أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - فاضل الخطيب - العلمانية الدين الدولة















المزيد.....

العلمانية الدين الدولة


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1598 - 2006 / 7 / 1 - 11:01
المحور: ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع
    


العلمانية ـ الدين ـ الدولة.
عند الحديث عن هذه الثُلاثية المتداخلة في فكر وفلسفة منطقة الشرق الأوسط المتعدد القوميات والأديان, لابدّ أن نخرج قليلاً من جغرافية المنطقة, ولا بدّ أيضاً من تذكّر وعدم نسيان التاريخ والزمن الذي نعيشه, وهو الألفية الثالثة, كذلك لا بدّ من أخذ العِبر من تجربة أوربا, والتي استطاعت ومنذ قرون حلّ التناقض والصراع القائم بين العلمانية والدين, بين الدين والدولة, وبينها وبين التطور واستخدام العلوم في خدمة المجتمع والإنسانية!

ولا أريد طرح وجهة نظري حول الدين ـ أيّ دين ـ كعامل كابح في تطور المجتمع والانسان, لكنني لا بدّ أن أؤكد أن مجتمعاتنا ما زالت تحمل عبء التخلف, والذي أحد أسبابه الدين والنفوذ الديني.
إن مجتمعاتنا تحمل أيضاً بذور العلمانية والليبرالية, والتي هي أساس لتطور المجتمع واللحاق بركب الدول المتطورة!

ويعترف الكثير من المهتمين بهذا الشأن, أنه لا بدّ من فصل الدين عن الدولة لما فيه مصلحة للاثنين, ونحن في عصر يجب أن يبقى الدين ورجاله ضمن حدود العلاقة الروحية بين الانسان المؤمن وبين ربه.
وتثبت التجارب ـ لا سيما تجارب الدول المتطورة ـ أن الدين قادر على هدم نظام ما, لكنه غير قادر على بناء مجتمع ودولة عصرية, غير قادر على تلبية المتطلبات والحاجات الضرورية للتطور سواء كانت روحية أو فكرية أو اقتصادية.

لكن درجة تطور مجتمعاتنا قادرة يا تُرى على إعادة الدين إلى مكانه الطبيعي, قادرة على خلع مفهوم السلطة والحكم عنه, قادرة على خلع البدلة العسكرية عنه, قادرة على تسريح الإله من الخدمة العسكرية!

أسئلة صعبة والجواب عليها صعبٌ أيضاً, الجواب لا يكون إلاّ بالعلم والثقافة, بإعادة تأهيل وتربية الانسان, باعتبار الوطن والانتماء للوطن هو فوق كل المعتقدات الدينية واللا دينية والسياسية والقومية, وليكن كل منها ضمن إطاره ودوره وعلى أساس الدستور.

إن القمع الذي تعاني منه شعوبنا ومجتمعاتنا يُضعِف روح الانتماء الوطني, ويقوّي روح الشعور الديني, لأن الدين ـ الطائفة ومع الأسف تصبح الهوية مقابل هوية الوطن.

إن التطور الذي تعيشه الدول المتطورة كان نتيجة طبيعية لفصل الدين عن الدولة, ومخطئ من يعتقد أن التطور الحضاري في الدول الأوربية يرافقه انحلال أخلاقي وروحي.
إنني على قناعة أن القيم الروحية في أوربا والأخلاقية منها هي أرفع مستوى من مثيلاتها في دولنا المؤمنة, والفارق فقط هو أن مجتمعات أوربا صادقة وصريحة مع نفسها ومع أفرادها, بينما مجتمعاتنا يوّحدها النفاق والكذب.

والموقف من المرأة ودورها قضية رئيسية جداً في تطور أو تخلف أي مجتمع كان.إن الصراع النفسي الذي يعيشه الكثير من المتديّنين القادمين من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في أوربا يعطي صورة عن نفاق القيم التي تلاحقنا ونلاحقها.
يعيش الأوربيون ـ المتدينون منهم واللا دينيون ـ في مساواة تامة, وإيمان فرد أو عدم إيمانه لا تقدم ولا تؤخر في دور وعمل أي شخص كان, إنهم مؤمنون ببناء جنة على الأرض قبل بنائها في السماء!

ويُدرك الأوربيون المتدينون أن دينهم أو أديانهم ليست في خطر, وآلهتهم ليست بحاجة إلى غزوات لرفع كلمتها!
إن إله العصر الحديث هو العمل الشريف الخلاّق, هو احترام معتقدات الآخرين سواء كانت معتقدات دينية أو سياسية!
إله الأوربيون مرتاح أكثر بكثير من إله ـ آلهة الشرق الأوسط,
دول أوربا مرتاحة وتزدهر أكثر من دول الشرق الأوسط,
وإنسان أوربا مبدعٌ خلاّق ومتنوع أكثر بكثير من إنسان الشرق الأوسط.

المهمة الأساسية والممكن تحقيقها هي بناء حياة سعيدة كريمة على هذه الأرض, ومن يريد بناء جنته في السماء فليعمل من أجلها بشرط ألاّ يكون إجبارياً على الجميع بدخولها!

لا أريد إجبار أحداً أن يكون طبيباً أو يتداوى عند الطبيب, لكني أرفض أن يجبرني أحد على التداوي ببول البعير!
لا أريد إجبار أحداً أن يكون علمانياً أو لا دينياً, لكني أرفض أن يجبرني أحد على ممارسة شعائر دينية والتزامات لا قناعة لي بها!
لا أريد إجبار أحداً بضرورة استخدام أحدث التكنولوجيا, لكني أرفض أن يجبرني أحد على السفر للوطن على ظهر البعير!
لا أريد إجبار أحداً على دراسة السهروردي وابن رشد والحلاّج وماركيز وغيرهم, لكني أرفض أن يجبرني أحد على دراسة وتتبع خطى الغزالي والبوطي وأمثالهم!
لا أريد إجبار أحداً على خلع الحجاب, لكني أرفض أن يجبرني أحد على أجبر زوجتي وأختي وإبنتي وأمي بوضعه!
لا أريد إجبار أحداً على ترك دينه, لكني أرفض أن يُجبرني أحد للدخول في دين ما!

العصر الذي نحياه يجب أن نعيشه, يجب أن نكون منسجمين مع أخلاق وقوانين وأعراف البشرية المتمدنة, علاقات المساواة الإنسانية, العلاقات التي تضمن حرية الفرد وكرامته, والمرأة في هذا العصر ما عادت ـ وما كانت يوماً ـ عشر عورات والقبر ساترها, والموقف من المرأة هو الذي سيحدد إمكانية لحاقنا بركب الحضارة!

إننا بحاجة إلى وقفة شجاعة أمام أنفسنا, بحاجة تشغيل العقول وتمرينها حتى على التمرد, بحاجة إلى إعادة قراءة تاريخنا بما فيه الأجزاء الغير مُشرقة وغير مُشرّفة, بحاجة لإعادة قراءة كتبنا الدينية بدل ترتيلها, إننا بحاجة إلى إعادة تأهيل أنفسنا, كي نصبح بشراً ناساً بكل معنى الكلمة, كي لا نبقى مجرد كائنات حية فقط!

قناعتي أن الإنسان فوق كل المقدسات, ولا يوجد أقدس من الإنسان, وقد يكون مبكراً الحديث عن احترام البيئة والحيوان وكل ما يحيط بنا في هذا الكون!
في الدول المتطورة يعاقب بالسجن وبغرامة نقدية من يقوم بتعذيب حيوان, لأن التعذيب تعبير لا يستخدم ولا يفتخر به في أوربا وفي كل المجتمعات المتحضرة!

عدد آلهة منطقة الشرق الأوسط أكثر من عدد حكام القمع, فمثلاً في سوريا أكثر من عشرين ديناً ومذهباً وإلهاً, وفوق كل هذه الآلهة المتناحرة إله واحد أكثر قمعاً وبطشاً وجهلاً منها مجتمعة, هو الحاكم, بيده الملك والرزق, وكأن كل آلهة القمع السماوية والأرضية اجتمعت واتحدت ضد هذا الشعب الذي عليه أن يركع بعشرين جهة ولعشرين مذهباً ويعمل لنصرة عشرين إلهاً يتحارب على جنة وهمية وعلينا تقع مهمة بنائها!

وخلال تاريخ وعمر آلهتنا الكريمة, لم تُسعدنا ولم تعطينا حياة كريمة, فلنحاول نحن إسعاد هذه الآلهة من خلال تحملنا عبء شؤوننا وحلّها, ولنساعد آلهات الشرق الأوسط كي تلحق بركب آلهات أوربا,

فصل الدين عن الدولة يحفظ للدين مكانته البعيدة عن الصراعات السياسية اليومية المتقلبة, وموقف الأحزاب السياسية وصراعاتها يتغير دوماً, فما تطرحه اليوم قد تتركه غداً وهذا ليس جميل بالدين أن يمارس مثل هذا, لأن الدين يعتبره أتباعه أنه سماوي ومبادئه سامية مقدسة, وهذا سبب احترام الأوربيين للدين وعدم التدخل في شؤونه لأنه أي الدين لا يتدخل في الشؤون الغير دينية وهذا هو سبب أنه لا خطر عليه.
وقد يكون خير خاتمة ما قاله الأمير فخر الدين المعني الثاني مؤسس لبنان الحديث حيث قال:
"الدين لله والوطن للجميع", ونبقى ننتظر متى يعود الدين لله, ومتى يرجع الوطن للجميع! أو متى نُعيد الدين لله, ومتى نُرجع الوطن للجميع!
بودابست, 29 / 6 / 2006, د. فاضل الخطيب



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجد لإبن رُشد وابن خلدون الأمازيغيين, لماذا يا عرب؟
- سورية, بلد الأرقام القياسية!
- غوبلز سوريا
- عمل الفحول
- هوامش -حزيرانية- على دفتر مذكرات الجلب السورية
- الداروينية البعثية
- أصوات... صامتة
- الحركة الوطنية السورية, تبعثر أم تعثّر
- الأسد الورقي
- ربيع المعتقلات السوري
- السياسة في سورية
- لقاء بودابست, خطوة للأمام أم مراوحة في المكان
- العمال, أمس اليوم غداً
- الانتخابات البرلمانية الهنغارية
- محبة الأسدان وعَرَق الريّان!
- التاريخ يصنع مرة, ويكتب أكثر من مرة
- الأوكسيجين السوري
- الراية والنجوم
- ديالكتيك المذكر والمؤنث بين الثور والثورة!
- نوروز, عيد الكرد, عيد الربيع, نوروز عيد الجميع!


المزيد.....




- كاميرا مراقبة ترصد لحظة اختناق طفل.. شاهد رد فعل موظفة مطعم ...
- أردوغان وهنية يلتقيان في تركيا السبت.. والأول يُعلق: ما سنتح ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا القصف الإسرائيلي
- الدفاع الروسية تكشف خسائر أوكرانيا خلال آخر أسبوع للعملية ال ...
- بعد أن قالت إن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة.. أستاذة جا ...
- واشنطن تؤكد: لا دولة فلسطينية إلا بمفاوضات مباشرة مع إسرائيل ...
- بينس: لن أؤيد ترامب وبالتأكيد لن أصوت لبايدن (فيديو)
- أهالي رفح والنازحون إليها: نناشد العالم حماية المدنيين في أك ...
- جامعة كولومبيا تفصل ابنة النائبة الأمريكية إلهان عمر
- مجموعة السبع تستنكر -العدد غير المقبول من المدنيين- الذين قت ...


المزيد.....

- ما بعد الإيمان / المنصور جعفر
- العلمانية والدولة والدين والمجتمع / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع - فاضل الخطيب - العلمانية الدين الدولة