أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد رضا عباس - الفوضى الخلاقة لم تدخل على بسطات مدينة الكاظمية من بغداد بعد















المزيد.....

الفوضى الخلاقة لم تدخل على بسطات مدينة الكاظمية من بغداد بعد


محمد رضا عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 00:13
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


سبق وان تحدثت عن مدينة الكاظمية في عدد من المقالات , وذكرت في مجملها ان الكاظمية التي تركتها في أوائل السبعينيات من القرن الماضي كانت اجمل من الوقت الحاضر , والسب هو ان ما أصاب هذه المدينة العريقة من اهمال يشبه الى حدا بعيد ما أصاب مدن عربية عريقة اخرى أيضا , وهي قلة فرص العمل في المدن الصغيرة والبعيدة فاضطر سكانها الانتقال منها الى المدن الكبيرة من اجل فرصة عمل يحفظ كرامتهم وانسانيتهم .
وعلى هذا الحال أصبحت مدينة الكاظمية مركز جذب لفقراء العراق نظرا لخصائصها المتميزة عن مدن بغداد الأخرى, وان اول صفة لهذه المدينة هو وجود مرقدين لإمامين من أئمة الشيعة الاثنا عشرية وهما موسى بن جعفر الصادق وحفيده محمد الجواد , وبذلك أصبحت هذه المدينة منطقة جذب للعراقيين والأجانب ,الامر الذي قوى مركزها الديني والتجاري و الثقافي. ثانيا ,ان متانة اقتصادها بجانب انفتاحها على الاخرين جعلتها من المرحبين بالغرباء من غير أبناء المدينة فأصبحت ملتقى جميع أبناء عشائر العراق تقريبا . ثالثا , أصبحت المدينة مركزا جذب لكل من يريد العمل بعد ان فشلت الحكومات المتعاقبة من توفير فرص عمل مرموقة سواء كان في القطاع الصناعي او الزراعي . رابعا , تضخم عدد الطالبين العمل في مدينة الكاظمية بعد التغيير والسبب هو الغاء قرار حكومة حزب البعث بمنع العمل في بغداد لغير البغداديين و السبب الاخر اخفاق الحكومات ما بعد التغيير في وضع برامج تنموية في مدن وسط وجنوب العراق الامر الذي أدى بهم بمغادرة مدنهم والزحف نحو بغداد . خامسا, ان سكان مدينة الكاظمية ليست من عشيرة او قبيلة واحدة وانما من جميع عشائر العراق , فمنهم الجبور ومنهم تميم ومنهم شمر ومنهم العبيد ومنهم خفاجة ومنهم الانباريين ومنهم من طي , وهكذا لا توجد عشيرة تدعي القيادة فيها , الامر الذي سهل على بقية أبناء العشائر الدخول لها والسكن فيها بدون معارضة من احد . سادسا , ولكن استفحال امر العشائر في عموم العراق جعل مدينة الكاظمية احد ضحاياها و اصبح ابن الكاظمية ذلك المواطن الوديع المثقف يخاف ابن العشيرة حديث القدوم اليها, حيث جاء هؤلاء وما زالت التقاليد العشائرية في عقولهم , واصبح هذا الضيف الرجل القوي فيها , وبذلك تمزق النسيج الاجتماعي الذي كان موجود في هذه المدينة . الضيف الجديد الفقير ماليا ,المدعوم بأبناء عشيرته اصبح يدخل المدينة ويستولي على أي مكان غير محتل من صحاب بسطة اخر . لقد تحدث لي احد معارفي ان احد هؤلاء استولى على رصيف محله وعندما رفض صاحب المحل هذا الاحتلال هدده صاحب البسطة بحرق محله . و تحدث صديق اخر حول هذا الموضوع وهو من أبناء الكاظمية الاصلاء ومن كبار السن بانه اصبح يتجول في شوارع المدينة و لا يجد فيها الا الغرباء , أي اصبح ابن البلدة التي تربى بها وتزوج فيها غريب في بلدته التي كان يتجمع ابناءها في مقاهيها وفي أسواقها .
هؤلاء الغرباء في مدينة الكاظمية هم من الفقراء و يعتاشون على بيع البضائع الرخيصة الثمن وهم بالمئات يستخدمون طرق تسويقية متنوعة ولكن اهمها مكبرات الصوت , مما يخلق نوع من الضوضاء و الفوضى ,وارباك الشارع خاصة وان الدولة قد تركتهم بدون تنظيم وبدون حدود, الامر الذي اساء الى مكانة المدينة الدينية , وأصبحت شوارعها الداخلية لا تكفي لمرور شخص واحد بين البسطات , واذا دخلت الصحن الكاظمي من منطقة باب الدروازه بالتأكيد تعرف ما أقوله . وبالمناسبة لقد حذرت في احد مقالاتي عن خطر نشوب حريق في هذا المكان وتم ما توقعته قبل أيام ولحسن الحظ كانت الخسائر مادية فقط .
وحسب النظرية الاقتصادية , ان الفوضى تخلق التقدم والازدهار , حيث في ظل الفوضى لا يصمد فيها الا القوي الأمين ويختار الخاسر شغل اخر. ولكن في حالة الكاظمية والفوضى التي تعيشها لم تخلق القوي الأمين . لم يصعد احد من هؤلاء الباعة الى منزلة رجل اعمال ولم يتضح ان واحدا منهم تحول من بائع بسطة الى صاحب معمل لصناعة الأحذية او الملابس النسائية او معمل نجارة . أصحاب البسطات اصبح يرثها الأبناء من الإباء , ولن ترفع بسطة من الطريق العام الا بعد انشاء بناية جديدة لصاحب ملك له ظهر عشائري قوي.
الدولة هي الأخرى في حيرة من الامر . بقاء البسطات تحتل الطرق العامة انما يشل المدينة و يقضي على جمالها ومكانتها , ورفعها يؤدي الى خسارة مئات الاف ارزاقهم . وهذه القضية أصبحت محل قبول ورفض في مدينة الكاظمية , حيث قررت إدارة المدينة برفع التجاوزات على الطريق العام , البعض ايد الاجراء وأعتبره انتصارا للمدينة وتاريخها و اخرون رفضه لان هذا الاجراء انما يحرم الناس من لقمة العيش.
شخصيا , اني اتعاطف مع أصحاب البسطات لان الحاجة هي التي قادتهم الى هذه المهنة , ولابد لإدارة المدينة التفكير بحالهم , خاصة وان اغلبهم من أصحاب العوائل الكبيرة .
مدينة الكاظمية بيدها مفتاح الحل . في الكاظمية مناطق واسعة خلف ساحة العروبة والطريق المؤدي الى التاجي . واذا ارادت الدولة كسب حب وود هؤلاء الفقراء والذين قدموا التضحيات الجسام من اجل التغيير , ما عليها الا بناء مراكز تجمع لهؤلاء الباعة بعد توفير جميع المستلزمات لهذا المراكز من ساحات وقوف السيارات والتنظيم والامن .
ارجو ان لا ينظر الى هذا القطاع , قطاع البسطات , على انه رمز من رموز التخلف , وانما هو رمز من رموز التراث الوطني حيث لا تخلوا مدينة في العالم بدون مراكز بسطات . بالحقيقة ان هذه البسطات أصبحت طريقة جذب لأهل المدينة وغيرها . فما المانع من ان تكون في العراق مثل هذه المراكز او أماكن تجمع اهل البسطات؟ في المغرب هناك ساحة لتجمع أصحاب البسطات من العصر الى الصباح كل يوم . في واشنطن هناك مكان يتجمع فيها أصحاب البسطات كل يوم وعملائهم من المواطن العادي الى سناتور في الكونغرس الأمريكي , وهناك شارع في مدينة بتسبيرغ الامريكية من ولاية بنسلفانيا , Pittsburgh , يتجمع فيها أصحاب البسطات و يعد من اكثر شوارع المدينة ازدحاما .
اذن , الناس تذهب الى مراكز تجمع البسطات ليس فقط من اجل رخص أسعارها وانما أصبحت مراكز تمثل الحضارة الوطنية والمتعة , وهروبا من تعب وضوضاء الحداثة وملتقى الأصدقاء .
العراق بإمكانه هو الاخر ان يجعل مركز تجمع البسطات ملتقى حضاري أيضا . وما على الحكومة الا انشاء مجمعات خاصة بهم وان تكون هذه المجمعات مجانا لأصحاب البسطات الحقيقين وانه لا يجوز بيعها للأخرين باي حجة كانت , وهكذا يصبح هذا المجمع يدير نفسه بنفسه دون متاعب للحكومة المحلية خاصة بعد ان يأخذ تعهد من صاحب البسطة الاعتناء بالنظافة. لقد اخبرني احد معارفي ان أصحاب البسطات في الصين انتقلوا الى مجمعات انشاتها الحكومة لهم مجانا , واعطتهم حتى الحق ببيع بسطاتهم الى الغير , ولكن على شرط عدم الرجوع الى العشوائية و التي تعرضه الى السجن و مصادرة ما يبيعه.



#محمد_رضا_عباس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسد يتجول في بغداد !
- فاجعة الهايبر مول في محافظة واسط في العراق ليست من صنع الله
- فاينانشال تايمز تشبه نمو الدين الحكومي الأمريكي ب - المرض ال ...
- دبخانة الكاظمية تغلق أبوابها .. والسبب السيد ترامب !
- الإرهاب في سوريا هو عينه كان في العراق ولكن بأدوات مختلفة
- مؤامرة تطبخ باسم اهل الجنوب العراقي
- أمريكا لا تفاوض الضعفاء
- موت مجاني في العراق اسمه حوادث المرور
- شهداء الحرب الأخيرة على ايران وشهداء 6 حزيران عام 1967
- نصيحة للنخبة الذهبية في العراق
- ماذا علمتنا الحرب على غزة وايران ؟
- هل يستطع نتنياهو تحقيق مشروع الشرق الأوسط الجديد؟
- يريدون تحييد المجتمع العراقي من خلال التلويح بقطع الارزاق
- شرق أوسط جديد ام سايكس-بيكو جديد ؟
- رسالة أمريكية غير ودية الى الشعب العراقي
- هل هي حرب شيعية – إسرائيلية ؟
- على العالم العربي التدخل القوي لإنقاذ المنطقة من هذه الحرب ا ...
- من ذاكرة التاريخ : مجزرة عيد الأضحى في اربيل
- انه الاقتصاد .. معركة دونالد ترامب و ايلون موسك , وان ايلون ...
- بين العراقي الراحل احمد الجلبي والسوري الحاضر احمد الشرع


المزيد.....




- الخرطوم منزوعة الحياة.. هدوء بالأسواق وفراغ إداري
- هل تنجح أوروبا في شراكتها الاقتصادية مع الصين دون خسارة علاق ...
- تراجع سعر الذهب اليوم الأربعاء 23-7-2025 في محال الصاغة
- ارتفاع سعر الذهب اليوم نهاية التعاملات في محال الصاغة.. شوف ...
- ليبيا تعرض شراكة اقتصادية بـ70 مليار دولار مع أميركا
- قمة أوروبية صينية.. الحرب التجارية وضغوط أميركا تخيم على علا ...
- وفد اقتصادي كبير يصل دمشق.. استثمارات سعودية بأربعة مليارات ...
- ترامب يعزز موطئ قدم لأميركا في مناجم الكونغو مقابل صفقة سلام ...
- تسلسل زمني لأبرز تطورات حرب ترامب التجارية
- الدبيبة يعرض على مستشار ترامب شراكة اقتصادية بـ70 مليار دولا ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - محمد رضا عباس - الفوضى الخلاقة لم تدخل على بسطات مدينة الكاظمية من بغداد بعد