أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001 - فاضل الخطيب - التخلف حاضنة الإرهاب الديني















المزيد.....

التخلف حاضنة الإرهاب الديني


فاضل الخطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1671 - 2006 / 9 / 12 - 10:16
المحور: ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001
    


أكثر المسلمين ليسوا متعصبين, وأكثر المتعصبين المسلمين ليسوا إرهابيين, لكن أكثر الإرهابيين في أيامنا هذه هم من المسلمين, وبفخر يقومون بأعمالهم تلك, وبفخر يعلنون انتماءهم للإسلام.
ويقف المسلمون بشكل عام موقفاً سلبياً وذلك عندما تربط وسائل الإعلام _خصوصاً الغربية منها_ الإرهاب بالإسلام.
ويتساءل الكثيرون وبحق, لماذا لا تربط وسائل الإعلام حركات إرهابية بالمسيحية مثل الجيش الإيرلندي أو منظمة الباسك ...., والجواب هو أن هذه الحركات صحيح أن أعضاءها مسيحيون, لكنهم لا يربطون عملهم بالدين المسيحي ولا يعتبرون عملهم توصيات وواجبات مسيحية!

لنطرح مجموعة من الأسئلة بتجرد وحيادية, هل يمكن اعتبار أسامة بن لادن والقاعدة بأنهم لا يمثلون الإسلام عندما يستندون إلى آيات وحجج دينية لأعمالهم, رغم أنه توجد حجج دينية تدحض مواقفهم تلك!

حرب بن لادن وأتباعه هي حرب الإسلام ضد الكفار, أي أنها حرب ضد أميركا كأكبر قوة في عالم الكفر, وغالباً ما يدعمون سياستهم هذه وحربهم هذه على معطيات وحجج تاريخية,
والمتعاطفين مع بن لادن هم أناس يفهمون أهدافه ويشعرون بمقاصده وإشاراته التاريخية!
ومن المفيد ملامسة بعض المفاصل الهامة المتعلقة بالإرهاب وحاضناته.

يربط الدول الغربية الشعور والانتماء الوطني-القومي, وبالنسبة لأمريكا يربط أبناءها مع بعضهم الانتماء للدولة. أما عند الدول الإسلامية فنلاحظ أن المسلمين قادرين على التفكير بأن الدولة لا تنقسم إلى ديانات ومجموعات طائفية, بل أن الدين يُشكّل دولاً وتجمعات بشرية! أي أن الانتماء الوطني أو القومي أقل وأضعف بكثير من الانتماء الديني الطائفي!
وحتى في اللغة العربية لا نجد كلمة العروبة كإنتماء إثني قديم, بل كان يُقال جزيرة العرب _وهذا ليس ضعفاً في اللغة العربية_ وحتى الخليفة عمر بن الخطاب قال ما معناه عندما خاطب العرب مرة "حافظوا واعترفوا بانتماآتكم ولا تكونوا كالبدوي الفلاح الذي سألوه عن أصله فيقول أنني من ذلك المكان الفلاني الموجود بالقرب من ذاك المكان"

وتأكيداً على غلبة الانتماء الديني على القومي-الوطني, نُذكّر بالحرب العراقية الإيرانية وما استعمله الفريقين من الحرب الدعائية ضد الآخر مستشهدين برموز وأشخاص يعود تاريخها إلى القرن السابع الميلادي, مثل معركة القادسية(637) أو كربلاء(680),
ورغم أن معركة القادسية كانت ضد الفرس وانتصر فيها العرب المسلمين, إلاّ أن الإيرانيين يعتبروها نصراً مسلماً ضد جيوش الملك الفارسي الكافر, أي أنها تقييمها من جانب إيران أيضاً على أساس معركة إسلام وكفّار.
والعراقيين والإيرانيين كل منهم يعتبرها نصراً تاريخياً له في حربه الدعائية ضد الآخر. صدّام اعتبرها نصراً للعرب على الفرس بينما اعتبرها الإيرانيين نصراً للإسلام على الكفّار وفي هذه الحالة صدّام وجيشه هم الكفار.!

وأسامة بن لادن ضمن هذا التفكير والمنطق يحارب عندما يصف جورج بوش بالفرعون ونائبه تشيني ووزير خارجيته باول بأنهم كالمغول الذين دمروا بغداد في حرب 1991 كما دُمرت في القرن 13 وُدمرت الخلافة العباسية على يد المغول.

عند الحديث عن الإرهاب والإرهابيين لا بدّ من محاولة التعرف على الأسس التي يرتكزون عليها والقوة التي تعطيهم القدرة على تنفيذ أعمالهم ومبرراتها,
مما لا شك فيه أنهم يبررون أعمالهم باستشهادات دينية من القرآن والحديث والسيرة, ولتنفيذ سياستهم وترويج فكرهم يستخدمون المساجد كوسيلة دعاية وتنظيم, والتي أعتى الديكتاتوريات لا تستطيع مراقبتها والتأثير فيها حسب ما ترغب, وحتى الأنظمة الديكتاتورية قامت بغض النظر عن تلك الأعمال, وساعدت هذا النهج كموقف سياسي وفكري ضد المعارضة الوطنية.
التعصب الإسلامي المتطرف موجود في دول مختلفة, وحتى في داخل الدولة الواحدة يمكن أن نجد عدة أشكال ومجموعات له, وقسم منها ينال الدعم الرسمي من الدولة لمحاربة مجموعة ما أو سياسة دولة أخرى, وتساعد هذه أو تلك الدولة هذه أو تلك المجموعات المتطرفة خدمة لأهدافها السياسية.

وإذا كان حرب هذه المجموعات المتطرفة من أجل رفع كلمة الله فيكون بالتالي المناهضين لهذه الحرب هم أعداء الله!
ويطرح نفسه السؤال التالي: هل يا ترى يُشكل الإسلام وحتى المتطرف منه شيء من التهديد للغرب؟ وللجواب على ذلك يمكن إيجاد أكثر من جواب على ذلك, فمنها أنه بعد سقوط الاتحاد السوفييتي وانحسار تأثير التنظيمات الشيوعية يعتبر الإسلام أن الغرب العدو الأول والخطر الأكبر, وهناك جواب قد يكون أن الإسلام أو المسلمين بما فيهم المتطرفين الراديكاليين هم بشكل عام أناس مسالمين محبي للسلم وأناس طيبين, لكنهم يقومون برد فعل على كل ظلم الغرب ضدهم, ولهذا يرى الغرب أن الإسلام عدو لهم لأن الغرب بحاجة لإيجاد عدو مفترض ليحل محل العدو السابق الاتحاد السوفييتي.
وقد يكون في هذا وذاك شيء من ملامسة الحقيقة, لكنه موقف خطير وخطر وخاطئ أيضاً.
وكثير من المسلمين يرغبون ويتمنون توطيد وتعميق العلاقة أكثر مع الغرب ويعتبرون مثل هذه علاقة هي تعميق للعلاقات الديمقراطية ومساعد على خلق المؤسسات الديمقراطية في البلدان الإسلامية, لكنه بين المسلمين الكثير _وليس فقط المتطرفين الراديكاليين منهم الذين يعتبروا أعداء الغرب وخطراً على الغرب لأنهم يريدون إيجاد عدو مفترض يجدوه في دول ومجتمعات الغرب.
وقد تكون حصلت بعض التغييرات في السنوات الأخيرة بالنسبة لهذا المفهوم وممارسة هذه السياسة وتكتيكها, وبينهم مازال البعض ينظر إلى الغرب كعدو تاريخي للإسلام وخاصة أميركا وقياداتها, وهم يعتقدون أن الحرب ضدهم مستمرة على أساس تعاليم الإسلام حتى النصر النهائي.
وهناك البعض الإسلامي الذي يؤمن أن الغرب فاسق والبديل يجب أن يكون الإسلام, لكنهم يعترفون ويدركون قدرة الغرب العلمية والتقنية, كما يدركون أن الحريات الاجتماعية وتطورها يعود فضله للغرب. هذه الفئة رغم ارتباطها وإيمانها وولائها للإسلام وثقافته لكنهم يحاولون بمساعدة الغرب العمل على إيجاد عالم أكثر حرية وتقدم!
وهناك فئة تدرك أن الغرب هو العدو الرئيسي وأن الغرب هو الفسق والكفر لكنهم يدركون قدرة الغرب ويحاولوا التأقلم مع الظروف الحالية بشكل مؤقت من أجل التحضير حتى تقوى شوكتهم وبعدها يستطيعون الانتصار على الغرب الكافر.
وقد يكون من غير الحكمة خلط المجموعة الثانية مع الثالثة!

وعودة للأسس التي يعتمد عليها المتطرفون, نجد أنه خلال الجزء الأكبر من عمر الإسلام أي منذ 14 قرناً, كان الجهاد هو الشعار والمحرك الرئيسي, إما لتمكين سلطة الإسلام أو لتوسيعه, حيث الاعتماد على مبدأ مقولة دار الإسلام ودار الحرب!

ومن أخطاء الغرب أنهم يدافعون ويدعمون ممارسات أنظمة في دول إسلامية وهم _أي الغرب_ لا يسمحوا بحدوثها في دولهم_دول الغرب_, ويبررون خرق حقوق الإنسان وحريته السياسية في الدول الإسلامية أو يتغاضوا عنها.
مثلاً في أحداث مدينة حماة السورية, كرد فعل على انتفاضة الإخوان المسلمين_بغض النظر عن مبرراتها أو عدمها_ قام النظام السوري الأسدي بقمع الحركة ليس بالغازات المسيلة للدموع وخراطيم الماء أو حتى باستخدام القناصة, وإنما استخدم المدفعية والدبابات وبعدها البلدوزرات, والتي راح ضحيتها كما يقال ما يقارب عشرون ألف إنسان وتدمير قسم كبير من المدينة!!
كذلك وقف الغرب متفرجاً على مجازر صبرا وشاتيلا.
ومجازر حماة لم تقم فقط أمريكا بإيقافها بل تبعها غزل أمريكي للرئيس حافظ الأسد, والذي قام بزيارته في دمشق بعد المجازر المذكورة وزير خارجيتها جيمس بيكر 11 مرة بين سبتمبر 1990 ويوليو 1992, وكريستوفر زار سورية 15 مرة من فبراير 1993 إلى فبراير 1996, والبرايت زارت سورية 4 مرات بين سبتمبر 1997 ويناير 2000, وحتى الرئيس كلينتون زار دمشق مرة والتقى مع الأسد مرتين في سويسرا.
من المشكوك فيه أن تقوم الإدارة الأمريكية بهذه السياسة مع رئيس دولة أوربية لو قام بما قام به نظام الأسد ودمر وقتل رعايا دولته الأوربية!!

ويعرف الراديكاليون المسلمون هذا الموقف الغير متوازي وغير متوازن من أمريكا ويعتبرونه أن الضحايا المسلمين في نظر أمريكا والغرب لا تستحق القيمة والموقف الإنساني منها ولا يستحقون الحقوق الإنسانية!!

ونتيجة طبيعية للسياسة الأمريكية الغبية هذه تراجع تأثير القوى الديمقراطية في المجتمعات الإسلامية, وحتى أولئك "الديمقراطيون" الذين يشاركون في الحكم ضعف موقفهم وتأثيرهم, لأن أفكارهم الديمقراطية تدعو للدفاع عن حريات المسلمين, وبالرغم أن الكثير من القوى الديمقراطية تدرك أن استلام السلطة من قبل الراديكاليين المسلمين لن يعاملوهم بالمثل(أي لن يعاملوا الديمقراطيين بحرية وديمقراطية).

إن قيام انتخابات حرة في الدول الإسلامية ليس بالضرورة يجلب الديمقراطية والتطور الاجتماعي, لكن هذا ليس سبباً لمغازلة الأنظمة الديكتاتورية والتغاضي عن جرائمها.

وإذا نظرنا إلى الدول الإسلامية بشكل عام فهي تعاني الفقر وكبت الحريات والقمع, ومن مصلحة الذين يريدون لفت الانتباه للخارج وتناسي أسباب الفقر والقمع ينظرون إلى أمريكا كسبب للمشكلتين, فهي-أمريكا- تستغل العالم ولهذا صارت غنية وقوية -وهنا يدخل مصطلح العولمة-, والثاني أن مصالح أمريكا مرتبطة مع الأنظمة القمعية التي تعطي تسهيلات لأمريكا وأمريكا تعطي دعم للأنظمة.

ومن مميزات الدول الإسلامية الارتفاع في معدلات زيادة السكان والتدني في إنتاجية العمل, وهذه إحدى أسباب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط, وارتفاع في نسبة العاطلين عن العمل, تخصص مهني متدمي, أزمة نفسية وفقدان الأمل لدى الشباب....
الاحصائيات عن مردود العمل في الدول الإسلامية تعطي مؤشرات مخيفة لتدنيها ضمن الانتاج الوطني, وقد تكون أفضلها تركيا وهي في المرتبة 23 وتركيا يقطنها قرابة 70 مليون وهي متشابهة مع نتائج النمسا والدانمارك والتي سكان كل منها حوالي خمسة ملايين نسمة, ومقارنة أندونيسيا والتي سكانها حوالي 220 مليون وترتيبها 28 شبيهة بالنرويج والذي يسكنها أقل من خمسة ملايين إنسان.
وبالنسبة للدول العربية أفضل مكانة تحتلها السعودية وترتيبها 29.
وإذا نظرنا لدخل الفرد الوسطي مقارنة بمستوى المعيشة يكون أفضل بلد مسلم هو قطر وتحتل المرتبة 23.
وفي مجال الانتاج الصناعي الأفضل السعودية وترتيبها 24 وبعدها أندونيسيا والنمسا.
وفي مجال الصناعات الخفيفة أول بلد عربي مصر وترتيبها 35 وهي قريبة من النرويج.
وبالنسبة لمتوسط عمر الفرد في الدول العربية الأفضل هي الكويت وترتيبها 32.
وإذا نظرنا إلى استخدام الكومبيوتر لكل 100 فرد من السكان يكون البلد المسلم الأول البحرين وترتيبها 30.
والشيء المخيف وقد يكون لب المشكلة(الثقافة) بيع الكتب وفي قائمة تتكون من 27 دولة أولها أمريكا وآخرها فيتنام لا توجد ولا دولة إسلامية أو عربية!!!
ومعطيات الأمم المتحدة لعام 2002 عن وضع الكتاب_والوضع لم يتحسن خلال السنوات القليلة الماضية- وعن الثقافة والترجمة للغة العربية يعطينا مؤشرات مرعبة "في العالم العربي يتم ترجمة 330 كتاب في السنة(وهذا يعتبر أقل بخمس مرات عن اليونان وحدها), ومنذ عهد المأمون_القرن التاسع الميلادي- مجموع الكتب المترجمة للعربية لا يتجاوز مئة ألف كتاب, وهذا ما يعادل عدد الكتب التي تترجمها أسبانيا للغتها في سنة واحدة"!!!
والمقارنة في المجال الاقتصادي لعام 1999 كانت مجموع ميزانيات الدول العربية 531 مليار دولار وهذا أقل من ميزانية دولة أوربية واحدة(أسبانيا 596 مليون دولار)!
أما عن الدراسات والبحوث العلمية والاختراعات فالوضع اكثر سوء, حيث الأمية والتخلف.
وحسب معطيات البنك الدولي لعام 2000 وتشمل الدول العربية والإسلامية من المغرب حتى بنغلادش كان دخل الفرد ما يعادل نصف معدل دخل الفرد في العالم.
وأرقام ومعطيات عام 1990 كان دخل الفرد في سوريا والأردن ولبنان مجتمعة أقل من دخل الفرد الإسرائيلي, والوضع الآن أكثر سوء بكثير, وكان دخل الفرد الإسرائيلي أكثر من دخل الفرد المصري بـ 13,5 مرة, والنظام السياسي في الدول العربية والإسلامية ليس أفضل من النظام العسكري أو الاقتصادي!!

وقد حاولت بعض الدول الإسلامية ممارسة الديمقراطية مثل تركيا وإيران, لكن نلاحظ كل المبادرات والمحاولات باءت بالفشل باستثناء تركيا_رغم قمعها للأكراد ومنعهم من حقوقهم القومية_, والبرلمانات والأحزاب التي ظهرت شبيهة بالغرب في دولنا كلها مليئة بالفساد وتعمل على تجهيل المجتمع وقمعه.
وقد تكون التجربة الحزبية الشبيهة بالأحزاب الغربية ألا وهي تجربة البعث في سوريا والعراق والتي استطاعت تحقيق بعض أهدافها من خلال نظام الحزب الواحد والديكتاتورية, وهذا الحزب ليس سوى خليط بين الفكر والنموذج النازي والسوفييتي وبأسوأ مفرزاتها وخواصها_أي أنه وحّد الفكر والممارسة النازية والسوفييتية_, وللآن لا يوجد ولا زعيم عربي واحد اعتمد أسلوب الانتخابات الحرة في الوصول للسلطة أو الاستمرار في الحكم!!
ومنظمة المؤتمر الإسلامي التي تضم 57 دولة لا يوجد بها أية دولة فيها أنظمة ومؤسسات ديمقراطية وانتخابات حرة(باستثناء تركيا التي تتبع ديمقراطية حولاء ومنقوصة تجاه الأكراد أبناء بلدها).

الناس في دول الشرق الأوسط بشكل عام تدرك أنها تعيش بين عالمين, عالم داخلي(ضمن الدولة) مليء بالقمع والفقر والإذلال والحرمان, وعالم خارج حدودها يمثل الحرية والغنى والكفاية والكرامة.
وبالطبع النقمة الأولى تكون على القيادات والحكومات العربية وثم على أولئك الذين يدعمون هذه الأنظمة أو يتغاضون عن جرائمها!
وقد لا يكون مستغرباً جداً أن يكون منفذي إرهاب 11 سبتمبر من دول عربية صديقة لأمريكا.

وهذه المنظمات التي يغذيها البؤس والقمع والحقد وخصوصاً بعد الفشل الذريع للاصلاحات الاقتصادية أو السياسية التي لم تستطيع الأنظمة العربية القيام بها.
ويرى البعض في الشرق الأوسط أنه تمّ تجربة النظام الرأسمالي والإشتراكي وتبين فشل الإثنين, لذلك لا يوجد طريق آخر لحل المشكلات التي تعاني منها البلاد سوى التوجه للدين والإلتفاف حول الأفكار الدينية الإسلامية.
وتملك الأفكار الدينية عناصر قوة بالمقارنة مع الإيديولوجيات اللادينية(العلمانية), فهي سهلة الإيضاح والإقناع خصوصاً في مجتمعات متخلفة كمجتمعانتا, وخصوصاً في مجتمعات يستطيع الحاكم منع التنظيمات السياسية وملاحقتها, لكنه لا يستطيع إقفال الجوامع وأماكن العبادة, وبهذا تبقى الأفكار الدينية المتاح لها عملياً من التأثير والانتشار بين الناس, كما تستخدم الأنظمة القمعية الأفكار الدينية المحافظة لمحاربة الفكر العلمي الديمقراطي الليبرالي!

ويعتبر المتطرفون المسلمون أن مشاكل المجتمع والعالم بشكل عام ليس الفقر بل الحضارة الأوربية والتطور الذي يرافقها, والحل هو العودة إلى الإسلام والذي سيكون الطبيب لكل داء.
ونلاحظ ذلك خلال محاكمة قاتلي الرئيس المصري السابق أنور السادات, تبين أن اتفاق السلام الذي وقّعه السادات مع إسرائيل هو سبب بسيط بالمقارنة مع السبب الرئيسي وهو الابتعاد عن الله وعن دين الله وقمعه الشعب المؤمن.

وفي أيامنا هذه توجد أشكال عديدة للإرهاب الذي يقوم به مسلمين, وأشهرها بلا شك منظمة القاعدة وما شابهها من منظمات في دول إسلامية عديدة, وهناك شكل رسمي(حكومي) للإرهاب يتمثل في سياسة ملالي طهران وملحقاتهم وما شابهها من أنظمة إسلامية, حيث صار التطرف الديني ذو شكل مؤسساتي(حكومي), ورغم هذه وتلك ذات إيديولوجية إسلامية لكنه يوجد تباين بين التيارين.

وقد طوّر الإرهابيين_سواء في هزيمتهم أو نصرهم_ ممارسات القوميين في القرن العشرين, أي أنه لا يحسبون حساب للابرياء عند أعمالهم الإجرامية, ويعتبر أسامة بن لادن مثالاً واضحاً على هذه الممارسات التي بدأها عام 1990. كذلك أعمال حرّاس الثورة الإيرانية الذين قاموا بتجييش أطفال في الحرب ضد العراق(1980 – 1988) واعتبار زجهم في المعركة وإعطائهم جواز سفر للجنة وإقحامهم إلى حقول الألغام لتنظيف الطريق أمام الجيش النظامي! ويعتبر البعض أعمال حماس وبعض ممارسات حزب الله أمثلة مخففة وشبيهة لما ورد سابقاً من عمليات الانتحار الدينية.

وبشكل عام يكون اختيار الشخص الذي يقوم بعمل إنتحاري من بين الشباب الفقراء, وغالباً يعيش في معسكر(حي شعبي) ويكون جزاءهم ثنائي, جنة في العالم الآخر ومساعدة مادية لأسرته بعد انتحاره.

وعودة لأحداث 11 سبتمبر الإرهابية وما يشابهها نجد ميزتين, قبول المنفذين للموت بإرادتهم وقسوة ووحشية المخططين والدافعين لذلك سواء تجاه المنتحرين أو تجاه الضحايا البريئة!!
وقد يكون أكثر وضوحاً موقف الكثير من غزوة 11 سبتمبر ومظاهر الفرح وإطلاق الرصاص ابتهاجاً سواء في غزة أو بعض المناطق اللبنانية, وحتى في أوربا قام البعض(انكلترا) برفع صور المجرمين كأبطال يدخلون الجنة.

إن الجنة التي لا يمكن دخولها إلاّ على جماجم البشر ليست بجنة إلاّ للمرضى العقليين,
وعندما يصرح بن لادن عن الحرب ضد الصليبيين, فإنه يعلن حربه على المسيحية والمسيحيين, لأن الحروب الصليبية كانت قبل أمريكا وقبل قيام الدول الأوربية الحديثة وقبل قيام حضارتها,
وأخيراً إن السياسة الأمريكية الغبية لها ضلع في وجود الإرهاب الذي تعاني منه البشرية كلها, واستئصال الإرهاب يبدأ باستئصال جذوره وأسبابه, ولابد من إعادة النظر في الكثير من المفاهيم الدينية التي عفى الزمان عليها, ولا طريق آخر سوى العلم والثقافة, مجتمعاتنا وبلداننا بحاجة إلى "قواعد ثقافية لا قواعد عسكرية"



#فاضل_الخطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأسد يتزحلق على قشور موز جمهوريته
- لبنان.. فاشية وبيانات دعم ودماء!
- الخطاب المتجدد من حرب حزيران حتى إعادة تدمير لبنان
- ثلاثة وجوه لفاشية واحدة, 3 في 1!
- المنجنيق الأسدي والمُسَّرحين من الخدمة وأشياء أخرى
- العلمانية الدين الدولة
- المجد لإبن رُشد وابن خلدون الأمازيغيين, لماذا يا عرب؟
- سورية, بلد الأرقام القياسية!
- غوبلز سوريا
- عمل الفحول
- هوامش -حزيرانية- على دفتر مذكرات الجلب السورية
- الداروينية البعثية
- أصوات... صامتة
- الحركة الوطنية السورية, تبعثر أم تعثّر
- الأسد الورقي
- ربيع المعتقلات السوري
- السياسة في سورية
- لقاء بودابست, خطوة للأمام أم مراوحة في المكان
- العمال, أمس اليوم غداً
- الانتخابات البرلمانية الهنغارية


المزيد.....




- سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك ...
- شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يحاول أن يصبح أصغر شخص يطير حول ا ...
- مصر.. أحمد موسى يكشف تفاصيل بمخطط اغتياله ومحاكمة متهمين.. و ...
- خبير يوضح سبب سحب الجيش الأوكراني دبابات أبرامز من خط المواج ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا لـ-حزب الله- في جنوب لبنان (فيد ...
- مسؤول قطري كبير يكشف كواليس مفاوضات حرب غزة والجهة التي تعطل ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع ومظاهرات في إسرائيل ضد حكومة ن ...
- كبح العطس: هل هو خطير حقا أم أنه مجرد قصة رعب من نسج الخيال؟ ...
- الرئيس يعد والحكومة تتهرب.. البرتغال ترفض دفع تعويضات العبود ...
- الجيش البريطاني يخطط للتسلح بصواريخ فرط صوتية محلية الصنع


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ملف مفتوح بمناسبة الذكرى الخامسة لاحداث 11 سبتمبر 2001 - فاضل الخطيب - التخلف حاضنة الإرهاب الديني