|
|
عشْتَارُ الفُصُول: 11565 الصِّرَاعُ الدَّمَوِيُّ فِي الشَّرْقِ وَأَخَصُّ سُورِيَا إِلَى أَيْنَ؟
اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
الحوار المتمدن-العدد: 8179 - 2024 / 12 / 2 - 16:12
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
رَأْيٌ غَيْرُ مُلْزِمٍ لَكِنِّي أُدَافِعُ عَنْهُ. لِقِرَاءَةِ مَا يَحْدُثُ فِي الشَّرْقِ بِشَكْلٍ عَامٍّ وَسُورِيَا بِشَكْلٍ خَاصٍّ، لَابُدَّ أَنْ نُعِيدَ قِرَاءَةَ الْمَاضِي السِّيَاسِيِّ وَالِاقْتِصَادِيِّ وَالتَّرْبَوِيِّ لِسُورِيَا مُنْذُ مَا بَعْدَ عَهْدِ الاسْتِقْلَالِ وَحَتَّى الْيَوْمِ لِنَرَى بِأَنَّ سُورِيَا مَرَّتْ بِفَتَرَاتٍ عَصِيبَةٍ كَانَ فِيهَا أَغْلَبُ الشَّعْبِ السُّورِيِّ بِمُكَوِّنَاتِهِ مَفْعُولًا بِهِ لَا فَاعِلًا. فَفِي الْخَمْسِينَاتِ عَهْدُ الانْقِلَابَاتِ الْعَسْكَرِيَّةِ بَعْدَ فَتْرَةِ حَرْبٍ مَعَ إِسْرَائِيلَ، وَفِي مَا بَعْدَ مُنْتَصَفِ الْخَمْسِينَاتِ نَجِدُ سَلْبَ الْحَقِّ الْوَطَنِيِّ لِصَالِحِ وَمَصْلَحَةِ مَشْرُوعِ الْوَحْدَةِ الْعَرَبِيَّةِ، وَكَانَتِ الْوَحْدَةُ بَيْنَ مِصْرَ وَسُورِيَا وَعَهْدُ الانْفِصَالِ فِي بَدَايَةِ السِّتِينَاتِ. وَكُلُّ هَذِهِ الْمُدَّةِ وَنَحْنُ لَا نُعَالِجُ مَسَائِلَ جَوْهَرِيَّةً فِي مَا تَعَانِيهِ الْمُكَوِّنَاتُ الْقَوْمِيَّةُ وَالدِّينِيَّةُ وَالْمَذْهَبِيَّةُ حَتَّى دَخَلْنَا فِي حَرْبِ حُزَيْرَانَ عَامَ 1967م. وَهُنَا تَتَأَزَّمُ الْحَالَةُ النَّفْسِيَّةُ وَالْوُجْدَانِيَّةُ وَالْوَطَنِيَّةُ وَالسِّيَاسِيَّةُ وَالِاقْتِصَادِيَّةُ. فَالصِّرَاعُ صِرَاعُ أَفْكَارٍ وإيديولوجيات مُخْتَلِفَةٍ: فهناك الْبَعْثِيُّ، وَالشُّيُوعِيُّ، وَالْقَوْمِيُّ السُّورِيُّ، وَالنَّاصِرِيُّ، وَالْوَحْدَوِيُّونَ الْعَرَبُ، والمفكر الياس مرقص ومشروعه اليساري وَجَمَاعَاتٌ مُخْتَلِفَةٌ لَا حَصْرَ لَهَا، وَكُلٌّ يَطْرَحُ رُؤْيَتَهُ. وَهَذِهِ بِحَدِّ ذَاتِهَا تشكلُ صِرَاعاً فِكْرِياً، وفَلَسَفِياً و وَطَنِياً وَأُمَمِياً. وَتَمُرُّ الْأَيَّامُ وَهَا نَحْنُ أَمَامَ فَصْلٍ جَدِيدٍ مِنْ حُكْمِ الْبَعْثِ الْعِفْلقِيِّ حَيْثُ يَتَصَدَّرُ الْمَشْهَدَ وَزِيرُ الدِّفَاعِ السُّورِيُّ الرَّئِيسُ السُّورِيُّ فِيمَا بَعْدُ حَافِظُ الْأَسَدِ، وَيُسَمِّي حَرَكَتَهُ بِالْحَرَكَةِ التَّصْحِيحِيَّةِ. وَتَمُرُّ الْبِلَادُ أَوَّلَ مَا تَمُرُّ بِحَرْبِ تِشْرِينَ عام 1973م، ثُمَّ تمرّ فِي عِدَّةِ مِحَنٍ، وَأَهَمُّهَا الْجَوْلَانُ الْمُحْتَلُّ، وَالْحَالَةُ الِاقْتِصَادِيَّةُ، وَعَدَمُ رِضَى الْمُكَوِّنَاتِ السِّيَاسِيَّةِ فِي سُورِيَا. تَتِمُّ صِيَاغَةُ تِلْكَ الْقِوَى بِالْجَبْهَةِ الْوَطَنِيَّةِ التَّقَدُّمِيَّةِ، وَلَكِنَّهَا وَاجَهَتْ تَصْرِيفَ مَا كَانَتْ الْقِيَادَةُ تَرَاهُ. وَسُورِيَا تَمْضِي إِلَى الْأَمَامِ، وَالْحَالَةُ الِاقْتِصَادِيَّةُ لِلْمُوَاطِنِينَ تَتَحَسَّنُ، خَاصَّةً بَعْدَ عَامِ الْأَلْفَيْنِ، بَعْدَمَا مَاتَ الرَّئِيسُ السُّورِيُّ حَافِظُ الْأَسَدِ، وَتَسَلَّمَ رِئَاسَةَ الْبِلَادِ ابْنُهُ بَشَّارُ حَافِظِ الْأَسَدِ، وَجَرَتْ عِدَّةُ مَشَارِيعَ وَطَنِيَّةٍ رَائِدَةٍ فِي زَمَانِهِ. وَتَحَسَّنَتِ الْحَالَةُ الِاقْتِصَادِيَّةُ، لَكِنْ هُنَاكَ تَذَمُّرًا مِنْ قِبَلِ الْإِخْوَانِ الْمُسْلِمِينَ وَالْأَحْزَابِ الْأُمَمِيَّةِ وَغَيْرِهَا. أَضِفْ إِلَى صِرَاعٍ قَوْمِيٍّ خَفِيٍّ وَوَاضِحٍ أَحْيَانًا كَانَ قَدْ بَدَأَ مُنْذُ عَهْدِ الرَّئِيسِ الرَّاحِلِ، وَلَكِنَّهُ يَظْهَرُ بِشَكْلٍ عَلَنِيٍّ فِي الْجَزِيرَةِ السُّورِيَّةِ. وَنَسْتَمِرُّ عَلَى سِيَاسَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يُمْكِنُ تَجَاوُزُهَا، وَالْمُتَجَاوِزُ لَهَا يُعْتَبَرُ إِمَّا كَتَائِبِيًّا أَوْ صَدَّامِيًّا أَوْ بارتياً، وَالتُّهَمُ جَاهِزَةٌ. وَهَذَا لَابُدَّ أَنْ يُنْتِجَ عَنْهُ مَجْمُوعَةُ إِرْهَاصَاتٍ وَصِرَاعَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ. إِضَافَةً إِلَى أَنَّ غَالِبِيَّةَ الشَّعْبِ السُّورِيِّ تَتَذَمَّرُ وَتَتَمَلْمَلُ مِنَ الْحُكْمِ وَمَنْ يَحْكُمُ، وَإِنْ كَانُوا يُؤَيِّدُونَ بِالْقُوَّةِ. وَهَذَا مَا حَصَلَ فِي الْحِرَاكِ عَامَ 2011م، حَيْثُ أَنَّ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى الْحُكُومَةِ وَالْحُكْمِ كَانُوا هَؤُلَاءِ مِمَّنْ تَرَبَّوْا فِي طَلَائِعِ الْبَعْثِ وَشَبِيبَةِ الثَّوْرَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ قَدْ وَصَلَ إِلَى مَرَاتِبَ عُلْيَا فِي الدَّوْلَةِ السُّورِيَّةِ. وَهُنَا لَا نَدْخُلُ فِي الْجُزْئِيَّاتِ وَنَذْكُرُ أَمْثَالَ الْمُنْشَقِّينَ مِنَ الْجَيْشِ الْعَرَبِيِّ السُّورِيِّ وَمِنَ السِّيَاسِيِّينَ الَّذِينَ كَانُوا بِمَرْتَبَةِ رَئِيسِ الْوُزَرَاءِ السُّورِيِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ. الْمُشْكِلَةُ لَا نُقَدِّمُ هُنَا مُرَافَعَاتٍ مِنْ أَجْلِ الْإِدَانَةِ وَلَا الْمُحَاسَبَةِ، فَهَذَا لَيْسَ مِنْ مُهِمَّتِنَا. وَلَكِنْ مُهِمَّتُنَا تَكْمُنُ فِي التَّفْتِيشِ وَقِرَاءَةِ الْوَاقِعِ وَالْإِجَابَةِ عَلَى الْأَسْئِلَةِ: لِمَاذَا حَدَثَ وَيَحْدُثُ كُلُّ هَذَا فِي سُورِيَا؟ وَنَتَوَقَّعُ بِأَنَّ مَا يَحْدُثُ الْآنَ مِنْ قِبَلِ الْفَصَائِلِ الَّتِي اجْتَاحَتْ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ مُحَافَظَةَ حَلَبَ وَبَاقِي إِدْلِبَ وَوَصَلَتْ إِلَى مَشَارِفِ رِيفِ حَمَاةَ لَنْ يَتَوَقَّفَ عِنْدَ حَرْبٍ مُضَادَّةٍ أَوْ قِيَامِ الْجَيْشِ السُّورِيِّ بِرَدَّةِ فِعْلٍ تُعِيدُ الْأَوْضَاعَ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ. فَهَذَا مَا نَسْتَبْعِدُهُ، لِأَنَّنَا نَقْرَأُ بِأَنَّ مَا تَمَّ مِنْ انْسِحَابِ الْجَيْشِ السُّورِيِّ وَمِنْ مَرَاكِزِ الْقُوَّةِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتِمَّ بِخُطَّةٍ تَكْتِيكِيَّةٍ فَاشِلَةٍ كَمَا حَدَثَ، بَلْ نَقْرَأُ أَنَّهُ اتِّفَاقٌ خَفِيٌّ يَدُلُّ عَلَى رَسْمِ مَعَالِمِ الْخَارِطَةِ السِّيَاسِيَّةِ الْقَادِمَةِ. كَذَلِكَ نَقْرَأُ بِأَنَّ كُلَّ الْحُرُوبِ وَقَتْلِ الْأَبْرِيَاءِ مِنَ الْمُكَوِّنَاتِ السُّورِيَّةِ كُلِّهَا وَالتَّهْجِيرَ وَالتَّغْيِيرَ فِي الْبُنْيَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْمُورْفُولُوجِيَّةِ السُّكَّانِيَّةِ فِي سُورِيَا نَتِيجَةٌ حَتْمِيَّةٌ لِمَا خَلَّفَتْهُ سِيَاسَاتٌ حَكَمَتْ وَكَمَّتْ أَفْوَاهَ الْمُتَنَوِّرِينَ وَالْوَطَنِيِّينَ. فَوَسَائِلُ الْإِعْلَامِ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْ قِرَاءَةِ الْوَاقِعِ، وَنَعْتَقِدُ وَنَجْزِمُ بِأَنَّ الْمُشْكِلَةَ الْأُولَى كَانَتْ بِتَقْدِيمِ الْمَشْرُوعِ الشَّخْصِيِّ عَلَى الْمَشْرُوعِ الْوَطَنِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِيَادَةِ، مَعَ غِيَابٍ كَامِلٍ وَوَاضِحٍ لِمَرَاكِزِ بُحُوثٍ وَطَنِيَّةٍ تَدْرُسُ بِجِدِّيَّةٍ الْمَشَاكِلَ الرَّئِيسَةَ فِي الدَّوْلَةِ السُّورِيَّةِ، وَتُقَدِّمُ لِلْقِيَادَةِ وَالْمَسْؤُولِينَ دِرَاسَاتٍ وَمُقْتَرَحَاتٍ عَلَى مُخْتَلَفِ الصُّعُدِ. وَيَحِقُّ لَنَا الْقَوْلُ: إِنَّ الصِّرَاعَ أَنْوَاعٌ وَأَجْنَاسٌ وَأَشْكَالٌ. فَهُنَاكَ الصِّرَاعُ الطَّبَقِيُّ، وَالصِّرَاعُ السِّيَاسِيُّ، وَالصِّرَاعُ الِاقْتِصَادِيُّ، وَالصِّرَاعُ التَّرْبَوِيُّ، وَالصِّرَاعُ الْقَوْمِيُّ، وَالصِّرَاعُ الدِّينِيُّ وَالْمَذْهَبِيُّ. كُلُّهَا كَانَتْ مُغَيَّبَةً بِقُوَّةٍ، وَكَانَ هَمُّ الْقِيَادَةِ الْوَحِيدُ هُوَ كَيْفَ تَرْسُمُ مَعَالِمَ شَخْصِيَّتِهَا أَمَامَ الْعَالَمِ. وَالْقَضِيَّةُ الْفِلَسْطِينِيَّةُ وَالْمَشَارِيعُ الْجِهَادِيَّةُ كَانَتْ مِحْوَرَ حَرَكَتِهَا، مَعَ مُتَنَفَّسَاتٍ فِي الْحَرَكَةِ الْمَسْرَحِيَّةِ وَالتِّلْفِزْيُونِيَّةِ. يَتَصَدَّرُ تِلْكَ الْمُتَنَفَّسَاتِ وَالْفُسَحَ الْمُمَثِّلُ الْقَدِيرُ الَّذِي نَحْتَرِمُهُ دُرَيْدُ لَحَّامُ، وَمَنْ عَمِلَ مَعَهُ. وَبِالتَّأْكِيدِ، ذَاكَ الْقَادِمُ مِنَ السَّلَمِيَّةِ، الشَّاعِرُ وَالْأَدِيبُ مُحَمَّدُ الْمَاغُوطُ، الَّذِي قَالَ: "سَأَخُونُ وَطَنِي". أَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ، فَهُنَاكَ مَلَايِينَ الْمَحَطَّاتِ، لَوْ كَتَبْنَا عَنْهَا لَعَجَزْنَا جَمِيعًا وَتَوَقَّفْنَا. وَلَكِنْ لَابُدَّ أَنَّنَا تَبَنَّيْنَا مَفْهُومَ الصِّرَاعِ كَحَامِلٍ لِمَا يَحْدُثُ فِي سُورِيَا. وَلَنْ نَتَوَقَّفَ عِنْدَ مَا يَحْدُثُ، بَلْ هُنَاكَ رَسْمُ خَرَائِطَ سِيَاسِيَّةٍ لَابُدَّ مِنْهَا كَنَتَائِجَ حَتْمِيَّةٍ لِفِكْرِ الِارْتِبَاطِ مَعَ مَا تُسَمِّيهِ الدَّوْلَةُ السُّورِيَّةُ بِالْإِرْهَابِ، بَيْنَمَا أَهْلُهُ يُسَمُّونَهُ حَقَّ الْجِهَادِ ضِدَّ دِكْتَاتُورِيَّةِ نِظَامِ حُكْمِ الْبِلَادِ مُنْذُ السَّبْعِينَاتِ وَحَتَّى الْيَوْمِ. وَلِكَيْ نَكُونَ عَلَى قُدْرَةٍ مِنْ فَهْمٍ وَتَفَهُّمٍ دَوْرَ الصِّرَاعِ وَأَثَرِهِ فِيمَا يَحْدُثُ، لَابُدَّ مِنَ الْعَوْدَةِ إِلَى قِرَاءَةٍ تَارِيخِيَّةٍ لِمَفْهُومِ الصِّرَاعِ فِي الْفِكْرِ الْفَلَسَفِيِّ وَالسِّيَاسِيِّ. بِالْحَقِيقَةِ، هُنَاكَ الْعَدِيدُ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ الْبَارِزِينَ الَّذِينَ قَدَّمُوا أَفْكَارًا هَامَّةً حَوْلَ طَبِيعَةِ الصِّرَاعِ، أَسْبَابِهِ، وَآثَارِهِ. وَيُمْكِنُ تَقْسِيمُهُمْ حَسَبَ تَرْكِيزِهِمْ عَلَى الصِّرَاعِ فِي سِيَاقَاتٍ مِثْلَ السِّيَاسَةِ، الْمُجْتَمَعِ، أَوِ الْوُجُودِ الْإِنْسَانِيِّ: فَهَيْغَلْ فِي فَلْسَفَةِ الْجَدَلِيَّةِ، أَشَارَ إِلَى أَنَّ الصِّرَاعَ بَيْنَ الْأَفْكَارِ (الْأَطْرُوحَةِ وَالنَّقِيضِ) يُؤَدِّي إِلَى التَّطَوُّرِ مِنْ خِلَالِ التَّوْلِيفِ، وَرَأَى أَنَّ الصِّرَاعَ عُنْصُرٌ ضَرُورِيٌّ فِي تَحْقِيقِ تَقَدُّمِ الرُّوحِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالتَّارِيخِ. بَيْنَمَا كَارْلُ مَارْكْسَ تَحَدَّثَ عَنْ الصِّرَاعِ الطَّبَقِيِّ بَيْنَ الْبُرْجُوَازِيَّةِ (طَبَقَةِ الرَّأْسْمَالِيِّينَ) وَالْبَرُولِيتَارْيَا (الْعُمَّالِ)، مُعْتَبِرًا أَنَّهُ الْمُحَرِّكُ الْأَسَاسِيُّ لِلتَّارِيخِ. الْفَيْلَسُوفُ تُومَاسْ هُوبْزَ، فِي كِتَابِهِ "اللِّفْيَاثَانُ"، وَصَفَ الطَّبِيعَةَ الْبَشَرِيَّةَ بِأَنَّهَا تَمِيلُ إِلَى الصِّرَاعِ، وَرَأَى أَنَّهُ يَنْبُعُ مِنَ الْأَنَانِيَّةِ الْبَشَرِيَّةِ وَالْبَحْثِ عَنِ الْقُوَّةِ. بَيْنَمَا نِيتْشَهْ، رَأَى أَنَّ الصِّرَاعَ جُزْءٌ مِنَ الطَّبِيعَةِ الْبَشَرِيَّةِ، وَأَنَّ "إِرَادَةَ الْقُوَّةِ" هِيَ الدَّافِعُ الْأَسَاسِيُّ وَرَاءَ أَفْعَالِ الْإِنْسَانِ. أَمَّا جَانْ جَاكْ رُوسُّو، فَرَأَى أَنَّ الصِّرَاعَ يَنْشَأُ مِنَ الْمِلْكِيَّةِ الْخَاصَّةِ وَعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ. أَمَّا مِيَكَّافِيلِّي، فَتَنَاوَلَ الصِّرَاعَ فِي سِيَاقِ الْحِفَاظِ عَلَى السُّلْطَةِ، وَكَيْفِيَّةِ اسْتِخْدَامِهِ بِشَكْلٍ اسْتِرَاتِيجِيٍّ لِتَحْقِيقِ الْأَهْدَافِ السِّيَاسِيَّةِ. وَمِيشِيلْ فُوكُو، تَنَاوَلَ الصِّرَاعَ مِنْ خِلَالِ السُّلْطَةِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَكَيْفَ تُسْتَخْدَمُ الْمَعْرِفَةُ كَأَدَاةٍ لِلسَّيْطَرَةِ. أَمَّا الْفَيْلَسُوفُ الْوُجُودِيُّ جَانْ بُولْ سَارْتِرْ، فَقَرَأَ الصِّرَاعَ مِنْ خِلَالِ الْفَلْسَفَةِ الْوُجُودِيَّةِ، وَرَأَى أَنَّ الصِّرَاعَ يَنْبُعُ مِنَ الْوُجُودِ الْبَشَرِيِّ نَفْسِهِ. وَأَخِيرًا، إِيمَانُوئِيلْ كَانْطْ، دَرَسَ الصِّرَاعَ فِي إِطَارِ الْفَلْسَفَةِ الْأَخْلَاقِيَّةِ وَالسِّيَاسِيَّةِ، وَدَعَا إِلَى السَّلَامِ الدَّائِمِ. هَذِهِ بَعْضُ الْأَفْكَارِ وَالْفَلَاسِفَةِ الَّذِينَ اسْتَحْضَرْنَا أَفْكَارَهُمْ بِشَأْنِ مَسْأَلَةِ الصِّرَاعِ، وَالَّذِي نُودُّ قَوْلَهُ أَنَّ الصِّرَاعَ بِأَشْكَالِهِ وَأَلْوَانِهِ نَتِيجَةٌ حَتْمِيَّةٌ لِعَدَمِ قِرَاءَاتٍ سِيَاسِيَّةٍ نَاجِحَةٍ وَذَكِيَّةٍ لِوَاقِعٍ وَطَنِيٍّ، وَتَرَهُّلٍ وَتَوَرُّمٍ لِقَضَايَا كُنَّا نَظُنُّ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَوْلَوِيَّاتِ الْقِيَادَةِ. وَظَهَرَ أَنَّنَا أَهْمَلْنَاهَا طَوِيلًا، وَأَحْيَانًا بِشَكْلٍ مُتَعَمَّدٍ، مُقَدِّمِينَ الْقَضَايَا الْقَوْمِيَّةَ عَلَى الْقَضَايَا الْوَطَنِيَّةِ. وَهُنَا أَسْتَحْضِرُ الْمَشْرُوعَ الرَّائِدَ لِدَوْلَةِ الْإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ، فَعُمُرُهَا لَا يَتَجَاوَزُ الْخَمْسِينَ عَامًا، وَهِيَ أَيْضًا عَرَبِيَّةٌ وَتَعْرِفُ عَنِ الْقَضِيَّةِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ. إِي نَعَمْ، قَدْ يُقَالُ: نَحْنُ دَوْلَةُ مُوَاجَهَةٍ، وَالْأُرْدُنُ دَوْلَةُ مُوَاجَهَةٍ، وَمِصْرُ دَوْلَةُ مُوَاجَهَةٍ. كُلُّ التَّبْرِيرَاتِ لَا تُفِيدُ أَمَامَ مَا يَجْرِي فِي سُورِيَا الْيَوْمَ. كُلُّ مَا نَتَمَنَّاهُ، لَا بَلْ نُلِحُّ فِي قَوْلِنَا: عَلَيْنَا أَنْ نَلْتَزِمَ بِمَسْؤُولِيَّاتِنَا الْوَطَنِيَّةِ وَالْإِنْسَانِيَّةِ، وَقَبُولِ مَا يُحَافِظُ لَنَا عَلَى مَا نَحْنُ عَلَيْهِ، وَالْعَمَلِ عَلَى تَحْقِيقِ مَا تَتَطَلَّبُهُ السَّاحَةُ مِنْ مُقْتَضَيَاتٍ. وَكِتَابَةِ عَهْدٍ جَدِيدٍ، رُبَّمَا يُخَالِفُ مَا نَتَمَنَّاهُ، وَلَكِنْ هُنَاكَ فَتَرَاتٌ لَابُدَّ مِنْ أَنْ نُغَيِّرَ فِي اسْتِرَاتِيجِيَّتِنَا، فَلَيْسَ هُنَاكَ أَفْكَارٌ مُنَزَّلَةٌ، وَحَتَّى الْفِكْرُ الدِّينِيُّ بِحَاجَةٌ إِلَى قِرَاءَاتٍ تَتَنَاسَبُ مَعَ الْوَاقِعِ وَالْمُسْتَقْبَلِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ نَيْرًا. وَخِلَاصَةُ الْقَوْلِ وَمَرْبَطُ الْفَرَسِ: عَلَيْنَا أَنْ نَتَمَتَّعَ بِمَرُونَةٍ فِي أَفْكَارِنَا وَمُعْتَقَدَاتِنَا السِّيَاسِيَّةِ كَمَا الدِّينِيَّةِ، وَأَنْ نُحَافِظَ عَلَى مَا سَيَبْقَى مِنْ أَحْلَامِنَا. وَهَذِهِ حِكْمَةٌ وَفَضِيلَةٌ، وَأَنْ لَا نَنْتَحِرَ سِيَاسِيًّا وَعَسْكَرِيًّا وَوُجُودِيًّا. لِلْحَدِيثِ بَقِيَّةٌ.إِسْحَق قَوْمِي. 2/12/2024م. شاعر وأديب وباحث سوري مستقل.
#اسحق_قومي (هاشتاغ)
Ishak_Alkomi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشتار الفصول:11555صراعِ الهويةِ والتأقلمِ بين الماضي والحاضر
...
-
قصيدة بعنوان:مئة عام مرت على بناء مدينة الحسكة
-
صِفاتُ المُبْدِعِ الوَطَنِيِّ، الإِنْسانِيِّ، الواقِعِيِّ، و
...
-
عشتار الفصول:11545 لَنْ أُوقِفَ التَّاريخَ، ولا أُعاقِبُه.
-
عشْتَار الفُصُول: 11513 . لُبْنَانُ لَمْ يَعُدْ يَتَحَمَّلُ
...
-
عشتار الفصول:11510 للتنوير إعادة تأهيل الديانات كافة وليس لإ
...
-
عشْتَار الفُصُول: 11490 دَعْوَةٌ غَيْرُ مُلْزِمَةٍ تَأْسِيسِ
...
-
عشتار الفصول:11478 أسئلة حول نظرية كانط في نقد العقل الخالص
-
الأَكرَادُ وَالعَشَائِرُ الكُردِيَّةُ فِي الجَزِيرَةِ السُّو
...
-
عشْتَارُ الفُصُولِ: 11473 النَّفْسُ مَا بَيْنَ أَفْلَاطُونَ
...
-
عشتار الفصول:11472 النَّفْسُ الإِنسَانِيَّةُ فِي قِرَاءَاتٍ
...
-
عشْتَارِ الفُصُولِ: 11588 رَأْيٌ غَيْرُ مُلْزِمٍ الْمُنْجَزُ
...
-
عشتار الفصول:11468 العقلُ البشريُّ أكبرُ الشموسِ والساحرُ ال
...
-
عشْتَارِ الفُصُولِ: 14164 القَرْنُ الحَالِيُّ هُوَ خَلْطُ ال
...
-
عشتار الفصول:14161 رأيٌّ غير مُلزم, عَبَثِيّةُ النَّقدِ البَ
...
-
عَشْتَارُ الفُصُولِ: 14159 القَوانِينُ الأَلْمَانِيَّةُ لَمْ
...
-
قصيدة بعنوان: سهوتُ عن مُضِيِّ العمر
-
قصيدة بعنوان:أناشيد لزمنٍ سيأتي
-
عَشْتَارِ الفُصُول:14158 أَعِزَّاءَنا القُرَّاءَ، الأَصْدِقَ
...
-
عِشْتَار الفُصُول:14157 الإنْسان وَوَسَائِلُ التَّوَاصُلِ وَ
...
المزيد.....
-
صاحب “الصندوق الأسود” يتهم عضوين بمجلس نقابة الصحفيين بالتظا
...
-
لجنة “سجناء الرأي” تقرر تنظيم فعاليات متنوعة للمطالبة بتبييض
...
-
عامل مصري يقود إضرابات في إيطاليا: «ثورة يناير شكّلت وعيي ال
...
-
Post-Modern Colonialism: The Scandalous Barter of the SDF an
...
-
Mark Davison Slaps Retired Oregon Teamsters with 31% Out-of-
...
-
Trump’s Original 28-Point Peace Plan is the Least Bad Option
...
-
في لندن .. الشيوعيون العراقيون يشاركون في تظاهرة تضامن مع ال
...
-
الحزب الاشتراكي الحاكم في إسبانيا يتكبد هزيمة قاسية في الانت
...
-
انتخابات إسبانيا الإقليمية تكشف تراجع الاشتراكيين وتقدم اليم
...
-
م.م.ن.ص// يريدوننا ان نموت في صمت.. الموت هو الموت...
المزيد.....
-
ليبيا 17 فبراير 2011 تحققت ثورة جذرية وبينت أهمية النظرية وا
...
/ بن حلمي حاليم
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|