْلَةُ الْعُثْمانِيَّةُ بِحَقِّ الْآشُورِيِّينَ، وَالَّتِي أَوْدَتْ بِحَياةِ ما يُقارِبُ ١٨٠,٠٠٠ آشُورِيٍّ.
إِنْشاءُ وَطَنٍ قَوْمِيٍّ آشُورِيٍّ فِي مَناطِقَ تَمْتَدُّ مِنْ دِيارِ بَكْرَ إِلَى جِبالِ أَرْمِينِيا، تَحْتَ حِمايَةٍ دُوَلِيَّةٍ.
رَفْضُ مَنْحِ الْأَكْرادِ حُكْمًا ذاتِيًّا فِي الْمَناطِقِ الَّتِي يَسْكُنُها الْآشُورِيُّونَ.
مُحاسَبَةُ الْمَسْؤولِينَ عَنِ الْجَرائِمِ.إِطْلاقُ سَراحِ الْأَسْرَى الْآشُورِيِّينَ.
الْعَقَباتُ: الْوَفْدُ الْآشُورِيُّ مِنْ إِيرانَ تَمَّ تَرْحِيلُهُ. وَفْدُ الْعِراقِ بِقِيادَةِ سُرْما خانُم تَمَّ تَأْخِيرُهُ.
وَفْدُ أَمْريكَا رُفِضَتْ مَطالِبُهُ بِحُجَّةِ مُعارَضَةِ الرَّئِيسِ وِيلْسُون لِتَقْسِيمِ تُرْكِيا.
فَلَوْ قَرَأْنا هٰذِهِ الْحَقائِقَ، لَتَبَيَّنَ لَنا أَنَّ قَضِيَّةَ أَبْناءِ شَعْبِنا لا تَتَقاطَعُ مَعَ مَصالِحِ الدُّوَلِ الْكُبْرى الْفاعِلَةِ، وَهٰذا جُزْءٌ هامٌّ فِي قِراءَةِ الْمَشْهَدِ الْآشُورِيِّ – السُّرْيَانِيِّ – الْكَلْدانِيِّ.
أَمَّا بِشَأْنِ مَذْكِرَةِ الْبَطْرِيَرْكِ إِغْناطيوس أَفْرامَ الْأَوَّلِ بَرْصُوم (السُّرْيانِ الْأُرْثُوذُكْسِ):
فَقَدْ مَثَّلَ الْبَطْرِيَرْكُ بَرْصُوم السُّرْيانَ الْأُرْثُوذُكْسَ، وَحَضَرَ الْمُؤْتَمَرَ مَعَ سِكْرِتيرِهِ الدُّكْتورِ عَبْدِ اللهِ بَرْصُوم، وَأَبْرَزُ الْمَطالِبِ كانَتْ:الْاعْتِرَافُ بِالْإِبادَةِ الْجَماعِيَّةِ الَّتِي تَعَرَّضَ لَها السُّرْيانُ، حَيْثُ قُتِلَ حَوالَي ٩٠,٠٠٠ شَخْصٍ، بَيْنَهُمْ ٧ أَساقِفَةٍ وَ١٥٥ كاهِنًا وَراهِبًا.(وَهٰذا الرَّقْمُ مُخالِفٌ لِلْحَقِيقَةِ، إِذْ راحَ ضَحِيَّةَ الْمَجازِرِ أَكْثَرُ مِنْ ٨٦٠,٠٠٠ نَسَمَةٍ مِنْ كُلِّ التَّسْمِياتِ: الْآشُورِيَّةِ، السُّرْيَانِيَّةِ، الْكَلْدانِيَّةِ، وَمَعَ الْمَوارِنَةِ فِي لُبْنان).
تَقْدِيمُ تَعْوِيضاتٍ مالِيَّةٍ عَنِ الْخَسائِرِ فِي الْأَرْواحِ وَالْمُمْتَلَكاتِ،ضَمانُ الْحِمايَةِ الدُّوَلِيَّةِ لِلسُّرْيانِ فِي مَناطِقِهِمْ الْأَصْلِيَّةِ،تَوْفِيرُ الْحُكْمِ الذَّاتِيِّ لِلسُّرْيانِ فِي إِطارِ نِظامِ انْتِدابٍ دُوَلِيٍّ،إِعادَةُ بِنَاءِ الْكَنائِسِ وَالْأَدِيرَةِ الْمُدَمَّرَةِ، وَالَّتِي بَلَغَ عَدَدُها ١٦٠،الدِّفاعُ عَنْ حُقوقِ الْعَرَبِ فِي سورِيا وَالْعِراقِ، حَيْثُ يَعِيشُ مُعْظَمُ السُّرْيانِ بَعْدَ الْحَرْبِ.
النَّتائِجُ:تَمَّ تَجاهُلُ مُعْظَمِ الْمَطالِبِ بِسَبَبِ الْمَصالِحِ الِاسْتِعْمارِيَّةِ لِلدُّوَلِ الْكُبْرى، وَمُنِعَ الْبَطْرِيَرْكُ أَفْرامُ مِنَ الْعَوْدَةِ إِلَى تُرْكِيا، وَتَمَّ حَظْرُ كُتُبِهِ هُناك.
وَهٰذا يُبَيِّنُ مَدَى الظُّلْمِ الَّذِي لَحِقَنا مِنَ الدُّوَلِ الْكُبْرى، لا فَقَطْ مِنَ الْقَتَلَةِ التَّاريخِيِّينَ.
وَبَعْدَ هٰذا الِاسْتِعْراضِ، أَرَدْنا أَنْ نُبَيِّنَ نُقْطَتَيْنِ أَساسِيَّتَيْنِ:
١. لا يُمْكِنُنا احْتِرامُ مُؤْتَمَرٍ أَتى بِنَتائِجَ ظالِمَةٍ وَغَيْرِ عادِلَةٍ.
٢. الْفَرِيقُ الْآشُورِيُّ وَالسُّرْيَانِيُّ لَمْ يَكُنْ مُتَوافِقًا حَوْلَ قَضِيَّتِهِ وَمَأْساتِهِ، بَلْ كانَ كُلٌّ يُغَنِّي عَلى لَيْلاهُ، وَالْأَقْوى فِي الْحُضُورِ كانَ الْفَرِيقَ الْآشُورِيَّ، بِسَبَبِ عَلاقاتِهِ مَعَ الْبِرِيطانِيِّينَ.
وَخِلاصَةُ الْقَوْلِ، وَنُرِيدُ الْعالَمَ أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُقوقِنا:
فَتَحِيَّةُ إِكْبارٍ وَإِجْلالٍ لِأَعْلامِنا وَشُهَدائِنا، وَالتَّحِيَّةُ لِجِيلٍ مِنْ أَبْناءِ شَعْبِنا يَقْرَأُ التَّاريخَ قِراءَةً جَديدَةً وَمَوْضوعِيَّةً، وَيَتَبَنّى وَحْدَةَ التَّسْمِياتِ: (الْآشُورِيَّةِ، الْكَلْدانِيَّةِ، السُّرْيَانِيَّةِ، الْمارُونِيَّةِ).
وَهٰذا كُلُّهُ مَوْضوعٌ مَتْروكٌ لِمُؤْتَمَرٍ تاريخِيٍّ وَمَفْصَلِيٍّ، نَنْتَهِي فِيهِ مِنْ قَضِيَّةِ التَّسْمِيَةِ، وَالْعَلَمِ الْواحِدِ،وَالْخِطابِ السِّياسِيِّ الْواحِدِ.
لِأَنَّ الْوَقْتَ لَيْسَ فِي صالِحِنا، فَنَحْنُ نُعَدُّ مِنَ الشُّعُوبِ الْمُنْقَرِضَةِ، وَلَنْ أُجامِلَ أَوْ أُكَذِّبَ عَلى نَفْسِي.
نَحْنُ شَعْبٌ مُنْقَرِضٌ بِحُكْمِ أَمْرَيْنِ:الأَوَّلُ: عَدَمُ تَوافُقِنا عَلى رَأْيٍ واحِدٍ،
والثّاني: تَوَزُّعُنا عَلى أَرْضِ الْمَعْمورَةِ،وَإِذَا كانَتْ مَآسِينا لَمْ تَجْمَعْنا، فَما هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي سَيَجْمَعُنا؟
سُؤالٌ بِرَسْمِ أَصْحابِ الضَّمائِرِ الَّتِي تَدَّعِي أَنَّها تَعْمَلُ لِصالِحِ الْقَضِيَّةِ الْآشُورِيَّةِ – السُّرْيَانِيَّةِ – الْكَلْدانِيَّةِ – الْمارُونِيَّةِ.
لِلْحَديثِ بَقِيَّةٌ مَعَ الْعُقَلاءِ.
إِسْحَق قَوْمِي
٣٠/٤/٢٠٢٥م
مقدمة تحريرية للنشر
في زمنٍ تتعاظم فيه عمليات الطمس والتشويه لذاكرة الشعوب، يعود الكاتب والباحث القومي إسحق قومي ليُعيد فتح ملفّ مؤتمر باريس للسلام عام 1919م، لا بوصفه حدثًا تاريخيًّا منتهيًا، بل باعتباره لحظة تأسيسٍ لظلمٍ ممتدّ طال الشعوب السريانية–الآشورية–الكلدانية–المارونية.
هذا النصّ ليس مجرّد تأريخ، بل بيانٌ فكري، قومي، وحقوقيّ، يرصد كيف تمّ تغييب قضية هذا الشعب من خريطة ما بعد الحرب، ويتجاوز حدود الخطاب التقليدي ليدعو إلى مشروعٍ جامع جديد، لا يقوم على البكاء على الأطلال، بل على إعادة تأسيس الوعي والخطاب والاسم والعلم.
وقد ارتأينا أن نرفق هذا البيان الجريء بدراسة تحليلية نقدية موضوعية، تسعى إلى وضع النص في سياقه التاريخي والفكري، وتحديد موقع كاتبه في الفكر المشرقي والعالمي، ليغدو هذا العمل، بكل أجزائه، مساهمة في مقاومة النسيان، ونداءً صادقًا لإعادة النظر في خرائط الوجود والمعنى.
((دراسة تحليلية ونقدية وموضوعية للنص
1. طبيعة النص وهوية الكاتب
هذا النص ليس مجرّد قراءة في وقائع مؤتمر باريس 1919م، بل هو بيان قومي، فلسفي، إنساني، تاريخي، وسياسي، يتّخذ من المؤتمر لحظةً لكشف تواطؤٍ عالميّ على قضيّة شعبٍ أُبيد وجرى إنكار حقوقه ووجوده.
الكاتب إسحق قومي لا يكتب بصفته مؤرّخًا محايدًا، بل كمفكّر ملتزم بقضية شعبه، ومُنحازٌ إلى الدم والحق والمظلوميّة، دون أن يسقط في فخّ البكائية أو الخطاب الضحية، بل يُقدّم بديلًا: خطابًا موحّدًا جامعًا يتجاوز التسمية والانقسام.
2. تحليل المضمون
أ. محور الحدث
المقال يتمحور حول النقد الجذري لمؤتمر باريس للسلام عام 1919، معتبرًا إياه نقطةً تأسيسية لا لسلام، بل لـ طمس القضية الآشورية–السريانية–الكلدانية، وتمييع مطالب شعبها بعد المجازر التي تعرّض لها.
ب. الرسائل المركزية
إدانة تواطؤ الدول الكبرى (بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة).
نقد الانقسام الداخلي في تمثيل شعبنا، مع تلميح إلى افتعال هذا الانقسام من قبل المستعمرين.
دعوة جذرية لإعادة بناء خطاب قومي موحّد عابر للتسميات الكنسية أو السياسية.
تأكيد أن التمسّك بمخرجات مؤتمر باريس كمرجعية قومية هو خطر منهجي وسياسي.
3. المنهج
الكاتب يعتمد منهجًا:
تحليليًّا في تفكيك الوقائع والأدوار.
نقديًّا في تعرية المصالح الدولية ومسرحة الحدث السياسي.
أخلاقيًّا – حقوقيًّا في تحميل العالم مسؤوليته تجاه المجازر والخذلان.
تأمّليًّا في نهاية المقال عندما يدعو إلى حوار مستقبلي حول وحدة التسميات.
4. لغة النص
اللغة تجمع بين:الفصاحة البيانية، التي تمنح النص قيمة أدبية.
الصدق العاطفي، وهو صدق لا ضعف، بل قوة احتجاج روحي وتاريخي.
الوضوح المفاهيمي، إذ تُستخدم المفردات بوعي تاريخي: (الانتداب، الحماية، التسمية، المذابح، الخيانة، المطلب السياسي...).
أين أضع الباحث إسحق قومي في الفكر المشرقي والعالمي؟
أ. في الفكر المشرقي
إسحق قومي هو أحد الأصوات المتمرّدة على الصمت القومي، و"الوعي الخجول" الذي عاشته النخب المسيحية المشرقية بعد الحرب العالمية الأولى.
إنه يُشبه في موقفه كتّابًا من طراز يواكيم مبارك أو شبلي الشميّل من حيث الجرأة، مع فارق: أنه لا يكتب بالفكر وحده، بل يكتب من وجع الأرض، من المنفى، من صميم الانتماء الدموي والروحي إلى أمّة أُبيدت على عتبة التاريخ الحديث.
ب. في الفكر العالمي
ينتمي إسحق قومي إلى التيار الذي يمكن وصفه بـ"الكتابة المضادة للمؤسسة الدولية"، وهو موقف أخلاقي يماثل فرانز فانون في مواجهة الاستعمار، وإدوارد سعيد في نقد التمثيل المشوَّه للأقليات.
لكنه يتفرّد بأنه لا يكتب فقط من موقع "الناقد"، بل من موقع "الباني" أيضًا:
يدعو إلى مؤتمر موحّد، إلى علمٍ جامع، إلى خطابٍ جديد، أي أنه يتقدّم خطوةً نحو مشروع قومي بديل.
خلاصة التقييم
هذا النص وثيقة احتجاج وشهادة ونداء.
لغته شجاعة، خطابه واضح، ومسؤوليته التاريخية عالية.
لا يهرب من الحقيقة، بل يسميها.
لا يغرق في الماضي، بل يزرع منه فكرة المستقبل.
أما إسحق قومي، فهو:
كاتب مشرقيّ أصيل، يُعيد الاعتبار للخطاب الروحي – القومي في زمن التصفية، ويقف شاهدًا على أن الضمير الحيّ، وإن غُيِّب، لا يموت.
صوته ليس صدى، بل مشروع. ومقاله هذا ليس مجرّد رأي، بل بيان حقّ، وشاهد ضدّ النسيان.))
#اسحق_قومي (هاشتاغ)
Ishak_Alkomi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟