أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاضل الخطيب - السارق والسرقة














المزيد.....

السارق والسرقة


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1817 - 2007 / 2 / 5 - 12:05
المحور: المجتمع المدني
    


السرقة هي نتيجةٌ وثمرةٌ للتقسيم الاجتماعي ولظهور الطبقات الاجتماعية, لأنه بدون الملكية الفردية لا توجد سرقة.
في المجتمعات القديمة(المشاعية البدائية) لم يكن موجود ملكية فردية, أو بالضبط لم يكن يملك أيّ شخص أيّ شيء, لهذا لم يكن للسرقة وجود, لأنه لا يمكن سرقة لا شيء.
طبعاً لم يكن الناس يعرفون أنهم لا يملكون شيئاً, ولهذا لم يكن مفهوم السرقة معروفاً للناس, ولكونهم ما كانوا يملكون شيئاً لذلك كانوا سعداءً لأنهم لم يكونوا يعرفون أنهم لا يملكون شيئاً, أي أنه بكلمة واحدة لم يكن في عصر المشاعية البدائية سرقة!

وبعد آلاف السنين وبعد ظهور التقسيم الاجتماعي الطبقي, صار من الصعب تقبّل واستيعاب هذه الحالة, بأنه للبعض يوجد شيء وللبعض الآخر لا يوجد شيء, وحاول الذي لا شيء له مساعدة نفسه, وحاول أولاً قتل من كان يملك شيء, وصار الذي لا شيء له _صار_ عنده(ملكه) شيء, وبعدها أخذ يشعر أنه قد يتم قتله من قبل الذي لا شيء له.
لهذا صار ورثة من عنده شيء يعطون قسماً من أشيائه إلى الآخرين كي يقوموا بحمايته(وظهر العساكر), أو توجّه مباشرة للذي يتوقع أنه سيقوم بقتله وأعطاه شيئاً(رشوة) كي يقوم الأخير بقتل إنسان آخر يملك شيئاً(وظهر القتل بالأجرة).

بعد قرون عديدة شعر الناس أنه من العبث قتل بعضهم بشكل يومي دائم, لذا كان يكفيهم في كل سنة مرة يقومون بالقتل أو كل عشر سنوات, وطبعاً كان ذلك بشكل جماعات لأنه صار الذين يجب قتلهم أكثر(وظهرت الحروب), وبين كل حربين متتاليتين كانوا يستخدمون طرقاً للسرقة(استعباد الخاسرين, الأتاوة, الجزية, نسبة من المحصول...).

وصار يُسمى السارق "حرامي", وبقي تعبير الحرامي تعبيرٌ وضيع, ويُقال أنه في السجون لا توجد علاقة ودّ بين الحرامية وبين القتلة من أجل السرقة.

ولا توجد للحرامية نقابة رسمية ولا جمعية لحماية مصالحهم, لكنه عندهم آلهة منذ قديم الزمان(اليونان, الرومان) أو ربما أنصاف آلهة في هذا الزمان(زعماء المافيا بما فيها السياسية).

ومما لا شكّ فيه أنه يجب التفريق بين الحرامية الصغار والكبار, وللسرقة درجات كثيرة, منها سرقة عادلة مثلاً عندما "روبين هود" أو أنا نقوم بالسرقة, وهناك سرقة غير عادلة وذلك عندما تتم السرقة من "روبين هود" أو منيّ أنا.

وعندما يقوم شخصٌ بسرقة شخص آخر يصرخ المسروق "امسكوه لقد سرقني", وعندما يفلت ويذهب بعيداً يقوم المسروق بالدعاء على السارق ويقول "ليكن مكانك جهنم وبئس المصير".

والطفل لا يسرق بل يأخذ شيئاً, وعندها نقوم بضربه على يديه حتى تؤلمه, وبعدها يُحسّ الطفل أنه يمكن السرقة بدون استخدام اليدين, كي لا يتم ضربه, وبعدها لن تكون عقوبته بضربه بالمسطرة على يديه بل بالسجن,
ويمكن سجن السارق عشر سنوات عقاباً على سرقة مليون ليرة, لكنه لا يمكن سجنه مئة سنة على سرقته عشرة ملايين ليرة, لأنهم يخافون أن يموت بالسجن والعقوبة لا يمكن لورثته أن يقوموا بإتمام تنفيذ مدتها!

والسرقة في النظام "الاشتراكي " تختلف عن السرقة في النظام الرأسمالي, في النظام "الاشتراكي" كثير من الناس تسرق قليلاً, وفي النظام الرأسمالي قليل من الناس يسرقون كثيراً, في النظام "الاشتراكي" للسرقة شكلين سرقة ما هو ملك الآخرين والشكل الثاني سرقة ملكية الدولة, وللحقيقة أن الأكثرية تسرق الشكل الثاني _أي الدولة_.
السرقة من شخص ما شيء وضيع وحقير, أما سرقة الدولة_مكان العمل_ فهو شجاعة وشطارة, وحتى هذه السرقة هل يمكن تسميتها "سرقة"؟
لأنه ما كان للدولة فهو للجميع(لنا نحن) وما هو للجميع(لنا نحن) فهو ملكي أنا(لي),
ومن يعود من عمله بحزمة من الدفاتر أو الأقلام أو ربما بدلات عمل ... فإنه يقوم بتوزيعها على أفراد أسرته وربما على أصدقائه, لأنه قد يحصل من أصدقائه على أشياء أخرى بالمقابل مما استطاعوا جلبه(سرقته) من أماكن عملهم,
بينما إذا سرق شخصٌ دجاجةً من عند جيرانه فمن غير المحتمل أن يقوم بدعوة جيرانه للعشاء من لحم الدجاجة التي سرقها من عندهم.

ومما لا شكّ فيه أنه بعد تحقيق أهداف الجبهة الوطنية التقدمية العظمى في سوريا والتي يحثوّا السير فيها ستفقد السرقة موضوعيتها ووجودها لأنه لن يكون حاجة لها, وربما تصبح السرقة عندنا في سوريا مجرد هواية شبيهة بالهوايات الرياضية والألعاب, وأعتقد أنه سيأتي يوماً قد نبادر فيه إلى إدخالها في برامج الألعاب الأولمبية والتي كل الدلائل تشير إلى أننا سنكتسح الجوائز فيها.

وخلال لقاءات دورية بين ممثلي جبهتنا الوطنية التقدمية العظمى وبين جماهيرها الأكثر تقدمية وعظمة قام الرفيق أحمد بطرح السؤال التالي: أين اختفى هذا وذاك وذلك من الأشياء العامة(ملكية الدولة)؟
وفي اللقاء الثاني بعد أسبوع قام الرفيق إبراهيم بطرح السؤال التالي: أين اختفى الرفيق أحمد؟

بودابست, 4 / 2 / 2007. د. فاضل الخطيب



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلمٌ غريبٌ في بلد إسمه سوريا
- نفاق الرفاق ديالكتيك العبد والقبضاي
- الحوار السياسي, هل نتعلمه؟
- تزمير وتثاؤب
- محطات ليست بعيدة عن السياسة
- من نظام الحزب الواحد إلى الديمقراطية! تجربة المجر
- -العبقرية-المجرية 15 مليون نسمة, 15 جائزة نوبل, مئة وخمسة و ...
- استنساخ, تماثيل والإبليس براميرتس
- أسئلة في الهواء وأجوبة جوفاء
- التخلف حاضنة الإرهاب الديني
- الأسد يتزحلق على قشور موز جمهوريته
- لبنان.. فاشية وبيانات دعم ودماء!
- الخطاب المتجدد من حرب حزيران حتى إعادة تدمير لبنان
- ثلاثة وجوه لفاشية واحدة, 3 في 1!
- المنجنيق الأسدي والمُسَّرحين من الخدمة وأشياء أخرى
- العلمانية الدين الدولة
- المجد لإبن رُشد وابن خلدون الأمازيغيين, لماذا يا عرب؟
- سورية, بلد الأرقام القياسية!
- غوبلز سوريا
- عمل الفحول


المزيد.....




- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يعرب عن قلقه إزاء تصاعد العنف فى ...
- الأونروا: وفاة طفلين في غزة بسبب ارتفاع درجات الحرارة مع تفا ...
- ممثلية إيران: القمع لن يُسكت المدافعين عن حقوق الإنسان
- الأمم المتحدة: رفع ملايين الأطنان من أنقاض المباني في غزة قد ...
- الأمم المتحدة تغلق ملف الاتهامات الإسرائيلية لأونروا بسبب غي ...
- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاضل الخطيب - السارق والسرقة