أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ادم عربي - ما لا يدركه الليبراليون: الحرية كقناع للعبودية الحديثة!














المزيد.....

ما لا يدركه الليبراليون: الحرية كقناع للعبودية الحديثة!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 20:45
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


ما لا يدركه الليبراليون: الحرية كقناع للعبودية الحديثة
بقلم: د. ادم عربي

في خضم السجالات الفكرية بين الليبرالية والاشتراكية، يطرح الليبرالي هذا السؤال الذي يبدو بريئاً في ظاهره:
"أيهما شرط الحياة: الحرية أم وسائل الإنتاج؟"
ثم ينطلق من هذا الطرح ليهاجم الاشتراكية، بزعم أنها تؤدي إلى "امتلاك الدولة للحياة"، وقمع الحريات، والتزلف والانتهازية، بينما يجمّل الرأسمالية باعتبارها منظومة تضمن الحرية، لأنَّ العامل "حرّ" في أنْ يعمل أو لا يعمل، وأنْ يفاوض أو يضرب.

لكن خلف هذا الخطاب تكمن جملة من المغالطات الجوهرية التي تكشف، لا عن فهم حقيقي للحرية، بلْ عن قراءة ساذجة وبالغة السطحية لطبيعة النظام الرأسمالي نفسه، ولعلاقة الإنسان بوسائل إنتاج حياته.

أولاً: الحرية لا تعني شيئاً بلا وسائل الحياة
يبدو أنَّ الليبرالي ينسى أو يتناسى أنَّ الحرية المجرّدة عن السيطرة على شروط الحياة المادية، ليست حرية، بلْ مهزلة مأساوية. العامل الذي لا يملك أرضاً ولا مصنعاً ولا مكتباً ولا مالاً ولا أدوات ولا وسيلة للبقاء، هل هو "حرّ" لأنه يستطيع أنْ يختار بين الموت جوعاً أو بيع نفسه لسيد العمل؟

هل هذه هي "الحرية" التي يمجّدها الليبرالي؟
كارل ماركس كتب بوضوح:

"العمل المأجور لا يحرر الإنسان، بلْ يكرّس عبوديته بطريقة جديدة. العامل لا يبيع عمله، بلْ يبيع حياته، شيئاً فشيئاً."

وما يغفله الليبرالي أيضاً أنَّ من يملك وسائل الإنتاج يملك في الحقيقة وسائل السيطرة، ووسائل التشريع، ووسائل الإعلام، ووسائل تشكيل الوعي الجماهيري. ومن هنا، فإنَّ الحديث عن "حرية" في ظل هذه البنية، هو محض خرافة.

ثانياً: الدولة الاشتراكية ليست "الجلاد"
إنَّ تشويه تجارب الصين أو الاتحاد السوفيتي أو كوريا الشمالية بوصفها دليلاً على فشل الاشتراكية، يُعد قفزاً فجاً على الوقائع التاريخية وتعميقاً لكليشيهات الحرب الباردة.

فهذه التجارب لم تُمنح يوماً فرصة النضج بمعزل عن الحصار والتآمر والحروب. والخطأ ليس في فكرة امتلاك المجتمع وسائل إنتاجه، بلْ في تحوّل تلك الملكية العامة إلى سلطة بيروقراطية مغلقة. ولو أنَّ ماركس شاهد هذه النماذج لقال "إني لست ماركسياً او دعا للرأسمالية بطول البقاء ".

والأهم أنَّ ما يسميه الليبرالي "قمعاً"، هو غالبا مقاومة للدولة لعودة البرجوازية، أي منع لاستعادة السيطرة الطبقية باسم "الحرية الفردية". وهل ننسى أن الديمقراطيات الغربية دعمت كل الديكتاتوريات وما زالت التي حافظت على حرية السوق وقمعت الاشتراكية؟
كما أنَّ ما يهول له الإعلام الرأسمالي وهو ديكتاتورية البروليتاريا ويصورها شر الشرور مع أنها وكما تحدث ماركس عن ديكتاتورية البروليتاريا باعتبارها لحظة تاريخية، أي مرحلة مؤقتة وعابرة. تحدث عنها باعتبارها مدخلاً ضرورياً لإنهاء صراع الطبقات. ماركس فهم الديمقراطية على أنها شكل للدولة؛ فكيف لهذا الشكل أنْ يبقى إذا ما زالت الدولة في الشيوعية وبها؟! ماركس تحدث عن الحرية باعتبارها أرقى وأعلى من الديمقراطية. ماركس تحدث عن العنف الثوري باعتباره رد فعل من جانب البروليتاريا، ملاحظاً إمكانية الانتقال السلمي في بعض الدول.
وكلامي هذا عن ماركسية ماركس إنما يُراد منه تمييزها عن ماركسية ستالين وأتباعه؛ فـماركسية لينين هي ، من حيث الجوهر والأساس، امتداد لماركسية ماركس

ثالثاَ: العامل يبيع جهده في كلا النظامين؟ نعم، لكن…
الحجة الليبرالية القائلة إنَّ العامل يبيع جهده في كلا النظامين (الرأسمالي والاشتراكي) تُغفل جوهر الفارق:

في الرأسمالية: العامل يبيع جهده لصاحب رأس المال، أي يعمل تحت سيطرة مالك خاص يستخرج منه فائض القيمة.

في الاشتراكية: العامل ينتج في إطار ملكية اجتماعية، حيث الأرباح تعود للمجتمع، لا لفرد.

الحرية ليست في "البيع"، بلْ في لمن تذهب الثمرة.
هل أعمل لأراك تزداد ثراءً، أم أعمل كي نبني معاً مشفى ومدرسة وسكناً؟

رابعاً: الحريات تحت الرأسمالية؟ وهم جميل
يقول الليبرالي إنَّ الرأسمالية تضمن الحريات، وأنَّ المنافسة تجبر الرأسمالي على احترام العامل. لكن هذا الطرح مثالي تماماً، ويتجاهل واقع الاستغلال والقمع والتفاوت الطبقي الهائل، بلْ ويتجاهل أنَّ الرأسمالية اليوم تعني احتكار السوق، لا المنافسة ، وحتى لو وجدت المنافسة فهي بين الرأسماليين ولا شأن للعامل بها ، فهم الرأسماليون يتنافسون فيما بينهم بتقليل القيمة التبادلية للسلعة عن طريق استخدام أحدث تكنولوجيا ، وبهذا يكون العامل أول ضحايا جيش العاطلين عن العمل والتي هي استراتيجية رأسمالية

ثم أية "حرية" هذه حينما يعيش ملايين العمال تحت سيف الديون، والمهددين بالطرد، والمحرومين من الصحة والتعليم الجيد؟
هل حرية التعبير تعني شيئاً حين لا تملك منبراً؟

وهل حق الإضراب فعّال في ظل قوانين تفصل المضربين وتكسر نقاباتهم؟
النظام الرأسمالي هو حرية تعبير ممنوعة من التغيير لمن لا يعرف

خامساً: من يملك الحياة؟ من يملك شروطها
إنَّ السؤال الحقيقي ليس: هل أفضّل الحرية أم وسائل الإنتاج؟
بلْ: هل توجد حرية فعلية دون امتلاك وسائل الإنتاج؟

الجواب واضح:
من لا يملك القدرة على إنتاج طعامه، ومأواه، ودوائه، هو عبد حتى لو مُنح حق الصراخ.
من يملك وسائل الإنتاج، يملك شروط الحياة، وبالتالي يملك الآخر، بالمعنى الطبقي.

أما الحرية المجردة التي يتغنى بها الليبرالي، فهي مثل أنْ تعطي فقيرا ًمفاتيح قصر لا يملك أنْ يدخله.


الليبرالية تفترض أنَّ الإنسان كائن قانوني يتفاعل بحرية في سوق مفتوحة، بينما الواقع أنَّ الإنسان كائن مادي، يحتاج للطعام والسكن والعمل قبل أنْ يرفع شعارات "الحرية".
الحرية ليست نقطة البداية، بلْ هي نتيجة لامتلاك الجماعة لوسائل إنتاجها.
ومن دونها، لن تكون الحرية سوى ستار يُخفي وراءه العبودية الجديدة.

وهنا يكمن ما لا يدركه الليبراليون....



#ادم_عربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقد شريعة الأقوياء!
- خرائط بلا أرض!
- حين يتحزّب الجميع ضد الجميع!
- ضحكتْ عليه امرأة !
- تشوّه الإدراك لفكرة الانتقال الزمني!
- ما يُتَعَمَّد تجاهله في دساتيرالعرب!
- العمل!
- امرأةٌ جميلةٌ!
- فائض الغذاء وجوع المليارات!
- مجتمع الحقوق!
- طريقةُ فهم المفاهيم!
- نجوم بلا لهب!
- مفهوم -فاليريزم- (Valerism) كما ورد في كتاب The Physics of C ...
- جدليةُ الإحساس!
- في فلسفة نسبية -الآن-!
- نساء٣
- في الزمن!
- هل رأيت يوماً ذكراً خالصاً؟
- بعضٌ من جدل فلسفة التغيير!
- صرخةُ العدم!


المزيد.....




- رقابة وسيطرة ناعمة، عبر الذكاء الاصطناعي كأداة قمع سياسي متد ...
- قبل ثلاثين سنة رحل عنا إرنست ماندل
- -انعطف يمينا ثم يسارا-.. طيار بشركة دلتا يعتذر للركاب بعد -م ...
- ثلاثون عامًا بعد وفاته، البناء مع إرنست ماندل
- إرنست ماندل، قبل رحيله: ينبغي أن نمنح التاريخ الوقت لإنجاز ع ...
- م.م.ن.ص// -لن يمروا!- -لن يمروا!-....شعلة تتجدد في صرخة الثو ...
- في ذكرى تأسيس الحزب: العراق بحاجة إلى الشيوعية أكثر من أي وق ...
- حول قرار ما يسمى “بالعباءة الزينبية” زياً رسمياً في بغداد، ا ...
- حول قرار ما يسمى “بالعباءة الزينبية” زياً رسمياً في بغداد، ا ...
- صفحات من التأريخ: الحزب الشيوعي العراقي ، 14 / تموز /1958 و ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - ادم عربي - ما لا يدركه الليبراليون: الحرية كقناع للعبودية الحديثة!