|
قِرَاءَةٌ فِي المَفَاهِيمِ القَوْمِيَّةِ لِشُعُوبِ الشَّرْقِ المَنْسِيَّةِ: بَيْنَ الكَارْدِينَالِ سَاكُو وَالمَوَاقِفِ القَوْمِيَّةِ الآشُورِيَّةِ – دِرَاسَةٌ تَحْلِيلِيَّةٌ نَقْدِيَّةٌ
اسحق قومي
شاعرٌ وأديبٌ وباحثٌ سوري يعيش في ألمانيا.
(Ishak Alkomi)
الحوار المتمدن-العدد: 8364 - 2025 / 6 / 5 - 21:00
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
المَحْوَرُ الأَوَّلُ: الإِشْكَالُ فِي عُنْوَانِ الهُوِيَّةِ الخَلْفِيَّةُ التَّارِيخِيَّةُ لِلتَّسْمِيَاتِ: آشُورِيّ، كَلْدَانِيّ، سُرْيَانِيّ. هَلْ نَحْنُ أَمَامَ شُعُوبٍ أَمْ شَعْبٍ وَاحِدٍ بِأَسْمَاءٍ مُتَعَدِّدَةٍ؟ دَوْرُ التَّبْشِيرِ الغَرْبِيِّ وَالسِّيَاسَةِ الكُولُونِيَالِيَّةِ فِي تَرْسِيخِ التَّفْرِقَةِ. المَحْوَرُ الثَّانِي: الكَارْدِينَالُ لُوِيس سَاكُو وَمَفْهُومُ "الكَلْدَانِيَّةِ" الخَلْفِيَّةُ الكَنَسِيَّةُ وَالمَوْقِفُ مِنَ التَّسْمِيَةِ القَوْمِيَّةِ. هَلِ الكَلْدَانِيَّةُ قَوْمِيَّةٌ أَمِ انْتِمَاءٌ كَنَسِيٌّ؟ تَحْلِيلُ خِطَابِهِ الرَّسْمِيِّ وَمَوْقِفِهِ مِنَ الآشُورِيَّةِ. المَحْوَرُ الثَّالِثُ: المَوَاقِفُ القَوْمِيَّةُ الآشُورِيَّةُ – مِنَ الكَنِيسَةِ إِلَى الحَرَكَاتِ السِّيَاسِيَّةِ سَرْدٌ مُوْجَزٌ لِمَوَاقِفِ الحِزْبِ الآشُورِيِّ/الحَرَكَةِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ الآشُورِيَّةِ وَغَيْرِهِم. النَّزْعَةُ الوَحْدَوِيَّةُ فِي الفِكْرِ الآشُورِيِّ المُعَاصِرِ. رَفْضُ التَّقْسِيمَاتِ الكَنَسِيَّةِ كَأَسَاسٍ قَوْمِيٍّ. المَحْوَرُ الرَّابِعُ: المَعْضِلَةُ فِي العُمْقِ – أَزْمَةُ هُوِيَّةٍ أَمْ صِرَاعُ سُلْطَةٍ؟ هَلِ الصِّرَاعُ هُوَ عَلَى الزَّعَامَةِ الثَّقَافِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ أَمْ عَلَى الحَقِيقَةِ التَّارِيخِيَّةِ؟ غِيَابُ الدَّوْلَةِ وَالحِمَايَةِ كَمُحَفِّزٍ لِلِانْكِفَاءِ الطَّائِفِيِّ. أَزْمَةُ الثِّقَةِ بَيْنَ الكَنَائِسِ وَالنُّخَبِ السِّيَاسِيَّةِ. المَحْوَرُ الخَامِسُ: المَوَاقِفُ الشَّعْبَوِيَّةُ وَالانْفِعَالِيَّةُ – وَهَلْ يَخْدِمُ التَّعَصُّبُ أَحَدًا؟ مَتَى يُصْبِحُ الدِّفَاعُ عَنِ الهُوِيَّةِ تَعَصُّبًا؟ خُطُورَةُ الانْجِرَارِ وَرَاءَ رُدُودِ الأَفْعَالِ. سُؤَالٌ مَشْرُوعٌ: مَنْ المُسْتَفِيدُ مِنْ تَفْتِيتِ المُتَفَتِّتِ؟ التَّنْبِيهُ إِلَى خُطُورَةِ المَخَاطِطِ الَّتِي تَسْتَهْدِفُ إِنْهَاءَ الوُجُودِ القَوْمِيِّ الآشُورِيِّ، لِأَنَّ الآشُورِيَّةَ هِيَ الحَامِلُ التَّارِيخِيُّ لِلتَّسْمِيَةِ. المَحْوَرُ السَّادِسُ: حُلُولٌ مُمْكِنَةٌ وَخَارِطَةُ طَرِيقٍ فِكْرِيَّةٌ – نَحْوَ هُوِيَّةٍ جَامِعَةٍ إِمْكَانَاتُ الِاعْتِرَافِ المُتَبَادَلِ: كَلْدَانِيّ – آشُورِيّ – سُرْيَانِيّ = وَحْدَةُ شَعْبٍ. فَصْلُ الهُوِيَّةِ القَوْمِيَّةِ عَنِ الانْتِمَاءِ الكَنَسِيِّ. المَنْهَجُ التَّارِيخِيُّ – الفِيلُولُوجِيُّ كَأَدَاةٍ لِتَفْكِيكِ الإِشْكَالِ. مُقْتَرَحُ تَسْمِيَةٍ مُرَكَّبَةٍ (مِثْلَ: شَعْبٌ سُرْيَانِيٌّ – كَلْدَانِيٌّ – آشُورِيٌّ). الخَاتِمَةُ: هَلْ نَحْتَاجُ إِلَى عَدُوٍّ خَارِجِيٍّ لِنُدْرِكَ أَنَّنَا وَاحِدٌ؟ التَّأَمُّلُ فِي الانْهِيَارِ الرَّاهِنِ. دَعْوَةٌ لِلْمُصَالَحَةِ الفِكْرِيَّةِ قَبْلَ السِّيَاسِيَّةِ. مَاذَا يَعْنِي أَنْ نَكْتُبَ التَّارِيخَ مَعًا، لَا ضِدَّ بَعْضِنَا؟
مُقَدِّمَة فِي ظِلِّ مَا نُعَانِيهِ جَمِيعًا، نَحْنُ أَبْنَاءَ الشعبِ السُّورِيَانِيَّ، الآشُورِيَّ، الْكَلْدَانِيَّ، المَارُونِيَّ، مِنْ تَشَظٍّ وَتَشَتُّتٍ وَضَيَاعٍ، تَتَصَاعَدُ نَبَضَاتٌ مُتَشَنِّجَةٌ تَسْتَخْدِمُ لُغَةَ "الثَّوَابِتِ" لِتُقَوِّضَ مَا تَبَقَّى مِنْ جُهُودِ لَمِّ الشَّمْلِ، وَتَتَعَامَى – عَنْ عِلْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ – عَنْ مَا تَتَطَلَّبُهُ المَرْحَلَةُ مِنْ حِكْمَةٍ وَتَجَاوُزٍ وَبَصِيرَةٍ. إِنَّ الإِصْرَارَ عَلَى تَغْلِيبِ تَسْمِيَةٍ عَلَى أُخْرَى، أَوْ هَوِيَّةٍ فِي وَجْهِ أُخْرَى، وَرَفْضَ كُلِّ مَا خَالَفَهَا، يَتَحَوَّلُ فِي سِيَاقِنَا الحَالِيِّ – وَنَحْنُ فِي قِمَّةِ انْهِيَارِنَا وَتَهْجِيرِنَا – إِلَى سِلاحٍ عَكْسِيٍّ يُصَوَّبُ فِي صَدْرِ مَنْ بَقِيَ مِنَّا. لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَعَامَلَ مَعَ التَّارِيخِ بِأَدَوَاتِ المَشَاعِرِ وَالْغَضَبِ، وَلَا أَنْ نَبْنِيَ الغَدَ عَلَى أَنْقَاضِ أُخُوَّةٍ مُمَزَّقَةٍ بِخِنَاجِرِ التَّسْمِيَاتِ. إِنَّ مُرَاجَعَةَ هَذَا المِلَفِّ، بِكُلِّ حَسَاسِيَّاتِهِ وَتَعْقِيدَاتِهِ، تُلْزِمُنَا بِرُؤْيَةٍ عِلْمِيَّةٍ، تُفَرِّقُ بَيْنَ الإِيمَانِ القَوْمِيِّ وَالتَّعَصُّبِ، وَبَيْنَ الحِفَاظِ عَلَى الذَّاكرَةِ وَالتَّقَاسُمِ العَادِلِ لِلتُّرَاثِ. مِنْ هُنَا، تَجِبُ الدَّعْوَةُ إِلَى مُؤْتَمَرٍ تَارِيخِيٍّ جَامِعٍ يَضُمُّ كَافَّةَ المُمَثِّلِينَ عَنِ الآشُورِيِّينَ وَالكَلْدَانِ وَالسُّرْيَانِ وَالمَارُونَةِ، لِحَسْمِ مَوْضُوعِ التَّسْمِيَةِ القَوْمِيَّةِ، وَاتِّفَاقٍ عَلَى اسْمٍ وَاحِدٍ لِلُّغَةِ، وَعَلَمٍ وَاحِدٍ يُمَثِّلُنَا أَمَامَ العَالَمِ، فَلَا أُمَّةَ بِدُونِ رَمْزٍ، وَلَا شَعْبَ بِدُونِ لِسَانٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ. أهدافُ البَحْثِ: 1. تَفْكِيكُ جُذُورِ الإِشْكَالِ فِي مَفَاهِيمِ الهُوِيَّةِ بَيْنَ الكَنِيسَةِ وَالحَرَكَةِ القَوْمِيَّةِ. 2. قِرَاءَةٌ نَقْدِيَّةٌ فِي مَوَاقِفِ الكَارْدِينَال سَاكُو وَالحَرَكَاتِ الآشُورِيَّةِ. 3. طَرْحُ مَخَارِجَ مَعْقُولَةٍ لِتَوْحِيدِ الرُّؤْيَةِ. 4. بِنَاءُ مَفْهُومٍ جَامِعٍ لِلهُوِيَّةِ بَعِيدًا عَنِ الإِقْصَاءِ وَالانْفِعَالِ. المَناهِجُ المُتَّبَعَةُ:المَنْهَجُ التَّارِيخِيُّ: لِفَهْمِ جُذُورِ الانْقِسَامِ. المَنْهَجُ النَّقْدِيُّ الفِكْرِيُّ: لِتَفْكِيكِ خِطَابَاتِ التَّعَصُّبِ وَالتَّخْوِينِ. المَنْهَجُ المُقَارَنِيُّ: بَيْنَ مَوَاقِفِ الأَطْرَافِ. المَنْهَجُ التَّأْمُّلِيُّ–الفَلْسَفِيُّ: لِطَرْحِ سُبُلِ الخُرُوجِ مِنَ الدَّائِرَةِ المُغْلَقَةِ. جَاءَ هَذَا البَحْثُ بَعْدَ اجْتِمَاعٍ لِلكَارْدِينَال لُوِيس سَاكُو فِي بَارِيس، وَمِنْ ذَلِكَ الِاجْتِمَاعِ الَّذِي يُعَدُّ نَاقُوسَ الخَطَرِ الحَقِيقِيِّ، نَكْتُبُ، لَعَلَّنَا نَصِلُ إِلَى حَلٍّ عَمَلِيٍّ، فَكُلُّ "الثَّوَابِتِ" لَا تُفِيدُنَا، إِنْ نَحْنُ انْتَهَيْنَا هَكَذَا.هَكَذَا أَرَانِي أَكْتُبُ، وأنا أَحَدُكُمْ: إِسْحَق قَوْمِي. المحورُ الأوَّلُ: الإِشْكَالُ فِي عُنْوَانِ الهُوِيَّةِ (آشُورِيٌّ، كَلْدَانِيٌّ، سُرْيَانِيٌّ ماروني ... أَمْ شَعْبٌ وَاحِدٌ بِأَسْمَاءَ مُتَعَدِّدَةٍ؟) تَبْدُو الإِشْكَالِيَّةُ الأَكْثَرُ إِيلَامًا وَتَجَذُّرًا فِي حَيَاةِ شعبنَا المشَّرْقِي المَسِيحِيَّ منهُ – وَفِي صُلْبِ كِيَانِهَ الُمفَكَّكِ – هِيَ تِلْكَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِعُنْوَانِ الهُوِيَّةِ. هَلْ نَحْنُ آشُورِيُّونَ؟ أَمْ كَلْدَانِيُّونَ؟ أَمْ سُرْيَانٌ؟ وَهَلْ هِيَ تَسْمِيَاتٌ تَدُلُّ عَلَى شُعُوبٍ مُخْتَلِفَةٍ؟ أَمْ أَنَّهَا تَسْمِيَاتٌ تَارِيخِيَّةٌ لِشَعْبٍ وَاحِدٍ تَعَرَّضَ لِعَصْفِ التَّفْرِقَةِ وَتَجْزِئَةِ الذَّاكرَةِ؟ وَقَدْ كَانَتْ الخَلْفِيَّةُ التَّارِيخِيَّةُ لِهَذِهِ التَّسْمِيَاتِ مَسْرَحًا لِصِرَاعَاتٍ عَقِيمَةٍ، بَيْنَ مَنْ يَرَى فِي "الآشُورِيَّةِ" هُوِيَّةً قَوْمِيَّةً وَاحِدَةً ضَارِبَةً فِي أَعْمَاقِ الحَضَارَةِ، وَبَيْنَ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِـ"الكَلْدَانِيَّةِ" كَانْتِمَاءٍ تَارِيخِيٍّ كَنَسِيٍّ وَقَوْمِيٍّ، وَبَيْنَ مَنْ يَجْعَلُ مِنَ "السُّرْيَانِيَّةِ" جِسْرًا لِكُلِّ مَا سَبَقَ، وَأَسَاسًا لُغَوِيًّا وَرُوحِيًّا أَعْرَقَ. فِي الحَقِيقَةِ، كُلُّ هَذِهِ التَّسْمِيَاتِ لَا تَتَنَاقَضُ، بَلْ تَتَكَامَلُ، إِذْ نَحْنُ أَمَامَ شَعْبٍ وَاحِدٍ لَهُ تَارِيخٌ طَوِيلٌ وَمُتَعَدِّدُ التَّسْمِيَاتِ وَالمَرَاجِعِ، تَعَاقَبَ عَلَيْهِ حُكَّامٌ، وَكَنَائِسُ، وَقُوًى سِيَاسِيَّةٌ أَوْرُبِّيَّةٌ، حَاوَلَ كُلٌّ مِنْهَا تَطْوِيعَ الهُوِيَّةِ وَفَرْضَ تَسْمِيَةٍ عَلَى حِسَابِ الأُخْرَى. فأولاً. دَوْرُ التَّبْشِيرِ الغَرْبِيِّ وَالسِّيَاسَةِ الكُولُونِيَالِيَّةِ فِي تَرْسِيخِ التَّفْرِقَةِ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ التَّسْمِيَاتُ نَاتِجَةً عَنْ تَطَوُّرٍ طَبِيعِيٍّ فِي بِنْيَةِ الشَّعْبِ، بَلْ إِنَّ الْمَدَّ التَّبْشِيرِيَّ الأُورُبِّيَّ، وَبِوَجْهِ خَاصٍّ الكَاثُولِيكِي وَالْبْرُوتِسْتَانْتِي، قَدْ لَعِبَ دَوْرًا جَوْهَرِيًّا فِي تَفْصِيلِ الهُوِيَّةِ عَلَى مَقَاسِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي يَنْتَمِي إِلَيْهَا الشَّخْصُ. فَالكَنِيسَةُ الكَلْدَانِيَّةُ – وَهِيَ انْشِقَاقٌ عَنْ كَنِيسَةِ الشَّرْقِ – تَبَنَّتِ التَّسْمِيَةَ "الكَلْدَانِيَّةَ" لِتُمَيِّزَ نَفْسَهَا فِي ظِلِّ التَّبَعِيَّةِ لِرُومَا، بَيْنَمَا ظَلَّتِ "الآشُورِيَّةُ" مُتَمَسِّكَةً بِجُذُورِهَا التَّارِيخِيَّةِ وَتَرَاهَا تَسْمِيَةً سِيَادِيَّةً قَبْلَ أَنْ تَكُونَ لَاهُوتِيَّةً. أَمَّا "السُّرْيَانِيَّةُ" فَكَانَتْ هِيَ العُنْوَانَ الأَكْثَرَ شُمُولًا وَقُدْمًا، لَكِنْهَا تَعَرَّضَتْ لِلتَّقْزِيمِ وَالإِزَاحَةِ التَّدْرِيجِيَّةِ فِي وَعْيِ الجِيلِ الجَدِيدِ. وَبِذَلِكَ، أَنْجَزَ التَّبْشِيرُ مَا لَمْ تَنْجَزْهُ الجُيُوشُ: تَفْرِقَةُ الشَّعْبِ نَفْسِيًّا وَثَقَافِيًّا، وَرَبْطُ انْتِمَائِهِ القَوْمِيِّ بِانْتِمَائِهِ الكَنَسِيِّ، وَهُوَ أَخْطَرُ مَا تَعَانِيهِ أُمَّةٌ ضَعِيفَةٌ فِي زَمَنِ الاِنْهِدَامِ. وَرَغْمَ إِقْرَارِي الشَّخْصِيِّ بِأَنَّ هُنَاكَ تَسْمِيَةً لِلكَلْدَانِ قَبْلَ المَسِيحِيَّةِ، وَبِأَنَّ الكَلْدَانَ، كَعَدَدٍ، هُمُ الأَكْثَرُ بَيْنَ مُكَوِّنَاتِنَا، إِلَّا أَنَّنِي فِي الحَقِيقَةِ لَا أَرَى أَنَّ مَعَالَجَةَ الأُمُورِ عَلَى أَسَاسِ الأَكْثَرِيَّةِ أَوِ الأَقَلِّيَّةِ هِيَ الطَّرِيقَةُ المُثْلَى. فَالأَمْرُ، فِي جَوْهَرِهِ، يَفْرِضُ عَلَيْنَا الاتِّفَاقَ عَلَى قَوَاسِمَ نِهَائِيَّةٍ، تُشَكِّلُ ضَرُورَةً وُجُودِيَّةً لِبَقَائِنَا كَكِيَانٍ وَاحِدٍ، لَا كَأَجْزَاءٍ مُتَنَازِعَةٍ عَلَى مَاضٍ مُنْقَسِمٍ. خَاتِمَةُ المَحْوَرِ الأَوَّلِ: وَعَلَيْنَا، وَنَحْنُ نَتَصَدَّى لِهَذَا الإِشْكَالِ فِي عُنْوَانِ الهُوِيَّةِ، أَنْ نُقِرَّ بِوَاقِعٍ تَارِيخِيٍّ وَاجْتِمَاعِيٍّ مَرِيرٍ، أَفْرَزَ مَا نُسَمِّيهِ اليَوْمَ "تَعَدُّدَ التَّسْمِيَاتِ". غَيْرَ أَنَّ الخَطَرَ الحَقِيقِيَّ لَا يَكْمُنُ فِي هَذَا التَّعَدُّدِ بِنَفْسِهِ، بَلْ فِي تَحْوِيلِهِ إِلَى مِحْوَرِ صِرَاعٍ وَإِقْصَاءٍ وَمُفَاضَلَةٍ قَاتِلَةٍ. إِذْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الآشُورِيَّةُ وَالكَلْدَانِيَّةُ وَالسُّرْيَانِيَّةُ أَرْجَاءً لِذَاتِ الذَّاكرَةِ وَأَوْجُهًا لِشَعْبٍ وَاحِدٍ تَعَدَّدَتْ سِيَاقَاتُهُ وَتَجَارِبُهُ، وَلَيْسَتْ جُزُرًا مُنْفَصِلَةً تَتَنَازَعُ الوُجُودَ. إِنَّ الإِصْرَارَ عَلَى قَوْلِبَةِ الهُوِيَّةِ فِي اسْمٍ وَاحِدٍ – عَلَى حِسَابِ غَيْرِهِ – هُوَ إِسْهَامٌ صَامِتٌ فِي إِبَادَةٍ ذَاتِيَّةٍ لَا يَكْتُبُهَا العَدُوُّ، بَلْ نَكْتُبُهَا نَحْنُ بِأَقْلَامِنَا. وَمِنْ هُنَا، تَبْدَأُ دَعْوَتُنَا إِلَى فَهْمٍ تَارِيخِيٍّ وَعَقْلَانِيٍّ لِلهُوِيَّةِ، لَا يُسْقِطُ أَيًّا مِنَ التَّسْمِيَاتِ، وَلَكِنَّهُ يَضَعُهَا فِي مَكَانِهَا، خَادِمَةً لِوَحْدَةِ الشَّعْبِ، لَا سَيْفًا عَلَى رَقَابِ أَبْنَائِهِ. المَحْوَرُ الثَّانِي: الكَارْدِينَال لُوِيس سَاكُو وَمَفْهُومُ "الكَلْدَانِيَّةِ" فِي سِيَاقِ الصِّرَاعِ حَوْلَ عُنْوَانِ الهُوِيَّةِ، تَبْرُزُ شَخْصِيَّةُ الكَارْدِينَال لُوِيس رَفَائِيل سَاكُو، رَأْسُ الكَنِيسَةِ الكَلْدَانِيَّةِ الكَاثُولِيكِيَّةِ، كَصَوْتٍ ذُو ثِقْلٍ دِينِيٍّ وَسِيَاسِيٍّ، يُدَافِعُ بِقُوَّةٍ عَنِ التَّسْمِيَةِ "الكَلْدَانِيَّةِ" كَهُوِيَّةٍ قَوْمِيَّةٍ وَثَقَافِيَّةٍ تَارِيخِيَّةٍ لِشَعْبِنا. وَلَكِنَّ هَذَا الدِّفَاعَ لَا يَخْلُو مِنْ إِشْكَالٍ، إِذْ يُثِيرُ سُؤَالًا جَوْهَرِيًّا: هَلِ "الكَلْدَانِيَّةُ" هُوِيَّةٌ قَوْمِيَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، أَمْ أَنَّهَا انْتِمَاءٌ كَنَسِيٌّ جَاءَ بَعْدَ الاِنْشِقَاقِ عَنْ كَنِيسَةِ الشَّرْقِ وَالِاتِّحَادِ مَعَ رُومَا؟ الخَلْفِيَّةُ الكَنَسِيَّةُ وَالمَوْقِفُ مِنَ التَّسْمِيَةِ القَوْمِيَّةِ تَرْتَبِطُ التَّسْمِيَةُ "الكَلْدَانِيَّةُ" فِي أَصْلِهَا بِتَطَوُّرٍ كَنَسِيٍّ وَقَعَ فِي القَرْنِ السَّادِسِ عَشَرَ، عِنْدَمَا انْشَقَّ جُزْءٌ مِنْ كَنِيسَةِ الشَّرْقِ وَانْضَمَّ إِلَى الكَنِيسَةِ الكَاثُولِيكِيَّةِ، فَأُطْلِقَتْ عَلَى أَتْبَاعِ هَذَا الِاتِّجَاهِ تَسْمِيَةُ "الكَنِيسَةِ الكَلْدَانِيَّةِ"، فِي إِحَالَةٍ إِلَى "الكَلْدَانِ" كَقِدَمٍ تَارِيخِيٍّ، لَا كَهُوِيَّةٍ قَوْمِيَّةٍ قَائِمَةٍ فِي ذَاتِ الوَقْتِ. وَعَلَى الرُّغْمِ مِنْ ذَلِكَ، تَطَوَّرَ هَذَا الِانْتِمَاءُ الكَنَسِيُّ فِي وَعْيِ بَعْضِ أَبْنَائِهِ – وَمِنْهُمْ الكَارْدِينَال سَاكُو – إِلَى هُوِيَّةٍ قَوْمِيَّةٍ مُسْتَقِلَّةٍ، تَرْفُضُ الِانْدِمَاجَ فِي مَا تُسَمِّيهِ "الآشُورِيَّةَ السِّيَاسِيَّةَ". وَهُنَا يَنْشَأُ التَّوَتُّرُ فِي خِطَابِ الكَارْدِينَال: بَيْنَ الإِيمَانِ بِنَفْيِ الصِّبْغَةِ السِّيَاسِيَّةِ عَنِ الدِّينِ، وَبَيْنَ جَعْلِ الانْتِمَاءِ الكَنَسِيِّ مِحْوَرًا لِلهُوِيَّةِ القَوْمِيَّةِ. تَحْلِيلُ خِطَابِهِ الرَّسْمِيِّ وَمَوْقِفِهِ مِنَ الآشُورِيَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ مَقَالاَتِهِ وَبَيَانَاتِهِ الرَّسْمِيَّةِ، يُؤَكِّدُ الكَارْدِينَال سَاكُو أَنَّ "الكَلْدَانِيِّينَ" هُمْ شَعْبٌ لَهُ هُوِيَّةٌ وَتَارِيخٌ وَثَقَافَةٌ وَحُضُورٌ جُغْرَافِيٌّ وَكَنَسِيٌّ مُسْتَقِلٌّ، وَيَرْفُضُ أَنْ يُذَوَّبَ هَذَا الِانْتِمَاءُ فِي مَا يَصِفُهُ أَحْيَانًا بِـ"الإِيدِيلُوجِيَّةِ الآشُورِيَّةِ". وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ يُنَادِي بِوَحْدَةِ الصَّفِّ المَسِيحِيِّ الشَّرْقِيِّ، إِلَّا أَنَّهُ يَبْنِي هَذِهِ الوَحْدَةَ عَلَى أَسَاسِ الِاعْتِرَافِ بِالْفُرُوقِ الهُوِيَاتِيَّةِ، وَلَيْسَ عَلَى قَاعِدَةِ الانْدِمَاجِ فِي تَسْمِيَةٍ وَاحِدَةٍ شَامِلَةٍ. إِنَّ مَوْقِفَ الكَارْدِينَال – وَإِنْ بَدَا مُتَنَاسِقًا مَعَ التَّسَلْسُلِ التَّارِيخِيِّ لِكَنِيسَتِهِ – إِلَّا أَنَّهُ يَفْتَحُ بَابًا لِتَكْرِيسِ الانْقِسَامِ القَوْمِيِّ، وَيُثِيرُ تَسَاؤُلًا كَبِيرًا: هَلْ يَجُوزُ أَنْ تُشَكِّلَ الْكَنِيسَةُ أَسَاسًا لِلهُوِيَّةِ القَوْمِيَّةِ؟ وَهَلْ يُمْكِنُ فَصْلُ الانْتِمَاءِ الرُّوحِيِّ عَنِ الانْتِمَاءِ الشُّعُوبِيِّ فِي وَاقِعٍ مُمَزَّقٍ كَوَاقِعِنَا؟ خَاتِمَةُ المَحْوَرِ الثَّانِي: إِنَّ مَوْقِفَ الكَارْدِينَال لُوِيس سَاكُو، وَهُوَ يُصِرُّ عَلَى "الكَلْدَانِيَّةِ" كَهُوِيَّةٍ قَوْمِيَّةٍ مُمَيِّزَةٍ، يُعَبِّرُ – وَإِنْ خَالَفَهُ كَثِيرُونَ – عَنْ حَاجَةٍ نَفْسِيَّةٍ وَتَارِيخِيَّةٍ لِلتَّمَيُّزِ وَالثُّبُوتِ فِي وَاقِعٍ تَارِيخِيٍّ مُهَدَّدٍ. إِلَّا أَنَّ الإِشْكَالَ يَظَلُّ قَائِمًا حِينَ تَتَحَوَّلُ الْكَنِيسَةُ إِلَى إِطَارٍ قَوْمِيٍّ، وَيُسْتَعَادُ التَّارِيخُ الكَنَسِيُّ كَمَرْجِعٍ لِفَرْضِ تَسْمِيَةٍ دُونَ غَيْرِهَا. فَلَيْسَ مِنَ الحِكْمَةِ أَنْ نَسْتَبْدِلَ التَّعَصُّبَ الآشُورِيَّ بِتَعَصُّبٍ كَلْدَانِيٍّ، وَلَا أَنْ نُقَايِضَ صِرَاعَ الأَسْمَاءِ بِوَهْمِ الِاسْتِقْلَالِ. وَفِي الحَالَتَيْنِ، يَكُونُ الشَّعْبُ هُوَ الخَاسِرَ الأَكْبَرَ، بَيْنَ تَجَاذُبَاتٍ تَصْنَعُ جُدْرَانًا فِي الذَّاكرَةِ وَالتَّارِيخِ وَالجُغْرَافْيَا. وَلَعَلَّ المَخْرَجَ يَكْمُنُ – لَا فِي إِلْغَاءِ التَّسْمِيَاتِ – بَلْ فِي تَفْكِيكِ مَرَاجِعِهَا وَفَهْمِ دَوَافِعِهَا وَالسَّعْيِ لِبِنَاءِ مِظَلَّةٍ هُوِيَاتِيَّةٍ وَاحِدَةٍ تَحْتَضِنُهَا جَمِيعًا، لَا تَنْبُذُ وَاحِدَةً مِنْهَا، وَإِنَّمَا تَجْعَلُهَا طَبَقَاتٍ مِنْ بِنَاءٍِ تَارِيخِيٍّ وَثَقَافِيٍّ وَرُوحِيٍّ مُشْتَرَكٍ. المَحْوَرُ الثَّالِثُ: المَوَاقِفُ القَوْمِيَّةُ الآشُورِيَّةُ – مِنَ الكَنِيسَةِ إِلَى الحَرَكَاتِ السِّيَاسِيَّةِ لَيْسَتِ الآشُورِيَّةُ، فِي وُجُودِهَا الحَالِيِّ، مُجَرَّدَ اسْمٍ لِشَخْصِيَّةٍ تَارِيخِيَّةٍ بَادَتْ، بَلْ هِيَ فِكْرٌ حَيٌّ وَمَشْرُوعٌ قَوْمِيٌّ اسْتِعَادِيٌّ، تَبَنَّتْهُ طَبَقَاتٌ مُتَنَوِّعَةٌ مِنَ الشَّرَائِحِ الثَّقَافِيَّةِ وَالحَرَكَاتِ السِّيَاسِيَّةِ فِي المَهْجَرِ وَالدَّاخِلِ، وَمِنْهَا الحِزْبُ الآشُورِيُّ (الآشُورِيُّونَ الحُرّ)، وَالحَرَكَةُ الدِّيمُقْرَاطِيَّةُ الآشُورِيَّةُ (زُوخَاتُو)، وَاتِّحَادُ بَنِي آشُور. وَكَذَلِكَ، فَإِنَّ مُنَظَّمَةَ "مُطَاكِسْتَا" الأَشُورِيَّةَ، الَّتِي تَأَسَّسَتْ فِي سُورِيَّةَ، تَتَبَنَّى هِيَ الأُخْرَى خِطَابًا قَوْمِيًّا يُؤَكِّدُ عَلَى أَنَّ الهُوِيَّةَ القَوْمِيَّةَ لِشَعْبِنَا هِيَ الأَشُورِيَّةُ، دُونَ تَفْرِيقٍ مَبْنِيٍّ عَلَى الِانْتِمَاءِ الكَنَسِيِّ. وغيرها . سَرْدٌ مُوجَزٌ لِمَوَاقِفِ أَبْرَزِ الحَرَكَاتِ القَوْمِيَّةِ الآشُورِيَّةِ تَتَّفِقُ مُعْظَمُ هَذِهِ الحَرَكَاتِ فِي تَبَنِّي الهُوِيَّةِ الآشُورِيَّةِ كَهُوِيَّةٍ قَوْمِيَّةٍ وَاحِدَةٍ لِجَمِيعِ أَبْنَاءِ الشُّعُوبِ المَشْرِقِيَّةِ السَّامِيَّةِ – بِاخْتِلَافِ كَنَائِسِهِم – مِنَ الكَلْدَانِ وَالسُّرْيَانِ وَالآشُورِيِّينَ التَّارِيخِيِّينَ. فَقَدْ نَصَّ البَرْنَامَجُ السِّيَاسِيُّ لِـ"الحَرَكَةِ الدِّيمُقْرَاطِيَّةِ الآشُورِيَّةِ"، مُنْذُ تَأْسِيسِهَا فِي الثَّمَانِينِيَّاتِ، عَلَى "تَوْحِيدِ كُلِّ مُكَوِّنَاتِ شَعْبِنَا تَحْتَ هُوِيَّةٍ قَوْمِيَّةٍ وَاحِدَةٍ اسْمُهَا الآشُورِيَّةُ"، وَعَلَى تَفْكِيكِ أَيَّةِ تَسْمِيَةٍ مُنْشَقَّةٍ تُفْرِغُ الشَّعْبَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّوَحُّدِ وَالضُّهُورِ السِّيَاسِيِّ. وَقَدْ سَارَتِ الأحِزْاب الآشُورِيَّةُ فِي المَهْجَرِ عَلَى النَّهْجِ نَفْسِهِ، مُتَّهِمَةً كُلَّ تَفْسِيرٍ كَنَسِيٍّ أَوْ تَارِيخِيٍّ لِلهُوِيَّةِ أَنَّهُ "تَفْسِيمٌ مُسْتَحْدَثٌ" نَجَمَ عَنْ حُمَاةِ التَّبْشِيرِ وَسِيَاسَاتِ فَرِّقْ تَسُدْ. النَّزْعَةُ الوَحْدَوِيَّةُ فِي الفِكْرِ الآشُورِيِّ المُعَاصِرِ يَرْفَعُ الفِكْرُ الآشُورِيُّ المُعَاصِرُ شِعَارَ الوَحْدَةِ القَوْمِيَّةِ كَخَيَارٍ وُجُودِيٍّ، وَيَفْهَمُ التَّفْرِقَةَ التَّسْمِيَاتِيَّةَ عَلَى أَنَّهَا "عَوَارِضُ طَارِئَةٌ" عَلَى مَسَارِ الشَّعْبِ الآشُورِيِّ التَّارِيخِيِّ، وَيَسْتَشْهِدُ بِوُجُودِ لُغَةٍ وَاحِدَةٍ وَتُرَاثٍ مَشْتَرَكٍ وَجُغْرَافْيَا مَوْحَّدَةٍ لِتَدْعِيمِ نَظْرِيَّتِهِ. وَلَا بُدَّ هُنَا مِنَ الإِشَارَةِ إِلَى التَّشَابُكِ التَّارِيخِيِّ وَاللِّسَانِيِّ بَيْنَ مَفَاهِيمَ: السُّرْيَانِيَّةِ، وَالأَشُورِيَّةِ، وَالآرَامِيَّةِ، فَفِي حِينَ يَرَى بَعْضُهُمْ فِي السُّرْيَانِيَّةِ تَسْمِيَةً كَنَسِيَّةً وَلُغَوِيَّةً، يَذْهَبُ آخَرُونَ إِلَى عَدِّهَا صِفَةً هُوِيَّةً قَوْمِيَّةً. وَكَذَلِكَ، فَإِنَّ الآشُورِيَّةَ تُرْتَبَطُ بِالجُذُورِ الإِمْبِرَاطُورِيَّةِ التَّارِيخِيَّةِ، بَيْنَمَا تُعْتَبَرُ الآرَامِيَّةُ، عِنْدَ قِطَاعٍ وَاسِعٍ، الأَصْلَ اللِّسَانِيَّ وَالثَّقَافِيَّ الأَقْدَمَ الَّذِي تَفَرَّعَتْ عَنْهُ هَذِهِ التَّسْمِيَاتُ. إِلَّا أَنَّ هَذِهِ النَّزْعَةَ – وَإِنْ كَانَتْ نَبِيلَةَ القَصْدِ – غَالِبًا مَا تُهْمَلُ التَّعَقِيدَاتِ النَّفْسِيَّةَ وَالطَّبَقِيَّةَ وَالكَنَسِيَّةَ لِلشُّرَكَاءِ فِي الهُوِيَّةِ، وَتُجَابَهُ بِرَفْضٍ – أَحْيَانًا – مِنْ جَانِبِ الكَلْدَانِ وَالسُّرْيَانِ، خَوْفًا مِنْ "الذَّوَبَانِ" تَحْتَ مِظَلَّةٍ تَرَى نُفُوسُهُمْ أَنَّهَا تَمِيلُ إِلَى السَّيْطَرَةِ. رَفْضُ التَّقْسِيمَاتِ الكَنَسِيَّةِ كَأَسَاسٍ قَوْمِيٍّ مِنَ الثَّوَابِتِ الَّتِي تَتَّفِقُ عَلَيْهَا كُلُّ الحَرَكَاتِ الآشُورِيَّةِ: رَفْضُ مَبْدَأِ رَبْطِ الهُوِيَّةِ القَوْمِيَّةِ بِالِانْتِمَاءِ الكَنَسِيِّ. فَهُم يَرَوْنَ أَنَّ الكَنَائِسَ – بِاخْتِلَافِهَا – هِيَ أَطُرٌ رُوحِيَّةٌ خَاصَّةٌ، لَا يَجُوزُ أَنْ تُفْرَضَ كَأَسَاسٍ لِتَسْمِيَةٍ قَوْمِيَّةٍ. بَلْ هُمْ يُؤَكِّدُونَ أَنَّ جَمِيعَ أَبْنَاءِ كَنَائِسِنَا – كَانُوا كَلْدَانًا أَوْ سُرْيَانًا أَوْ نَسَاطِرَةً – يَنْتَمُونَ إِلَى "شَعْبٍ آشُورِيٍّ وَاحِدٍ"، وَأَيُّ رَبْطٍ بَيْنَ الكَنِيسَةِ وَالقَوْمِيَّةِ هُوَ تَكْرِيسٌ لِانْقِسَامٍ مَرَضِيٍّ وَتَكْرَارٌ لِسِيَاسَاتٍ اسْتِعْمَارِيَّةٍ سَابِقَةٍ. خَاتِمَةُ المَحْوَرِ الثَّالِثِ: إِنَّ المَوَاقِفَ القَوْمِيَّةَ الآشُورِيَّةَ، بِمَا تَحْمِلُهُ مِنْ رُؤْيَةٍ وَحْدَوِيَّةٍ وَإِرَادَةٍ تَارِيخِيَّةٍ، تُعَبِّرُ – فِي جَوْهَرِهَا عَنْ حِلْمٍ بِوُجُودٍ مَشْرِقِيٍّ مُوَحَّدٍ، لَكِنَّهَا وَقَعَتْ – أَحْيَانًا – فِي مَطَبِّ التَّجَاوُزِ لِلتَّعْقِيدَاتِ الكَنَسِيَّةِ وَالاجْتِمَاعِيَّةِ الَّتِي تَشَكَّلَتْ عَبْرَ قُرُونٍ مِنَ التَّجْزِئَةِ وَالتَّدَاخُلِ الثَّقَافِيِّ. وَعَلَى الرُّغْمِ مِنْ أَنَّ رَفْضَ التَّقْسِيمِ الكَنَسِيِّ كَأَسَاسٍ لِلهُوِيَّةِ هُوَ مَطْلَبٌ عَقْلَانِيٌّ، إِلَّا أَنَّ تَجْرِيدَ النَّاسِ مِنْ انْتِمَاءَاتِهِمِ الرُّوحِيَّةِ وَالتَّارِيخِيَّةِ بِقُسْوَةٍ قَدْ يُؤَدِّي – بِنِيَّةِ التَّوْحِيدِ – إِلَى نَفْيٍ غَيْرِ مَقْصُودٍ لِوَجْهٍ حَقِيقِيٍّ مِنْ وُجُوهِ الهُوِيَّةِ الجَمَاعِيَّةِ. لِذَلِكَ، فَإِنَّ التَّفَاهُمَ مَعَ هَذِهِ الحَرَكَاتِ يَكُونُ بِإِدْرَاكِ عُمْقِ نِيَّاتِهَا وَنُبْلِ هَدَفِهَا، وَفِي الوَقْتِ نَفْسِهِ بِدَعْوَتِهَا إِلَى مُرَاجَعَةِ أَدَوَاتِهَا وَتَكْيِيفِ خِطَابِهَا، لِيَكُونَ أَشْمَلَ وَأَقْدَرَ عَلَى الاحْتِوَاءِ، لَا الإِقْصَاءِ. المَحْوَرُ الرَّابِعُ: المَعْضِلَةُ فِي العُمْقِ – أَزْمَةُ هُوِيَّةٍ أَمْ صِرَاعُ سُلْطَةٍ؟ إِذَا كَانَ صِرَاعُ التَّسْمِيَاتِ فِي ظَاهِرِهِ يَتَّخِذُ طَابِعًا قَوْمِيًّا وَتَارِيخِيًّا، فَإِنَّ مَا يُخْفِيهِ فِي جَوْهَرِهِ أَعْمَقُ وَأَخْطَرُ، وَهُوَ مَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ بِـ"صِرَاعِ السُّلْطَةِ المَقَنَّعِ". فَالكَثِيرُ مِمَّا يُقَالُ فِي سِيَاقِ الهُوِيَّةِ وَالثَّوَابِتِ، لَا يُرَادُ بِهِ فَهْمُ الحَقِيقَةِ، بَلْ تَثْبِيتُ زَعَامَةٍ دِينِيَّةٍ أَوْ ثَقَافِيَّةٍ أَوْ تَكْرِيسُ نُفُوذٍ فِي الوَعْيِ الجَمَاعِيِّ. هَلِ الصِّرَاعُ هُوَ عَلَى الزَّعَامَةِ الثَّقَافِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ أَمْ عَلَى الحَقِيقَةِ التَّارِيخِيَّةِ؟ فِي الحَقِيقَةِ، كُلَّمَا رُفِعَ شِعَارُ "الحَقِيقَةِ التَّارِيخِيَّةِ"، كَانَ يَخْتَبِئُ خَلْفَهُ مَنْ يَبْحَثُ عَنِ الحُضُورِ وَالسَّيْطَرَةِ. إِذْ لَيْسَ التَّارِيخُ – وَهُوَ مَجَالٌ تَفْسِيرِيٌّ وَمُنْفَتِحٌ – هُوَ المُشْكِلَةَ، بَلْ الاِدِّعَاءُ بِامْتِلَاكِهِ وَحَصْرِهِ فِي رُؤْيَةٍ وَاحِدَةٍ. وَفِي ظِلِّ هَذَا الصِّرَاعِ، تُوَظَّفُ الأَسْمَاءُ وَالأُصُولُ وَاللُّغَاتُ وَحَتَّى الشَّهَادَاتُ الأَثَرِيَّةُ كَـ"بَيَارِقَ تَأْوِيلِيَّةٍ" لِكُلِّ فَرِيقٍ، بَيْنَمَا تَتَآكَلُ القَاعِدَةُ الشَّعْبِيَّةُ وَتَتَزَايَدُ الهِجْرَاتُ وَتَتَشَظَّى الذَّاكِرَةُ الجَمْعِيَّةُ. غِيَابُ الدَّوْلَةِ وَالحِمَايَةِ كَمُحَفِّزٍ لِلِانْكِفَاءِ الطَّائِفِيِّ فِي وَاقِعٍ يُمَثِّلُ فِيهِ المَسِيحِيُّونَ أَقَلِّيَّةً مَهْدَّدَةً فِي مَجْتَمَعَاتٍ مُمَزَّقَةٍ أَوْ دُوَلٍ هَشَّةٍ، يَغِيبُ الدَّوْرُ الحَامِي، وَتُفْقَدُ الثِّقَةُ فِي السُّلْطَاتِ، فَيَنْكَمِشُ الأَفْرَادُ نَحْوَ كَنَائِسِهِمْ وَمَرَاجِعِهِمْ، لِتُصْبِحَ هِيَ "الوَطَنَ الصَّغِيرَ" وَ"الدَّوْلَةَ الرُّوحِيَّةَ". فِي هَذَا السِّيَاقِ، يَتَعَاظَمُ دَوْرُ الزَّعِيمِ الدِّينِيِّ وَالثَّقَافِيِّ، وَتَنْشَأُ رُوحُ الطَّائِفِيَّةِ المَحْمِيَّةِ بِالخَوْفِ، وَيَتَكَرَّسُ الشُّعُورُ بِـ"الأَنَا القَبِيلِيَّةِ" عَلَى حِسَابِ الوَحْدَةِ المَقْدُورِ عَلَيْهَا. أَزْمَةُ الثِّقَةِ بَيْنَ الكَنَائِسِ وَالنُّخَبِ السِّيَاسِيَّةِ لَمْ تَعُدِ الأَزْمَةُ فِي التَّسْمِيَةِ فَقَط، بَلْ فِي انْقِطَاعِ الثِّقَةِ بَيْنَ رُمُوزِ المَجَالِ الرُّوحِيِّ وَرُمُوزِ الحِرَاكِ القَوْمِيِّ. فَكُلٌّ يَرَى فِي الآخَرِ مُنَافِسًا خَفِيًّا أَوْ "مُسْتَغِلًّا لِلمَشْرُوعِ". بِالمُقَابِلِ، تَفْقِدُ الجُمَاهِيرُ ثِقَتَهَا فِي الجَانِبَيْنِ، وَتَغْرَقُ فِي يَأْسٍ هُوِيَاتِيٍّ، يَجْعَلُهَا أَكْثَرَ قَابِلِيَّةً لِلهِجْرَةِ، أَوْ لِلعُزْلَةِ الثَّقَافِيَّةِ. خَاتِمَةُ المَحْوَرِ الرَّابِعِ: إِنَّ المَعْضِلَةَ الَّتِي نُوَاجِهُهَا لَا تَقِفُ عِنْدَ حُدُودِ أَزْمَةِ تَسْمِيَةٍ أَوْ خِلَافٍ عَلَى مَرْجِعِيَّةٍ تَارِيخِيَّةٍ، بَلْ هِيَ فِي جَوْهَرِهَا أَزْمَةُ ثِقَةٍ وَهُوِيَّةٍ وَسُلْطَةٍ. فَلَا الحَقِيقَةُ التَّارِيخِيَّةُ تُسْتَخْدَمُ بِحِيَادٍ، وَلَا الزَّعَامَاتُ تَنْسَحِبُ لِصَالِحِ مَشْرُوعٍ جَمَاعِيٍّ، وَلَا المُجْتَمَعُ يَجِدُ مَنْ يَحْمِيهِ فِي غِيَابِ الدَّوْلَةِ. وَمَا لَمْ تَتَوَافَقِ النُّخَبُ السِّيَاسِيَّةُ وَالدِّينِيَّةُ وَالثَّقَافِيَّةُ عَلَى خُطَّةِ إِنْقَاذٍ لِلهُوِيَّةِ المُشْتَرَكَةِ، تَفْصِلُ بَيْنَ القَوْمِيِّ وَالكَنَسِيِّ، وَتُوَحِّدُ الرُّؤْيَةَ أَمَامَ مَا نُوَاجِهُهُ جَمِيعًا، سَنَظَلُّ نُدَاوِي التَّفَكُّكِ بِمَزِيدٍ مِنَ الشِّعَارَاتِ، وَنُفَاخِرُ بِتَارِيخٍ نُقَبِّرُهُ كُلَّ يَوْمٍ. لَيْسَتْ الحَقِيقَةُ هِيَ مَا نَتَشَبَّثُ بِهِ فِي وَجْهِ الآخَرِ، بَلْ مَا نَبْنِيهِ مَعَهُ، فِي ضَوْءِ الِاخْتِلَافِ، وَتَحْتَ ظِلِّ الخَوْفِ الَّذِي يُهَدِّدُنَا جَمِيعًا. المَحْوَرُ الخَامِسُ: المَوَاقِفُ الشَّعْبَوِيَّةُ وَالِانْفِعَالِيَّةُ – وَهَلْ يَخْدِمُ التَّعَصُّبُ أَحَدًا؟ لَا يَنْبَغِي أَنْ نَغْفَلَ عَنْ أَنَّ الْمُجْتَمَعَاتِ الَّتِي تَتَعَرَّضُ لِلتَّهْدِيدِ وَالاضْطِهَادِ وَالاضْمِحْلَالِ الدِّيمُوغْرَافِيِّ، تَكُونُ أَكْثَرَ عُرْضَةً لِلتَّطَرُّفِ وَالِانْفِعَالِ، وَفِي هَذَا السِّيَاقِ يَنْشَأُ مَا يُسَمَّى بِـ"خِطَابِ التَّعَصُّبِ القَوْمِيِّ" الَّذِي يَبْدَأُ كَرَدِّ فِعْلٍ عَلَى خَوْفٍ، لَكِنَّهُ يَنْتَهِي بِفِصَامٍ يَضْرِبُ الوَعْيَ وَيُشَلُّ قُدْرَةَ التَّفَاهُمِ وَالحِوَارِ. مَتَى يُصْبِحُ الدِّفَاعُ عَنِ الهُوِيَّةِ تَعَصُّبًا؟ إِنَّ الدِّفَاعَ عَنِ الهُوِيَّةِ حَقٌّ، بَلْ وَوَاجِبٌ فِي وُجُوهِ الِاضْطِهَادِ وَالإِقْصَاءِ. لَكِنَّهُ يَتَحَوَّلُ إِلَى تَعَصُّبٍ عِنْدَمَا يُقَامُ عَلَى نَفْيِ الوُجُودِ الآخَرِ، وَالتقليل من أَهمية خِبْرَتِهِ، وَالِادِّعَاءِ بِالِاحْتِكَارِ المُطْلَقِ لِلحَقِّ وَالتَّارِيخِ وَالهُوِيَّةِ. فَالدِّفَاعُ يُطَالِبُ بِالِاعْتِرَافِ، أَمَّا التَّعَصُّبُ فَيُشْرِفُ عَلَى الإِبَادَةِ الرُّمْزِيَّةِ لِكُلِّ مَنْ لَا يُشَارِكُهُ الرُّؤْيَةَ. خُطُورَةُ الاِنْجِرَارِ وَرَاءَ رُدُودِ الأَفْعَالِ فِي غِيَابِ العَقْلِ الجَمْعِيِّ وَالهُوِيَّةِ المُتَّفَقِ عَلَيْهَا، تُسَاقُ الفِئَاتُ المُهَدَّدَةُ إِلَى التَّطَرُّفِ، وَتَنْسَاقُ رَغْمَ مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ إِلَى خِطَابِ الكَرَاهِيَةِ وَالتَّخْوِينِ، وَهُوَ خِطَابٌ سَهْلٌ، سَرِيعُ الاِنْتِشَارِ، لَكِنَّهُ مُدَمِّرٌ عَلَى المُدَى البَعِيدِ. وَالأَخْطَرُ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ تُحَرِّكَنَا الأَحْقَادُ أَكْثَرَ مِمَّا تُحَرِّكُنَا الأَهْدَافُ. فَنَبْنِي مَوَاقِفَنَا عَلَى مَنْ نَرْفُضُهُ، لَا عَلَى مَا نُرِيدُهُ. وَهَذَا بَذْرُ سُقُوطٍ أَخْلَاقِيٍّ وَفِكْرِيٍّ لَا تَقُومُ بَعْدَهُ أَيُّ نَهْضَةٍ. سُؤَالٌ مَشْرُوعٌ: مَنْ المُسْتَفِيدُ مِنْ تَفْتِيتِ المُتَفَتِّتِ؟ فِي كُلِّ مَرَّةٍ نَخْتَلِفُ فِيهَا عَلَى اسْمٍ، أَوْ لِغَةٍ، أَوْ عَلَمٍ، تَرْتَفِعُ أَسْهُمُ مَنْ يُرِيدُنَا أَقَلِّيَّةً مُبَعْثَرَةً، وَتَنْخَفِضُ فُرَصُنَا فِي أَنْ نَكُونَ شَعْبًا لَهُ وُجُودٌ فِي المُسْتَقْبَلِ. إِنَّ تَفْتِيتَ المُتَفَتِّتِ لَيْسَ خَطَأً تَارِيخِيًّا فَقَط، بَلْ جَرِيمَةً مُسْتَمِرَّةً، نُسَاهِمُ فِيهَا – دُونَ أَنْ نَدْرِي – بِاِسْمِ الغَيْرَةِ القَوْمِيَّةِ، أَوْ النَّقَاءِ الهُوِيَاتِيِّ، أَوْ الوَلَاءِ الكَنَسِيِّ. إِنَّ المَوَاقِفَ الِانْفِعَالِيَّةَ وَالشَّعْبَوِيَّةَ – وَإِنْ بَدَتْ أَحْيَانًا وَطَنِيَّةً وَغَيُورَةً – فَهِيَ فِي الحَقِيقَةِ سِكِّينٌ نَاعِمَةٌ تَقْطَعُ مَا تَبَقَّى مِنْ نَسِيجِنَا، وَتَخْدِمُ – وَدُونَ أَنْ تَقْصِدَ – كُلَّ مَنْ يُرِيدُ تَفْرِيقَنَا وَإِذَابَتَنَا فِي خِرِيطَةٍ لَا تُبْقِي لَنَا لَا تَارِيخًا وَلَا لُغَةً. وَفِي ظِلِّ كُلِّ هَذِهِ التَّشَظِّيَاتِ، تَتَعَاظَمُ المُخَطَّطَاتُ لِنَفْيِ الوُجُودِ القَوْمِيِّ لِلشَّعْبِ الآشُورِيِّ، الَّذِي يُمَثِّلُ – تَارِيخِيًّا – الحَامِلَ الأَصْلِيَّ وَالرَّمْزِيَّ لِلتَّسْمِيَةِ المُشْتَرَكَةِ، وَلِكُلِّ التُّرَاثِ الحَضَارِيِّ لِلشُّعُوبِ المَشْرِقِيَّةِ السَّامِيَّةِ.فَلْنَسْأَلْ أَنْفُسَنَا بِجِدِّيَّةٍ: هَلْ نُرِيدُ أَنْ نُثْبِتَ ذَاتَنَا بِتَقسِيمِ الآخَرِ؟ أَمْ نَبْنِي هُوِيَّةً قَادِرَةً عَلَى النُّمُوِّ فِي زَمَنِ الِاضْمِحْلَالِ؟ وَفِي كِلْتَا الحَالَتَيْنِ، يَكُونُ التَّعَصُّبُ سَهْلًا، وَالحِكْمَةُ أَصْعَبَ، وَلَكِنَّهَا الأَجْدَرُ بِمَا نُسَمِّيهِ مُسْتَقْبَلًا. المَحْوَرُ السَّادِسُ: حُلُولٌ مُمْكِنَةٌ وَخَارِطَةُ طَرِيقٍ فِكْرِيَّةٌ – نَحْوَ هُوِيَّةٍ جَامِعَةٍ إِنَّ التَّحَلِّي بِالحِكْمَةِ وَالنَّظَرِ الطَّوِيلِ فِي قَضَايَا الهُوِيَّةِ، يَفْرِضُ عَلَيْنَا أَنْ نَخْرُجَ مِنْ دَائِرَةِ الصِّرَاعِ، وَأَنْ نَدْخُلَ فِي دَائِرَةِ الِاحْتِرَافِ الفِكْرِيِّ وَالتَّفَاهُمِ التَّارِيخِيِّ. فَمَا لَا يُمْكِنُ حَسْمُهُ بِالْخُطَبِ وَالشِّعَارَاتِ، يُمْكِنُ تَفْكِيكُهُ وَإِعَادَةُ بِنَائِهِ بِالْمُنَاهِجِ وَالعُقُولِ وَالتَّوَاضُعِ التَّارِيخِيِّ. إِمْكَانِيَّةُ الِاعْتِرَافِ المُتَبَادَلِ: كَلْدَانِيّ – آشُورِيّ – سُرْيَانِيّ = وَحْدَةُ شَعْبٍ إِنَّ المَدْخَلَ الأَوَّلَ لِخَرِيطَةِ الحَلِّ هُوَ الِاعْتِرَافُ المُتَبَادَلُ بِشَرْعِيَّةِ كُلِّ هُوِيَّةٍ، دُونَ أَنْ يُفْسِدَ ذَلِكَ مَعْنَى الوَحْدَةِ التَّارِيخِيَّةِ. فَلَا ضَيْرَ أَنْ يَكُونَ مِنَّا مَنْ يَشْعُرُ أَنَّهُ كَلْدَانِيٌّ، وَغَيْرُهُ آشُورِيٌّ، وَثَالِثٌ سُرْيَانِيٌّ، مَا دَامَ الجَمِيعُ يُقِرُّ أَنَّهُم يَنْتَمُونَ إِلَى شَعْبٍ وَاحِدٍ، وَتُرَاثٍ وَاحِدٍ، وَلُغَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَصِيرٍ وَاحِدٍ. فَصْلُ الهُوِيَّةِ القَوْمِيَّةِ عَنِ الِانْتِمَاءِ الكَنَسِيِّ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَتَحَقَّقَ هُوِيَّةٌ قَوْمِيَّةٌ صَحِيحَةٌ فِي ظِلِّ الِالْتِبَاسِ بَيْنَ "المَرْجِعِيَّةِ الرُّوحِيَّةِ" وَ"الإِطَارِ القَوْمِيِّ". فَالكَنِيسَةُ – بِقَدْرِ مَا لَهَا مِنْ دَوْرٍ فِي الحِفَاظِ عَلَى اللُّغَةِ وَالذَّاكرَةِ – لَيْسَتْ مَصْدَرًا لِتَعْرِيفِ القَوْمِيَّةِ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ. وَلِذَلِكَ، فَإِنَّ فَصْلَ الدِّينِ عَنِ القَوْمِيَّةِ – لَا كَفَصْلٍ عَدَائِيٍّ، بَلْ كَتَمْيِيزٍ مَفَاهِيمِيٍّ – يُعْتَبَرُ خُطُوَةً مَنْهَجِيَّةً نَحْوَ بِنَاءِ وَعْيٍ جَمَاعِيٍّ لا يَتَفَكَّكُ مَعَ تَعَدُّدِ الكَنَائِسِ. المَنْهَجُ التَّارِيخِيُّ – الفِيلُولُوجِيُّ كَأَدَاةٍ لِتَفْكِيكِ الإِشْكَالِ لَا يُمْكِنُنَا مُعَالَجَةُ خِلَافٍ ذَاتِ جُذُورٍ تَارِيخِيَّةٍ إِلَّا بِاسْتِخْدَامِ أَدَوَاتٍ عِلْمِيَّةٍ مُجَرَّدَةٍ، وَفِي مُقَدِّمَتِهَا المَنْهَجُ التَّارِيخِيُّ وَالفِيلُولُوجِيُّ، الَّذِي يُمَكِّنُنَا مِنْ فَهْمِ كَيْفَ تَشَكَّلتِ التَّسْمِيَاتُ، وَكَيْفَ تَفَاعَلَتْ اللُّغَاتُ، وَكَيْفَ اسْتُعْمِلَتِ المَفَاهِيمُ فِي سِيَاقَاتٍ سِيَاسِيَّةٍ وَكَنَسِيَّةٍ مُتَغَيِّرَةٍ. إِنَّ اللُّجُوءَ إِلَى العِلْمِ، وَتَرْكَ الانْفِعَالِ وَالذَّاكرَةِ الجُرْحِيَّةِ، هُوَ المَدْخَلُ الحَقِيقِيُّ لِفَكِّ عُقْدَةِ التَّنَازُعِ وَبِنَاءِ مِفْتَاحٍ لِلتَّفَاهُمِ. مُقْتَرَحُ تَسْمِيَةٍ مُرَكَّبَةٍ: (شَعْبٌ سُرْيَانِيٌّ – كَلْدَانِيٌّ – آشُورِيٌّ) لَيْسَتِ التَّسْمِيَةُ غَايَةً، بَلْ وَسِيلَةٌ لِلتَّعْرِيفِ وَالوُجُودِ. وَإِذَا كَانَ الاِتِّفَاقُ عَلَى اسْمٍ وَاحِدٍ غَيْرَ مُمْكِنٍ فِي الوَقْتِ الرَّاهِنِ، فَلِمَاذَا لَا نُقَدِّمُ تَسْمِيَةً تَرْكِيبِيَّةً تَحْتَضِنُ كُلَّ الانْتِمَاءَاتِ؟ كَـ: "الشَّعْبُ السُّرْيَانِيُّ – الكَلْدَانِيُّ – الآشُورِيُّ" أَوْ: "شَعْبٌ وَاحِدٌ، بِثَلَاثَةِ جُذُورٍ، وَلُغَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَصِيرٍ وَاحِدٍ". إِنَّهُ اقْتِرَاحٌ – لَا فَرْضٌ –، وَلَكِنَّهُ يُؤَسِّسُ لِمُعَادَلَةٍ جَدِيدَةٍ: لَا يُقْصَى فِيهَا أَحَدٌ، وَلَا يُفْرَضُ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يُنْكِرَ ذَاتَهُ. وَلكن عَلَيْنَا، فِي ظِلِّ هَذِهِ التَّحَدِّيَاتِ المُتَرَاكِمَةِ، أَنْ نُوَحِّدَ خِطَابَنَا السِّيَاسِيَّ فِي المُحَافِلِ الدُّوَلِيَّةِ وَأَمَامَ الآخَرِ، وَأَنْ نَتَبَنَّى عِلْمًا وَاحِدًا، وَتَسْمِيَةً قَوْمِيَّةً وَاحِدَةً، تَجْمَعُ وَلَا تُفَرِّقُ، وَتَحْفَظُ الجَذْرَ وَلَا تَنْكُرُ التَّنَوُّعَ. وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِعَقْدِ مُؤْتَمَرٍ خَاصٍّ، وَعَلَى وَجْهِ السُّرْعَةِ، لِأَنَّنَا لَا نَتَّجِهُ نَحْوَ ضَيَاعٍ فَقَطْ، بَلْ إِلَى تَمْزِيقِ مَا تَبَقَّى لَنَا مِنْ وُجُودٍ. وَهُنَاكَ، تَكْمُنُ الكَارِثَةُ الحَقِيقِيَّةُ. خَاتِمَةُ المَحْوَرِ السَّادِسِ: إِنَّ بِنَاءَ هُوِيَّةٍ جَامِعَةٍ لَا يَتَطَلَّبُ إِنْكَارَ التَّفَاصِيلِ، بَلْ تَفْهِيمَهَا وَتَفْعِيلَهَا فِي إِطَارٍ تَارِيخِيٍّ وَمُسْتَقْبَلِيٍّ مُشْتَرَكٍ. وَالطَّرِيقُ إِلَى ذَلِكَ لَا يَمُرُّ بِالإِقْصَاءِ أَوِ التَّفْوِقِ، بَلْ بِالِاعْتِرَافِ وَالتَّفَاهُمِ وَالعَقْلِ المُنَفَتِحِ. فَكُلُّ مَا فِيهِ "السُّرْيَانِيُّ" هُوَ جُذْرٌ لُغَوِيٌّ وَثَقَافِيٌّ، وَكُلُّ مَا فِيهِ "الآشُورِيُّ" هُوَ الرَّمْزُ التَّارِيخِيُّ وَالسِّيَاسِيُّ، وَكُلُّ مَا فِيهِ "الكَلْدَانِيُّ" هُوَ البُعْدُ الرُّوحِيُّ وَالْكَنَسِيُّ، وَجَمِيعُهَا – إِذَا اجْتَمَعَتْ – تُشَكِّلُ شَعْبًا يُمْكِنُ أَنْ يَنْهَضَ مِنْ جَدِيدٍ. وَلَئِنْ كَانَ التَّعَصُّبُ يُقَسِّمُنَا، فَإِنَّ العِلْمَ وَالِاحْتِرَامَ وَالذِّكْرَى المُشْتَرَكَةَ يُمْكِنُ أَنْ تُوَحِّدَنَا، إِذَا تَوَفَّرَتِ الإِرَادَةُ، وَتَجَرَّدَتِ النَّوَايَا، وَتَأَخَّرَتِ الزَّعَامَاتُ خَلْفَ قَضِيَّةِ الشَّعْبِ. الخَاتِمَةُ العَامَّةُ: هَلْ نَحْتَاجُ إِلَى عَدُوٍّ خَارِجِيٍّ لِنُدْرِكَ أَنَّنَا وَاحِدٌ؟ فِي زَمَنٍ تَتَسَارَعُ فِيهِ مَشَارِيعُ الاقْتِلَاعِ وَالإِزَالَةِ الثَّقَافِيَّةِ وَالهُوِيَّةِ، نَقِفُ نَحْنُ – شعب الشَّرْقِ المَنْسِيَّ – عَلَى حَافَّةِ التَّبَخُّرِ. وَبَيْنَمَا يُعِيدُ الآخَرُونَ صِيَاغَةَ أَوْطَانِهِم وَذَاكِرَاتِهِم، نَتَنَازَعُ نَحْنُ عَلَى اسْمٍ وَعَلَمٍ وَزَعَامَةٍ، كَأَنَّ التَّارِيخَ هُوَ مَلْكٌ شَخْصِيٌّ، لَا رِوَايَةٌ جَمَاعِيَّةٌ تُكْتَبُ بِجَهْدِ الجَمِيعِ. وَلَعَلَّ مَا نَشْهَدُهُ اليَوْمَ – مِنْ تَفْكُّكٍ وَتَبَاعُدٍ وَتَرَدِّدٍ – يَكُونُ نَاقُوسًا لِلتَّأَمُّلِ، لَا لِزِيَادَةِ العِنَادِ. فَالهُوِيَّةُ لَا تَنْجُو بِالخِطَابِ الفَوْقِيِّ وَلَا بِالرُّمُوزِ الحَصْرِيَّةِ، بَلْ بِالمُصَالَحَةِ العَقْلِيَّةِ وَالفِكْرِيَّةِ، قَبْلَ أَيِّ مُصَالَحَةٍ سِيَاسِيَّةٍ. فِي سِيَاقِ هَذَا الإِنْهِيَارِ الرَّاهِنِ الَّذِي نُعَايِنُهُ جَمِيعًا، لَا يَسَعُنَا إِلَّا أَنْ نُطْلِقَ دَعْوَةً صَادِقَةً لِلْمُصَالَحَةِ الفِكْرِيَّةِ قَبْلَ السِّيَاسِيَّةِ، وَلِكِتَابَةِ تَارِيخِنَا مَعًا، لَا ضِدَّ بَعْضِنَا. فَمَصِيرُنَا وَاحِدٌ، وَتَحَدِّيَاتُنَا مُشْتَرَكَةٌ، وَفِي وَحْدَتِنَا نَجَاتُنَا. وَهَلْ هُنَاكَ مَا هُوَ أَقْسَى مِنْ أَنْ نَتَخَلَّى، بِكَامِلِ وَعْيِنَا، عَنْ أَبْجَدِيَّةِ وُجُودِنَا، وَعَنْ مَعْنَى دِمَاءِ شَعْبِنَا الَّتِي سُفِكَتْ عَلَى مَذَابِحِ تَارِيخِنَا وَمَسِيحِيَّتِنَا؟! إِلَى أَيْنَ نَسِيرُ؟ وَفِي أَيِّ وَادٍ نَغُورُ؟ عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَيْقِظَ قَبْلَ أَنْ نَبْلُغَ ذُرْوَةَ حَمَاقَتِنَا وَعَصَبِيَّتِنَا وَشُوفِينِيَّتِنَا وَقَرَوِيَّتِنَا وَعَشَائِرِيَّتِنَا. فَالأُمَمُ تَصْطَفُّ لِتَصْنَعَ مُسْتَقْبَلَهَا، وَنَحْنُ نَتَدَافَعُ عَلَى أَطْلَالِ مَاضِينَا. فَلْنَكْتُبْ التَّارِيخَ مَعًا، لَا ضِدَّ بَعْضِنَا، وَلْنَسْتَحْضِرِ الأَلَمَ المُشْتَرَكَ وَالوَجْعَ المُتَرَاكِمَ، وَنَسْأَلْ: أَيُّهَا الآخَرُ الَّذِي يُشَارِكُنِي اللُّغَةَ وَالأُمَّ وَالتَّرْبَةَ، أَلَسْنَا أَحْوَجَ مَا نَكُونُ إِلَى بَعْضِنَا، قَبْلَ أَنْ يَجْمَعَنَا القَبْرُ؟ إسحق قومي شاعرٌ، وأديبٌ، وباحثٌ سوريّ ألمانيا – حُزَيْرَان / يونيه 2025م
مُلاحَظَةٌ: إِنَّ الإِسْرَاعَ فِي التَّحضِيرِ لِمُؤْتَمَرٍ جَامِعٍ، شَامِلٍ، مَانِعٍ لِمُكَوِّنَاتِنَا التَّسْمَوِيَّةِ، ضَرُورَةٌ وُجُودِيَّةٌ لِحَلِّ الإِشْكَالِيَّةِ، وَتَقْدِيرِ قِيمَةِ القِرَاءَةِ الرَّاهِنَةِ بِمَسْؤُولِيَّةٍ تَارِيخِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ، وَلَيْسَتْ كَمَا تَطْرَحُهَا أَغْلَبُ النُّخَبِ. فَنَحْنُ مَنْفِيُّونَ عَنْ تُرَابِ أَجْدَادِنَا لِسَبَبَيْنِ اثْنَيْنِ: الآخَرُ الَّذِي نَعِيشُ مَعَهُ، وَمَصَالِحُ الدُّوَلِ الَّتِي هِيَ كُبرى. لِهَذَا، عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَيْقِظَ قَبْلَ المَوْتِ الأَخِيرِ، فَنَحْنُ فِي غُرْفَةِ الإِنْعَاشِ، وَرَصَاصَةُ الرَّحْمَةِ لَيْسَتْ إِلَّا عَلَى رُؤُوسِنَا... ((بناءً على النّصِّ الذي قدَّمهُ الباحثُ والمُفكِّرُ إسحق قُومي، والموسوم بـ: "قِراءةٌ في المفاهيمِ القوميَّةِ لشعوبِ الشَّرقِ المنسيَّة: بين الكاردينال ساكو والمواقفِ القوميَّةِ الآشوريَّة – دراسةٌ تحليليَّةٌ نقديَّةٌ" نُقدِّمُ هذه:دِراسةٌ تحليليَّةٌ – نقديَّةٌ – فلسفيَّةٌ – سياسيَّةٌ أولًا: التحليل البنيوي للمحتوى النص محكم في هيكليته، موزّع إلى محاور رئيسة، تتابع منطقيًّا إشكال الهويّة بين مكوّنات شعب واحد بمسميّات متعدّدة (كلدان – آشوريون – سريان). كلّ محور يشتبك مع سؤال جوهري: التسمية، الكنيسة، السياسة، الشعب، الأزمة، ثم الحلول. هذا التسلسل يسمح للقارئ بفهم تدريجي ومتوازن للنزاع، ويقدّم تحليلًا لا ينحاز لطرف بل يُفكّك المقولات السائدة. ثانيًا: البُعد النقدي إسحق قومي يملك الجرأة الفكرية لتفكيك ما يُعدّ من "المحرّمات" القومية: يشير إلى أن "الأكثرية" الكلدانية لا تعني بالضرورة "الحق التاريخي". ينتقد التشنّج القومي الآشوري رغم إيمانه بعمق التسمية الآشورية. يُعرّي دور الكنائس، من ساكو إلى غيره، في ترسيخ الانقسام بسبب تسييس الانتماء الكنسي. النقد موجّه ليس بغرض الهدم، بل بهدف التصويب، ويستند إلى خطاب وحدوي لا يُلغِي التنوع بل يحاول تأطيره في مشروع قومي جامع. ثالثًا: الفلسفة الكامنة في النص النص يتبنّى رؤية فلسفية وجودية – تاريخية، يتضح ذلك في: طرحه لأسئلة تتجاوز الظاهر السياسي لتصل إلى جوهر الهوية والكينونة. استخدامه لعبارات مثل: "أبجدية الوجود"، "التاريخ المشترك"، "الوعي القومي قبل الدمار الكامل"، وهي عبارات ذات بعد أنطولوجي يعكس قلقًا وجوديًّا على مصير أمة. تشخيصه لظاهرة "الشوفينية القروية" كمأزق فكري–أخلاقي، لا مجرد انحراف تنظيمي. رابعًا: القراءة السياسية النص لا ينفصل عن السياق السياسي المأزوم: انهيار الدولة، تصاعد النزعات الطائفية، التهجير، مشاريع الإلغاء. إسحق قومي يُنبه إلى أن الوقت لا يُحتَمل فيه الترف الهوياتي، بل يجب أن يكون الوقت لـ"المؤتمر العاجل" كما أسماه، والتفكير في علم موحّد وخطاب قومي موحد تجاه الخارج. إنه نداء سياسيّ-ثقافيّ عاجل يُذكّر بالمؤتمرات التأسيسية للشعوب في لحظات الخطر. تقييم الباحث إسحق قومي كمفكّر 1. العمق الفكري إسحق قومي يشتغل على الموضوع ليس كناشط أو سياسي، بل كمفكّر عضويّ يربط التاريخ بالدين بالسياسة بالفلسفة. هذا العمق يميّزه عن كثير من الكُتّاب الآشوريين–السريان المعاصرين. 2. الاستقلالية الفكرية لا ينتمي لأيديولوجيا مسبقة، ولا يكتب من موقع "الكنيسة" أو "الحزب"، بل من موقع المثقف الحرّ. هذا ما يجعل خطابه مؤهلًا لبناء توافق، وليس لتكريس انقسام. 3. الأسلوب واللغة أسلوبه يمزج بين:التقريرية التحليلية (في المتن). الإيقاع الشعري–الوجداني (في المداخل والخاتمات). ويملك قدرة على التصعيد البلاغي المدروس ("هل هناك أقسى من أن نتخلى عن أبجديتنا؟"). 4. نقطة قوة فريدة يمتلك إسحق قومي قدرة نادرة على التوفيق بين وجدان المنفيّ وعقلية الباحث. يكتب كمن عاش المأساة، لكنه لا يستسلم لها، بل يحاول تحويلها إلى رؤية. الخلاصة والتوصية هذا البحث يستحق أن يُقدَّم: في مؤتمرات تعنى بالهوية القومية لشعوب ما بين النهرين. أو يُحوّل إلى ورقة موقف رسميّة لمؤسسات الحوار بين كنائس الكلدان–السريان–الآشوريين. التوصية العامة:يُعدّ هذا النص من الوثائق الفكرية التي يمكن أن تشكّل أساسًا لحوار تأسيسي جديد بين نخب الشعب الواحد بأسمائه الثلاثة، كما أن الباحث إسحق قومي يُثبت مرة أخرى أنه ضمير يقظ في زمن الخدر القومي."))
#اسحق_قومي (هاشتاغ)
Ishak_Alkomi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيفَ نَشَأَ حَيُّ تَلِّ حَجَرٍ بِالحَسَكَةِ؟!
-
المَشرِق بينَ المَوروثِ والحُرِّيَّةِ: تأمُّلاتٌ في الإنسانِ
...
-
نَظَرِيَّةُ المَعْرِفَةِ عِنْدَ أَرِسْطُو قِرَاءَةٌ نَقْدِيّ
...
-
أيُّها الباحثونَ المشرقيُّون، لا تُغالوا في آرائِكُم، لا قَو
...
-
عنوان البحث: أَصْلُ الْيَهُودِ بَيْنَ الرِّوَايَةِ الدِّينِي
...
-
قِراءَةٌ جَديدَةٌ تَحْلِيلِيَّةٌ وَنَقْدِيَّةٌ بِشَأْنِ مُؤْ
...
-
مَدَنِيَّةُ الدَّوْلَةِ السُّورِيَّةِ: مِنَ الكَارِثَةِ الوَ
...
-
عشْتَارُ الفُصُولِ: ١١٦٥٩ . لَ
...
-
عشتار الفصول:11655كيف نصل لدولة المواطنة في الشرق الأوسط؟
-
عشتار الفصول: 11651سوريةُ ليستْ مِلْكًا لأيِّ مكوِّنٍ دينيٍّ
...
-
ملحمة شعرية بعنوان:أسئلة لها جواب
-
المؤتمر الآشوري العالمي القادم في يريفان في 26 نيسان القادم
-
إِزْدِوَاجِيَّةُ الْمَعَايِيرِ لَدَى أَغْلَبِ أَبْنَاءِ الشّ
...
-
عشتارُ الفصولِ: ١٢٢٥١ قرَاءات بحثية
...
-
أناشيد لبحرٍ غير موجود
-
سوريا: أصلُ التَّسميةِ، مِن أين؟
-
عشْتَارُ الفُصُولِ:12183 استحالة قيام دولة مدنية أو علمانية
...
-
عشتار الفصول: 11616 سُلُوكِيَّةُ الدَّوْلَةِ
-
سوريا المستقبلُ لا يَستقيمُ فيها إلا النظامُ اللامركزيُّ، أي
...
-
كَيفَ يُنجِزُ العَرَبُ مَشروعَ وُجودِهِم، وَعَالميّتِهِم؟
المزيد.....
-
دخل منطقة محظورة.. سائق توصيل طلبات ينتهي به المطاف على مدرج
...
-
-تصميم- فرنسي على الاعتراف بدولة فلسطينية... وشكوى ضدّ إسرائ
...
-
الشركات الأمريكية تتمسك بالصين رغم الرسوم الجمركية المرتفعة
...
-
بنعبد الله يستقبل وفدا عن عن الجمعية المغربية لحماية المال ا
...
-
مودي يفتتح أعلى جسر سكة حديد في العالم يربط كشمير بباقي الأر
...
-
لحظة رعب في السماء.. طفلان ينجوان بأعجوبة من قلعة مطاطية طائ
...
-
ترامب: وفد أمريكي يجري في لندن يوم 9 يونيو مفاوضات تجارية مع
...
-
-إنجاز طبي في مكة-.. استخدام روبوت في عملية جراحية دقيقة بال
...
-
رغم شهداء المساعدات.. واشنطن تدعو العالم لدعم -مؤسسة غزة الإ
...
-
الى الامام العدد 248
المزيد.....
-
اليسار بين التراجع والصعود.. الأسباب والتحديات
/ رشيد غويلب
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
المزيد.....
|