عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 8410 - 2025 / 7 / 21 - 14:56
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
10 ـ ارتكازا لجانب جوهري مبعد من الاحتساب في الوقت الذي تؤسس فيه مفاهيم مايسمى ب "الحداثة" اتباعا وتماهيا، يكون العراق حريا بان يحضر كحالة استثناء منطوية على مايتعدى الغرب وتوهماته الحداثية العصرية الغالبة الشائعه، والاهم الاخطر ان تكون علاقة هذا الموضع من المعمورة بما هو حاصل في اوربا من انقلاب الي كمقدمه وبداية ضرورية لتحقق المقصد والغاية التاريخيه الرافدينيه، بما يغير لابل يقلب المروية المعتمده المبسطة عن الانبجاس الالي، فمع القرن الخامس عشر وتحديدا السادس عشر بدا الانقلاب الاكبر اللاارضوي مع الانبعاث السومري الحديث الثالث، الناطق المجتمعي المنتظر والمطابق للحقيقة التحولية المجتمعية الانتقالية، من اليدوية الجسدية، الى العقلية، وقد وجدت له محطة اولى تمهيدية على الطرف الاخر من المتوسط.
وهذا هو الحاصل وليس مجرد الانتقال من اليدوية الى الاليه بحسب مااستطاعت اوربا ان تفهمه مما قد وقع بين ظهرانيها، فالمجتمعية الاولى اللاارضوية السومرية البدئية حين توجد كتبلور اول للظاهرة المجتمعية، فانها تكون منطوية على اسباب ومحركات الانتقال من الارضوية، غير انها تنشا تحت شروط اللاتحقق، بناء للخضوع لوطاة الحاجة لعنصرين اساسيين لاتحقق للاارضوية التحولية من دونهما، الاول ادراكي يخص مستوى الوعي ضمن اشتراطات عقلية بشرية قصورية، غير قابله للارتفاع في حينه لمستوى الحقيقة الكبرى المنطوية في الظاهرة المجتمعية، والثاني مادي لاتحول من دونه، يخص وسيلة الانتاج السائدة ابان غلبة الانتاجية اليدوية، وماينجم عنها من نمطية مجتمعية جسدية حاجاتيه، مايترتب عليه دخول المجتمعية من حينه عملية تفاعلية واصطراعية دينامية طويله، هدفها الخروج من ربقة الانتاجية الجسدية الارضوية، وعبور نوع الادراكية الدنيا الارضوية، ساعة تتوفر اسباب الانتقال الاعظم التحولي، وهو مااستغرق فعالية في ارض اللاارضوية والازدواج المجتمعي دامت لدورتين، وانقطاعين، قبل ان تبدا علائم الانتقال الى وسيلة الانتاج العقلي، ماتشير له ابتداء، ظاهرة الالة بصيغتها الاولية المصنعية، لحظة تظهر في موضع الازدواج الطبقي الاوربي، الاعلى ديناميات ضمن صنفه، في حين تكون اللاارضوية قد انبعثت انبعاثها الثالث الاخيرقبل قرابه قرن من الحدث المشار اليه في ذات ارض التبلور المجتمعي الاول " سومر".
ضمن مثل هكذا اشتراطات، من البديهي ان تخضع التفاعلية الذاهبة الى الغرض المشار اليه للايهام، مادامت مسالة القصورية الادراكية ماتزال سارية، الامر الذي يكون متوقعا ابان لحظة الانبجاس الالي، قبل اكتمال عملية تشكله ذهابا للتكنولوجيا، بينما العنصر الاهم الادراكي مايزال غير متوفربعد، والعقل لم يحقق القفزة الكبرى الضرورية الملائمه لاجمالي ديناميات العالم الاخر مابعد اليدوي، هذا في حين تساهم العوامل المستجده وبالذات تلك التي تتولد عن قوة مفعول الالة بصيغتها الاولى، وماتسببه وتنتجه من تسارعية في الديناميات المجتمعية، وعلى مستوى المنجز في الميادين المختلفة، في تكريس مايتيحه وقتها ويسمح به العقل بقصوريته الاجمالية، برغم الحاصل الطاريء الذي لم يبلغ المطلوب عقليا لاسباب بنيوية تكوينيه، عائدة للطبيعة الارضوية للموضع الذي وقعت فيه الانتقالة الاليه بصيغتها الاولى المصنعية.
فلا شيء ولا من سبب على هذا الصعيد، يمكن ان يجعل الرؤى وقتها تتعدى "اليدوية" محسنه، سواء على مستوى الالة نفسها واحتمالات تطورها، او فيما يتعلق بالبنيه التحولية الانقلابيه المطابقة لها، والتي ظلت بانتظارها على مر التاريخ كما الحال في الموضع اللاارضوي التحولي مابعد الارضوي اليدوي. مايفرض على العالم ساعتها حالة هي بالاحرى اقرب الى بداية الانتقال الالي برؤية يدوية، تعم رغم ذلك وتصبح غالبة على مستوى المعمورة.
ومع عالمية وشمول مايترتب على الحدث الالي الاوربي على مستوى المعمورة، كان من البديهي وقوع الاصطراعية الارضوية اللاارضوية مع وصول الغرب المباشر الى ارض البدئية المجتمعية والهدف الاعلى المنتظر من العملية المجتمعية وتفاعليتها، وهو مايدخل ضمن اشتراطات التحقق اللاارضوية المنتظرة، مع بدء عملة الافنائية والسحق النوعي الكياني الممارس فورا مع وصول الانكليز الى العراق، وماقد واجهوه من ثورة لاارضوية اولى كادت تدفعهم للانسحاب، ماقد فرض عليهم اعتماد صيغة ماهم في غمرته نموذجا وتفكرا بصيغة الكيانيه وماعرف بالدولة الوطنيه، لتاخذ مكانها في هذا الموضع ضمن مسار البرانيه الواقع على المكان من انهيار الدورة التاريخيه الثانيه، ودخول هولاكو الى العاصمة الامبراطورية بغداد، لنعرف من حينه انقلابا في البرانيه المستمرة من 1258، من يدوية الى الالية. بشمولها وماقد تمخض عنها من اعتماد للصيغة البرانيه الجديده، من ابناء البلاد انفسهم باسم " الوطنيه" والحداثة الزائفة، وهو ماقد صار مصدرا ومنطوى للفصل التاريخي الحاسم من الاصطراعية الكبرى الارضوية اللاارضوية الاولى بصيغتها العليا التوهميه، والثانيه التي ماتزال مجلله بفعل تاريخها اليدوي، ماقد استمر لقرن من الزمن، انتهى باضطرار الجانب الغربي بصيغته الاخيرة الامريكية المفقسه خارج التاريخ، الى السحق الكلي للكيانيه العراقية وازالتها واقعا وصيغة خارج اية نمطية دالة على الكينونه.
فاذا انطلقت اليوم وثبة مثل التشرينيه فان الحاصل المتعدي لاشكال التحري ومايعرف بالتحليلات النمطية يسقط، بينما تنشا اسباب الاحترابيه الفعالة، لابالثورة العملية بل بالانقلابيه التحولية التي تدل عليها وتشير باتجاهها.... " نريد وطن" يعني نريد العراق الغائب المغيب على مدى يزيد على السبعة الاف عام، حين ظل العالم من وقتها والى اليوم اعرجا وبعين واحده، ورؤية قاصرة ماعادت قابله للاستمرار لانها غدت مولد الفنائية الحالة بمؤشراتها الابتدائية على الجنس البشري. بمايعني ان الثورة الكبرى هي النطقية العظمى المؤجلة، وهو ماسوف يحتاج الى تعريف باللغة الاخرى، والمسارات المنتظرة المتوقعه ضمن عالم اخر صار لزوما وحتما مما لايمكن تاجيله.
الثورة التحولية تعني الادراكية اللاارضوية اي معركة ادراكية مؤجله ماعاد ممكنا تاجيلها فاذا اغرقت تشرين بدمها فان طورها التحولي يبدا من ساعتها فاذا الثورة الكونية النوعيه العظمى "غير" ثورة الارضوية او مايماثلها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وقعت، في نهاية 1919، ونهاية 1921، احداث جسيمه في العراق كادت تؤدي الى هزيمه محققه لقوات الاحتلال البريطاني. فلقد قامت الثورة في نهاية حزيران 1920، واشتعلت نيرانها في الفرات الاوسط، وسرعان ماانتشرت الى منطقة الغراف والعماره وديالى وبقية انحاء العراق، وبقية انحاء العراق. ولقد تكبد البريطانيون خسائر كبيرة مما اضطرهم الى الشروع بالانسحاب كليا من العراق, وبالفعل اعد الكولونيل ولسن مشروعا مفصلا بالانسحاب العسكري من العراق، لكن السلطات البريطانيه في لندن رات انه مازالت هناك فرصة لتدارك الهزيمه الكلية، فاستدعت السير برسي كوكس، واطلعته على الموضوع، فاشار ان هناك املا" خمنسين بالمائة"، بالنجاح في انقاذ النفوذ البريطاني في العراق، ولكن بشرط تشكيل حكومه عراقية تستعمل كواجهه للحكم البريطاني في العراق./ ينظر كتابي ولسن" الولاء" و " تعارض الولاء" وكذلك رسالة جروترود بيل حيث تحوي على فصل كتب من قبل السير برسي كوكس يشير بوضوح الى هذه القضية/ البترول العراق والتحرر الوطني، ابراهيم علاوي/ دار الطليعة بيروت/ ص56 .
(2) " كتاب العراق"/ الكتاب اللاارضوي المنتظر منذ سبعة الاف عام/ عبد الامير الركابي/ دار الانتشار العربي ـ بيروت.
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟