أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - المختار من الفتوحات المكية (14) محيي الدين بن عربي















المزيد.....

المختار من الفتوحات المكية (14) محيي الدين بن عربي


محمد بركات

الحوار المتمدن-العدد: 8417 - 2025 / 7 / 28 - 04:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


• فاحمدوا الله يا إخواننا حيث جعلكم الله ممن قرع سمعه أسرار الله المخبوة في خلقه التي اختص الله بها من شاء من عباده فكونوا لها قابلين مؤمنين بها ولا تحرموا التصديق بها فتحرموا خيرها قال أبو يزيد البسطامي وهو أحد النواب لأبي موسى الدبيلي يا أبا موسى إذا رأيت من يؤمن بكلام أهل هذه الطريقة فقل له يدعو لك فإنه مجاب الدعوة.
• واعلم أن رجال الله في هذه الطريقة هم المسمون بعالم الأنفاس وهو اسم يعم جميعهم وهم على طبقات كثيرة وأحوال مختلفة فمنهم من تجمع له الحالات كلها والطبقات ومنهم من يحصل من ذلك ما شاء الله وما من طبقة إلا لها لقب خاص من أهل الأحوال والمقامات التي يظهرون عليها في قوله ومَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ كل طائفة في جنسها ومنهم من يحصره عدد في كل زمان ومنهم من لا عدد له لازم فيقلون ويكثرون ولنذكر منهم أهل الأعداد ومن لا عدد لهم بألقابهم إن شاء الله تعالى
[الأقطاب]
فمنهم رضي الله عنهم الأقطاب وهم الجامعون للأحوال والمقامات بالأصالة أو بالنيابة كما ذكرنا وقد يتوسعون في هذا الإطلاق فيسمون قطبا كل من دار عليه مقام ما من المقامات وانفرد به في زمانه على أبناء جنسه وقد يسمى رجل البلد قطب ذلك البلد وشيخ الجماعة قطب تلك الجماعة ولكن الأقطاب المصطلح على أن يكون لهم هذا الاسم مطلقا من غير إضافة لا يكون منهم في الزمان إلا واحد وهو الغوث أيضا وهو من المقربين وهو سيد الجماعة في زمانه, ومنهم من يكون ظاهر الحكم ويحوز الخلافة الظاهرة كما حاز الخلافة الباطنة من جهة المقام كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والحسن ومعاوية بن يزيد وعمر بن عبد العزيز والمتوكل، ومنهم من له الخلافة الباطنة خاصة ولا حكم له في الظاهر كأحمد بن هارون الرشيد السبتي وكأبي يزيد البسطامي، وأكثر الأقطاب لا حكم لهم في الظاهر
[الأئمة]
ومنهم رضي الله عنهم الأئمة ولا يزيدون في كل زمان على اثنين لا ثالث لهما الواحد عبد الرب والآخر عبد الملك والقطب عبد الله قال تعالى وأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ الله يعني محمدا صلى الله عليه وسلم فلكل رجل اسم إلهي يخصه به يدعى عند الله ولو كان اسمه ما كان. فالأقطاب كلهم عبد الله والأئمة في كل زمان عبد الملك وعبد الرب وهما اللذان يخلفان القطب إذا مات وهما للقطب بمنزلة الوزيرين الواحد منهم مقصور على مشاهدة عالم الملكوت والآخر مع عالم الملك.
[الأوتاد]
ومنهم رضي الله عنهم الأوتاد وهم أربعة في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون رأينا منهم شخصا بمدينة فاس يقال له ابن جعدون كان ينخل الحناء بالأجرة الواحد منهم يحفظ الله به المشرق وولايته فيه والآخر المغرب والآخر الجنوب والآخر الشمال والتقسيم من الكعبة وهؤلاء قد يعبر عنهم بالجبال لقوله تعالى أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً والْجِبالَ أَوْتاداً فإنه بالجبال سكن ميد الأرض كذلك حكم هؤلاء في العالم حكم الجبال في الأرض وإلى مقامهم الإشارة بقوله تعالى عن إبليس ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ من بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ومن خَلْفِهِمْ وعَنْ أَيْمانِهِمْ وعَنْ شَمائِلِهِمْ فيحفظ الله بالأوتاد هذه الجهات وهم محفوظون من هذه الجهات فليس للشيطان عليهم سلطان إذ لا دخول له على بنى آدم إلا من هذه الجهات وأما الفوق والتحت فربما يكون للستة التي نذكر أمرهم بعد هذا إن شاء الله وكل ما نذكره من هؤلاء الرجال باسم الرجال فقد يكون منهم النساء ولكن يغلب ذكر الرجال قيل لبعضهم كم الأبدال فقال أربعون نفسا فقيل له لم لا تقول أربعون رجلا فقال قد يكون فيهم النساء.
[الأبدال]
ومنهم رضي الله عنهم الأبدال وهم سبعة لا يزيدون ولا ينقصون يحفظ الله بهم الأقاليم السبعة لكل بدل إقليم فيه ولايته الواحد منهم على قدم الخليل عليه السلام وله الإقليم الأول وأسوقهم على الترتيب إلى صاحب الإقليم السابع والثاني على قدم الكليم عليه السلام والثالث على قدم هارون والرابع على قدم إدريس والخامس على قدم يوسف والسادس على قدم عيسى والسابع على قدم آدم على الكل السلام وهم عارفون بما أودع الله سبحانه في الكواكب السيارة من الأمور والأسرار في حركاتها ونزولها في المنازل المقدرة. و لكل صفة إلهية رجل من هؤلاء الأبدال بها ينظر الحق إليهم وهي الغالبة عليه وما من شخص إلا وله نسبة إلى اسم إلهي منه يتلقى ما يكون عليه من أسباب الخير وهم بحسب ما تعطيه حقيقة ذلك الاسم الإلهي من الشمول والإحاطة فعلى تلك الموازنة يكون علم هذا الرجل.
وسموا هؤلاء أبدالا لكونهم إذا فارقوا موضعا ويريدون أن يخلفوا بدلا منهم في ذلك الموضع لأمر يرونه مصلحة وقربة يتركوا به شخصا على صورته لا يشك أحد ممن أدرك رؤية ذلك الشخص أنه عين ذلك الرجل وليس هو بل هو شخص روحاني يتركه بدله بالقصد على علم منه فكل من له هذه القوة فهو البدل ومن يقيم الله عنه بدلا في موضع ما ولا علم له بذلك فليس من الأبدال المذكورين وقد يتفق ذلك كثيرا عايناه ورأيناه ورأينا هؤلاء السبعة الأبدال بمكة لقيناهم خلف حطيم الحنابلة وهنالك اجتمعنا بهم فما رأيت أحسن سمتا منهم وكنا قد رأينا منهم موسى السدراني بإشبيلية سنة ست وثمانين وخمسمائة وصل إلينا بالقصد واجتمع بنا ورأينا منهم شيخ الجبال محمد بن أشرف الرندي ولقي منهم صاحبنا عبد المجيد بن سلمة شخصا اسمه معاذ بن أشرس كان من كبارهم وبلغني سلامه علينا سأله عبد المجيد هذا عن الأبدال بما ذا كانت لهم هذه المنزلة فقال بالأربعة التي ذكرها أبو طالب المكي يعني الجوع والسهر والصمت والعزلة.
[النقباء]
ومنهم رضي الله عنهم النقباء وهم اثنا عشر نقيبا في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون على عدد بروج الفلك الاثني عشر برجا كل نقيب عالم بخاصية كل برج وبما أودع الله في مقامه من الأسرار والتأثيرات وما يعطي للنزلاء فيه من الكواكب السيارة والثوابت فإن للثوابت حركات وقطعا في البروج لا يشعر به في الحس لأنه لا يظهر ذلك إلا في آلاف من السنين وأعمار أهل الرصد تقصر عن مشاهدة ذلك واعلم أن الله قد جعل بأيدي هؤلاء النقباء علوم الشرائع المنزلة ولهم استخراج خبايا النفوس وغوائلها ومعرفة مكرها وخداعها وأما إبليس فمكشوف عندهم يعرفون منه ما لا يعرفه من نفسه وهم من العلم بحيث إذا رأى أحدهم أثر وطأة شخص في الأرض علم أنها وطأة سعيد أو شقي مثل العلماء بالآثار والقيافة وبالديار المصرية منهم كثير يخرجون الأثر في الصخور وإذا رأوا شخصا يقولون هذا الشخص هو صاحب ذلك الأثر ويكون كذلك وليسوا بأولياء الله فما ظنك بما يعطيه الله هؤلاء النقباء من علوم الآثار.
• [الأولياء الذين هم على قلب آدم]
ومنهم رضي الله عنهم ثلاثمائة نفس على قلب آدم عليه السلام في كل زمان لا يزيدون ولا ينقصون. فاعلم إن معنى
قول النبي عليه السلام في حق هؤلاء الثلاثمائة إنهم على قلب آدم
وكذلك قوله عليه السلام في غير هؤلاء ممن هو على قلب شخص من أكابر البشر أو الملائكة إنما معناه إنهم يتقلبون في المعارف الإلهية تقلب ذلك الشخص إذ كانت واردات العلوم الإلهية إنما ترد على القلوب فكل علم يرد على قلب ذلك الكبير من ملك أو رسول فإنه يرد على هذه القلوب التي هي على قلبه وربما يقول بعضهم فلان على قدم فلان وهو بهذا المعنى نفسه وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هؤلاء الثلاثمائة أنهم على قلب آدم
وما ذكر صلى الله عليه وسلم أنهم ثلاثمائة في أمته فقط أو هم في كل زمان، وما علمنا أنهم في كل زمان إلا من طريق الكشف وأن الزمان لا يخلو عن هذا العدد.
• [الأولياء الذين هم على قلب جبريل]
ومنهم رضي الله عنهم خمسة على قلب جبريل عليه السلام لا يزيدون ولا ينقصون في كل زمان ورد بذلك الخبر المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هم ملوك أهل هذه الطريقة لهم من العلوم على عدد ما لجبريل من القوي المعبر عنها بالأجنحة التي بها يصعد وينزل لا يتجاوز علم هؤلاء الخمسة مقام جبريل وهو الممد لهم من الغيب ومعه يقفون يوم القيامة في الحشر
[الأولياء الذين هم على قلب ميكائيل]
ومنهم رضي الله عنهم ثلاثة على قلب ميكائيل عليه السلام لهم الخير المحض والرحمة والحنان والعطف والغالب على هؤلاء الثلاثة البسط والتبسم ولين الجانب والشفقة المفرطة ومشاهدة ما يوجب الشفقة ولا يزيدون ولا ينقصون في كل زمان ولهم من العلوم على قدر ما لميكائيل من القوي.
• [رجال القوة الإلهية]
ومنهم رضي الله عنهم ثمانية رجال يقال لهم رجال القوة الإلهية آيتهم من كتاب الله أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ لهم من الأسماء الإلهية ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ جمعوا ما بين علم ما ينبغي أن تعلم به الذات الواجبة الوجود لنفسها من حيث هي وبين علم ما ينبغي أن يعلم به من حيث ما هي إله فقدمها عزيز في المعارف لا تأخذهم في الله لومة لائم وقد يسمون رجال القهر لهم همم فعالة في النفوس وبهذا يعرفون كان بمدينة فاس منهم رجل واحد يقال له أبو عبد الله الدقاق كان يقول ما اغتبت أحدا قط ولا اغتيب بحضرتي أحد قط ولقيت أنا منهم ببلاد الأندلس جماعة لهم أثر عجيب وكل معنى غريب وكان بعض شيوخي منهم
[رجال القوة واللين]
ومن نمط هؤلاء رضي الله عنهم خمسة رجال في كل زمان أيضا لا يزيدون ولا ينقصون هم على قدم هؤلاء الثمانية في القوة غير أن فيهم لينا ليس للثمانية وهم على قدم الرسل في هذا المقام قال تعالى فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً وقال تعالى فَبِما رَحْمَةٍ من الله لِنْتَ لَهُمْ فهم مع قوتهم لهم لين في بعض المواطن وأما في العزائم فهم في قوة الثمانية على السواء ويزيدون عليهم بما ذكرناه مما ليس للثمانية وقد لقينا منهم رضي الله عنهم وانتفعنا بهم
[رجال الحنان والعطف الإلهي]
ومنهم رضي الله عنهم خمسة عشر نفسا هم رجال الحنان والعطف الإلهي آيتهم من كتاب الله آية الريح السليمانية تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ لهم شفقة على عباد الله مؤمنهم وكافرهم ينظرون الخلق بعين الجود والوجود لا بعين الحكم والقضاء لا يولي الله منهم قط أحدا ولاية ظاهرة من قضاء أو ملك لأن ذوقهم ومقامهم لا يحتمل القيام بأمر الخلق فهم مع الحق في الرحمة المطلقة التي قال الله فيها ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شيء لقيت منهم جماعة وماشيتهم على هذا القدم وانتقلت منهم إلى الخمسة التي ذكرناهم آنفا فإن مقام هؤلاء الخمسة بين رجال القوة ورجال الحنان فجمعت بين الطرفين فكانت واسطة العقد وهي الطائفة التي تصلح لهم ولاية الأحكام في الظاهر وهاتان الطائفتان رجال القوة ورجال الحنان لا يكون منهم وال أبدا أمور العباد ولا يستخلف منهم أحد جملة واحدة.
• وأما رجال عالم الأنفاس رضي الله عنهم فإنا أذكرهم وهم على قلب داود عليه السلام ولا يزيدون ولا ينقصون في كل زمان وإنما نسبناهم إلى قلب داود وقد كانوا موجودين قبل ذلك بهذه الصفة فالمراد بذلك أنه ما تفرق فيهم من الأحوال والعلوم والمراتب اجتمع في داود ولقيت هؤلاء العالم كلهم ولازمتهم وانتفعت بهم وهم على مراتب لا يتعدونها بعدد مخصوص لا يزيد ولا ينقص وأنا ذاكرهم إن شاء الله تعالى.
[رجال الغيب العشرة]
فمنهم رضي الله عنهم رجال الغيب وهم عشرة لا يزيدون ولا ينقصون هم أهل خشوع فلا يتكلمون إلا همسا لغلبة تجلى الرحمن عليهم دائما في أحوالهم قال تعالى وخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً وهؤلاء هم المستورون الذين لا يعرفون خبأهم الحق في أرضه وسمائه فلا يناجون سواه ولا يشهدون غيره يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً دأبهم الحياء إذا سمعوا أحدا يرفع صوته في كلامه ترعد فرائصهم ويتعجبون وذلك أنهم لغلبة الحال عليهم يتخيلون أن التجلي الذي أورث عندهم الخشوع والحياء يراه كل أحد.
• [رجال الله الذين لا يتقيدون بعدد والأسرار والعلوم التي يختصون بها]
[الملامية سادات أهل طريق الله]
فمنهم رضي الله عنهم الملامية وقد يقولون الملامتية وهي لغة ضعيفة وهم سادات أهل طريق الله وأئمتهم وسيد العالم فيهم ومنهم وهو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم الحكماء الذين وضعوا الأمور مواضعها وأحكموها وأقروا الأسباب في أماكنها ونفوها في المواضع التي ينبغي أن تنفى عنها ولا أخلوا بشيء مما رتبه الله في خلقه على حسب ما رتبوه فما تقتضيه الدار الأولى تركوه للدار الأولى وما تقتضيه الدار الآخرة تركوه للدار لآخرة فنظروا في الأشياء بالعين التي نظر الله إليها لم يخلطوا بين الحقائق فإنه من رفع السبب في الموضع الذي وضعه فيه واضعه وهو الحق فقد سفه واضعه وجهل قدره ومن اعتمد عليه فقد أشرك وألحد وإلى أرض الطبيعة أخلد فالملامتية قررت الأسباب ولم تعتمد عليها فتلامذة الملامتية الصادقون يتقلبون في أطوار الرجولية وتلامذة غيرهم يتقلبون في أطوار الرعونات النفسية فالملامية مجهولة أقدارهم لا يعرفهم إلا سيدهم الذي حاباهم وخصهم بهذا المقام ولا عدد يحصرهم بل يزيدون وينقصون.
[الفقراء الذين يفتقرون إلى الله على الإطلاق]
ومنهم رضي الله عنهم الفقراء ولا عدد يحصرهم أيضا بل يكثرون ويقلون قال تعالى تشريفا لجميع الموجودات وشهادة لهم يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله فالفقراء هم الذين يفتقرون إلى كل شيء من حيث إن ذلك الشيء هو مسمى الله فإن الحقيقة تأبى أن يفتقر إلى غير الله وقد أخبر الله أن الناس فقراء إلى الله على الإطلاق والفقر حاصل منهم فعلمنا إن الحق قد ظهر في صورة كل ما يفتقر إليه فيه فلا يفتقر إلى الفقراء إلى الله بهذه الآية شيء وهم يفتقرون إلى كل شيء فالناس محجوبون بالأشياء عن الله وهؤلاء السادة ينظرون الأشياء مظاهر الحق تجلى فيها لعباده حتى في أعيانهم فيفتقر الإنسان إلى سمعه وبصره وجميع ما يفتقر إليه من جوارحه وإدراكاته ظاهرا وباطنا وقد أخبر الحق في الحديث الصحيح أن الله سمع العبد وبصره ويده فما افتقر هذا الفقير إلا إلى الله في افتقاره إلى سمعه وبصره فسمعه وبصره إذا مظهر الحق ومجلاه وكذلك جميع الأشياء بهذه المثابة فما ألطف سريان الحق في الموجودات وسريان بعضها في بعض وهو قوله سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الْآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ فالآيات هنا دلالات إنها مظاهر للحق فهذا حال الفقراء إلى الله لا ما يتوهمه من لا علم له بطريق القوم.
[الصوفية الذين هم أهل التخلق والتحقق]
ومنهم رضي الله عنهم الصوفية ولا عدد لهم يحصرهم بل يكثرون ويقلون وهم أهل مكارم الأخلاق يقال من زاد عليك في الأخلاق زاد عليك في التصوف مقامهم الاجتماع على قلب واحد أسقطوا الياءات الثلاثة فلا يقولون لي ولا عندي ولا متاعي أي لا يضيفون إلى أنفسهم شيئا أي لا ملك لهم دون خلق الله فهم فيما في أيديهم على السواء مع جميع ما سوى الله مع تقرير ما بأيدي الخلق للخلق لا يطلبونهم بهذا المقام
فالصوفية هم الذين حازوا مكارم الأخلاق ثم إنهم رضي الله عنهم علموا إن الأمر يقتضي أن لا يقدر أحد على إن يرضي عباد الله بخلق وإنه مهما أرضى زيدا ربما أسخط عمرا فلما رأوا أن حصول مقام عموم مكارم الأخلاق مع الجميع محال نظروا من أولى أن يعامل بمكارم الأخلاق ولا يلتفت إلى من يسخطه ذلك لم يجدوا إلا الله وأحباءه من الملائكة والبشر المطهر من الرسل والأنبياء وأكابر الأولياء من الثقلين فالتزموا مكارم الأخلاق معهم ثم أرسلوها عامة في سائر الحيوانات والنباتات وما عدا أشرار الثقلين والذي يقدرون عليه من مكارم الأخلاق مما أبيح لهم أن يصرفوه مع أشرار الثقلين فعلوه وبادروا إليه وهو على الحقيقة ذلك الخلق مع الله إلا في إقامة الحدود إذا كانوا حكاما وأداء الشهادات إذا تفرضت عليهم فاعلم ذلك



#محمد_بركات (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المختار من الفتوحات المكية (13) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (12) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (11) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (10) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (9) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (8) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (7) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (6) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (5) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (4) محيي الدين بن عربي
- لقاء محيي الدين بن عربي بابن رشد في قرطبة
- المختار من الفتوحات المكية (3) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية (2) محيي الدين بن عربي
- المختار من الفتوحات المكية محيي الدين بن عربي (1)
- ما هي العبادة المظلمة التي لا يبالي الله بها
- روض الرياحين من حكايات الصالحين (1)
- تعلم فن الكتابة (1)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (6)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (5)
- التفسير الصوفي الفلسفي للقرآن الكريم (4)


المزيد.....




- شاهد.. إعدامات في السويداء وسط تصاعد العنف الطائفي وتكميم ال ...
- الطائفة السامرية: فسيفساء دينية تزين نابلس
- طهران تعتقل يهوديين أمريكيين من أصول إيرانية بتهمة التجسس لص ...
- إسبانيا.. اكتشاف كنيس قديم يعيد كتابة التاريخ اليهودي المبكر ...
- حاخامات يهود.. على “إسرائيل” وقف التجويع والقتل في غزة
- مئات الحاخامات اليهود يطالبون إسرائيل بوقف التجويع وقتل المد ...
- طهران وكابول تطالبان بعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الاسلام ...
- اقــــرأ: ثلاثية الفساد.. الإرهاب.. الطائفية
- طهران وكابول تطالبان بعقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الاسلام ...
- إسرائيل تجدد إبعاد مفتي القدس والديار الفلسطينية عن المسجد ا ...


المزيد.....

- علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب / حسين العراقي
- المثقف العربي بين النظام و بنية النظام / أحمد التاوتي
- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد بركات - المختار من الفتوحات المكية (14) محيي الدين بن عربي