فاضل الخطيب
الحوار المتمدن-العدد: 1769 - 2006 / 12 / 19 - 10:30
المحور:
كتابات ساخرة
من قيادة منظمة الصاعقة "الفلسطينية البعثية السورية" في المجر إلى جريدة البعث العقائدية!
في الحكايا الشعبية يصفون "القبضاي" بـ "أبو علي", وهو رمز يمثل بطل الحكاية القوي البنية والذي لا يهاب شيء.
وفي سوريا ومنذ ثورة التصحيح, صار لكل دائرة حكومية أو حزبية أو عسكرية قبصاياً "أبو علي", ومن هم أدنى منه كانوا كالعبيد أمامه يتوسلون رضاه وطاعته, وكان هذا القبضاي الصغير عبداً أمام القبضاي الأكبر منه, وهكذا يتشكل الهرم الإداري والسياسي والعسكري السوري من أصغر مختار قرية حتى الربّان العظيم ـ يتشكل ـ من عبيد وقبضايات, وأكبر قبضاي يصبح عبداً عند عتبة قصر السباع, ولا تشذّ عن هذه القاعدة التصحيحية السفارات السورية وملحقاتها في الخارج.
وحتى نهاية الثمانينات من القرن الماضي كان في المجر منظمة للصاعقة ـ منظمة بعثية سورية فلسطينية ـ ولكون العالم صار قرية صغيرة, فقد ارتأى القبضايات أنه يمكن تحرير القدس بالمرور عبر بودابست, وكان يقود منظمة الصاعقة الزاعقة قبضاي ـ عبد قدير ينحدر من أسرة فيها قبضايات أكبر وعبيد أكثر, وأنعم الله ـ وهو المنعم ـ على حامل ورقة الدكتوراة الملهم بعلاقات تطعم في نضاله والنعم!
ولكوني لا أقرأ صحف النظام السوري إلاّ حين أرغب بالترويح عن النفس, والضحك المقرف عن وطن ينزف, وأقلام أميّة تلهث, ونضال الأصفار المزيّف, ولكوني أعرف جيداً السوريين المقيمين في المجر, ونضال بعضهم الذي لا يتعثّر, وأتباع وضباع وخرفان تتمختر, ولكوني لا أؤمن بالوجوه المستعارة, ولا بالقبضايات والعبيد في جوقة السفارة, ولأسباب كثيرة أخرى, لم أرغب أن أكتب عن نضالات لم تجلب سوى المرارة.
ومنذ فترة اتصل بي أكثر من سوري يعيش في بودابست ليخبرني عن احتفالات التصحيح والفحيح, والكذب والنفاق لما يسمى نضال الرفاق, وأقلام الارتزاق التي تبيع نفسها في الأسواق.
وقد نشرت جريدة البعث وبعنوان "المغتربون: التصحيح مفصل تاريخي.. حضور وكرامة وطن", والحقيقة أن التصحيح السوري كان مفصلاً تاريخياً من عمر سوريا وشعبها في القمع والنتع, في الفساد وقهر العباد...!
أما عن الحضور وكرامة الوطن فقد تكون احتفالاتهم هذا العام من أبأس احتفالاتهم وأشقاها, بالرغم من الدعوات المتكررة لأعوانهم للحضور فقد تأخر الاحتفال حوالي ساعة ونصف عن موعده حتى أعادوا الاتصالات بالكثير ـ للحضور للوليمة ـ إلى المطعم الذي حجزوه من ميزانية الشعب الذي يعتقلونه, وبقي القبضاي الكبير هنا "أبو علي الكبير" والقبضاي الصغير "أبو علي الصغير" ينتظرون الحضور.
ومن كلمة "المعلم الكبير" في المجر قال: "عن ذكرى قائد خالد نبيل عرف كيف ينقل سوريا من حقبة إلى حقبة مغايرة", وصدق الرجل بما قال لأن الحقبة التصحيحية كانت وما زالت أكثر الحقب دموية وفساد وتفريط بالأرض والقيم.
وكان تقدير الحضور كبيراً للرجل الأول حيث قطع زيارته شبه الدائمة لإحدى نسائه أو ما ملكت يمينه في إحدى الدول الأوروبية وجاء للاحتفال, ويعرف الكثير من السوريين في المجر أن القبضاي حضر كدبلوماسي كبير قبل حوالي أربعة أشهر, وفترة وجوده المتقطع على رأس عمله لا تزيد عن شهر واحد, لأنه يتجول في الدول التي تعيش فيها نساءه وحبايبه حتى سماه البعض زوربا اليوناني! وكان أول إجراء قام فيه هو تغيير مبنى السفارة والذي كلّف الخزينة حوالي نصف مليون دولار نظيف, وبهذا أثبت أنه قبضاي لأنه كان قديماً مديراً لمكتب قبضاي أكبر في سوريا!
ولكونه لا يوجد ولا رفيق بعثي في قيادة الجالية السورية ـ لم ينجح أي مرشح لهم في الانتخابات ـ لذلك لم تدعى الجالية السورية بشكل رسمي, بل كانت الدعوات فردية شخصية, وحيث يوجد في بودابست أكثر من ستين طبيباً لم يحضر منهم إلى احتفال التصحيح والتنقيح سوى ستة أطباء, وللحقيقة أن أكثر الأطباء السوريون ناجحون في عملهم ومحترمون من محيطهم, ومن بين أكثر من ألف وثلاث مئة سوري هنا كان الحضور أقل من ثلاثين شخصاً بما فيهم موظفي السفارة ومسؤولي منظمة حزب الإمارة.
وعن مكان الاحتفال والذي وصفه مراسل البعث المسكين حيث قال "جرى في قاعة فسيحة وسط ساحة الأبطال في بودابست" وهي كذبة مضحكة حقاً للذين يعرفون بودابست ويعرفون المطعم الذي تمت فيه وليمتهم.
وعن تصريح بعض المغتربين السوريين "رجال الأعمال" فأعتذر عن التعليق لأنني أعرف كل واحد منهم, وأعرف أنه بعض الذين ذكرت تعليقاتهم لم يحضروا الاحتفال, وأعرف أن أحدهم لا يسمح له بدخول سوريا منذ أكثر من عشرين عاماً وتوفيت والدته ولم يستطع رؤيتها أو حضور جنازتها!! وأعرف أكثر من ذلك,
ويكفي التذكير أنه لم تحضر الجالية ولم يحضر رئيسها وهو طبيب وممثل في إحدى بلديات أحياء العاصمة بودابست, كما لم يحضر من خريجي الجامعات الموجودين في بودابست إلاّ القليل, فلماذا الكذب وذكر الحشود العربية والسورية في الاحتفال القميء!
ويذكر المراسل المسكين مرات عديدة اسم ساحة الأبطال مما يوحي للقارئ أن الاحتفال كان في الساحة التي تزينها تماثيل عظماء المجر خلال ألف عام ـ ربما خطر بباله أن ساحة الأبطال هنا تحتاج إلى تمثال للقائد الضرورة! ـ
الكثير من السوريين المقيمين في المجر يسخرون من المراسل "الصاعقي ـ البعثي" المسكين, مبروك عليك تصحيحك يا شاطر والله يرزقك يا حبيبي ويطول عمرك بين القبضايات والعبيد.
وتصحيح هذا العام كان أبأس من احتفالهم قبل سنتين حين قام أحد السوريين ـ وهو من رعايا النظام ـ بإهانة السفير آنذاك ومزّق ورقة "حسن سلوك" ورماها في وجه السفير وداس عليها, وكان قد حصل على تلك الشهادة من نفس السفير كثناء على سلوكه وولائه للنظام, ورغم ذلك أرسلت البرقيات التي تؤكد احتفال الحشد العربي العارم(عشرين شخصاً) المعبر عن الفرح والولاء الدائم لحامي الحمائم!
وعن رعاية السفارة والقائد الكبير والصغير للمغتربين يردد السوريون في المجر نكتة عن حقوق الإنسان في ظل راعي الأوطان رئيس كل الرؤساء وملك كل الملوك الرفيق أبو سليمان:
"بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد ولأسباب لا نعرفها قطعاً, يدخل النار, وبعد أسبوع من ذلك يسمع حارس الجنة قرع على أبواب الجنة, وينظر ليرى ثلاثة من أهل النار يريدون الدخول للجنة, فيقول لهم ما بكم؟ مكانكم في النار, ويرد عليه الثلاثة بصوت واحد: نحن أول فوج من الهاربين اللاجئين السياسيين!!"
#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟